وصف الله تعالى نفسه بأنه نور السموات والأرض، فهو منورها وهاديها ومزينها، وتفسير النور الوارد في القرآن يكون بحسب السياق الوارد فيه، وقد مثل الله لنوره بالمصباح الذي يوقد من زيت شجر الزيتون المبارك. وقد يوصف الله تعالى بالنور، وكذلك رسوله والمؤمنون، والقرآن والإسلام كل بحسب السياق الذي ذكر فيه.
تشبيه الله تعالى لنوره بمصباح في زجاجة
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
قال ابن عباس : المعنى: الله هادي أهل السموات والأرض، وقال مجاهد رحمه الله: اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ[النور:35]، أي: الله مدبر أمر السموات والأرض، وقال الحسن رحمه الله: الله منور السموات والأرض، وقال أبو العالية : الله مزين السموات بالشمس والقمر والنجوم، ومزين الأرض بالأنبياء والعلماء.
يقول الله عز وجل: اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ[النور:35]، إذا وصف الله جل جلاله نفسه بأنه نور، وسمى نفسه نوراً، ومثل هذا في سائر الصفات نمرها كما جاءت، ونعتقدها على ظاهرها ونفوض كيفيتها إلى عالمها جل جلاله، لكن آثار نوره في الكون حسية ومعنوية ظاهرة.
كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ[النور:35]، هذا المصباح كما هو معروف يتكون من عناصر أربعة: يتكون من فتيل يضيء، وزيت أو مادة تغذي ذلك الفتيل وتشتعل، ثم بعد ذلك زجاجة، هذه الزجاجة تمنع هذا الضوء من أن تعتوره الرياح فتذهب بنوره أو تطفئه، ثم الجسم السفلي.
ثم يصفها جل جلاله بأنها لا شرقية ولا غربية، أي أن هذه الشجرة ليست نابتة في ناحية الشرق من أجل ألا يأتيها الضوء إلا صباحاً، وليست هي في ناحية الغرب من أجل ألا يصيبها الضوء إلا مساء، لكنها شجرة متوسطة، تستفيد من الضوء صباحاً ومساء، لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ[النور:35]، وهو أجود ما يكون لشجرة الزيتون وأصفاه.
أقوال أهل العلم في مرجع الضمير في قوله تعالى: (مثل نوره)
وقال بعضهم: بل النور هنا هو نور محمد صلى الله عليه وسلم، مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ[النور:35]، والمشكاة صدره عليه الصلاة والسلام، فِيهَا مِصْبَاحٌ[النور:35]، المصباح قلبه عليه الصلاة والسلام.
يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ[النور:35]، قالوا: الزيت: الحجج البينات والآيات الساطعات التي أيد الله بها محمداً صلى الله عليه وسلم.
وقال بعض المفسرين: بل الضمير في كلمة النور هاهنا يعود للمؤمن، مَثَلُ نُورِهِ[النور:35]، أي: نور المؤمن كمشكاة. أيضاً صدره فيه مصباح، أي نور الإيمان في قلبه؛ ولذلك قال علماؤنا: نور الإيمان في القلوب ليس سواء، فبعض الناس نور الإيمان في قلبه كالسراج الوهاج، لا يصادف شبهة إلا أحرقها، ولا شهوة إلا أطفأها.
وبعض الناس نور الإيمان في قلبه كالمصباح، وبعض الناس نور الإيمان في قلبه كنور الشمعة الخافتة التي تحركها الرياح؛ فإذا اشتدت لا تلبث أن تنطفئ والعياذ بالله!
وخلاصة القول هذا المثل يطول شرحه وقد دون فيه المفسرون كلاماً كثيراً، لكن نقول: بأن الله نور، ومحمداً صلى الله عليه وسلم نور، والقرآن نور، والإيمان نور، والإسلام نور، والنور في كل موضع من هذه المواضع يفسر بما يناسبه.
أسأل الله أن ينور قلوبنا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.