إسلام ويب

أسماء الله الحسنى - البارئللشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الله تعالى هو الخالق البارئ، فهو الذي خلق الخلق وبرأهم من أصلهم التراب، وهو الذي أنشأهم وصورهم على غير مثال سابق، وسبحانه لا تفاوت في خلقه، ولا نقص فيه ولا خلل ولا عيب.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين, حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه, وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد الرحمة المهداة, والنعمة المسداة, والسراج المنير, وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

    فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين.

    الاسم السابع عشر من أسماء ربنا جل جلاله: البارئ. وهذا الاسم المبارك قد تكرر في القرآن ثلاث مرات:

    في خواتيم سورة الحشر، قال تعالى: هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ المُصَوِّرُ[الحشر:24].

    وفي سورة البقرة في موضع واحد مرتين، قال تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ[البقرة:54].

    ومناسبة ذكر هذا الاسم دون غيره في هذا الموضع: أن بني إسرائيل قد أنجاهم الله عز وجل من عدوهم, وواعدهم جانب الطور الأيمن, ونزل عليهم المن والسلوى بعدما كانوا مستضعفين في الأرض قد تسلط عليهم فرعون يسومهم سوء العذاب, فجعلهم الله عز وجل سادة ممكنين, لكنهم لم يقابلوا نعمة الله بالشكر؛ ولذلك لما ذهب موسى لميقات ربه صنع لهم دجال يقال له: السامري عجلاً من ذهب، وقال لهم: هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ[طه:88]. أي: نسي إلهه وذهب يبحث عنه.

    وتبعه أكثر بني إسرائيل في عبادة هذا العجل فأخذوا يطوفون حوله، ويتمسحون به, ويدعونه ويرجونه.

    قال تعالى: َوَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ[الأعراف:150], ثم بعد ذلك جاءت التوبة من السماء.

    وكانت التوبة: أن يجلس كل من عبدوا العجل جلسة الاحتباء, ثم يقوم عليهم الذين لم يعبدوا العجل بالسيوف، وهم الذين ثبتوا على دينهم وصبروا على إيمانهم، وقال لهم نبي الله موسى عليه السلام: لعن الله من رفع يده, أي ليتقي بها السيف, لعن الله من حل حبوته.

    وبدأ هؤلاء المؤمنون الذين لم يعبدوا العجل يقتلون هؤلاء العابدين للعجل، كما قال تعالى: فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ[البقرة:54], أي: إخوانكم, أي: اقتلوا إخوانكم الذين عبدوا العجل؛ كما قال الله عز وجل: وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ[الحجرات:11], أي: إخوانكم. وكما قال: فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ[النور:61], أي: إخوانكم, فهاهنا قال لهم نبي الله موسى : فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ[البقرة:54], ثم بعد ذلك تضرع موسى إلى الله عز وجل بالدعاء، فرفع الله عنهم تلك الظلة التي أظلتهم في حالة القتل, وجعلها لمن قتل شهادة ولمن بقي توبة.

    وقد ذكر موسى عليه السلام هذا الاسم المبارك: البارئ؛ من أجل أن يذكر بني إسرائيل بأن الذي برأكم أي الذي خلقكم جل جلاله هو المستحق للعبادة وحده.

    وهذا العجل الذي عبدتموه هل يخلق؟ وهل يرزق؟ أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلا يَمْلِكُ لَهمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا[طه:89]، وهذا كما قال إبراهيم عليه السلام لقومه: قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ[الأنبياء:66-67].

    هذا الاسم المبارك مذكور أيضاً بصيغة الفعل في سورة الحديد في قول ربنا جل جلاله: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ[الحديد:22].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088956118

    عدد مرات الحفظ

    780140276