بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين.
ومع النداء السابع والثلاثين في الآية السابعة والثمانين من سورة المائدة قول ربنا تبارك وتعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
[المائدة:87].
سبب نزول الآية
معاني مفردات الآية
تعامل النبي مع الدنيا وملذاتها
هذه الآية المباركة تخاطبنا معشر أهل الإيمان بأن نلتزم حدود الله عز وجل ولا نتجاوز في تحليل ولا تحريم، وقدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يأكل اللحم، ويحب الحلوى، ويعجبه من الشراب البارد الحلو، ويلبس الثياب الحسنة الجميلة، وفي الوقت نفسه صلوات ربي وسلامه عليه كان مالكاً لزمام نفسه، يصوم لله عز وجل الأيام الكثيرة حتى ربما يواصل أسبوعاً كاملاً لا يفطر عليه الصلاة والسلام، ولما أراد بعض الصحابة أن يحاكوه، قال :( إني لست كأحدكم؛ إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني ).
والرسول عليه الصلاة والسلام كان يلبس الكتان، ويلبس الصوف، ويلبس القطن، ولبس الحلة اليمانية، وقباطي مصر، والإزار والرداء، والعمامة البيضاء والسوداء والخضراء، ولبس المغفر، ولبس القلنسوة من غير عمامة.. إلى غير ذلك.
وكان يعجبه من الشاة ذراعها. والفضل والبر والخير في هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن هنا أيها الإخوة الكرام! المسالك التي ظهرت في بعض مراحل دعوة الإسلام كما هو الحال من هؤلاء الصحابة، أو جاء بعدهم قوم سلكوا طريقاً في الزهد غير مشروع، فحرموا على أنفسهم ما أحل الله لهم.
قال الإمام الطبري رحمه الله: فإن ظن ظان أن الخير في غير الذي قلناه، لما في لباس الخشن، وأكله من المشقة على النفس، وصرف ما فضل بينهما من القيمة إلى أهل الحاجة فقد ظن خطأً؛ وذلك أن الأولى بالإنسان صلاح نفسه وعونه لها على طاعة ربها، ولا شيء أضر للجسم من المطاعم الرديئة؛ لأنها مفسدة للعقل ومضعفة لأدوات الجسم التي جعلها الله سبباً إلى طاعته.
صور من تعامل بعض الصحابة مع ملذات الدنيا
عدم تعلق الذم بالأكل من الطيبات
والمستفاد من الآية:
الفائدة الأولى: التحريم والتحليل لله، فليس لأحد أن يحرم ولا أن يحلل، بل لا بد أن تستند على أثارة من علم من نص واضح أو قياس جلي.
الفائدة الثانية: من حرم على نفسه شيئاً من الطعام أو الشراب، أو شيئاً مما أحل الله فلا شيء عليه ولا كفارة عليه، وكلامه لغو لا يلزمه شيء.
الفائدة الثالثة: ما كان عليه الصحابة من الورع والزهد والتقى والهدى، والحرص على طاعة الله عز وجل، والآية ظاهرة في أن أكل اللذائذ لا ينافي التقوى، فقد أكل صلى الله عليه وسلم ثريد اللحم، وكان يحب الطعام الزاكي، وقد فصلت الأخبار فيما كان يأكله صلوات ربي وسلامه عليه.
الفائدة الرابعة: في الآية دليل على ذم الترهب وترك النكاح، يعني: إنسان لم يتزوج ويقول: أنا اعتزلت النساء، أو أنا ما أريد أن أشتغل بالنساء عن عبادة ربي، نقول: فعلك هذا مذموم، وقد رده نبينا عليه الصلاة والسلام.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.