وفي هذه الآية أحكام:
الحكم الأول: حرمة موالاة الكافرين بالنصرة والتأييد والمودة دون المسلمين.
الحكم الثاني: الذي ينقل أسرار المسلمين إلى الكفار على خطر عظيم وإن صلى وصام.
الحكم الثالث: فضل أهل بدر وكرامتهم على الله عز وجل.
الحكم الرابع: قبول عذر الصادقين الصالحين ذوي السبق في الإسلام إذا زل أحدهم اجتهاداً منه.
الحكم الخامس: التجسس خيانة عظمى وكبيرة من الكبائر إذا فعله المسلم، وهو من صور موالاة الكفار التي يتراوح الحكم فيها بين الكفر المخرج من الملة إذا كان تجسسه حباً في انتصار الكفار وعلو شوكتهم على المسلمين، وبين الكبيرة من كبائر الذنوب إذا كان لغرض شخصي أو دنيوي أو جاه أو ما أشبه ذلك.
الحكم السادس: قال أبو عبد الله ابن القيم رحمه الله: يؤخذ من هذه القصة: جواز قتل الجاسوس وإن كان مسلماً؛ لأن عمر رضي الله عنه لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل حاطب، أجابه: بأن فيه مانعاً من قتله وهو: شهوده بدراً، وفي الجواب بهذا كالتنبيه على جواز قتل جاسوس ليس له مثل هذا المانع، وهذا مذهب مالك وأحد الوجهين في مذهب أحمد ، وقال الشافعي و أبو حنيفة : لا يقتل. والصحيح: أن قتله راجع إلى رأي الإمام، فإن رأى في قتله مصلحةً للمسلمين قتله، وإن كان استبقاؤه أصلح استبقاه.
الحكم السابع: قال رحمه الله أيضاً: ومن فوائد هذه القصة: أن الكبيرة العظيمة مما دون الشرك قد تكفر بالحسنة الكبيرة الماحية، كما وقع الجس من حاطب مكفراً بشهوده بدراً، فإن ما اشتملت عليه هذه الحسنة العظيمة من المصلحة وتضمنته من محبة الله ورضاه وفرحه بها ومباهاته للملائكة بفاعلها أعظم مما اشتملت عليه سيئة الجس من المفسدة، وتضمنته من بغض الله لها، فغلب الأقوى على الأضعف فأزاله وأبطل مقتضاه.
وأذكر هنا جملة مباحث في الولاء والبراء:
معنى الولاء والبراء
منزلة عقيدة الولاء والبراء في الشرع