إسلام ويب

صابرونللشيخ : إبراهيم الحارثي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن قضاء الله وقدره نافذ على العبد لا محالة؛ شاء ذلك أم أبى، وعدم الرضا بقضاء الله وقدره لا يغير من المقدور شيئاً، فيجب على المسلم أن يصبر على البلاء والقضاء والقدر، ولنا في قصص الأنبياء والمرسلين والسلف الصالح عظة وعبرة، والصبر كما قيل: مر مذاقته لكن عواقبه أحلى من العسل.
    الحمد لله المحمود على كل حال، ونعوذ بالله من حال أهل الضلال، أحمده سبحانه وأشكره، وأسأله المزيد من فضله وكرمه، والتوفيق في الحال والمآل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله، آتاه الله كريم المزايا وشريف الخصال، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم البعث والمآل.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    أيها الإخوة في الله! يقول جل وعلا: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ [الأنبياء:83-84].

    أيوب عليه السلام نبيٌ من أنبياء الله، كان صاحب مالٍ وأهلٍ وولدٍ وعشيرةٍ وصحةٍ وعافية، فأراد الله أن يبتليه؛ فسلب منه كل ما أعطاه، ولبث في هذا البلاء ثمانية عشر عاماً، رفضه فيها القريب والبعيد، إلا رجلان من إخوانه كانا يغدوان عليه ويروحان، فقال أحدهما لصاحبه ذات يوم: والله لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد من العالمين.

    فقال له صاحبه: وما ذاك؟

    قال: منذ ثمانية عشر عاماً لم يرحمه الله فيكشف ما به.

    فلما راح إلى أيوب لم يصبر الرجل حتى ذكر له ذلك الحديث.

    فقال أيوب عليه السلام: [لا أدري ما تقولان غير أن الله تعالى يعلم أني كنت أمر بالرجلين يتنازعان فيذكران الله فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما كراهية أن يذكر الله إلا في الحق] فلما انصرفا أصابه الضيق مما قالا، فنادى ربه متضرعاً: أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء:83].

    ثم خرج عليه السلام لقضاء حاجته، وبينما هو كذلك إذ أوحى الله إليه أن ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ [ص:42] فلما استبطأته زوجته خرجت لتنظر فإذا هو قد أقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء وهو في أحسن حال، وأكمل صورة، فلما رأته قالت: بارك الله فيك! هل رأيت نبي الله هذا المبتلى؟ والله ما رأيت أشبه منك به لما كان صحيحاً!

    فقال عليه السلام: إني أنا هو.

    ثم بعث الله تعالى سحابتين فأفرغتا في إناءين له الذهب والفضة حتى فاضا.

    وهكذا أيها الإخوة! منَّ الله عليه مرةً أخرى بالصحة والعافية، ورزقه بالمال والولد بعد طول عناءٍ وصبر، حتى كان مضرب المثل في الصبر عليه السلام، ثمانية عشر عاماً وهو يجاهد المرض، وفقدان الأهل، والولد، والصديق، والمال، ثم كانت العاقبة من الله جل وعلا كأحسن ما تكون، يقول الله جل وعلا: إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص:44].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088973232

    عدد مرات الحفظ

    780273717