قد تفهم بعض الآيات فهماً غير صحيح، ومن ذلك الآية التي ورد فيها تمني الأنبياء في سورة الحج، حيث فسر بعضهم التمني بأنه القراءة، وبنوا على ذلك قصة الغرانيق وإلقاء الشيطان في قراءة النبي وسجود المشركين بسبب ذلك الإلقاء، وهذا غير صحيح ومنقوض بصريح القرآن، وأما سبب السجود فكان لأثر القرآن وفصاحته
تفسير التمني بـ(القراءة) في قوله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا إذا تمنى...)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
لا يمكن في هذا السياق أن يقال: وإنهن لهن الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن -أي: شفاعة الأصنام- لهي التي ترتجى، والقوم عرب، لا يقبلون أن يذم الشيء ويمدح في سياق واحد.
ثم من ناحية أخرى كلمة (الغرنوق) أو (الغرنيق) تطلق على طائر أبيض، فما علاقة هذا الطائر بالأصنام؟ فهذا الكلام لا يستقيم.
السبب الذي حمل كفار قريش على السجود عند سماعهم للآيات من سورة النجم
يبقى الإشكال: لماذا سجد المشركون عندما قرأ الرسول عليه الصلاة والسلام سورة النجم؟
أما مشركو مكة فقد كانوا لئاماً، أسرتهم فصاحة القرآن، وعجزوا عن معارضته، وبهرتهم سلاسة أسلوبه وجزالة معانيه، لكن في الوقت نفسه تكبروا عن الإيمان، فلو لاحظنا القرآن لوجدناه فصيحاً بليغاً، والذي يتلوه على أسماعهم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كساه الله من مهابة وجلالة، وبما كان في صوته من حسن وفي أدائه من جودة، وكما قال أنس بن مالك رضي الله عنه: ما بعث الله نبياً إلا كان حسن الصورة، حسن الصوت، وكان نبيكم صلى الله عليه وسلم أحسنهم صورة وأحسنهم صوتاً.
و سيد قطب عليه رحمة الله في ظلال القرآن يذكر حادثة مشابهة، يقول: كنا في عرض الأطلنطي، يعني كان في سفينة في المحيط الأطلنطي راجعاً من أمريكا، قال: وحان وقت صلاة الجمعة، وكنا في السفينة خمسة مسلمين، فأقمنا صلاة الجمعة، وقمت فيهم خطيباً وتجمع ركاب السفينة رجالهم ونساؤهم يشاهدون ذلك المنظر، قال: ثم صليت بهم صلاة الجمعة، ولما انتهينا جاءوا يهنئوننا على نجاح القداس، بأن هذا قداس ناجح.
قال: ثم جاءت امرأة فقالت لي: إن صلاتكم هذه جميلة، لكن في أثناء كلامك كنت تردد مقاطع تؤثر فيَّ تأثيراً خاصاً، وهي تكلمه باللغة الإنجليزية، ولا تعرف اللغة العربية.