إسلام ويب

نتائجللشيخ : إبراهيم الحارثي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • قلة التوفيق.. فساد الرأي.. خفاء الحق.. فساد القلب.. خمول الذكر.. إضاعة الوقت.. محق البركة في الرزق والعمر.. حرمان العلم.. إهانة العدو.. ضيق الصدر.. طول الهم والغم.. ضيق العيش.. لباس الذل.. وغيرها كثير. حياة لا يعلمها إلا الله، نعيشها هذه الأيام، فيا ترى ما هو السبب؟
    اللهم لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، لك الحمد ربنا كما تحب وترضى، نحمدك ونشكرك، ونثني عليك الخير كله، أنت أهل التقوى وأنت أهل المغفرة.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن سار على دربه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فاتقوا الله عباد الله، واعملوا بوصيته في قوله جل وعلا: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131].

    أيها الإخوة المؤمنون: محمد بن سيرين تابعي جليل، من كبار التابعين، أصابته الديون، وتكاثر عليه الغرماء، فقال لأصحابه يوماً من الأيام: [والله إني لأعلم الذنب الذي بسببه سُلِبْتُ مالي، قالوا: وما هو؟ قال: قلتُ لرجل منذ أربعين سنة: يا مفلس!].

    أيها الإخوة: لا أخفيكم أنني نظرت إلى هذه القصة بنظرتين مختلفتين:

    نظرتُ إليها أولاً كالمتشكك في صحتها، وقلت: هل يُعْقَل أن يصل الأمر إلى هذه الدرجة، بحيث يستطيع هذا الرجل أن يميز الذنب الذي بسببه وقع في هذه المصيبة؟! هل قلَّتْ ذنوبه إلى الدرجة التي أصبح يعد فيها ذنوبه، ويعرف زمن وقوعها؟! تلك كانت هي النظرة الأولى.

    أما النظرة الثانية: فهي نظرة المصدِّق لهذه القصة، المؤمن بها، وبكل حرف من حروفها، وجزئية من جزئياتها.

    فالرجل من رجالات الصدر الأول، وهو واحد من الذين عظم الإيمان في قلوبهم، ورسخ اليقين في صدورهم، رجل من الرجال الذين غيروا وجه التاريخ، وصنعوا المعجزات، ووقعت لهم أمور خرقت العادات والمألوفات.

    إنه واحد من الذين تقللوا من الذنوب والمعاصي، فكيف لا يعرف ذنوبه؟!

    أيها الإخوة: لا أخفيكم مرة أخرى أنني رجحتُ النظرة الثانية، وأيقنت أن ما قاله ابن سيرين رحمه الله حق من الحق، وصدق من الصدق.

    يقول العلماء عن محمد بن سيرين وأمثاله: إنهم قوم قلّت ذنوبهم فأحصوها، وكثرت ذنوبنا فعجزنا عن حصرها. ولا حول ولا قوة إلا بالله! وصدقوا والله.

    انظروا -أيها الإخوة- إلى الحياة التي نعيشها، إننا نعيش في هذه الأيام حياة لا يعلمها إلا الله، يبدو فيها واضحاً قلة التوفيق، وفساد الرأي، وخفاء الحق، وفساد القلب، وخمول الذكر، وإضاعة الوقت، ومحق البركة في الرزق والعمر، وحرمان العلم، وإهانة العدو، وضيق الصدر، وطول الهم والغم، وضيق العيش، ولباس الذل، وكسف البال، ونفرة الخلق، ومنع إجابة الدعاء، والوحشة بين العبد وربه.

    روى الإمام البيهقي وابن ماجة من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كنتُ عاشر عشرة من المهاجرين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل علينا بوجهه فقال: يا معشر المهاجرين! خمس خصال أعوذ بالله أن تدركوهن:

    ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها، إلا ابتُلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا.

    ولا نقص قومٌ المكيال إلا ابتُلوا بالسنين، وشدة المئونة، وجور السلطان.

    وما منع قومٌ زكاة أموالهم إلا مُنِعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا.

    ولا خَفَرَ قومٌ العهد إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم.

    وما لم يعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل الله بأسهم بينهم).

    كل ذنب بمصيبة، وكل إعراض عن الله ببلاء، وكل فساد بعقوبة تظهر في المجتمع بأشكال وألوان وآثار مختلفة، يمكن أن نسميها: آثار الذنوب والمعاصي.. آثار الإعراض عن الله. إنها السلاسل التي تقيدنا.

    وانظروا -إن شئتم- إلى تنافر الناس وعداواتهم!

    انظروا إلى إهانة العدو لنا!

    انظروا إلى الذل الذي يلُفُّنا!

    انظروا إلى ضيق معايشنا!

    انظروا إلى ضيق صدورنا!

    انظروا إلى طول همومنا وغمومنا!

    انظروا إلى فساد زماننا!

    من أين جاءنا هذا؟!

    إنه من عند أنفسنا، يقول الله جل وعلا: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران:165].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088982122

    عدد مرات الحفظ

    780342452