إسلام ويب

تفسير سورة الأنعام - الآيات [115-118]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • القرآن الكريم أحسن الحديث، ولذا كانت أخباره متصفة بالصدق لا يعتريها ظلم ولا جور، فمن أخباره العادلة الإخبار بأن أكثر الناس على ضلال، كما أن من أحكامه العادلة تحريم الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين, حمدًا كثيراً طيباً مباركاً فيه, وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، الرحمة المهداة والنعمة المسداة والسراج المنير, وعلى آله وصحبه أجمعين.

    سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [الأنعام:59].

    وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وصفيه وخليله, اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين, وآل كل وصحبه أجمعين, وأسأل الله أن يحسن ختامي وختامكم وختام المسلمين, وأن يحشر الجميع تحت لواء سيد المرسلين.

    اللهم علمنا علمًا نافعًا, وارزقنا عملاً صالحاً, ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى, أما بعد:

    أيها الفضلاء! فقد توقف بنا الكلام في الدرس الذي مضى عند قول ربنا جل جلاله: أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ [الأنعام:114], وعلمنا أن هذه الحجة الناصعة لقنها رب العالمين جل جلاله محمداً صلى الله عليه وسلم, حين عرض عليه المشركون أن يذهبوا معه إلى بعض كهنتهم أو إلى بعض علماء اليهود والنصارى ليسألوهم: أمحمد صلى الله عليه وسلم صادق أم كاذب؟ فأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام أن يقول لهؤلاء القوم: أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمًا [الأنعام:114], أأطلب حكماً غير الله عز وجل؟! والحال أنه سبحانه: أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا [الأنعام:114], قد فصل فيه الأحكام والأخبار والقصص والأمثال والأمر والنهي والوعد والوعيد.

    ثم قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ [الأنعام:114].

    هؤلاء الذين يريد المشركون أن يأتوهم ليسألوهم عنك يعلمون علم اليقين أن هذا القرآن: مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ , كما قال سبحانه: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ [البقرة:146].

    ثم ختمت الآية بقول ربنا: فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ [الأنعام:114], وعلمنا أن هذا الخطاب موجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, والمراد به أمته كما في قوله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65], وكما في قول الله عز وجل: فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ [القصص:86], ونحو ذلك من الآيات, فمعاذ الله أن يمتري رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومعاذ الله أن يكون صلوات ربي وسلامه عليه ظهيراً للكافرين, ومثلها قول ربنا جل جلاله: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا [الإنسان:24], وهو عليه الصلاة والسلام معصوم من أن يطيع آثماً أو كفوراً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088953956

    عدد مرات الحفظ

    780117756