إسلام ويب

فضل الصيامللشيخ : عبد الله الجلالي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • جعل الله عز وجل الصيام ركناً من أركان دينه، ورتب عليه الثمرات الجليلة، والحكم العظيمة، فمنها ما عرفناه، ومنها ما غيّب عنا، فهو يعوّد الإنسان على الصبر، ويكسبه التقوى، وهو طريق من الطرق الموصلة إلى الجنة، وللصيام فوائد جليلة ينبغي على المسلم أن يحسّن صيامه، وأن يخلصه مما يكدر صفوه؛ حتى ينال تلك الفوائد والثمرات.

    1.   

    الصيام والصبر

    الحمد لله، الحمد لله الذي جعل شهر رمضان شاهداً لنا أو علينا، لما نقدمه فيه من عمل صالح أو غيره، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.

    اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن آله ومن دعا بدعوته، وعمل بسنته، ونصح لأمته، وسلم تسليماً كثيراً.

    أما بعد:

    أيها الإخوة في الله! اتقوا الله تعالى، يقول سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:183-185].

    معشر المسلمين! إن الأمم الحية الواعية منذ القدم وهي تختبر قوتها وإمكانياتها، تختبر قوتها أمام شهواتها ونفوسها، قبل أن تخوض معترك الحياة.

    وإذا كانت الأمم القديمة قبل الإسلام تفرض الصيام على جيوشها، بل وعلى شعوبها لتعودهم الصبر، فإن الإسلام جاء بالصيام ليكون عبادة، وليكون امتحاناً واختباراً للنفس البشرية، وحينئذٍ فلا يصح لهذا الإنسان أن يخوض معترك الحياة قبل أن يختبر نفسه بنفسه، وقبل أن يمنعها من شهواتها، وحينئذ يخرج بدليل واضح إذا كان قد تغلب على نفسه، وعلى شهواته، فإنه رجل الحياة الذي يستطيع أن يتغلب على مشاكلها، ويخوض غمارها، ولكنه حينما يغلب أمام شهواته وحينما ينهزم أمام نفسه فإنه عاجز عن أن يخوض هذه الحياة، ويتغلب على صعابها، من أجل ذلك شرع الله عز وجل الصيام، وجعله ركناً من أركان الإسلام.

    1.   

    الحكمة من الصيام

    إن التقوى مطلب عظيم لابد أن يتحلى به المسلم طول حياته، والصيام يعود الناس على التقوى والطاعة لله عز وجل، ولذلك يقول سبحانه: كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183].

    ثم أيضاً لابد لهذا الإنسان أن يكون أميناً على شهواته؛ ليكون بعد ذلك أميناً على قيادة الحياة كلها، وعلى عمارتها، ولكنه حينما يكون خائناً لربه، خائناً لنفسه، حينما يخلو بشهوته في وقت لا يطلع عليه إلا الله عز وجل، حينما يخون هذه الأمانة، فإنه خائن للحياة كلها، ولا يصلح أن يتولى أمراً من أمورها صغيراً كان أو كبيراً، لذلك كان من أكبر أهداف الصوم: تعليم الإنسان الأمانة على الحق، فحينما يخلو بشهوته، وحينما ينفرد في قعر بيته، قد أسدل الأستار بينه وبين الناس في لحظة لا يطلع عليه فيها إلا الله عز وجل، ثم يدع هذه الشهوة من أجل الله عز وجل وحده، فإنه حينئذ هو الرجل الأمين الذي يصلح للحياة، ولذلك جاء في الحديث القدسي فيما رواه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه قال: (كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، إلا الصوم؛ فإنه لي وأنا أجزي به؛ يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)، يقول عليه الصلاة والسلام: (فاستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتان ترضون بهما ربكم، وخصلتان لا غنى لكم عنهما، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله وحده، وتستغفرونه، وأما اللتان لا غنى لكم عنهما: فتسألونه الجنة، وتعوذون به من النار).

    ويقول عليه الصلاة والسلام: (إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة، فلا يغلق منها باب، وغلقت أبواب النار، فلا يفتح منها باب، وصفدت مردة الشياطين).

    ويقول عليه الصلاة والسلام: (إن في الجنة باباً يقال له الريان، لا يدخل منه إلا الصائمون، فإذا دخلوا منه أغلق فلا يدخل منه أحد غيرهم) .

    معشر المسلمين! هذه هي حقيقة الصيام، وهذا هو الصوم الحق، فليس الهدف منه إيلام النفوس وإيذاءها، إنما الهدف ترويضها وتربيتها على طاعة الله عز وجل, فليس من الصدف أن يفرض الصيام في السنة الثانية من الهجرة، وتكون أول معركة للجهاد في سبيل الله يرتفع فيها علم الإسلام في السنة الثانية من الهجرة؛ إذ لم تمض إلا أيام قلائل تعد بالأصابع بعدما فرض الصيام إلا وكانت معركة بدر الكبرى؛ حيث تغلب الناس على شهواتهم، وأصبحوا أقدر على عدوهم من عدوهم عليهم.

    1.   

    أصناف الناس في رمضان

    معشر المسلمين! أما الناس في أيامنا الحاضرة فإنهم يختلفون في إدراك حقيقة رمضان والصيام، وينقسمون إلى صنوف شتى: فمنهم من لم يرفع برمضان رأساً، ولم يقم له وزناً، فهو مكب على لهوه وشهواته ومعصيته، مفطر في رمضان حسبما تحيط به من ظروف، سواء أعلن فطره أم أخفاه عن أعين الناس، وهؤلاء لا يفسرون رمضان إلا إيذاءً للنفس وحرماناً لها من شهواتها، فأولئك هم الذين عناهم الله عز وجل بقوله: فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ [الزخرف:83]، وقوله: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الحجر:3]، ولذلك يقول عليه الصلاة والسلام: (من أفطر يوماً من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يكفره صيام الدهر كله وإن صامه).

    وهناك نوع آخر مكب على المعصية، يركب المحرمات، ويترك الواجبات، ولا يبالي بذلك أبداً، حتى إذا قرب موعد شهر رمضان سلك مسلك الصالحين، فلا توبة ولا إنابة، ولكنها عادة ألفها، فعرف حينئذ الطريق الموصلة إلى المسجد، ولربما صام رمضان، وترك كثيراً من المحرمات، حتى إذا ودع شهر رمضان ودع العبادة كلها، وإن أخوف ما أخاف أن يكون هذا النوع الذي بدأت تغص به المساجد اليوم من هذا الصنف، وأعيذكم بالله من شر ذلك!

    فهؤلاء لم يزيدهم رمضان من الله إلا بعداً، إلا إذا استقبلوه بتوبة نصوح، وعاهدوا الله على العمل المتواصل، وهؤلاء يشبهون الذين قال الله فيهم: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ * أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ [البقرة:17-19].

    فهؤلاء يرون الحق فترة من الزمن، ثم يخفضون أعينهم عن الحق، فيزيد ظلامهم ظلاماً.

    وهناك نوع ثالث ركب المحرمات، وترك كثيراً من الواجبات، فاشتد شوقاً إلى موسم تزداد فيه التوبة، وتضاعف فيه الحسنات؛ لعله يستعتب بين يدي الله عز وجل، حتى إذا أقبل عليه شهر رمضان أبرم عقداً وثيقاً بينه وبين ربه سبحانه وتعالى، وعض أصابع الندم وقرع سناً على ما سلف من أمره، ثم يسلك مسلك الصالحين، ويسير مسيرتهم؛ حتى يلقى الله عز وجل.

    وهؤلاء هم الذين يقول الله لهم: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ [الزمر:53-56].

    وهناك نوع رابع قد أبرم العهد مع الله، وصار ذا عبادة، فهو على العهد والميثاق، لم يتخلف لحظة من لحظات الزمن عن طاعة ربه، ولم يفعل شيئاً من المحرمات، حتى إذا أهل عليه هلال شهر رمضان طارت نفسه شوقاً إلى منزل من مواطن العبادة تضاعف فيه الحسنة، وتحط فيه السيئة، فهو لا يترك العبادة، ولا يفعل شيئاً من الحرام طول عمره، فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا [فصلت:30] يعني: في ساعة الموت، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت:30]، وقال عز وجل فيهم: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ [يونس:62-64].

    1.   

    رمضان فرصة للتوبة والإنابة

    1.   

    استغلال شهر رمضان في الطاعة والعبادة

    أيها الإخوة المؤمنون! إن المحروم هو الذي تمر به مثل هذه الفرص الثمينة ثم يفوتها، وتنصرف أيام رمضان دون أن يستعتب أو يتوب أو يرجع، فما يدريك يا أخي! لعل هذا الشهر آخر فرصة من فرص حياتك، وربما لا تدرك رمضان آخر! أما علمت أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمة يقلبها كيف يشاء؟

    أما علمت أن الجنة أقرب إلى أحدنا من شراك نعله، وأن النار مثل ذلك؟

    فاتقوا الله يا معشر المسلمين! وأكرموا هذا الشهر بالعبادة، وأقيموا أيامه بالصيام، وأقيموا لياليه بالعبادة والتهجد، وعليكم بصلاة التراويح؛ فإنها سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وعليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين قبلنا، واعلموا أن الله ينزل حينما يبقى ثلث الليل الآخر إلى سماء الدنيا فيقول: (من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ وذلك كل ليلة) .

    قال عز وجل: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:185].

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    حقيقة الصيام

    الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون.

    أما بعد:

    أيها الإخوة المؤمنون! اتقوا الله تعالى، واعلموا أن للصيام حقيقة وصورة، أما الصورة فتلك الأفعال التي يفعلها الناس؛ حيث يدعون الطعام والشراب والشهوة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وأما حقيقته: فهي ترك الحرام كله؛ ابتغاء مرضاة الله، وخوفاً من ساعة الوقوف بين يديه.

    أيها الإخوان! إن أهون الصيام ترك الطعام والشراب، وإن أشده ترك المحرمات، فالتزموا بالصيام على الوجه المطلوب، وافهموا معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).

    وحينئذٍ فإن على الصائم أن يحفظ جميع جوارحه من الحرام، فيحفظ البصر؛ فلا ينظر إلى ما حرم الله عليه، ويحفظ اللسان؛ فلا ينطق إلا بما أباح الله له، ويسخر هذا اللسان في تلاوة كتاب الله؛ ففي هذا الشأن أنزل ليكون هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.

    أما سلفنا الصالح رحمة الله عليهم فكانوا يتركون كل شيء حينما يدخل رمضان، ويقبلون على تلاوة كتاب الله حفظاً وتفهماً وتدبراً، ويتركون مجالس الفقه والعلم.

    أما نحن فإننا نطالب المسلمين اليوم أن يهجروا المحرمات، وإذا كان الإعلام الذي قد انخرط في بلادنا لم يتورع عن الحرام حتى في ليالي رمضان، فإني أحذركم معشر المسلمين! أن تتابعوا هذه البرامج فتفسدوا عباداتكم، وتمسحوا حسناتكم، وإذا لم تدعوا هذه المعصية طول العمر وأنتم مطالبون بذلك، فإنكم مطالبون بأن تتركوها ولو في هذه الأيام الفاضلة التي تضاعف فيها السيئة كما تضاعف فيها الحسنة.

    معشر المسلمين! أدوا زكاة أموالكم، وجودوا بالنفقة، واحذروا الإسراف في الأكل والشرب، وأحسنوا إلى الفقراء، فلقد كان من مقاصد رمضان أن يذيقكم طعم الجوع؛ لتعرفوا قدر نعمة الله عليكم طول العمر، ثم تحسنوا إلى الفقراء.

    هذا وإن أصدق الحديث كتاب الله، وإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة في دين الله بدعة.

    قال الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].

    اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارض عن آله وأزواجه، وأصحابه وأتباعه، اللهم ارض عنا معهم، وارزقنا حبهم، واجمعنا بهم في مستقر رحمتك، اللهم لا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم.

    اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وبصفاتك العليا أن تجمع شمل المسلمين على طاعتك، وأن تؤلف بين قلوبهم، وتصلح ذات بينهم، وأن تجعل قيادتهم وأمرهم في عبادك الصالحين.

    اللهم أيد المسلمين المجاهدين بنصر منك، اللهم لا تكلهم إلى أنفسهم ولا إلينا ولا إلى أحد من خلقك طرفة عين.

    اللهم زلزل الأرض من تحت أقدام أعدائهم؛ إنك على كل شيء قدير.

    اللهم انصر المسلمين في أفغانستان على الشيوعية، وأيد المجاهدين في سوريا على حزب البعث، وأيد المسلمين في الأرض كلها على اليهود والنصارى والمتمردين.

    ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين، ونجنا برحمتك من القوم الكافرين، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10].

    عباد الله! إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90].

    والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718712

    عدد مرات الحفظ

    765795962