الجواب: يعجبني مثل هذا السؤال، أعني السؤال عن معنى آيات الله عز وجل، وذلك لأن القرآن الكريم لم ينزل لمجرد التعبد بتلاوته، بل نزل للتعبد بتلاوته، وللتدبر في آياته، وتفهم معانيه، وللعمل به، واسمع إلى قول الله عز وجل: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29]، فيعجبني ويسرني أن يعتني المسلمون بكتاب الله عز وجل حفظاً وفهماً وعملاً، ونشكر الأخ السائل على هذا وأمثاله، فنقول في جوابه: قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ [المائدة:101]، هذه الآية نزلت مخاطباً الله بها من كانوا في عهد النبوة، الذي هو عهد التحليل والتحريم، والإيجاب والحل، فإنه ربما يسأل الإنسان في عهد النبوة عن شيء لم يحرم فيحرم من أجل مسألته، أو عن شيء ليس بواجب فيوجب من أجل مسألته، فلهذا قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ [المائدة:101-102]، ولهذا قال النبي صلى الله علية وعلى آله وسلم: ( إنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم )، أما بعد وفاة النبي فليسأل الإنسان عن كل ما أشكل عليه، بشرط ألا يكون هذا من التعمق في دين الله عز وجل، فإن كان من التعمق والتنطع فإنه منهي عنه؛ لأن التعمق والتنطع لا يزيد الإنسان إلا فتنة، فلو أراد الإنسان أن يسأل عن تفاصيل ما جاء عن اليوم الآخر من الحساب والعقاب وغير ذلك، وقال: كيف يحاسب الإنسان؟ هل هو قائم أو قاعد؟ وما أشبه ذلك من الأسئلة التي ليست محمودة فهنا لا يسأل، أما شيء مفيد ويريد أن يستفيد منه، فليسأل عنه، ولا ينهى عن السؤال.
الجواب: العين والحسد ليس بينهما فرقٌ مؤثر، ولكن لأن أصل العين من الحسد، وهو أن العائن -والعياذ بالله- يكون في قلبه حسدٌ لعباد الله، لا يحب الخير لأحد، فإذا رأى من الإنسان ما يعجبه وهو حاسد ولا يحب الخير لأحد، انطلق من نفسه هذا الزخم الخبيث فأصاب المحسود، ولهذا قال الله عز وجل: وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [الفلق:5].
أما التوقي من شرور الحاسد والعائن فإنه أولاً: بالتوكل على الله عز وجل، وأن لا يلتفت الإنسان لهذه الأمور، ولا يقدرها وليعرض عنها.
ثانياً: باستعمال الأوراد النافعة التي جاء بها الكتاب والسنة، فإنها خير حامٍ للإنسان، مثل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في آية الكرسي: ( أن من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطانٌ حتى يصبح ).
وإنني بهذه المناسبة أقول: كثر في هذه الآونة الأخيرة أوهام الناس وتخيلاتهم بأن ما يصيبهم فهو عينٌ أو سحرٌ أو جنٌ، حتى لو يصاب بعضهم بالزكام قال: إنه عين أو سحر أو جن، وهذا غلط، أعرض أيها الأخ المسلم عن هذا كله، وتوكل على الله، واعتمد عليه، ولا توسوس به حتى يزول عنك، لأن الإنسان متى جعل على باله شيئاً شغل به، وإذا تغافل عنه وتركه لم يصب بأذى، انظر إلى الجرح يصيب الإنسان، إذا تشاغل عنه بأموره نسيه ولم يحس بالألم، وإن ركز عليه أحس بالألم.
وأضرب مثلاً لذلك بالحمالين، تجد الحمالين يحملون العفش والصناديق، تقع على أرجلهم فتجرحها، وما دام يحمل ومشتغلاً في عمله لا يحس بالألم، فإذا انتهى وتفرغ أحس بالألم، وهذه قاعدة خذها في كل شيء، في كل مرض عضوي أو نفسي أعرض عنه، وتغافل عنه فإنه يزول عنك بإذن الله، ومن ذلك ما يصيب بعض الناس من الوساوس في الطهارة، تجده يشك هل أحدث أم لم يحدث؟ وقد قطع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذه الوساوس بقوله فيمن أشكل عليه هل خرج منه شيء أم لا: ( لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً ).
الجواب: العلاج منها أن يبرك على كل من رأى منه ما يعجبه، فيقول: بارك الله عليك أو تبارك الله أو ما أشبه ذلك، هذا بالنسبة لما ينطق به، أما بالنسبة لقلبه فيجب عليه أن يعترف بأن كل نعمةٍ فمن الله عز وجل، هو الذي من بها على من شاء من عباده، فليسأل الله هذه النعمة، وليعرض عن عباد الله.
الجواب: إذا كان هذا الطفل مميزاً فإن الذهاب به إلى المسجد أمرٌ مطلوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( مروا صبيانكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر )، أما إذا كان لم يميز فالأحسن أن لا تذهب به؛ لأنه لا يخلو من عبث، وربما يبول في المسجد، وربما يخرج منه الريح فتؤذي المصلين، وإذا ذهبت به وهو مميز فاجعله عندك -أي: إلى جنبك- حتى لا يلعب في المسجد، وفي هذه الحال ليس لأحدٍ حق في أن يؤخر الصبي عن مكانه في الصف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به )، ولأن في طرد الصغار عن الصف الأول تنفيراً لهم عن المسجد، وتكريهاً لهذا الرجل الذي طردهم، وإزعاجاً للموجودين في المسجد، وسبباً في العبث، لأن الصغار إذا حشروا جميعاً كثر منهم اللعب والعبث، وليس هناك دليل يدل على أن الصغار يطردون من الصف الأول، وأما قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ليليني منكم أولو الأحلام والنهى )، فالأمر فيه موجه إلى أهل العقول أن يتقدموا حتى يكونوا هم الذين يلون النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فيفهموا منه أكثر، ويأخذوا عنه أكثر، ولفظ الحديث: ( ليليني منكم أولو الأحلام والنهى )، وليس فيه: لا يلني إلا أولو الأحلام، لو كان لفظ الحديث: لا يلني إلا أولو الأحلام لقلنا: نعم، اطرد الصغار من الصف الأول، لكن الحديث فيه أمرٌ لأولي الأحلام والنهى أن يتقدموا، وأن يكونوا ممن يلي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والفرق بين اللفظين واضح.
الجواب: لا أعرف هذا الحديث، أما معنى الحديث فإن الإنسان يستعيذ بالله عز وجل أن يشرك بالله وهو يعلم، ويستغفر الله لما لا يعلم أنه شرك، لأن الإنسان قد يقع في الشرك وهو لا يدري، فيستغفر الله تعالى من شرك لم يعلم به.
الجواب: الخمار موجود على الرأس، ولا مانع من أن يكون على الرأس غطاءان؛ أحدهما الخمار والثاني العباءة، وهذا هو الذي جرت به العادة عند النساء في هذا البلد في قديم الزمان، خمار وفوقه العباءة.
الجواب: الظاهر أن المكياج ليس له طبقةٌ تمنع وصول الماء، فليس هناك فرق بين أن تضعه المرأة قبل الوضوء أو بعده، ولكن يبقى النظر في استعمال المكياج، هل هو جائز أو غير جائز؟
نقول: إن كان خديعة وغشاً، مثل أن تتمكيج المرأة عند رؤية خطيبها لها فهذا لا يجوز، لأنه غش وخديعة من وجه، ولأنه ليس للمخطوبة التي يريد خاطبها أن ينظر إليها أن تتجمل، لأنها لازالت أجنبيةً من الرجل، وأما إذا لم يكن غشاً ولا خداعاً فليسأل الأطباء، هل هذا ضارٌ في المستقبل أو لا؟ لأننا سمعنا أن المكياج الذي يعطي البشرة جمالاً يكون في النهاية ضرراً على المرأة؛ بحيث تتغير بشرة الوجه بسرعة، فليراجع الأطباء في هذا.
الجواب: نعم يجوز للإنسان أن يوتر بعد صلاة العشاء مباشرةً إذا كان لا يريد القيام من آخر الليل، أما إذا نوى أن يقوم من آخر الليل فليؤخر الوتر؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً )، وقوله: ( من طمع أن يقوم من آخر الليل فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل )، فهذا التفصيل بالنسبة للوتر. الفقرة الثانية؟
مداخلة: يقول: هل الأفضل في المسجد أو في البيت؟
الشيخ: أما هل الأفضل في المسجد أو في البيت؟ فنقول: جميع النوافل الأفضل أن تكون في البيت إلا ما شرع في المسجد، كقيام الليل في رمضان ففي المسجد، فمثلاً: سنة الظهر قبلها الأفضل أن تكون في البيت، وسنة الظهر بعدها الأفضل أن تكون في البيت، وسنة الفجر قبلها الأفضل أن تكون في البيت، وسنة المغرب بعدها الأفضل أن تكون في البيت، وسنة العشاء بعدها الأفضل أن تكون في البيت، كل النوافل الأفضل أن تكون في البيت؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة )، والحكمة من كون صلاة النافلة في البيت أفضل أن لا يجعل بيته مقبرة لا يصلى فيه، والصلاة كلها بركة.
ثانياً: أن يعود أهله على الصلاة، ولذلك تجد الصبي إذا رأى والده يصلي ذهب يصلي إلى جنبه، يقوم معه، ويركع معه، ويسجد معه، ويقعد معه، وإن كان لا يقول شيئاً، لكن يقلد، وهذه غنيمة أن تعود أهلك على الصلاة.
الجواب: ما أدري ويش معنى الشك، هل هو يشك في وجوده أو يشك في فعله؟ إن كان الأول فالواجب عليه أن يسأل؛ لقول الله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43]، وإن كان الثاني فليبن على اليقين ولا يلتفت للشك، فإذا شرع في الوضوء وفي أثناء الوضوء شك في النية هل نوى أو لا؟ نقول: استمر في الوضوء ولا تلتفت، شرع يصلي، في أثناء الصلاة شك هل نوى أم لا؟ نقول: استمر ولا تلتفت للشك، كان عليه صلاة فائتة وشك هل قضاها أم لا؟ نقول: صلها واطرح الشك، والأمثلة على هذا كثيرة، فالمهم أن نقول لهذا السائل: إن كان الشك شكاً في الحكم الشرعي فاسأل أهل العلم، وإن كان شكاً في عملك فعليك باليقين، إلا ما يكفي به غلبة الظن فاعمل بغلبة الظن.
الجواب: نعم، إذا دخل الإنسان والإمام راكع، ثم كبر للإحرام قائماً معتدلاً، ثم ركع قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع، فقد أدرك الركعة، دليل ذلك أن أبا بكرة رضي الله عنه دخل والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم راكع فأسرع وركع قبل أن يصل الصف، ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال لـأبي بكرة : ( زادك الله حرصاً ولا تعد )، ولم يأمره بإعادة الركعة التي أدركها، ولو كان لم يدركها لأمره بقضائها، فلما لم يأمره علم بأن هذه الركعة التي أدرك ركوعها صحيحة.
الجواب: أما استجابة الدعاء فإلى الله عز وجل، وأما هذا العمل فبدعة، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يكن يدعو بأصحابه بعد الصلاة، بل كان يستغفر ثلاثاً ويقول: ( اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام )، وما بعد الصلاة ليس فيه دعاء إلا ما وردت به السنة فقط، وذلك لأن الله تعالى أمر بعد انتهاء الصلاة بذكره فقال جل وعلا: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ [النساء:103]، ولم يأمر بالدعاء، والأمر بالدعاء يكون بعد التشهد الأخير، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما ذكر التشهد قال: ( ثم ليتخير من الدعاء ما شاء )، فمحل الدعاء قبل السلام، هذا هو ما تقتضيه الأدلة الشرعية، وما بعد السلام فمحل ذكر، ولقد كان بعض الناس يجعل الدعاء بعد السلام، وهذا لا ينبغي، والذي ينبغي أن يكون دعاؤك إن كان لك دعاء قبل السلام، أما ما بعد السلام فإن كان محل ذكر فاذكر الله، وإن كان نافلةً فلا أعلم أنه ورد بعد النافلة ذكرٌ لله عز وجل.
الجواب: الأذكار بعد الصلاة أنواع؛ النوع الأول: أن يقول الإنسان: سبحان الله عشر مرات والحمد لله عشر مرات والله أكبر عشر مرات.
والنوع الثاني: أن يقول: سبحان الله ثلاثة وثلاثين والحمد لله ثلاثة وثلاثين والله أكبر أربعاً وثلاثين.
النوع الثالث: أن يقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، ثم يختم المائة بقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
النوع الرابع: أن يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمساً وعشرين مرة، ولا ينبغي للإنسان أن يزيد على هذا على أنه ذكرٌ من أذكار الصلاة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حدد ذلك، أما إذا نواه ذكراً مطلقاً، يعني بغير نية بأنه من أذكار دبر الصلاة فلا بأس، لأن ذكر الله تعالى في كل وقت من الأمور المشروعة، قال الله عز وجل: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [آل عمران:190-191].
الجواب: لا تقطع صلتهم بل صلهم، وكلما كانت الصلة مع قطيعة الجانب الآخر فإنها أفضل، فقم بالواجب من صلتهم، وكل أمر قطيعتهم إلى الله عز وجل، وأنت مأجورٌ إذا آذوك وتكلموا بك عند الناس، لا تزداد بهذا إلا أجراً وثواباً، وسوف تأخذ يوم القيامة من حسناتهم إذا لم تحللهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ذات يومٍ أصحابه قال: ( ما تعدون المفلس فيكم؟ قالوا: من ليس عنده درهمٌ ولا دينار، قال: المفلس من يأتي يوم القيامة بحسناتٍ أمثال الجبال، فيأتي وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وأخذ مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن بقي من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئاتهم فطرح عليه، ثم طرح في النار )، فليحذر المؤمن من ظلم إخوانه لا بالقول ولا بالفعل، فإنه سوف ينتصر لهم، إما في الدنيا وإما في الآخرة.
الجواب: إذا كانت غيبة الإنسان للضرورة، كإنسانٍ لم يجد ما يعيش به في بلده، وسافر من أجل تحسين العيش، فهو معذور، ولكن إن طالبته زوجته بالرجوع فإنه يرجع بعد نصف سنة، وأما إذا لم تطالبه، وهو آمنٌ عليها وعلى أولاده، فلا حرج عليه أن يبقى أكثر من ذلك، والإنسان طبيب نفسه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر