الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال الله عز وجل: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء:82]، وهذا الشفاء الذي أنزله الله عز وجل في هذا القرآن الكريم يشمل شفاء القلوب من أمراضها، وشفاء الأبدان من أمراضها أيضاً، ولهذا لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أبو سعيد أو غيره ممن معه في السرية التي بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم، (فاستضافوا قوماً من العرب فلم يضيفوهم، ثم إن سيد هؤلاء القوم لدغ فطلبوا له قارئاً يقرأ من السرية التي بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءوا إليهم وقالوا: هل منكم من راق يعني من قارئ؟ قالوا: نعم، ولكنكم لم تضيفونا فلا نرقي لكم إلا بجعل، فجعلوا لهم شيئاً من الغنم، ثم ذهب قارئٌ منهم يقرأ على هذا اللديغ فقرأ عليه بفاتحة الكتاب، فقام كأنما نشط من عقال، يعني قام بسرعة طيباً بريئاً، ثم أعطوهم الجعل، ولكنهم توقفوا حتى يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا قال: خذوا واضربوا لي معكم بسهم. وقال للقارئ: وما بك. يعني: ما يعلمك أنها -أي الفاتحة- رقية؟ ).
وهكذا بعض الآيات الأخرى التي يسترقي بها الناس، التي يقرأ بها الناس على المرضى كثير فيه فائدةٌ مجربة معروفة، فإذا قرأ القارئ على المريض بفاتحة الكتاب وبغيرها من الآيات المناسبة فإن هذا لا بأس به ولا حرج وهو من الأمور المشروعة.
وأما كتابة القرآن بالأوراق ثم توضع في الماء ويشرب الماء، أو على إناء ثم يوضع فيه الماء ويرج فيه ثم يشرب، أو النفث في الماء بالقرآن ثم يشرب، فهذا لا أعلم فيه سنةً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه كان من عمل السلف، وهو أمرٌ مجرب.
وحينئذٍ نقول: لا بأس به، أي لا بأس أن يصنع هذا للمرضى لينتفعوا به، ولكن الذي يقرأ في الماء بالنفث أو التفل ينبغي له أن لا يفعل ذلك إذا كان يعلم أن به مرضاً يخشى منه على هذا المريض الذي قرئ له.
الجواب: إذا كانت المرأة يشق عليها الطلق والولادة وأخذت من الأدوية المباحة ما يعينها على ذلك فإن هذا لا بأس به، وهو من باب التنعم بنعم الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى لكرمه وجوده وفضله يحب لعباده أن يتنعموا بنعمه التي من بها عليهم، ويحب من عبده أن يرى أثر نعمته عليه، واستعمال هذه المسكنات أو المقويات في الطلق أو ما أشبه ذلك من الأشياء المباحة لا بأس به ولا حرج؛ لأن الله سبحانه وتعالى يحب اليسر لعباده، كما قال الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185].
الجواب: بلا شك أن الإنسان إذا كان عنده غيرة على محارم الله لا شك أنه سيغضب ويثور، ولكن ينبغي للإنسان أن يطمئن نفسه، وأن يعلم أن الهدى بيد الله عز وجل، كما قال الله تعالى لنبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [القصص:56].
وعليه أن يعالج الأشياء بحكمة كما قال الله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي [النحل:125].
والغضب الذي أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتركه هو: الغضب الذي يتمكن الإنسان من التحكم فيه، وأما ما جاء غيرةً لله ولدينه ولرسوله صلى الله عليه وسلم من غير أن يتمكن الإنسان من كظمه، فإن الإنسان لا يؤاخذ عليه، وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يغضب أحياناً في خطبه إذا وعظ الناس بانتهاكهم شيئاً من محارم الله عز وجل، كما قام غضبان حين ذكر له أن رجلاً طلق زوجته ثلاثاً، وكما ذكر جابر رضي الله عنه في صفة خطبه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيشٍ يقول صبحكم ومساكم ).
ولكن يجب على الإنسان إذا غضب أن يحرص غاية الحرص على الاتزان، وأن لا تخرج منه كلمات نابية منفرة، كما يكون من بعض الوعاظ تجده يتكلم بكلامٍ نابٍ بعيد، وربما يكون منفراً للناس عن قبول موعظته، فعلى الإنسان أن يكون حاكماً لنفسه متمكناً منها حتى يتصرف باتزان.
الجواب: الواجب عليك أن تصلي رحمك وأن تذهبي إليهم على الوجه المعروف، ومن صلتك لهم: أن تنصحيهم إذا وقعوا في الغيبة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )، ولا يحل لك أن تتركي صلتهم، فإن ترك صلتهم في هذه الحال تتضمن محظورين:
المحظور الأول: قطيعة الرحم، ولا يخفى ما فيه من العقوبة، فإن الله سبحانه وتعالى تكفل بالرحم أن يصل من وصلها ويقطع من قطعها، قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23].
المحظور الثاني: أنك لا تسعين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والواجب على المرء أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بقدر ما يستطيع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطراً )، وهذا يدل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمرٌ واجب مؤكد الوجوب.
فعليكِ أن تصلي رحمك وعليك أن تنصحيهم بترك هذا المحظور الذي هو الغيبة، فإن الغيبة من كبائر الذنوب، وقد قال الله تعالى مقبحاً لها ومكرهاً لها: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ [الحجرات:12].
ثم إن الغيبة ظلم لأخيك المسلم والظلم ظلمات يوم القيامة، وهذا المظلوم يأخذ يوم القيامة من حسنات الظالم، كما في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من تعدون المفلس فيكم؟ قالوا: من لا درهم عنده ولا متاع، أو ولا دينار، فقال: بل المفلس من يأتي يوم القيامة بحسناتٍ كأمثال الجبال، فيأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وأخذ مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن بقي من حسناته شيء، وإلا أخذ من سيئاته فطرح عليه ثم طرح في النار ).
وإذا وقعت الغيبة من شخص لأخيه فالواجب عليه الكف والإعراض عن هذا، ثم إن كان أخوه قد علم بأنه اغتابه فليذهب ويتحلل منه في الدنيا قبل أن يموت، وإن كان أخوه لم يعلم بأنه اغتابه فليثن عليه بما يستحقه من الثناء في المجالس التي اغتابه فيها، وليدع الله له.
الجواب: إذا أقيمت الصلاة والإنسان على طعامه فإن له أن يكمله، ولا يأثم لو فاتته الصلاة في هذه الحالة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قدم العشاء فابدءوا به قبل الصلاة ).
وكذلك إذا حضر العشاء أو الغداء ثم أذن أو أقيمت الصلاة، فلا حرج على الإنسان أن يأكل ثم ينصرف إلى صلاته، وإذا فاتته الصلاة في هذه الحال فلا إثم عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان ).
ولكن لا ينبغي للإنسان أن يجعل ذلك عادةً له، بحيث يكون وقت غدائه ووقت عشائه في وقت الصلاة؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن تفوته الصلاة فوتاً اختيارياً منه، لكن لو صادف أن قدم الطعام عند إقامة الصلاة فإن الطعام يقدم في هذه الحال.
الجواب: إذا كان عند الإنسان عملة ورقية فإنها بمنزلة النقدين، أي بمنزلة الذهب والفضة، فعليه زكاتها كل عام، ومقدار الزكاة ربع العشر.
وكيفية استخراجها أن تقسم ما عندك من المال على أربعين وما خرج بالقسمة فهو الزكاة، فإذا كان عندك أربعون ألفاً مثلاً فزكاتها ألف، وإذا كان عندك أربعمائة فزكاتها عشرة آلاف.. وهكذا، فاقسم ما عندك على أربعين، فما خرج بالقسمة فهو الزكاة.
ولكن يجب أن نعلم بأن وجوب الزكاة مشروطٌ بتمام النصاب، فمن كان عنده مالٌ لا يبلغ النصاب فليس فيه زكاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمس أواقٍ صدقة )، وخمس الأواق مائتا درهم؛ لأن الأوقية أربعون درهماً إسلامياً فتكون خمس الأواق مائتا درهم، وقد جاء ذلك مصرحاً به في الكتاب الذي كتبه أبو بكر رضي الله عنه في الصدقات، وهذا الكتاب كان مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: هذه الآية معناها أن الله سبحانه وتعالى شبه المشرك بالله بمن خر من السماء من فوق من عالٍ ولكنه لم يستقر على الأرض فلم يكن له قرار، هوت به الريح أو خطفه الطير ولم يكن له قرارٌ على الأرض التي قصدها، وهكذا المشرك بالله عز وجل لا يستفيد ممن أشرك به شيئاً ولا يصل به إلى مقصوده؛ لأن هذا الوثن الذي عبده من دون الله سبحانه وتعالى لا يغني عنه من الله شيئاً، فهم لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا نصر عابديهم، ولا يملكون لهم نفعاً ولا ضراً، وقد شبه الله سبحانه وتعالى هؤلاء المعبودين مع عابديهم بباسط يده إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه، كالرجل يمد يده إلى الماء وهو باسطٌ لها ليصل الماء إلى فمه، وهذا لا يمكن.
وكذلك شبه عبادة الأصنام مع معبوديها بالعنكبوت اتخذت بيتاً، قال تعالى: وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ [العنكبوت:41]، فكل من تعلق بغير الله وعبده وتقرب إليه بالعبادة أو استغاث به أو استعانه في أمرٍ لا يقدر عليه إلا الله، فإنه مشركٌ بالله عز وجل شركاً أكبر مخرجاً عن الملة، فعليه أن يتوب إلى ربه وأن يخلص العبادة له قبل أن يفجأه الموت فلا تنفعه التوبة.
الجواب: الخارج من الأرض إذا وجبت فيه الزكاة فإنه يخرج منه نصف العشر إن كان يسقى بالمؤونة كالمكائن وشبهها، ويخرج منه العشر كاملاً إن كان يسقى بالأنهار والعيون؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر ).
فيخرج نصف العشر مما تجب فيه الزكاة من عين المال أو من غيره من جنسه، فإن كان قد باع ثمره أو الزرع الذي تجب فيه الزكاة فأخرج نصف عشر قيمته فلا بأس؛ لأن هذا أسهل له وأنفع للفقراء، وما كان أسهل وأنفع فإنه مصلحة والشريعة جاءت بتحقيق المصالح.
الجواب: إذا سافر الإنسان عن بلده إلى بلدٍ آخر يقيم فيها أسبوعين أو ثلاثة أو أكثر ومن نيته أن يرجع إلى بلده متى انتهى شغله فإنه مسافر، ويجوز له أن يفعل ما يفعله المسافرون، ولكنه إذا كان في بلد يؤذن فيها للصلاة فإنه يجب عليه أن يحضر للمسجد ويصلي مع المسلمين؛ لأن النصوص الواردة في وجوب صلاة الجماعة ليس فيها استثناء، بل قد قال الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ [النساء:102]، وهذا في القتال والجهاد في سبيل الله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاهد وهو خارج المدينة مسافر، فأوجب الله صلاة الجماعة عليهم وهم مسافرون.
لكن لو فرض أن هذا الإنسان الذي أتى إلى هذه البلدة بعيدٌ عن المسجد أو فاتته الصلاة، فلا بأس أن يصلي ركعتين، فيقصر الرباعية إلى ركعتين ما دام في هذا البلد حتى يرجع إلى بلده، وكذلك تسقط عنه راتبة الظهر والمغرب والعشاء، أما راتبة الفجر وبقية السنن كصلاة الضحى وصلاة الليل والوتر وغير ذلك فهي باقية في حقه؛ لأن المسافر لا يسقط عنه إلاّ هذه الرواتب الثلاثة فقط، وهي راتبة الظهر والمغرب والعشاء، أما راتبة الفجر فمسنونة حتى في السفر، وأما العصر فليس له سنةٌ راتبة، ويجوز له في هذه الحال أن يمسح على الجوارب أو الخفين ثلاثة أيام بلياليها لأنه مسافر.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر