إسلام ويب

تفسير آية - الممتحنة [1]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • نهى الله عز وجل عباده المؤمنين عن موالاة الكافرين وكشف أسرار المسلمين لهم، وبين أن من فعل ذلك فهو على خطر عظيم، وأنه قد ضل سواء السبيل. والولاء والبراء أوثق عرى الإيمان، وجزء من معنى كلمة التوحيد، وصور موالاة الكافرين متنوعة تقتضي كلها غضب الله وسخطه على من والاهم.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار.

    أما بعد:

    فيقول الله عز وجل في الآية الأولى من سورة الممتحنة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ [الممتحنة:1].

    ‏ هذه الآية نزلت في شأن حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه وكان من المهاجرين الذين شهدوا بدراً، وذلك أنه كتب إلى المشركين كتاباً وكان فيه: أما بعد: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه إليكم بجيش كالليل، يسير كالسيل، وأقسم بالله لو لم يسر إليكم إلا وحده لأظفره الله بكم وأنجز له موعده فيكم، فإن الله وليه وناصره.

    وروى الإمام مسلم في صحيحه: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ( بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا و الزبير و المقداد فقال: ائتوا روضة خاخ )، وهو موضع بينه وبين المدينة اثنا عشر ميلاً ( فإن بها ظعينة) أي: امرأة مسافرة ( معها كتاب فخذوه منها، فانطلقنا تعادى بنا خيلنا ) أي: نسرعها ( فإذا نحن بامرأة، فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي كتاب، فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها ) أي: من ضفائر شعر رأسها ( فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا به: من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة، يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حاطب ، ما هذا؟ فقال: لا تعجل علي يا رسول الله! إني كنت امرأً ملصقاً في قريش وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتي، ولم أفعله كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام، وقد علمت أن الله منزل بهم بأسه، وأن كتابي لا يغني عنهم من الله شيئاً، وأن الله ناصرك عليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق، فقال عمر رضي الله عنه: دعني يا رسول الله! أضرب عنق هذا المنافق، فقال صلى الله عليه وسلم: إنه شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ).

    قال الإمام القرطبي رحمه الله: هذا كله معاتبة لـحاطب ، وهو يدل على فضله وكرامته ونصيحته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصدق إيمانه، فإن المعاتبة لا تكون إلا من محب لحبيبه، كما قال:

    أعاتب ذا المودة من صديق إذا ما رابني منه اجتناب

    إذا ذهب العتاب فليس ود ويبقى الود ما بقي العتاب

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088950760

    عدد مرات الحفظ

    780079832