إسلام ويب

المودة الزوجيةللشيخ : إبراهيم الحارثي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الحياة الزوجية هي العلاقة العميقة الجذور، وهي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، لذا حرص الشرع على رعايتها، بوضع منهج شرعي في كيفية التعامل مع المرأة، وقد تمثل هذا المنهج خير تمثيل بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أزواجه.
    الحمد لله الذي هدانا للإسلام وجعلنا من أهله، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، أحمده سبحانه وأشكره على نعمه، وأسأله المزيد من فضله وكرمه.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق بشيراً ونذيراً، دعا إلى الحق، وهدى إلى الخير، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فاتقوا الله عباد الله! يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18].

    أيها الإخوة! خطبة اليوم خطبة طويلة بعض الشيء، وأعتذر إليكم ابتداءً؛ ولكنني أعود في هذه الخطبة -وسأعود بكم مراراً وتكراراً إن شاء الله- إلى الحديث الذي لا مفر منه، وإلى الموضوع الذي لا غنى عنه، إلى حديث العلاقة الحميمة العميقة الجذور، البعيدة الآماد، إلى حديث الحياة الزوجية مرة أخرى، وما ذاك إلا لأجل البحث عن حلول ومخارج لما يقع في حياة الناس اليوم من خلاف وشحناء وبغضاء بين مَن جعلهما الله لباساً لبعضهما: هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ [البقرة:187].

    أيها الإخوة: بعض مَن تزوج في هذه الصيف طَلَّق ولم يكن سيئاً، ولم تكن الزوجة سيئة؛ ولكن انعدام الفهم للحياة الزوجية هو السبب الأول والرئيس، والذين طَلَّقوا لم يكونوا شخصاً أو اثنين أو ثلاثة، بل أكثر من ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله!

    أيها الإخوة: إن أكبر خطأ نرتكبه في حياتنا اليوم هو أننا نعامل نساء اليوم كما كان آباء الأمس يعاملون نساءهم.

    إن المرأة اليوم تختلف عن مرأة الأمس، فهي اليوم تواجه موجات من الثقافات والآراء، إنها اليوم تشاهد وتقرأ وتسمع وترى ما لم يُرَ مِن قبل، وهي في أمَسِّ الحاجة اليوم إلى الإقناع والحجة، كما هي في نفس الوقت بحاجة إلى الحب والعطف والتقدير.

    وتعالوا لأسأل نفسي وإياكم أيها الإخوة الكرام:

    مَن منا يدخل بيته مسلِّماً تعلو الابتسامة وجهه؟!

    مَن منا يُبْدِي إعجابه بما عملته زوجته أثناء غيابه من تنظيم، أو ترتيب، أو أكل، أو شرب؟!

    مَن منا تخرجُ منه عبارات الثناء واللطف والتقدير؟!

    مَن منا يجلس مع زوجته ليحدثها ويشاركها في همومه، ويطلب منها رأيها ويثني عليه، حتى ولو لم يكن رأيُها بذلك الرأي؟!

    مَن منا ينتزع نفسه من سهراته وجلساته ليسهر مع الزوجة والأولاد؟!

    مَن منا يخصص يوماً ليخرج فيه مع زوجته ليغيِّر من جو المنزل ورتابة الحياة؟!

    مَن منا يشتري الهدية المقبولة بين فترة وأخرى ويفاجئ بها الزوجة، ويقدمها لها معبراً عن حبه وتقديره وارتباطه بها؟!

    مَن منا يستعد للتنازل عن رأيه في مقابل رأي زوجته الذي لن يضره أبداً أن يأخذ به أحياناً؟

    مَن منا يغير الموضوع الذي يحتدم حوله النقاش إلى وقت آخر، ويدخل إلى موضوع آخر بعيداً عن كل مسببات الخصام والبغضاء؟!

    مَن منا يلتمس حاجات الزوجة ومطالبها، ويسعى جاهداً لتحقيقها مؤكداً بذلك على اهتمامه بخصوصياتها، وحرصه على تحقيق طلباتها؟!

    مَن منا يقدر أهل زوجته، ويُحسن إليهم امتداداً لتقدير الزوجة ومراعاةًَ لشعورها؟!

    مَن منا يتغاضى عن العيوب والزلات، وينبِّه عليها بطريقة حكيمة وغير مباشرة؟!

    مَن منا يساعد زوجته في شئون منزله تخفيفاً عليها ورحمةً بها؟!

    مَن منا يفعل ..؟! ومَن منا يفعل ..؟! ومَن منا .. ؟! ومَن منا ..؟!

    أين المنهج الشرعي في التعامل مع المرأة؟

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088973211

    عدد مرات الحفظ

    780273698