إسلام ويب

تفسير سورة الأنعام - الآيات [70-76]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأوامر الربانية للنبي الكريم عليه الصلاة والسلام الأمر بالإعراض عن المتخذين دينهم هزواً ولعباً، ومنها الأمر بالإسلام لمن له الملك يوم ينفخ في الصور. وأما الحكمة من ذكر قصة إبراهيم مع أبيه آزر فهو ما نص عليه القرآن بقوله: (وليكون من الموقنين)

    الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه.

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار.

    سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحبه وترضاه، أما بعد:

    ففي الآيات التي مضى شرحها بين ربنا جل جلاله أدلة ربوبيته وألوهيته، وأنه المستحق للعبادة وحده، فهو سبحانه يعلم الغيب، ولا يعلم الغيب أحد سواه؛ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [الأنعام:59]، علمه مطلق جل جلاله، هو عليم بكل معلوم، سواء كان في البر أو في البحر, في السهل أو في الجبل, في الدنيا أو في الآخرة, في الليل أو في النهار.

    وبين ربنا جل جلاله من أدلة ربوبيته أنه يتوفى الناس بالليل ثم يبعثهم في النهار، وهو سبحانه عالم بما يجترحون، وبما يكتسبون؛ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الأنعام:60].

    ومن أدلة ربوبيته جل جلاله أنه وكل بنا ملائكة يحفظوننا ويكلئوننا، حتى إذا جاءت الساعة التي عينها ربنا جل جلاله فإنه يبعث إلينا ملائكة آخرين يقبضون أرواحنا؛ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ [الأنعام:61]، ثم بعد ذلك الجزاء والحساب عند الله عز وجل؛ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمْ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ [الأنعام:62].

    ومن أدلته ربوبيته جل جلاله أنه ينجينا من الكربات والشدائد؛ قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ [الأنعام:63-64].

    ومن أدلة ربوبيته سبحانه وتعالى أنه يعذب من شاء بما شاء؛ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ[الأنعام:65]، بحجارة يرسلها عليكم أو صاعقة يبعثها من فوقكم أو ريحاً يسلطها عليكم، عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ [الأنعام:65]، بالخسف أو بالغرق، كما فعل الله عز وجل بأقوام كذبوا رسلهم؛ فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [العنكبوت:40].

    وفسرت الآية بأن العذاب الفوقي حكام السوء، والعذاب التحتي خدم السوء.

    أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا [الأنعام:65], يجعلكم أحزاباً وطوائف, جماعات وفرقاً، مختلفين متناحرين.

    وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ * وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ [الأنعام:65-66], كذبوا بهذا القرآن، وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ * لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [الأنعام:66-67].

    ثم نهى ربنا جل جلاله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يجالس المشركين المستهزئين، الذين يخوضون في آيات الله بغير علم, قال ربنا سبحانه: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ [الأنعام:68], وهذه الآية نظير قول ربنا في النساء: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا [النساء:140]، وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام:68-69], المؤمنون المتقون الله عز وجل لا يحاسبهم بما فعل الكافرون الظالمون، وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [الأنعام:69].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088965259

    عدد مرات الحفظ

    780200717