اليهود هم من كذب رسل الله وجحدوا آياته، وآذوا أنبياء الله وأولياءه، وفي القرآن الكريم عدد كثير من الآيات التي تذكر أوصافهم وتبين لؤم طباعهم وخسة نفوسهم، فهم الذين حرفوا صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة من جملة ما حرفوه، وهم المفترون على الله تعالى بأنه لن يذيقهم النار إلا أياماً معدودةً، وهم الجاحدون لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن كانوا يستفتحون به على مشركي العرب، وهم الذين أعلنوا عداوتهم لأمين الوحي جبريل عليه السلام ولي الأنبياء، فأي خير يرتجى ممن هذه أفعالهم وهذه طبائعهم؟!
سبب نزول قوله تعالى: ( وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ... )
سبب نزول هذه الآية أن اليهود حاربت غطفان، فقهرتهم غطفان، فقالت اليهود في تلك المعركة: اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم. وكانوا كذلك يستفتحون على الأوس والخزرج، يقولون لهم: إن نبياً قد أظل زمانه نتبعه ونقتلكم معه قتل عاد وإرم. ولما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الأنصار بعضهم لبعض: إنه النبي الذي تتوعدكم به يهود، فأسلم الأوس والخزرج وكفر اليهود، وقد قال معاذ بن جبل و بشر بن البراء : يا معشر يهود! اتقوا الله وأسلموا، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك، وتخبروننا أنه مبعوث، وتصفونه لنا بصفته! فقال لهم سلام بن مشكم أحد أحبار اليهود: ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكر لكم.
وهكذا اليهود يلعبون بدين الله عز وجل.
سبب نزول قوله تعالى: ( قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله .... )
أخرج ابن جرير عن أبي العالية قال: قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً، فأنزل الله هذه الآية، أي إن كنتم صادقين في أن الجنة خالصة لكم ومحرمة على غيركم فتمنوا الموت.
والآن لو أن الواحد منا يضمن أنه إن مات فسيدخل الجنة فهل ستبقى له إرادة في الدنيا؟! لا؛ لأنه لا يوجد ضمان، ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنين أحدكم الموت)؛ لأنك لا تعرف، ولذلك تجد بعض الجهال إذا ضاقت به الدنيا يقول: يا رب! أرحني بالموت! وما أدراك أنه سيريحك؟ ربما إذا مت يكون ذلك بداية العذاب والنكال، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما خير بين الخلد في الدنيا وبين لقاء الله اختار لقاء الله عليه الصلاة والسلام.
سبب نزول هذه الآية ما رواه الإمام أحمد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه (أن بعض أحبار اليهود جاءوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقالوا له: يا محمد! نسألك عن أربع خصال فإن أجبتنا فأنت نبي)، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد جرب فيما مضى أن أجابهم ثم جحدوا، (فقال لهم: أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى إن أنا أجبتكم لتؤمنن بي ولتتابعنني على ديني؟! فأعطوه عهد الله وميثاقه، فقال: سلوا عما بدا لكم، فقالوا له: ما كان الطعام الذي حرمه إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة؟ وأخبرنا عن ماء الرجل وماء المرأة، فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق، فقال لهم: أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن نبي الله يعقوب عليه السلام كان أحب الطعام إليه لحم الإبل، وأحب الشراب إليه ألبانها، فمرض فنذر لئن عافاه الله ليحرمن أحب الطعام والشراب إليه على نفسه؟! قالوا: بلى. قال: أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر؟! قالوا: بلى.
قال: أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أنه إذا سبق ماء الرجل أذكر بإذن الله، وإذا سبق ماء المرأة آنث بإذن الله؟ قالوا: بلى.