إسلام ويب

كتاب الزكاة [5]للشيخ : محمد يوسف حربة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • اتفق العلماء على أشياء تجب فيها الزكاة، وهي الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم، وكذا الحنطة والشعير والتمر والزبيب، ووقع الخلاف في الخيل من الحيوانات، وفي السائمة منها من غير السائمة. وكذا وقع الخلاف في العسل بعد اتفاقهم على أن لا زكاة فيما يخرج من الحيوان، وأيضاً وقع الخلاف فيما عدا الأصناف الأربعة من النباتات فبين متقيد بالأصناف الأربعة وبين متوسط وبين متوسع إلا ما حده الإجماع، وأما العروض المتفق على عدم الزكاة فيها في حالة القنية فإنه وقع الخلاف فيها عندما يقصد منها التجارة والنماء فبالوجوب قال الجمهور، وبالمنع قالت الظاهرية.

    الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً.

    وبعد:

    قال المصنف رحمه الله: [ وأما ما اختلفوا فيه من الحيوان فمنه ما اختلفوا في نوعه، ومنه ما اختلفوا في صنفه.

    أما ما اختلفوا في نوعه فالخيل, وذلك أن الجمهور ] منهم مالك و الشافعي و أحمد , [ على أن لا زكاة في الخيل. وذهب أبو حنيفة إلى أنها إذا كانت سائمة، وقصد بها النسل أن فيها الزكاة . أعني: إذا كانت ذكراناً وإناثاً ]. هذا مذهب أبي حنيفة .

    الأدلة على وجوب الزكاة في الخيل وذكر الراجح

    والراجح وجوب الزكاة في الخيل، وذلك لما يأتي:

    الأول: عموم قوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً [التوبة:103]، فالأموال لفظ عام؛ لأنه جمع مضاف، وهو يفيد الشمول وعموم الأفراد. وشرح هذه القاعدة الأصولية كما يأتي:

    أما كونه يفيد الشمول فلأنه جمع، وأما كونه يفيد عموم الأفراد فلأنه مضاف يفيد الشمول وعموم الأفراد, فالمفرد المضاف يفيد عموم الأفراد, والجمع المضاف يفيد الشمول مع عموم الأفراد, فلا يخرج منه إلا ما أخرجه إجماع أو قياس كالثياب المعدة للباس. فالثياب المعدة للباس لا يجب فيها زكاة بالإجماع, والبيوت المعدة للسكنى, وإن كانت أموالاً فلا يجب فيها, وما أعد من الأموال للقنية, مثلاً: أليس يجب في مائة من الإبل الزكاة؟ فالإبل تجب في الخمس منها زكاة, ولكن من عنده خمس رواحل يستعملها لأن تحمل عليها وليست للنماء فهذه لا تجب فيها الزكاة, كذلك من عنده بعض البقر يستعملها في الحراثة فلا تجب فيها الزكاة. فهذه لم يقل أحد أن فيها الزكاة, وهذا بالإجماع, وبالقياس: ومثل الحلي المباح الذي يتخذ للزينة فهذا يقاس على الإبل والبقر وغيره.

    وكذلك: ما أُعد من الأموال للقنية وما كان دون النصاب, فهو وإن كان مالاً لكنها لا تجب فيه الزكاة؛ لأنه دون النصاب.

    الثاني: الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة وفيه: ( ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها )، والظاهر من الحق في ذلك هو الزكاة المفروضة في كل الأموال إلا ما استثني.

    الثالث: أن الحديث المتفق عليه ( ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة ) ، فالظاهر أنه يراد به ما كان معداً للقنية كخادم ومركب.

    الرابع: أن الخيل السائمة حيوان مقصود به النماء والنسل فأشبه الإبل والبقر.

    الخامس: ما صح عن عمر أنه كان يأخذ الصدقة من الخيل, فهو لا يخلو من أحد أمرين:

    أحدهما: أن عنده نصاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك.

    ثانياً: أنه وجد فيها العلة الموجبة لأخذ الزكاة كالأنعام. وهذه هي الأدلة على أخذ الزكاة من الخيل.

    السبب في اختلاف العلماء في زكاة الخيل

    قال رحمه الله: [ والسبب في اختلافهم معارضة القياس للفظ, وما يظن من معارضة اللفظ للفظ فيها.

    أما اللفظ الذي يقتضي أن لا زكاة فيها, فقوله عليه الصلاة والسلام: ( ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة ) ]، متفق عليه.

    [ وأما القياس الذي عارض هذا العموم فهو أن الخيل السائمة حيوان مقصود به النماء والنسل، فأشبه الإبل والبقر ], فهذا القياس عارض هذا الحديث, [ وأما اللفظ الذي يظن أنه معارض لذلك العموم، فهو قوله عليه الصلاة والسلام: وقد ذكر الخيل, ( ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها ) ]، متفق عليه، فيحمل حديث ( ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة ) على القنية, وحديث: (لم ينس حق الله في ظهورها ورقابها)، على الزكاة, وأيد هذا الحديث القياس على الإبل والبقر والغنم في أنه مال نامٍ, [ فذهب أبو حنيفة , إلى أن حق الله هو الزكاة، وذلك في السائمة منها, قال القاضي ], وهو المؤلف: [ وأن يكون هذا اللفظ مجملاً ] يعني: (لم ينس حق الله)، [ أحرى منه أن يكون عاماً فيحتج يه في الزكاة، وخالف أبا حنيفة في هذه المسألة صاحباه أبو يوسف و محمد ] كأنهم مع الجمهور, [ وصح عن عمر رضي الله عنه أنه كان يأخذ منها الصدقة فقيل: إنه كان باختيار منهم ] يعني أن الناس يدفعونها ولا يجبرهم، ولكن قلنا: لعله أخذ بالقياس أو كان عنده خبر في ذلك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087804985

    عدد مرات الحفظ

    774094515