الجواب: كل من تسبب في قتل نفسه فإنه يعتبر قاتلاً لنفسه، وكذلك من باشر قتل نفسه فإنه قاتل لنفسه، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( أن من قتل نفسه فإنه يعذب في جهنم بما قتل به نفسه، من قتلها بسم فإنه يعذب بسم يتحساه في جهنم، ومن قتلها بحديدة عذب بحديدته في جهنم )، وكل وسيلة يقتل بها نفسه فإنه يعذب بها في جهنم والعياذ بالله.
وكذلك من كان سبباً في قتل نفسه بأن لم يتعمد القتل لكن فعل ما هو سبب في القتل، فإنه يعتبر قاتلاً لنفسه؛ لأنه متسبب، ولكنه ليس كالمباشر في الإثم، والذي يسرع سرعةً تكون سبباً للحادث هو في الحقيقة متسبب لنفسه بالهلاك وهو آثم، وقد قال الله عز وجل: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29] ، فلا يحل للمرء أن يسرع سرعةً تكون سبباً للحادث، ولا أن يحمل السيارة فوق طاقتها تحميلاً يكون سبباً للحادث، ولا أن يعطيها هذه السرعة على وجه يحصل به الحادث، المهم أنه لا يجوز للإنسان أن يتسبب في قتل نفسه بأي سبب كان، ومن العجب أن من الناس من يتعجل هذه العجلة المذمومة المحرمة مع أنه لو هدأ السرعة على وجه لا خطر فيه لم يكن هناك فرق بين زمن وصوله بالسرعة الخطرة ووصوله بالسرعة المعتادة إلا نحو عشرة في المائة، ولكن الإنسان عدو نفسه يظن أنه بالسرعة يسلم ولكنه يقع في الخطر، وقد بلغني أن رجلاً من الناس كان كبيراً في قومه، فركب سيارته ذات يوم، فقال لقائد السيارة أو لسائقها: لا تسرع فإنه قد بقي على الموعد ربع ساعة، فتعجب السائق كيف يقول: لا تسرع فقد بقي ربع ساعة؟ وكان المتوقع أن يقول: أسرع فقد بقي ربع ساعة، فسأله فقال له: لم قلت: لا تسرع فقد بقي ربع ساعة؟ فقال: نعم؛ لأنك لو أسرعت لكان سبباً لحصول حادث نبقى فيه ساعات، ولكنك إذا لم تسرع فإننا نصل في الموعد المحدد، فهذا هو العقل أن يقدر الإنسان للأمور مقاديرها، وأن يأخذ الاحتياط حتى لا يقع في ما يكرهه ولا يرضيه.
الجواب: لا يحل لهذا الأخ أن يمنع بقية إخوانه من إرثهم بحجة أنه يهوى أن يكون فلاحاً، وإذا كان يريد أن يكون فلاحاً فليقوّم هذه الفلاحة بما تساوي، وليعط كل وارث نصيبه إذا كان يملك أن يعطيهم ذلك.
أما إذا كان فقيراً فإنه يلزمه أن يوافق الورثة في طلب بيعها، وأخذ كل واحد نصيبه، ولا يحل له أن يمنعهم؛ لأن هذا استيلاء على مال غيره بغير حق، وهو في هذه الحال بمنزلة الغاصب، هذا بالنسبة للأخ الذي استولى على هذا البستان.
أما بالنسبة لإخوانه فإني أشير عليهم إذا لم يكونوا في حاجة إلى قيمة هذا البستان أن يبقوا أخاهم فيه؛ لما في ذلك من صلة الرحم والإحسان إليه، ويكون لهم نصيب من ثمره زائداً على ما يستحقونه بسهمهم الأصلي، فيكون أخوهم شريكاً لهم، وفي نفس الوقت ساقياً أو مزارعاً، وقد قال الله عز وجل: ( أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خان خرجت من بينهما ).
الجواب: فرق الرأس من السنة بأن يفرق الشعر من نصف الرأس حتى يكون الجانب الأيمن منسدلاً إلى الجانب الأيمن، والجانب الأيسر منسدلاً إلى الجانب الأيسر، وكذلك القفا ينسدل إلى القفا، هذا هو السنة وهذا هو الأفضل.
وأما فرقه من جانب دون الآخر فهذا قد يدخل في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ).
وقد أفتى بعض العلماء بأن المشطة المائلة من هذا النوع، فالحذر الحذر من التعرض لما فيه الوعيد بالنار، أو حرمان دخول الجنة.
وأما الكي الذي في وسط رأسها فلا بأس أن تغطيه بالشعر، وألا يكون الفرق على نفس هذا الموضع.
الجواب: أرجو ألا يكون عليها شيء في ذلك ما دامت في ذلك الوقت لا تستطيع أن ترمي، وظنت أن التوكيل يجزئ عنها فوكلت، ولكن عندي ملاحظة على قولها: ترجم؛ لأن الأولى ألا يكون التعبير بترجم، وإنما يكون التعبير بالرمي، فيقال: رمى الجمار، ولا يقال: رجم الجمار.
الجواب: إذا كنتم مجتهدين في طلب القبلة وتحريتم ولم يكن لديكم معرفة بأدلة القبلة فلا حرج عليكم، وصلاتكم صحيحة الأولى والثانية، وأما إذا لم تكونوا كذلك وإنما صليتم هكذا بمجرد ما عنّ لكم فعليكم أن تعيدوا الصلاتين الأولى والثانية؛ وذلك لأن الرجل إذا اجتهد في القبلة وتحرى ثم تبين له الخطأ فإنه لا شيء عليه؛ لقول الله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، وقوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، وقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) وهؤلاء أتوا بما استطاعوا، فتحروا القبلة، وقاموا بما يلزمهم من الاجتهاد، فتبين خطؤهم، فلا شيء عليهم.
الجواب: ليست هذه من الغيبة، أعني: كونك تحدث نفسك بما في أخيك من المعائب، ولكن الأولى أن تعرض عن هذا، وأن تتجنبه، وأن تحاول نسيان عيوب أخيك التي أساء إليك بها، نعم لو أن الإنسان تذكر عيوب أخيه من أجل أن يقوم بنصحه عنها فهذا طيب ولا بأس به، أما أن يذكر عيوب أخيه من أجل أن تبقى العداوة والضغائن بينه وبينه فهذا خطأ، ولا ينبغي للإنسان، ولكنه ليس من الغيبة التي هي من كبائر الذنوب.
الجواب: أما وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه رءوف رحيم فهذا قد جاء في القرآن الكريم، لكنه مقيد بالمؤمنين، فقال الله عز وجل: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128].
وأما كونه رحمة فقد قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] ، لكن ليس معنى الآية أنه هو الرحمة بل معناه أن الله رحم به الخلق، يعني: ما أرسلناك إلا لنرحم الخلق بك، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الدال على الله عز وجل المبين لشريعته، الداعي إليها، فكان بعثه وإرساله رحمةً للعالمين في الدنيا والآخرة.
وأما قول السائل: وغير ذلك من أوصاف الله وأسماء الله فلا نقول به؛ لأن من أسماء الله وأوصافه ما يختص به عز وجل سبحانه كالله، والجبار، والمتكبر، والقدوس، وما أشبهها مما لا يصح أن يوصف بها أحد سوى الله عز وجل.
الجواب: الصلاة تصح بدون خشوع، ولكنها ناقصة جداً؛ لأن الخشوع هو لب الصلاة وروحها، وقد أثنى الله على من كانوا خاشعين في صلاتهم، فقال: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2].
والخشوع: هو سكون النفس، وحضور القلب، وامتثال الجسد، بحيث يكون حين صلاته خاشعاً لله عز وجل، معرضاً عن كل ما سواه، لا تحدثه نفسه بشيء، وإنما هو مقبل على صلاته غاية الإقبال، يتدبر ما قرأ، ويتأمل ما فعل، ويتقرب إلى الله عز وجل بهذه الصلاة، ويأتي بها على السنة التي جاءت بها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
أما من شرع في صلاته وهو يحدث نفسه ويجول في قلبه يميناً وشمالاً، فإن هذا ليس بخاشع، ولهذا تكون صلاته ناقصة، وقد جاء في الحديث: ( إن الرجل ينصرف من صلاته وما كتب له إلا نصفها ألا ربعها إلا عشرها ) كل هذا من أجل غفلته وتحديثه نفسه في أثناء الصلاة، ( وقد شكى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يجده من حديث النفس في صلاته، فأمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتفل عن يساره ثلاث مرات، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ففعل الرجل، قال: فأذهب عني ما أجد )، فإذا أصابك شيء في صلاتك من هذه الوساوس وحديث النفس فعليك بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن تتفل عن يسارك ثلاثاً، وتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وإن كنت في الصف في صلاة الجماعة فإن التفل على اليسار متعذر، ولكن استعذ بالله من الشيطان الرجيم، وكرر ذلك ثلاثاً، فإن الله تعالى يذهب عنك ما وجدت.
الجواب: إن أباك أخطأ في كونه لا يزوج ابنته إلا ممن عنده مال، أو لا يزوج ابنته ممن ليس معه زوجة، فإن هذا ليس هو مناط الحكم أو التزويج، بل المدار كله على الدين والخلق، كما جاء ذلك في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة وفساد كبير، أو قال: عريض ).
ولا يحل لأبيك أن يمنع ابنته إذا رضيت بالكفء من أن يزوجه منها، فإن فعل سقطت ولايته، ولك أن تتولى أنت عقد نكاحها إذا أتاها من يرضى في دينه وخلقه ورضيت، وأما أن تكذب عليه إذا خطبها كفؤ له زوجة وتقول له: إنه لا زوجة له فإن هذا لا يجوز؛ لأن أباك سوف يطلع عن قريب أو بعيد، فيقع بينك وبينه من المشاكل، بل ربما يقع بينه وبين الزوج من المشاكل ما يكدر الصفو ويجعل العداوة بينكم وبينه، فأنت أخبره بالصدق، وانصح وأرشده إلى أنه يجب عليه أن يزوجها إذا رضيت بهذا الكفء الذي خطبها.
الجواب: هذا الحديث الذي ذكره لا أعلم عن حاله، ولا أدري عنه، لكن ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( من تعدون المفلس فيكم؟ قالوا: من لا درهم عنده ولا دينار أو قالوا: ولا متاع. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنما المفلس الذي يأتي يوم القيامة بحسنات كأمثال الجبال، فيأتي وقد ظلم هذا، وشتم هذا، وضرب هذا، وأخذ مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن بقي من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئاتهم فطرح عليه، ثم طرح في النار )، هذا هو الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله سلم، أما ما ذكره السائل فلا أعلم عن حاله.
وأما حديث: ( كل أمتي معافى إلا المجاهرون ) فنعم، كل الأمة معافى إلا من جهر في المعصية، فأتي بها جهاراً أمام الناس، أو أتى بها سراً ثم جعل يحدث بها؛ لأن الإنسان لا يجوز له فعل المعصية لا سراً ولا جهراً، فإذا فعلها سراً وستر الله عليه فإنه لا ينبغي أن يكشف ستر الله، بل يتوب إلى الله عز وجل فيما بينه وبين ربه، ويكون ذلك أسلم لعرضه، وأبرأ لسمعته.
أولاً: أنه معسر ولم يوجد لديه شيء.
ثانياً: إنه لم يعرف أصحاب هذه الديون، وأنا الآن محتار تجاه والدي ماذا أفعل لكي نسدد ما بذمته؟ وأنا كذلك لا أعرف هؤلاء الأشخاص أصحاب الديون، فهل يجزئ بأن أتصدق بشيء من مالي على نيتي أو على أهل الديون أم ماذا أصنع؟
الجواب: إذا كان أبوك حين توفي وهو معسر قد أخذ أموال الناس يريد أداءها فإن الله تعالى يؤدي عنه يوم القيامة، ولا شك أن الوالد رحمه الله فرط في كونه لم يقيد هذه الديون التي عليه، فإن الجدير بالمرء الحازم المؤمن الذي له شيء يريد أن يوصي فيه ألا يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبةً عنده، كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده ).
فالوالد رحمه الله فرط في عدم كتابة ما عليه، هذا إن كان لم يكتب، مع أنه يجوز أن يكون قد كتب ما عليه ولكن ضاعت الورقة مثلاً.
وعلى كل حال؛ الوالد ذهب إلى رحمة الله، وما دام لم يخلف شيئاً من المال فليس عليكم أن تقضوا ما عليه؛ لأن القضاء إنما يجب من تركته، أما أنتم فمتبرعون، فإن تيسر لك أن تعرف أصحاب الديون وتوفي فهذا خير لك ولأبيك، وإن لم يكن فلا حرج عليك في عدم ذلك، وأكثر من الدعاء والاستغفار والترحم على الوالد، ونسأل الله أن يعفو عنا وعنه وعنكم وعن جميع المسلمين.
الجواب: لا يكفر الإنسان بما يجد في قلبه من الوساوس الرديئة التي قد توصل إلى الكفر؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم شكوا مثل هذا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأمرهم أن يستعيذوا بالله وينتهوا عن ذلك، فهكذا ينبغي للإنسان إذا أحس بهذه الوساوس أن يعرض عنها ويتغافل، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وستذهب، ومن المعلوم أن الشيطان عدو للإنسان، فإذا رأى من الإنسان قوةً في الدين، وقوةً في الإيمان، أخذ يدخل عليه هذه الوساوس ليشككه في إيمانه، وربما تصل هذه الوساوس إلى أن يقولها بلسانه فيكفر، فإن بعض الناس المبتلى بهذا الأمر -نسأل الله العافية- قد تصل به الحال إلى أن يتكلم بلسانه ويزعم أنه إذا قال بلسانه فرج عن نفسه ثم تاب وهذا خطر عظيم، فالدواء الناجع أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويتغافل عن هذا ويعرض عنه إعراضاً كاملاً، ثم لا يضره ولله الحمد.
الجواب: إذا كان القائمون على هذا الفرع الخيري ممن يوثق بهم في دينهم وعلمهم فلا بأس أن تدفع إليهم من زكاتك، وتخبرهم بهذا؛ لأنها زكاة؛ لئلا يصرفوها مصرف الصدقات.
أما إذا كنت لا تعرف عن حالهم فالأفضل أن تؤدي ذلك بنفسك، بل الأفضل أن تؤدي ذلك بنفسك مطلقاً؛ لأن كون الإنسان يباشر إخراج زكاته بنفسه ليطمئن إلى وصولها إلى أهلها، ويثاب ويؤجر على التعب في إيصالها إلى أهلها أولى من كونه يعطيها من يؤديها عنه.
الجواب: وقت السحر يبدأ في آخر الليل، والثلث الأخير من الليل هو أن تقسم الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر أثلاثاً، فتحذف الثلثين الأولين منه وما بقي فهو الثلث، فإذا قدرنا أن ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر تسع ساعات، فإذا مضى ست ساعات من الليل فقد دخل الثلث الأخير من الليل.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر