إسلام ويب

تفسير سورة المعارج [1]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • شرعت سورة المعارج في بيان موقف أهل مكة من دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستهزائهم به، وسؤال الكفار عن عذاب الله استهزاءً وسخرية وعناداً، ثم عرَّضت على وصف يوم القيامة وأهواله، وأحوال المجرمين في ذلك اليوم الرهيب، وذكرت بعض الصفات الموجبة لدخول النار.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد:

    فنشرع في تفسير سورة المعارج.

    حمق الكفار بسؤالهم عن العذاب وعدم استجابتهم للدلائل والبراهين

    قال تعالى: سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ[المعارج:1]، هذه من حماقات المشركين حين قالوا: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ[الأنفال:32]، والإنسان العاقل إذا رأى دلائل الحق وبراهين الهدى فإنه يتبع ما دلت عليه، مثل ما فعل السحرة رضي الله عنهم حين رأوا موسى عليه السلام ألقى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون، هنالك السحرة علموا أن ما يفعله موسى عليه السلام معجزة حقة، وليس من السحر في قبيل أو دبير، وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ [الأعراف:120-122]، ولما تهددهم فرعون بالتقتيل والتصليب والتنكيل قالوا: لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا[طه:72].

    لكن هؤلاء الكفار الحمقى، وكان من بينهم رجل يقال له النضر بن الحارث بن كلدة قالوا: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ[الأنفال:32]، وهذا مثل قوله تعالى: وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ[ص:16]، أي: عجل لنا نصيبنا من العذاب، فكانوا يستهزئون بما يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يخوفهم بأن عذاباً سينزل بهم.

    سَأَلَ سَائِلٌ[المعارج:1]، بمعنى: دعا داع، وفي قراءة نافع رحمه الله في رواية ورش : سال سائل بعذاب واقع، قال ابن جرير رحمه الله: هو واد من أودية جهنم يسيل بالعذاب، وقال بعض المفسرين: بل هو مخفف: سأل.

    وقوع العذاب على الكافرين

    بِعَذَابٍ وَاقِعٍ[المعارج:1]، أي: بعذاب حاصل نازل لا بد منه، كما قال سبحانه: أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ[النحل:1].

    ثم قال: لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ[المعارج:2]، أي: هذا العذاب الذي قدره الله عز وجل على من أشرك وكفر، من الذي يدفعه عن الكفار؟ من الذي يمنعه من أن ينزل بهم؟ ليس له مانع وليس له دافع، كما قال سبحانه:

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ[الطور:1-8]، وكما قال عز وجل: وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ[الرعد:11].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088960845

    عدد مرات الحفظ

    780183272