إسلام ويب

تفسير آية - ص [44]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أيوب عليه السلام من أعظم الأنبياء صبراً وأشدهم بلاءً، وقد شفاه الله من مرضه الذي تخلى عنه بسببه كل أصدقائه ولم يبق معه إلا امرأته، وكان قد حلف أن يجلدها مائة جلدة لذنب فعلته، فأمره الله أن يجمع مائة عود ويضربها ضربة واحدة، وهذه حيلة جائزة.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار، أما بعد:

    فيقول الله عز وجل في الآية الرابعة والأربعين من سورة ص: وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص:44].

    قرأ الجمهور: وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ[ص:44]، قبلها قول الله عز وجل: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ [ص:41]، قرأها الجمهور بضم النون وسكون الصاد وهو الشر والبلاء، وقرأ يعقوب بفتحتين: (إني مسني الشيطان بنصب وعذاب)، على وزن (أسد) وهو التعب والإعياء. وقيل: القراءتان بمعنى واحد، كالرشد بضم الراء والرشد بفتحها.

    يذكر ربنا تبارك وتعالى عبده أيوب عليه السلام وما كان من ابتلاء الله تعالى له في جسده وماله بحيث لم يبق له أحد يستعين به على مرضه إلا زوجته حفظت وده بإيمانها بالله ورسوله، فكانت تخدم الناس بالأجر وتطعمه وتخدمه نحواً من ثماني عشرة سنة، وكان قبل ذلك ذا سعة في المال والولد، فلما طال في الضر مقامه دعا ربه وتضرع إليه متوسلاً له برحمته التي وسعت كل شيء، فاستجاب له أرحم الراحمين، وأمره أن يقوم حالاً وأن يركض الأرض برجله، فقام ففعل، فأنبع الله له عيناً وأمره أن يغتسل منها، فأذهبت ما به من الأذى، ثم أمره أن يشرب منها، فأذهبت جميع ما كان في بطنه من سوء، وأثابه الله على صبره وثباته وتواضعه واستكانته، فوهب له أهله ومثلهم معهم رحمة منه سبحانه وذكرى لأهل العقول.

    وكان أيوب عليه السلام حال بلائه قد غضب على امرأته لذنب فعلته، وأقسم أن يجلدها مائة، ولما شفاه الله وقد رأى من زوجته صبراً وإخلاصاً وشفقة وإحساناً، ما أراد مكافأتها بالضرب، فأفتاه ربه الرحيم أن يأخذ شمراخاً -أي قبضة حشيش يابسة -فيه مائة قضيب ويضربها ضربة واحدة فيبر بيمينه ويخرج من حنثه، وأثنى عليه ربه بالصبر والإنابة إلى مولاه جل في علاه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088951646

    عدد مرات الحفظ

    780091983