إسلام ويب

الخط الأحمرللشيخ : إبراهيم الحارثي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تغيير المناهج .. حرية المرأة .. حقوق الإنسان .. تجفيف منابع الإرهاب .. مسرحية هزلية سخيفة، تمثل فيها أمريكا دور البطل، وليس لها غاية من وراء ذلك إلا دس أنفها في شئون الدول الإسلامية؛ لتنعم بخيراتها، وتقضي على دينها.
    الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا، ولك الحمد على حمدنا إياك.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، وسلَّم تسليماً كثيراً.

    أما بعد:

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    أيها الإخوة الكرام: هذه خطبة ساخنة كسخونة الصيف، أقولها دفاعاً عن بلاد الحرمين، وقلعة المسلمين، فأقول:

    اللهم إن كانت أمريكا أو غير أمريكا يريد ببلادنا شراً، أو تقسيماً، أو تفكيكاً لوحدتها، أو تغييراً لمنهجها وشريعتها، اللهم فالعنها لعناً كبيراً.

    اللهم فرِّق جمعها، وشتت شملها، ومزقها شر ممزق.

    اللهم احفظ بلادنا بحفظك، واكلأها برعايتك.

    اللهم وحِّد صفها، واجمع كلمتها، وأعذها من الفتن، واحفظ عليها شريعتها وكتابها، وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم.

    أيها الإخوة: لستُ أدري ماذا تريد أمريكا منا! ومن بلادنا، وما هو الحد الذي ستقف عنده إن وقفت!!

    ألبَسْتَنا وألبَسَتْ بلادنا ثوب الإرهاب والتطرف، وفصَّلته علينا تفصيلاً، فقال لنا كبراؤنا وأهل النظر منا: دعوها واتركوها لتقول ما تشاء، إنها دولة جريحة، طُعِنَت في كبريائها، وفي أمنها، وكُشِفَت على حقيقتها، فهي الآن كالكلب المسعور العقور.

    فقلنا: نعم، وقلنا -على مضض-: لا بأس. وأحنَينا رءوسنا كي تمر العاصفة الهوجاء؛ ولكنها طالت، وتمددت تلك العاصفة، فلم تبقِ بيننا رجلاً صالحاً كانت له أيادٍ بيضاء في عمل الخير وصنع المعروف إلا ووصمته بالإرهاب وتمويل التطرف، ثم عادت ووجهت سهامها لجمعيات الخير ومؤسسات البر الإسلامية، واتهمتها بتمويل الإرهاب، ووضعت الجميع أفراداً ومؤسسات على قائمتها السوداء التي تقطر بالحقد والغل الصليبي الدفين، والكراهية العميقة لكل ما يمت للإسلام بصلة.

    وكل ذلك لتبث الرعب في نفوس أهل الخير من المؤمنين، ولتكف أيديهم عن الإنفاق في سبيل الله، ولكي توقف الممارسات الخيرة التي تقوم بها المؤسسات الإسلامية في كل بلد، ولتمنع فقراء المسلمين المضطهدين في شتى بقاع الأرض من خير يرسله ويوصله المسلمون وهيئاتهم، ولكي تفتح باباً واسعاً لجمعيات التنصير، ومؤسسات الكنيسة المنتشرة هنا وهناك، وتُخْلِي لها الطريق لوحدها دون مضايقات من المؤسسات الإسلامية الأخرى.

    وزادت في غلوائها، وزادت في ظلمها وطغيانها، فاختطفت مجموعة من العاملين في تلك المؤسسات الخيرة في أفغانستان، واعتبرتهم إرهابيين متطرفين، وزجَّت بهم في معتقلها الرهيب، في غوانتانامو، حيث لا قانون، ولا أعراف، ولا أخلاق، ولا ضمير، بل حيث لا ينتصر لهم منتصر، ولا يسأل عنهم سائل، ولا يبكي عليم باكٍ، أقفاصٌ، وصناديقٌ، وشمسٌ، وحرٌّ، وإهانةٌ، وتعذيب، فأين دستور أمريكا العادل كما تدعي؟!

    وسمحت أخيراً في الأسبوع الذي مضى بعد مفاوضات شاقة وعسيرة ومستمرة لوفد سعودي أمني بالالتقاء بمن هناك من السعوديين الذين يتجاوزون المائة، وهناك أربعمائة آخرون يقلِّبون أنظارهم في السماء:

    يسائلون الليلَ والأفلاكَ ما فعلتْ     جحافلُ الحق لما جاءها الخبرُ

    هل جُهِّزت في حياض النيل ألويةٌ؟!          هل في العراق ونجد جلجل الخبر؟!

    ولكن لا أحد يجيب، فـأمريكا غاضبة، وإذا غضبت أمريكا حَسِبْتَ أو ...

    ...........................     رَأَيْتَ الناس كلهم غضاباً

    ومع كل أسف!!

    ولا تزال السلسلة مستمرة، والعَجَب قائماً، ففي كل يوم هناك معتقل في هذا البلد أو في ذاك، والتهمة جاهزة، العلاقة المحرمة المغلظة المنكرة، العلاقة بالإرهاب، وإلى أمس الخميس، كان هناك معتقلون في أوروبا ، وما الثلاثة الذين خلفوا في أقصى بلاد المغرب الأفريقي عنا ببعيد، إنها أيادي أمريكا الطويلة التي تمتد إلى كل مكان، وتعصف بكل خير وصلاح.

    أين حقوق الإنسان، ليس في العالم بل في أمريكا؟!

    أين حقوق الإنسان، ليس في غوانتانامو بل في أمريكا؟! في ولاياتها التي سُجِن فيها الكثير من الأبرياء من أبنائنا الطلاب، سجنوا بالأشهر دون تهمة ودون حقوق شخصية، كان من المفترض أن يكفلها لهم الدستور الأمريكي، حتى الزيارة، ومقابلة المحامين لم يُسْمَح لهم بذلك، هل هذا هو العدل الأمريكي؟!

    أين ذلك العدل من قتلى أفغانستان الذين رحلوا إلى العالم الآخر وهم لا يدرون لِمَ قتلوا، يجأرون إلى الله بالشكوى، ويتظلمون بين يديه؟!

    أين العدل الأمريكي من الأسرى الذين قُتِلوا في قلعة جانجي ، والأصفاد في أيديهم وأرجلهم؟!

    أين هو العدل الأمريكي من قتلى الزواج الأخير قبل أسبوعين في أفغانستان ؟!

    هل ندمت أمريكا ندماً فعلياً أم أنها تذرف دموع التماسيح إن كان للتماسيح دموع؟!

    أين ذلك العدل الأمريكي الكاذب من العائلات التي شُرِّدت في أفغانستان، وباكستان؟!

    أين ذلك العدل من أحداث فلسطين التي يعجز البيان عن تفصيلها؟!

    أليس ما تفعله أمريكا هو السكوت عن الظلم، بل الإملاء للظالم؟!

    إن أمريكا -أيها الإخوة- تجيد التمثيل، تقوم بدورٍ بطولي في محاربة الإرهاب، مسرحية هزلية سخيفة، تجعل من الإرهاب شماعة؛ لتسود الدنيا، وتملك أرجاءها، وتنعم بخيراتها.

    أمريكا الصليبية ما تزال ماضية في طريقها، وليتها اكتفت بذلك، بل عادت مرة أخرى بتدخلاتها الكريهة ترعد وتزبد وتهمهم! تُرى ماذا تريد؟!

    فإذا بها تُفْصِح: إنها تريد أن تقتلعنا من جذورنا، ومن ثوابتنا الراسية، فأخذت تنادي بتغيير المناهج، وبتجفيف منابع الدين، وتزداد مطالبتها بذلك يوماً بعد يوم، في وقاحة وصفاقة لا حدود لها، لماذا تريد تغيير المناهج؟! وما هو المقصود؟!

    إنه يقصد به طمس مناهج الدين، وإزالتها بشكل كامل من التعليم، مما يعني إضعاف الشعور الديني لدى الطلاب، ونزع عقيدة الولاء والبراء من قلوبهم، وإذابة الحواجز والحدود مع ملل الكفر، وتقوية العلاقات بهم، وتطبيع الحياة معهم تطبيعاً كاملاً.

    وفي موازاة ذلك وفي نفس الوقت تسعى أمريكا للتضييق على كل منابع الدعوة إلى التدين والالتزام بالإسلام، بحيث لا يبقى للدين في قلوب الناس مكانة ولا قيمة ولا تأثير.

    هكذا -أيها الإخوة- هدرت العاصفة ودوت، ولكن الله سلَّم، فرفعنا رءوسنا وقلنا لههم بصوت واحد مسئولين وشعباً، أفراداً وجماعات: لا وألف لا.

    إن دولتنا قامت على الدين، ولن تفرط بأساسها المتين، ولا بقاعدتها الصلبة، لقد مكنها الله فلا مجال للتفريط بهذا التمكين، الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [الحج:41].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088977459

    عدد مرات الحفظ

    780301772