الجواب: قبل أن نتكلم على هذا السؤال من حيث الجواب على سؤال السائل: نود أن نبين أن الكسوف هو ذهاب أحد النيرين ذهاباً كلياً، أي: غيبوبته عن الأنظار أو ذهاباً جزئياً، فالأول يسمى كسوفاً كلياً، والثاني يسمى كسوفاً جزئياً، ولا ريب أن هذا الكسوف واقع بإرادة الله سبحانه وتعالى، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة منه في قوله: ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يخوف بهما عباده )، فالكسوف إنذار من الله عز وجل للعباد بعقوبة متوقعة، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم إذا حدث الكسوف كسوف الشمس أو خسوف القمر أن يبادر الناس إلى الصلاة والذكر والدعاء والتكبير والصدقة والعتق توبة إلى الله عز وجل ورجوعاً إليه.
وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الكسوف حين كسفت الشمس في عهده في اليوم الذي مات فيه ابنه إبراهيم رضي الله عنه، فأمر منادياً أن ينادي: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس في المسجد وصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاة غريبة، هي في الحقيقة آية شرعية؛ لأنها مخالفة لبقية الصلوات وهي أيضاً لآية كونية مخالفة للعادة، صلى بهم صلى الله عليه وسلم صلاة طويلة جداً جداً؛ صلى ركعتين في كل ركعة ركوعان وسجودان، ثم وعظهم بعد ذلك موعظة بليغة قال فيها: ( والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ).
وقد اختلف العلماء رحمهم الله هل صلاة الكسوف للشمس أو القمر واجبة يأثم الناس بتركها أو إنها مستحبة، فذهب أكثر العلماء إلى أنها مستحبة، ولكن القول الراجح إنها فرض واجب إما على الكفاية وإما على الأعيان؛ وذلك لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بها أي الصلاة وفعله لها وفزعه من أجل ذلك، وقوله: ( إن الله يخوف عباده بهذا الكسوف )، ومعلوم أن مقام التخويف ينبغي فيه بل يجب فيه اللجوء إلى الله عز وجل حتى نكون منيبين إليه.
فالصواب إنها واجبة إما على الكفاية أو على الأعيان، ولا يجوز لأحد أن يتخلف عنها إذا قلنا: إنها فرض عين. أما إذا قلنا: إنها فرض كفاية وقام بها من يكفي فإنها تسقط عن الباقين.
وأما صلاتها فالأفضل أن تكون في الجامع الذي تصلى فيه الجمعة؛ لأجل أن يجتمع الناس فيها على إمام واحد، وإن صلاها الناس كل في مسجده فلا حرج، وإن صلاها الإنسان في بيته كالنساء مثلاً فلا حرج، فالأمر في هذا واسع، ولكن الأفضل أن يجتمع الناس فيها في الجامع على إمام واحد.
الجواب: إن عملها هذا ليس فيه شيء؛ لأن الحاجة إذا دعت إلى تمريض المرأة للرجل فلا حرج في ذلك، وسواء لزم من ذلك أن تمسه أم لم يلزم، لكن ينبغي لها أن تضع على يديها قفازين حتى لا تباشر المس بالنسبة للرجال.
الجواب: الذي أرى أن هذا البخاخ لا يفطر؛ لأنها كما قالت: هو هواء أو ذرات أكسجين لا تصل إلى المعدة، والمحرم على الصائم الأكل والشرب وما كان بمعناهما، وهذا ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب، وهو لا يصل إلى المعدة بل إنه ربما لا يصل ولا إلى الحلق، فالذي أرى إن هذا لا بأس به وأنه لا حرج إذا استعمله الصائم صياماً فرضاً، ولا يفسد الصوم به لا صوم النفل ولا صوم الفريضة.
الجواب: اختلف العلماء رحمهم الله في الحلي المعد للبس أو العارية هل فيه زكاة أم لا، والصحيح أن فيه زكاة وذلك لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، وأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار )، ولأحاديث خاصة في ذلك مثل حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ( أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال لها: أتؤدي زكاة هذه؟ فقالت: لا قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار ) فخلعتهما وألقتهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لا تجب الزكاة في حلي الذهب ولا الفضة إلا إذا بلغ النصاب، وهو في الذهب خمسة وثمانون جراماً، فإذا بلغ هذا المقدار وجبت فيه الزكاة، وما كان دون ذلك فليس فيه زكاة، يعني: لو كان مجموع ما عند المرأة لا يبلغ هذا المقدار فليس فيه زكاة، ولا يجمع الحلي بعضه إلى بعض إذا كان مفرقاً على نساء، كما يحصل في البنات الصغار يكون عليهن حلي، ولو نظرنا إلى كل واحدة بمفردها لوجدنا أن حليها لا يبلغ النصاب، ففي هذه الحال لا يلزم ولي أمرهن أن يجمع الذهب ويزكيه؛ لأن نصيب كل واحدة لا يبلغ النصاب.
الجواب: إذا كان هذا الإمام يقوم بسب الشرع والعياذ بالله فإنه لا يصلح أن يكون إماماً، والواجب فصله وأن يبدل بخير منه، ولكن ينبغي لأهل المسجد أن ينصحوه قبل أن يُجروا ما يقتضي فصله، فلعل الله أن يهديه فيتوب إلى ربه ومن تاب تاب الله عليه.
الجواب: نعم السفر ليس له حد ينتهي به رخص السفر، فما دام الإنسان مسافراً فإن رخص السفر ثابتة له، سواء في سيارة أو في طائرة أو في باخرة، وعلى هذا فإننا نقول للملاحين الذين في الباخرة: أنتم مسافرون ما دام لكم أهل في بلد تؤون إليهم، فمتى فارقتم الأهل أو البلد الذي فيه الأهل فأنتم مسافرون ولو طالت بكم المدة، وعلى هذا فلكم القصر قصر الصلاة ولكم الجمع، لكن القصر سنة وأما الجمع فالأفضل تركه إلا إذا احتجتم إليه.
الجواب: الاتجاه إلى القبلة في السفينة سهل جداً؛ لأنه يمكن للإنسان أن يعرف اتجاه القبلة ثم يتجه إليه، وإذا انحرفت السفينة عن اتجاهها الأول انحرف هو إلى القبلة، ولا حرج عليه في هذه الحال أن ينحرف في أثناء الصلاة، كما لو أن أحداً في البر اجتهد فاتجه إلى قبلة ما ثم جاءه رجل فقال: إن القبلة على يمينك أو على يسارك، فإذا اتجه إلى القبلة وهو في صلاته فصلاته صحيحة، وهكذا من كان في السفينة إذا اتجه إلى القبلة عند ابتداء الصلاة ثم انحرفت السفينة عن مسيرها أو عن اتجاه سيرها فإنه ينحرف هو إلى اتجاه القبلة، وكذلك نقول في الطائرة: إذا مرت عليه أوقات وهو في الطائرة ولا يتمكن من الهبوط قبل خروج الوقت فإنه في هذه الحال يصلي في الطائرة فيتجه إلى القبلة، وإذا انحرفت الطائرة عن جهة سيرها الأول الذي كان عند ابتداء صلاته فإنه ينحرف هو إلى القبلة.
الجواب: إذا كان الوالد والوالدة لا يصليان كما ذكر السائل وماتا على ذلك فإنه لا يصلي عنهم ولا يصوم عنهما ولا يتصدق عنهما؛ لأن القول الراجح أن من ترك الصلاة ولو متهاوناً فهو كافر مرتد يخرج عن الإسلام، والكافر المرتد لا ينفعه العمل الصالح إذا عمل له بل ولا يجوز للإنسان أن يعمل له عملاً صالحاً لقوله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة:113]، وأما إذا كان الوالدان يصليان ويخليان، أي: أحياناً يصليان وأحياناً لا يصليان فإن الصلاة لا تقضى عن الميت، وأما الصيام إذا كان قد تركا فإنه يقضى عنه إذا كان الميت قد ترك الصوم لكنه تركه لعذر كمرض أو نحو فإنه يقضى عنه إذا مات لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه )، وأما الزكاة فقد اختلف العلماء رحمهم الله فيما لو كان الإنسان معروفاً بالبخل وعدم الزكاة ثم مات هل تقبل الزكاة من ماله، أي: من تركته بعد موته؛ لأن فيها حقاً للآدمي وهم أهل الزكاة، أو لا تقضى؛ لأنها لا تنفع الميت، فالميت إذا كان لا يزكي فإن الزكاة عنه بعد موته لا تنفعه ولا تبرأ بها ذمته؛ وذلك لأنه مات على عدم الزكاة وهو متهاون، ولكن من وجهة نظر الأولين الذين يقولون: تقضى الزكاة عنه يقولون: لأن هذه العبادة تعلق بها حق الغير فتقضى عنه من أجل إعطاء الغير حقه وهم الفقراء وأهل الزكاة، وأما هو فلا تبرأ ذمته.
الجواب: إذا كان هؤلاء الذين ماتوا أو كبروا ولدوا في حال فقر لأبيهم وعدم قدرة على العقيقة فإنه لا شيء عليه؛ لأنه حين وجود السبب كان غير قادر على تنفيذه، أي: تنفيذ ما أُمر به فلا شيء عليه، أما إذا كان حين ولادة هؤلاء وحلول عقيقتهم إذا كان غنياً يستطيع ولكن طالت به الأيام فإنا نرى أنه ينبغي له أن يعق الآن عن الأحياء وعن الأموات.
الجواب: هذا الاغتسال الذي قام به لا يجزئه؛ وذلك لأن الاغتسال لا بد أن يعم جميع البدن، والرجل هذا لم يغسل إلا أسافل بدنه، ثم إن الظاهر من سؤاله أنه لم يتيمم، وعلى هذا فيكون قد صلى بغير طهارة لا طهارة تيمم ولا طهارة ماء فتلزمه الإعادة، أي: إعادة ما صلى؛ لأنه فرط في عدم السؤال وكان عليه أن يسأل من يومه عن هذا العمل. ثم إني أقول: إذا أصاب الإنسان جنابة في يوم شديد البرد وخاف على نفسه ولم يجد ما يسخن به الماء فإنه يتيمم ولا حاجة أن يغسل أسافل بدنه يتيمم عن الجنابة، وإذا هيئ له فيما بعد أن يغتسل وجب عليه أن يغتسل.
الجواب: يجوز للإنسان أن ينادي أبويه أو أحدهما باسمه، لكنه ليس من الأدب أن يفعل ذلك بل يقول: يا أمي، يا والدي يا أبي، وإذا أضاف الاسم إلى هذا لا بأس، مثل أن يقول: يا والدي فلان! يا والدتي فلانة، أما أن يذكر اسميهما بدون أن يذكر وصف الأبوة أو الأمومة فإن هذا يعتبر خلاف الأدب.
مداخلة: طيب إذا قال: يا أم فلان؟
الشيخ: إذا كان كل الناس لا يعدون هذا مخالفاً للأدب.
وهناك ملاحظة على ما سبق وهذا إذا قلت في النداء، أما فيما لو أخبر عن أبيه وعن أمه فلا حرج أن يقول: قال فلان كما وقع ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم، فمثلاً إذا كان أبوه اسمه: عبد الله، قال عبد الله بن فلان كذا، وكذا قالت فلانة كذا وكذا، لكن النداء شيء والخبر شيء آخر، فالنداء يعد الناس هذا من سوء الأدب أن يناديه باسمه العلم دون أن يقرنه بوصف الأبوة أو الأمومة، وأما الخبر فلا يعدون ذلك سوء أدب ولا بأس به.
الجواب: إذا كان إفطارك لرمضان لمرض لا يرجى برؤه فالواجب عليك الفدية كما هو معروف، والفدية هي: إطعام مسكين لكل يوم، وإطعام مسكين لكل يوم يكون على وجهين:
الوجه الأول: أن يصنع غداء أو عشاءً فيدعو إليه من المساكين بعدد ما عليه من الأيام.
والوجه الثاني: أن يطعمهم رزاً أو قمحاً، ويكون لكل واحد من القمح أو الرز كيلو أو ما يقارب الكيلو.
هذا إذا كان المرض لا يرجى برؤه، أما إذا كان مرضاً يرجى برؤه فإن الواجب الانتظار حتى يشفيه الله ثم يصوم لقوله تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185].
الجواب: الصحيح أن المسبوق إذا دخل مع الإمام فإنه يدخل في أول صلاته، وعلى هذا فيكون ما يقضيه بعد سلام الإمام آخر صلاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا )، والإتمام لا يكون إلا على شيء سابق، وعلى هذا فنقول: إذا أدركت مع الإمام الركعتين الأخريين من صلاة العشاء ثم قمت تقضي ما فاتك فإنك تصلي الركعتين الأخيرتين بسورة الفاتحة فقط بدون جهر، ودليل ذلك ما ذكرته آنفاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا ).
الجواب: الأصناف الثمانية هم: الفقراء والمساكين والعاملون على الصدقة والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل، فإذا كان أعمامك أو أبناء أعمامك أو أبناء إخوانك أو أبناء أخواتك إذا كانوا من أهل الزكاة حسب الأوصاف التي ذكرها الله عز وجل فلا حرج أن تعطيهم من الزكاة، أما إذا لم يكونوا كذلك بأن كانوا أغنياء ولا حاجة لهم إلى الزكاة فإنك لا تعطيهم، فالقرابة ليست سبباً لاستحقاق الزكاة بل الأسباب ما ذكره الله في سورة براءة.
الجواب: إن والدك إذا كان على الحال التي وصفت، يعني: ليس عنده مال فإنه لا يلزمه الحج، ولو مات مات غير عاصٍ لله، ولو مات مات وهو قد كمل دينه؛ لأن الله تعالى اشترط لوجوب الحج الاستطاعة فقال تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97] ومن ليس عنده مال فإنه لا يستطيع الحج، وإذا لم يستطع الحج فلا حج عليه، فاطمئن على والدك ولا تخف عليه ولا تقلق؛ لأن الحج ليس واجباً في حقه.
الجواب: نعم التضحية للميت جائزة كالصدقة عنه، لكن الأفضل أن يتصدق، فالصدقة عن الميت أفضل من الأضحية؛ لأن الصدقة عن الميت واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما الأضحية فلم ترد عن النبي عليه الصلاة والسلام لم يرد أنه ضحى عن أحد من أقاربه، ولهذا من أجاز الأضحية عن الميت إنما أجازها قياساً على الصدقة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر