إسلام ويب

تفسير آية - الأنعام [159]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ينهانا الله عز وجل عن التفرق والاختلاف، ويأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتبرأ من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، ومن أسباب الاختلاف: التشدد والتعمق في الدين واعتقاد ما لم يرد في القرآن والسنة، والعصبيات الجاهلية، والتساهل في محاربة البدع، وترك الأمور بالمعروف والنهي عن المنكر، والخلل في منهج تلقي الدرس.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، عدد خلقه ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته.

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى المهاجرين والأنصار، أما بعد:

    ففي الآية التاسعة والخمسين بعد المائة من سورة الأنعام، يقول ربنا الرحمن: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [الأنعام:159].

    قرأ حمزة و الكسائي : إن الذين فارقوا دينهم، على أنه فعل ماض من المفارقة، وهي: الترك. والمعنى: أنهم تركوا دينهم القيم، وكفروا بالكلية.

    وقرأ الباقون: فرقوا، على أنه فعل ماض من التفريق، على معنى: أنهم فرقوا دينهم فآمنوا بالبعض وكفروا بالبعض، ومن كان هذا شأنه فقد ترك الدين القيم.

    قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ[الأنعام:159] أي: أن من أهل البدع والشبهات وأهل الضلالة من هذه الأمة، وكانوا فرقاً وجماعات متطاحنة، متقاتلة، كالخوارج والروافض وأمثالهم ممن شرعوا في الدين ما لم يأذن به الله، هؤلاء هم الذين شابهوا اليهود والنصارى، والذين حذر الله من سلوك سبيلهم، وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ [آل عمران:105]، فهؤلاء يا رسول الله صلى الله عليك وسلم أنت بريء منهم، لا صلة بينك وبينهم، ولست مسئولاً عنهم، إنما أمرهم إلى الله، وهو الذي يتولى حسابهم وجزاءهم يوم يقوم الأشهاد.

    قال ابن كثير رحمه الله: وهذه الآية كقوله تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ[الشورى:13]، وفي الحديث: ( نحن معاشر الأنبياء أولاد علات، أمهاتنا شتى وديننا واحد ).

    قال سيد قطب رحمه الله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من هؤلاء كلهم في شيء، إن دينه هو الإسلام، وشريعته هي التي في كتاب الله، ومنهجه هو منهجه المستقل المتميز، ولا يمكن أن يختلط هذا الدين بغيره من المعتقدات والتصورات، ولا أن تختلط شريعته ونظامه بغيره من المذاهب والأوضاع والنظريات، ولا يمكن أن يكون هناك وصفان اثنان لأي شريعة أو أي وضع أو أي نظام: إسلامي وشيء آخر.

    إن الإسلام إسلام فحسب، والشريعة الإسلامية شريعة إسلامية فحسب، والنظام الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي الإسلامي إسلامي فحسب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في شيء على الإطلاق من هذا كله إلى آخر الزمان.

    إن الوقفة الأولى للمسلم أمام أية عقيدة ليست هي الإسلام هي: وقفة المفارقة والرفض منذ اللحظة الأولى، وكذلك وقفته أمام أي شرع أو نظام أو وضع ليست الحاكمية فيه لله وحده، وبالتعبير الآخر: ليست الألوهية والربوبية فيه لله وحده، إنها وقفة الرفض والتبرؤ منذ اللحظة الأولى، قبل الدخول في أية محاولة للبحث عن مشابهات أو مخالفات بين شيء من هذا كله، وبين ما في الإسلام.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088960601

    عدد مرات الحفظ

    780178082