إسلام ويب

الجهاد وأنواعه [1]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الجهاد في الإسلام مر بمراحل أربع ابتداء بالكف عن القتال والصبر، وانتهاء الأمر بقتل المشركين كافة وهو أعم من القتال، ويدخل فيه أربعة أنواع من الجهاد: جهاد النفس، وجهاد الشيطان، وجهاد المنافقين، وجهاد الكفار.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد:

    فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان في مكة لم يؤمر بقتال، فكان يصبر على أذى المشركين، حتى أذن الله له بالهجرة إلى المدينة، فلما وصل المدينة كاتب المشركون، وممن كاتبهم عبد الله بن أبي ابن سلول الذي كان رأساً من رءوس الشرك إلى ذلك الحين، ولم يعلن إسلامه نفاقاً، كاتبوه: (بأنكم قد آويتم صاحبنا، وإنا لنقسم بالله لتقاتلنه، أو لتخرجنه، أو لنأتينكم جميعاً، فنقتل رجالكم، ونستبيح نساءكم)، والنبي صلى الله عليه وسلم كان بعض الصحابة يحرسه في كل ليلة حذراً عليه من كيد المشركين واليهود، إلى أن نزل قول ربنا جل جلاله: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ [المائدة:67]، فصرف أولئك الحرس، واكتفى بعصمة الله عز وجل وحمايته إياه صلوات ربي وسلامه عليه.

    فلما استقر بالمسلمين المقام في المدينة المنورة أذن الله لهم بالجهاد، والجهاد كما حقق الإمام أبو عبد الله بن القيم في الزاد مر بأربعة مراحل:

    المرحلة الأولى: مرحلة الكف عن القتال والأمر بالصبر، نجد أن المسلمين في مكة كانوا يؤذون ويعذبون، والله عز وجل يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً [الإنسان:24]، وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا [الطور:48]، فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ [القلم:48]، فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [الحجر:85]، وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً [المزمل:10]، ونحو ذلك من الآيات.

    ثم جاءت المرحلة الثانية: وهي الإذن بالقتال، فهو مجرد إذن، كما في قول الله عز وجل: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:39-40].

    ثم جاءت المرحلة الثالثة: وفيها الأمر بالقتال، لكن قتال من بدأ المسلمين بالقتال، يعني: من اعتدى على المسلمين فإن الله عز وجل قد أمر المسلمين بأن يكافئوا الاعتداء بمثله، كما قال تعالى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا [البقرة:190]، وفي الآية الأخرى: فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ [البقرة:194].

    ثم جاءت المرحلة الرابعة: وهي الأمر بقتال المشركين عامة، من قاتل ومن لم يقاتل، كل من وقف في سبيل الدعوة وحال دون بلوغها آفاقها، فإنه يقاتل كما قال ربنا جل جلاله في سورة التوبة: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29]، وفي الآية الأخرى قال: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [التوبة:36].

    فهذه أربع مراحل: مرحلة الصبر والصفح والكف، ثم مرحلة الإذن بالقتال، ثم مرحلة الأمر بقتال من قاتلنا، ثم الرابعة الأمر بقتال المشركين كافة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088957732

    عدد مرات الحفظ

    780153371