القرآن الكريم فيه أنواع مختلفة من الأحكام والأخبار والقصص، فمن أخباره ما حكاه الله عز وجل عن موقف المشركين من التوحيد ودعوة الله عز وجل لهم إلى التفكر في خلقه، ومنها ما حكاه عن جرائم اليهود بأكلهم أموال الناس بالباطل وكتمانهم صفة محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أحكامه أنه كتب القصاص بين المسلمين في قتل العمد، وبين أنه لا يقتل إلا القاتل، ومنها بيان حل الأكل والشرب والجماع في ليالي رمضان، وبيان حرمة أكل الأموال بالباطل والإدلاء بها إلى الحكام لأخذها بطريق محرم.
الآية الثامنة والسبعون بعد المائة: قوله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى
[البقرة:178].
نزلت هذه الآية في حيين من العرب اقتتلا في الجاهلية، وكان أحد الحيين قد قهر الآخر وظهر عليه، فلما جاء الله بالإسلام وأسلموا قال ذلك الحي المنتصر: والله لا نقتل بالأنثى منا إلا الذكر منهم، ولا نقتل بالعبد منا إلا الحر منهم، فأنزل الله عز وجل هذه الآية يبين فيها أن المفترض قتل القاتل وحده، وأن لا يتعدى القتل إلى غيره، فيقتل الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى للأنثى.
وليس المقصود من الآية أن الأنثى لا يقتل بها الذكر، فقد أجمع أهل العلم على أن الرجل لو قتل امرأة فإنه يقتل بها.
إذاً: الآية ليست على ظاهرها الذي يفهم، وإنما يفهم معناها بمعرفة سبب نزولها، وهو أنه لا يقتل إلا القاتل.