الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله النبي الأمين، بعثه الله بالهدى واليقين، لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين، وآل كل، وصحب كل أجمعين، وأحسن الله ختامي وختامكم وختام المسلمين، وحشر الجميع تحت لواء سيد المرسلين.
أما بعد:
أيها المسلمون عباد الله! فاتقوا الله حق تقاته، وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.
واعلموا إخوتي في الله! أن كل حي في هذه الدنيا ضيف، وما في يده عارية، وكل ضيف لا بد أن يرحل، وكل عارية مستردة.
وتذكروا أيها المسلمون عباد الله! أننا ودعنا رمضان بالأمس القريب, وعما قليل إن شاء الله سيدخل علينا رمضان، وهكذا الأعمار تنصرم، والأيام تمضي، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من أشراط الساعة تقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كالساعة، والساعة كاحتراق سعفة النخل )، هذا الذي نكاد نراه في زماننا هذا .
يا مسلم يا عبد الله! احرص على أن تغتنم أيام رمضان ولياليه في طاعة الله، رمضان ليس شهراً للهو، ولا للعب، ليس شهراً للدورات الكروية، ولا شهراً للمسلسلات، ولا الأفلام، ولا المسرحيات، ولا المسابقات الفارغة، وليس رمضان شهراً لتتبع تاريخ الأغاني وأخبار أهل الفن، وليس رمضان شهراً للجلسات اللاغية والأمور الفارغة، بل رمضان شهر التوبة، شهر القرآن، شهر الاستغفار، شهر الإحسان، شهر تفطير الصائمين، شهر بذل الصدقات، شهر مجالس العلم، وحلق الذكر، هكذا ينبغي أن تكون الأيام والليالي في رمضان.
وكثير من الناس يحاولون أن يسرقوا منكم رمضان، ببرامج تافهة، وأمور لا تغني عنكم في الدنيا، ولا الآخرة، فحذاري حذاري أن تكون صفقتكم في رمضان خاسرة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد على منبره، فقال: ( آمين آمين آمين، ثم قال: نزل علي جبريل فقال: يا محمد! قل: آمين، رغم أنف امرئ دخل عليه رمضان ثم خرج فلم يغفر له، فقلت: آمين، ثم قال: رغم أنف امرئ أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخلاه الجنة، فقلت: آمين، ثم قال: رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك ).
اللهم صل على سيدنا محمد في الأولين، وصل على سيدنا محمد في الآخرين، وصل على سيدنا محمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين.
اللهم بلغنا رمضان، اللهم أعنا على الصيام والقيام، اللهم وفقنا لصالح الأعمال، اللهم اجعلنا فيه من الفائزين، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا أجمعين، وفك أسر المأسورين، وفرج عن عبادك المسجونين، ووسع على عبادك المقلين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم يسر أمورنا، واشرح صدورنا، واغفر ذنوبنا، وطهر قلوبنا، واستر عيوبنا، ونفس كروبنا، وحسن أخلاقنا، ووسع أرزاقنا، وبلغنا آمالنا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، واجعل إلى جنات عدن مآلنا.
اللهم عجل فرج إخواننا المسلمين في سوريا، وعجل فرج إخواننا المسلمين في ليبيا، وعجل فرج إخواننا المسلمين في اليمن، اللهم احقن دماءهم، اللهم داو جريحهم، وتقبل شهيدهم، وأطعم جائعهم، واكس عاريهم، وكن لعبادك المستضعفين ناصراً ومعيناً، اللهم عليك بكل جبار عنيد، وبكل طاغية مريد، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، وأرنا فيهم عجائب قدرتك يا رب العالمين.
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، وارحمهم كما ربونا صغاراً، اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا، اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا، اللهم اغفر لمن بنى هذا المسجد المبارك، ولمن عبد الله فيه، ولجيرانه من المسلمين والمسلمات.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
[البقرة:201].
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى جميع المرسلين.