إسلام ويب

تأملات في سور القرآن - الأحزابللشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد كرم الله نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، ومن تكريمه له أنه ما ناداه في القرآن باسمه المجرد، وإنما ناداه بصفة النبوة أو الرسالة، وقد تكرر نداء الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في سورة الأحزاب خمس مرات، يأمره فيها بالتقوى وعدم طاعة الكافرين والمنافقين، كما يأمره بتخيير أزواجه بين العيش معه على شظف العيش أو أن يمتعهن ويطلقهن، وفي تلك النداءات يبين له مهمته ويحثه على أن يأمر نساءه ونساء المسلمين بالستر والعفاف.

    الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

    فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين.

    هذه السورة المباركة سورة الأحزاب مدنية باتفاق أهل التفسير، وآياتها ثلاث وسبعون آية، وعدد كلماتها ألف ومائتان وثمانون كلمة، وحروفها خمسة آلاف وسبعمائة وستة وتسعون حرفاً.

    وهذه السورة المباركة تكرر فيها النداء لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خمس مرات بلفظ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ[الأحزاب:1]، وهذا من تكريم الله لنبيه عليه الصلاة والسلام، ففي القرآن ربنا سبحانه ينادي الأنبياء بأسمائهم: يا آدم ، يا إبراهيم ، يا موسى ، يا عيسى ، لكن إذا نادى نبينا عليه الصلاة والسلام فإنه يناديه بوصف النبوة: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ[الأحزاب:1]، أو بوصف الرسالة: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ[المائدة:41] أو: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ [المزمل:1]، يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [المدثر:1]، حتى إذا خاطب نساءه رضوان الله عليهن يقول لهن: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ[الأحزاب:30]، فالله عز وجل نادى سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم خمس مرات في هذه السورة.

    النداء الأول: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً [الأحزاب:1]، وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ[الأحزاب:3]، ومعلوم أنه ليس في الدنيا أحد أتقى لله من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال عن نفسه: ( والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له )، لكن الله عز وجل يأمره بالثبات على التقوى، كما تقول لإنسان متفوق: لا تكسل! أو لإنسان مجتهد: لا تتراخى، لا تتوانى، أو لإنسان كريم: لا تبخل، فهذا تحصيل حاصل، فالله عز وجل يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالتقوى، ويأمره بألا يطيع الكافرين والمنافقين، وهو عليه الصلاة والسلام ما أطاع كافراً ولا منافقاً طرفة عين.

    ويأمره بأن يتوكل على الله، وهو عليه الصلاة والسلام قد سماه الله: المتوكل، كما في صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ( رأيت صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، عبدي ورسولي محمد، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولا يجزي السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح، ولن أميته حتى أقيم به الملة العوجاء، وأفتح به أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً )، هذا هو النداء الأول.

    ثم يأتي بعد ذلك الكلام عن اللقطاء، وهم موجودون في كل مجتمع، يوجد من لا يعرف له أب ولا أم، فمثل هذا ينهانا الله عز وجل عن تبنيه، لا نتبناه، ولا نعطيه أسماءنا، لكن نكفله ونرعاه وننسبه إلى أبيه، ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ[الأحزاب:5]، فإذا كنا لا نعلم له أباً، قال الله عز وجل: فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ[الأحزاب:5]، لابد أن نقوم نحوهم بواجب الأخوة من الكفالة والرعاية والعناية، وللأسف قد أخل المسلمون بهذا الواجب العظيم حتى كفل اللقطاء منظمات تنصيرية، تنشئ هؤلاء على عقيدة الثالوث، وهذا لا شك عار وشنار في جبين الأمة كلها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088948111

    عدد مرات الحفظ

    780060894