إسلام ويب

تنبيهات للصائمينللشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • رمضان شهر للطاعة والقرب من الله، والناس فيه أصناف: فمنهم من يجعله لتنويع المآكل والمشارب، ومنهم من يجعله شهراً للسهر واللعب والغفلة، ومنهم من يجعله شهراً للنوم والبطالة والكسل، ومنهم من يجعله شهراً للتجارة والضرب في الأسواق، وخير الناس من جمع فيه بين خيري الدنيا والآخرة.

    الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، عدد خلقه ورضى نفسه، وزنة عرشه ومداد كلماته.

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار، وصل وسلم على سيدنا محمد، وعلى المهاجرين والأنصار.

    أما بعد:

    فهذا هو الدرس الأخير في هذه الدورة المباركة، وهنا أنبه على مسألة مهمة قبل أن نراجع ما مضى ذكره من أحكام الصيام.

    فأقول: إن الناس في رمضان ليسوا سواء، بل أصناف الناس في رمضان كثيرة:

    فمن الناس من يجعل من رمضان شهراً لتنويع المطاعم والمشارب، ولذلك تجد الواحد منهم في رمضان همه المقعد المقيم أن يبقى عامة ليله أكولاً شروباً متخماً بأنواع الطيبات، ولا يقوم من مائدة إلا لينتقل إلى غيرها، وقد قيل: إذا كثرت الأنواع كثرت الأوجاع.

    وخير من ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه).

    وقبل ذلك قول ربنا جل جلاله: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ [الأعراف:31].

    الصنف الثاني: يجعلون رمضان شهراً للنوم والبطالة والكسل، والواحد منهم في ليله هائم وفي نهاره نائم، لا يبالي بأوقات الصلوات المكتوبات، ولا يتزود من شيء من الطاعات والخيرات، ولا يؤدي ما افترض الله عليه نحو خلقه، فإن كان موظفاً ضاعت حقوق الناس عنده، وإن كان مدرساً لم يقم بما يجب عليه نحو تلاميذه، وهذا كله بدعوى أنه صائم.

    الصنف الثالث: يجعلون من رمضان شهراً للسهر واللغو والغفلة، فتجد كثيرين من الآن قد أعدوا العدة لممارسة الرياضة وأنواعاً من الألعاب المختلفة في عامة الليل، أو أنهم يقيمون على المسلسلات والمسرحيات والأفلام، ولربما يتفق آخرون على السهر عند أحدهم من أجل اللعب بأنواع من اللهو التي لو قيل بأنها حلال فليس وقت اللعب بها في رمضان.

    الصنف الرابع: يجعلون من رمضان موسماً للتجارة وعرض السلع في الأسواق، ولذلك تجد الأسواق في رمضان عامرة لاغية لاهية، وكثيرون همهم أن يربحوا من تجارة الدنيا، وبعض الناس لا هم له إلا الطواف بالأسواق في أغلب الليل، وكأن رمضان شهر للتبضع دون النظر إلى أهمية الوقت.

    وخير الناس من جمع بين الدنيا والآخرة، كما قال ربنا جل جلاله: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ[القصص:77].

    وكما قيل:

    ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل

    الصنف الخامس: يجعلون من رمضان شهراً للتسول وإظهار الفاقة، فما أكثر المتسولين في رمضان، وما أقل القانعين بما رزقهم الله عز وجل.

    فلو أننا أردنا أن نقول: من الرابح في رمضان؟

    فإننا نقول: الرابح هو من عمل بطاعة الله، تقرب إلى الله عز وجل بالفرائض، ثم تقرب إلى الله بعد الفرائض بالنوافل، وقد قال الله عز وجل: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه).

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088955349

    عدد مرات الحفظ

    780133966