إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [374]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • السؤال: رجلٌ له خمسةٌ من الأولاد، منهم ولدٌ كبير في السن، وأما الباقون فهم أطفال في المدارس، الابن الأكبر يعمل موظفاً ويقوم بمساعدة والده بتربية إخوانه، قام الوالد بتسجيل التركة باسم هذا الولد الكبير؛ لأنه يساعده في تربية الأطفال، ووالدهم ما زال على قيد الحياة، فهل له الحق في هذا التخصيص؟

    الجواب: لا يجوز لهذا الوالد أن يكتب التركة باسم ولده الأكبر؛ لأن هذا يتضمن وصيةً لوارث، وقد حدد الله عز وجل للورثة نصيبهم بعد موت مورثهم، وقال في آيةٍ من آيات المواريث: آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:11]، وقال في الآية الثانية بعد ذكر المواريث: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء:13-14]، وقال في الآية الثالثة بعد ذكر مواريث الإخوة الأشقاء أو لأب: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النساء:176]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث ).

    وعلى هذا؛ فلا يحل لهذا الوالد أن يكتب تركته باسم ولده الأكبر، بل ولا يحل له أن يخصص ولده في حياته بشيءٍ دون إخوته؛ لأن بشير بن سعد رضي الله عنه نحل ابنه النعمان بن بشير نحلة، فقالت له أم النعمان: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب بشير بن سعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أشهد على هذا غيري، فإني لا أشهد على جور)، وقال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم )، وعلى هذا؛ فلا يجوز لهذا الوالد أن يخصص ولده الأكبر بشيء، لا في حياته ولا بعد مماته، نعم لو فرض أن ولده الأكبر تفرغ للعمل معه في تجارته، فله أن يجعل له أجرة شهرية على حسب أجرة المثل، وله أن يشركه معه في الربح، فيعطيه نصف الربح أو ثلث الربح أو ما أشبه ذلك، مما جرت العادة بمثله، أما بالنسبة لهذا الابن الأكبر الذي أعان والده بتربية إخوانه فإن له أجراً عند الله عز وجل من وجهين: من جهة البر بوالده، ومن جهة صلة الرحم بإخوانه، وهذا خيرٌ من الدنيا وما فيها.

    وإنني بهذه المناسبة أود أن أشير إلى مسألةٍ نبهت عليها من هذا المنبر كثيراً، وهي أن بعض الناس يكون له أولاد صغارٌ وكبار، فيبلغ الأولاد الكبار سن الزواج، فيزوجهم الأب، ثم يكتب وصية للأولاد الصغار الذين لم يبلغوا سن الزواج في حياته، فيكتب لهم وصية بقدر المهر الذي أعطاه المتزوج لكل واحد، وهذا لا يجوز، لأن الزواج من جملة الإنفاق، فيعطى كل واحدٍ من الأولاد ما يحتاجه، وإذا كان هؤلاء الأولاد الصغار لم يحتاجوا ذلك في حياة والدهم، فإنه لا يحل له أن يوصي لهم بشيء، فإن فعل فقد أوصى لوارث، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا وصية لوارث).

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088968312

    عدد مرات الحفظ

    780224602