إسلام ويب

تفسير آية - يونس [62-63]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أخبر الله سبحانه وتعالى أن أولياءه من أهل الإيمان والتقوى لا خوف عليهم في الدنيا ولا في الآخرة؛ لأن الله معهم، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من الدنيا؛ لأن ما عند الله خير وأبقى، وقد دل القرآن والسنة على ثبوت كراماتهم، وقد أخبر الصالحون عن أنفسهم وأخبر عنهم غيرهم بما جرى لهم من ذلك، وقد يفعل السحرة وأهل الشعوذة بعض الخوارق فلا يغتر بها؛ لأنها من فعل الشياطين.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار. أما بعد:

    فيقول الله عز وجل في الآيتين الثانية والثالثة والرابعة والستين من سورة يونس: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [يونس:62-64].

    في هاتين الآيتين الكريمتين: يخبر ربنا تبارك وتعالى عن أوليائه المقربين الذين والوا ربهم بالطاعة، فوالاهم بالكرامة والقرب.

    قال ابن مسعود و ابن عباس وغير واحد من السلف رضي الله عنهم:

    أولياء الله هم الذين إذ رءوا ذكر الله.

    وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أولياء الله قوم صفر الوجوه من السهر، عمش الوجوه من العبر، خمص البطون من الجوع، يبس الشفاه من الذوى.

    إن أولياء الله هم المؤمنون حق الإيمان، المتقون حق التقوى، لا كما يفهم عوام المسلمين: أن الأولياء هم المهبولون المخبولون الذين يدعونهم بالأولياء، هؤلاء المؤمنون المتقون لا خوف عليهم في الدنيا من مكروه يتوقع، وفي الآخرة لا يحزنهم الفزع الأكبر، ولا هم يحزنون في الدنيا على فوات مأمول أو ذهاب محبوب، فصدورهم منشرحة، وجوارحهم نشطة، وقلوبهم مسرورة.

    وقد روى الإمام ابن جرير من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن من عباد الله عباداً يغبطهم الأنبياء والشهداء، قيل: من هم يا رسول الله لعلنا نحبهم؟ قال: هم قوم تحابوا في الله من غير أموال ولا أنساب، وجوههم نور على منابر من نور لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس، ثم قرأ: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62] ).

    وفي القرآن الكريم ما يدل على أن أولياء الله قد يخافون، يقول سبحانه: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى [طه:67].

    وفي السنة ما يدل على أن أولياء الله يحزنون، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون )، ولكن هذا حزن وخوف وجداني لا يستقر، بل يزول بالصبر، ولا يلحقهم حزن ولا خوف دائم: وهو حزن وخوف المذلة وغلبة العدو عليهم، وزوال دينهم وسلطانهم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088959852

    عدد مرات الحفظ

    780167287