إسلام ويب

تفسير سورة النور - الآية [32] الأولللشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أرشدت الشريعة إلى السبيل الأقوم للطهر والعفاف، حفاظاً على صيانة المجتمعات، فحثت على النكاح وشجعت عليه، ورغبت فيه، وأن الله يغني من نواه قاصداً الطهر والعفاف، وتعتري النكاح التكاليف الخمسة باختلاف حالات الأشخاص.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

    اللهم علمنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد:

    فقد أمرنا ربنا جل جلاله بأن نغض أبصارنا، وأن نحفظ فروجنا، وأمر نساءنا بأن يسترن زينتهن، وأن يلتزمن الحجاب، وكان من المناسب بعد هذا أن يرشدنا ربنا إلى الطريق الأقوم، والسبيل الأمثل الذي يقضى به الوطر، وتستفرغ به الشهوة، فقال سبحانه: وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ [النور:32].

    يقول الله عز وجل: (وأنكحوا) بمعنى: زوجوا، والخطاب للأولياء وللسادة؛ فالأولياء أولياء الفتيات، والسادة أي: من كان تحتهم عبيد أو إماء، (وأنكحوا) أي: زوجوا، (الأيامى) جمع أيم، وهو: من لا زوج له من الرجال أو النساء، فيقال: رجل أيم، ويقال: امرأة أيم، ومنه قول القائل:

    فإن تنكحي أنكح وإن تتأيمي وإن كنت أفتى منكم أتأيم

    (فإن تنكحي أنكح وإن تتأيمي) أي: تمتنعي من الزواج، وإن كنت أفتى منكم أتأيم، ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنا وامرأة سفعاء الخدين تأيمت على صغارها بعد وفاة زوجها كهاتين في الجنة )، وأشار بإصبعيه عليه الصلاة والسلام، ( أنا وامرأة سفعاء الخدين ) أي: لا يلتفت إليها ولا يؤبه بها، ( تأيمت على صغارها بعد وفاة زوجها كهاتين في الجنة )، فكلمة (الأيامى) جمع أيم وهو: من لا زوج له رجلاً كان أو امرأة.

    قوله: وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ [النور:32]، أما (عبادكم) فجمع عبد، وأما (إمائكم) فجمع أمة، وقول الله عز وجل: (والصالحين) إما أن يكون المراد به صلاح الدين أي: من استقاموا على أمر الله عز وجل، وعملوا بطاعته، وإما أن يكون المراد (الصالحين) أي: للزواج.

    ثم وعد سبحانه فقال: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ [النور:32] جمع فقير، يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:32]، هذه الجملة شرطية، أداة الشرط (إن)، وفعل الشرط (يكون)، والجواب (يغنهم الله من فضله)، ثم ختمت الآية بهذين الاسمين الحسنين والوصفين الكريمين: وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [النور:32]، (والله واسع) اسم فاعل من السعة، (واسع) أي: كثير خيره عظيم فضله، والسعة تفسر بكل أنواع السعة، فهو سبحانه واسع، بمعنى أنه غني، كما قال سبحانه: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ [النساء:130]، أي: من فضله وغناه جل جلاله، وكذلك هو واسع في الرحمة كما قال: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [الأعراف:156]، والملائكة تقول: رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً [غافر:7]، فهو أيضاً واسع العلم، ومنه قوله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ [البقرة:255]، فسر الكرسي هاهنا بالعلم، وهو سبحانه واسع كثير خيره، عظيم فضله، بالغ علمه سبحانه وتعالى، عليم بكل معلوم، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088961268

    عدد مرات الحفظ

    780186245