إسلام ويب

هجرة المسلمين إلى المدينةللشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ازدادت أذية قريش للمسلمين في مكة، فتاقت نفوس المؤمنين إلى الهجرة إلى المدينة بعد بيعة العقبة الثانية؛ فبدأ المسلمون بالهجرة زرافات ووحداناً، لكنهم عانوا في سبيل ذلك الكثير من الأذية والملاحقة وأخذ الأموال، وبعضهم عجز عن الهجرة لأن المشركين تمكنوا من الإمساك به وحبسه.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد البشير النذير والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

    فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين.

    تقدم أن الأنصار عليهم من الله الرضوان بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند العقبة على أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم، وقد طمأنوا النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم أهل الحلقة، وأبناء الحروب وقد رثوها كابراً عن كابر، وأنهم يبايعونه على حرب الأحمر والأسود، وعلى قطع الحبال مع كل عدو له، وأنهم لا يبالون في ذلك بما يصيبهم في أنفسهم أو في أموالهم.

    وقد طمأنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه سيكون معهم إن أظهره الله ولن يرجع إلى قومه، قال لهم: ( بل الدم الدم، والهدم الهدم، المحيا محياكم، والممات مماتكم )، ولما سألوه: ( يا رسول الله! فما لنا إن وفينا؟ قال: الجنة. فقالوا: امدد يدك نبايعك، لا نقيل ولا نستقيل ).

    ولما عقدت تلك الاتفاقية وتمت هذه البيعة العظيمة أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الهجرة.

    حصول الاضطهاد والتعذيب في مكة

    هذه الهجرة أسبابها معلومة، فإن المسلمين كانوا مضطهدين، كانوا يجوعون، ويعذبون، ويطاردون، ويحبسون، ويضربون، ويفتنون في دينهم، وكذلك الاعتداء كان حاصلاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم تارة باللسان وتارة بالأذى المباشر، بل إن بعض الصحابة مات تحت التعذيب كما حصل لـسمية بنت خياط وزوجها ياسر أبي عمار رضوان الله عليهم، وبعض المسلمين فقد بصره كما حصل لـزنيرة الجارية الرومية التي ضربوها على رأسها حتى ذهب بصرها.

    ولذلك أقول: الاضطهاد والتعذيب والفتنة في الدين، هذه كلها أسباب أدت إلى الهجرة.

    البحث عن أرض جديدة لاحتضان دعوة الإسلام

    كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يريد أن يجد للدعوة أرضاً خصبة تنطلق منها، فمن اليوم الأول والإسلام رسالة عالمية ليس كما يروج المستشرقون بأن النبي عليه الصلاة والسلام كانت رسالته أو دعوته خاصة، ثم أغراه النجاح بأن يتوسع ويتمدد، هذا الكلام هراء؛ لأن الله عز وجل لما أنزل عليه: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107]، هذه الآية في سورة الأنبياء وهي مكية، ولما أنزل عليه: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً [سبأ:28]، هذه الآية في سورة سبأ، وهي مكية.

    والنبي عليه الصلاة والسلام قال: ( بعثت لكل أحمر وأسود )، وهذا معلوم لديه من اليوم الأول؛ ولذلك لما توفي عليه الصلاة والسلام أين كان الإسلام؟ الإسلام ما كان إلا في الحجاز ونجد وتهامة واليمن والبحرين، وبعض الملوك أرسل إليه هدايا كما فعل ملك عمان، وكما فعل ملك مصر والإسكندرية، وكما فعل هرقل عظيم الروم فقد بعث للنبي صلى الله عليه وسلم بجاريتين مارية بنت شمعون وأختها نسرين ، وبعث إليه ببغلة وبعض الثياب، هذا الذي كان في عهده.

    لكنه عليه الصلاة والسلام بعدما توفاه الله من الذي قام بالفتوحات؟

    الصحابة بقيادة الخلفاء رضوان الله عليهم، فليس كما يقول هؤلاء: بأن الإسلام كان ديناً للجزيرة العربية أو للحجاز، ثم بعد ذلك توسع وتمدد، لا. النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( أوتيت خمساً لم يؤتهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب من مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأعطيت الشفاعة، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة ).

    ولذلك لما أمر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة، ثم لما خرج إلى الطائف عليه الصلاة والسلام هذا كله من أجل أن يبحث عن أرض تنطلق منها الدعوة وينتشر منها النور، ولذلك أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الهجرة، كما في صحيح البخاري من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمسلمين بمكة: ( أُريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين )، أي: حرتين، فهاجر من هاجر قبل المدينة، ورجع عامة من كان بأرض الحبشة إلى المدينة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088961622

    عدد مرات الحفظ

    780187788