الجواب: هذا الحديث الذي أشارت إليه السائلة وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل, وشاب نشأ في طاعة الله, ورجل قلبه معلق بالمساجد, ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه, ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله, ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ) وهذه الجمل السبع كما ذكرت السائلة مصدرة بكلمة رجل, ولكن ليعلم أن ما جاء من النصوص في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم معلقاً بالرجال فإنه يشمل النساء, وما جاء معلقاً بالنساء فإنه يشمل الرجال أيضاً؛ لأن ذلك هو الأصل, أي: أن الأصل هو تساوي الرجال والنساء في الأحكام الشرعية إلا ما قام الدليل على الاختصاص.
فمثلاً: قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور:4-5]، هذه الآية كما هو مسموع علق الحكم فيها بالنساء, ومن المعلوم أن الحكم يعم الرجال، فمن قذف المحصنين ولم يأت بأربعة شهداء فإنه يجلد ثمانين جلدة ولا تقبل له شهادة أبداً ويكون من الفاسقين.
وكذلك قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2].. إلخ يشمل النساء, وكذلك قوله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103] يشمل النساء، فالأصل أن ما علق بالنساء من أحكام أو أخبار يشمل الرجال, وما علق بالرجال يشمل النساء إلا ما دل الدليل على تخصيصه فيعمل بمقتضى الدليل.
وبناء على هذه القاعدة العامة المتفق عليها يكون الحديث المشار إليه: (سبعة يظلهم الله في ظله) يكون شاملاً للنساء بلا شك:
شاب نشأ في طاعة الله، يمكن أن يكون للرجال والنساء.
الرجل قلبه معلق بالمساجد، يكون للرجال فقط؛ لأن المرأة صلاتها في بيتها أفضل لها اللهم إلا أن يتوسع في المعنى ويراد بالمساجد أماكن السجود، فيعم أماكن الصلاة كلها سواء في البيت أو في المسجد, فحينئذ تدخل المرأة في ذلك.
رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، يمكن أن يوجد ذلك في النساء بأن يدعوها شاب ذو جمال وحسب فتقول: إني أخاف الله, فتكون المرأة كالرجل في ذلك.
المهم أن كل جملة من هذا الحديث تصح للنساء وتقوم بها النساء، فإن الحكم يشمل النساء بلا شك وهذا كثير ما يحصل فيه تساؤل.
وتسأل بعض النساء عما ذكر الله سبحانه وتعالى لأهل الجنة من الحور والأزواج المطهرة يقلن: كيف يكنّ للرجال حور عين وأزواج مطهرة, فماذا يكون شأن النساء من أهل الدنيا؟
والجواب على ذلك: أن النساء من أهل الدنيا يتزوجن بالرجال من أهل الدنيا, والرجال من أهل الدنيا خير من الولدان الذين في الآخرة الذين في الجنة؛ لأن الولدان الذين في الجنة خدم لهؤلاء الرجال, فالرجل من أهل الدنيا يكونون خيراً من الولدان في الجنة, وحينئذ تنال المرأة في الجنة بغيتها, ويكفي دليلاً لذلك قوله تعالى في وصف الجنة: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [الزخرف:71].
الجواب: أما الأول: وهو عدم صلة الرحم فيمكن مقاومته بأن يعلم الإنسان أن صلة الرحم من أوجب الواجبات التي تجب للإنسان على الإنسان، وفيها من الخير والفضل ما جاءت به النصوص من الثواب العظيم حتى أن الله سبحانه وتعالى تكفل للرحم أن يصل من وصلها ويقطع من قطعها, وفي قطيعة الرحم من العقوبة والآثام ما ينزجر به ذوي الألباب, فإنه ( لا يدخل الجنة قاطع ) أي قاطع رحم؛ قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23].
فإذا رأى الإنسان في النصوص التي فيها وعد من وصل رحمه بالخير رغب في ذلك وأقدم عليه, وإذا رأى النصوص التي فيها الوعيد على من قطع رحمه هجر منه أي قطع الرحم وبعد عنه.
وفي صلة الرحم من المصالح الدنيوية التآزر والتلاحم بين العائلات وشعور كل واحد منهم أنه كالجزء من الآخر, وهذا وإن كان عاماً لجميع المؤمنين فإن المؤمن للمؤمن كالبنيان, و( مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ), لكن في القرابات أخص.
ويسأل كثير من الناس كيف تكون الصلة؟ فنقول: الصلة جاءت في القرآن الكريم مطلقة وكذلك في السنة, وما جاء مطلقاً في الكتاب والسنة، وليس له مدلول شرعي يرجع إليه, فالرجوع فيه إلى العرف كما قيل, وكل ما أتي ولم يحدد بالشرع كالحرز فبالعرف يحدد, فالذي ليس له حد شرعي يرجع فيه إلى العرف, فصلة الأرحام ليس لها حد شرعي فيرجع في ذلك إلى العرف, فما جرى العرف بأنه صلة فهو صلة, وما جرى العرف بأنه قطيعة فهو قطيعة, وعلى هذا فالصلة تختلف باختلاف الزمان واختلاف الأحوال واختلاف القرب, فقد تكون القطيعة في زمن صلة في زمن آخر, وقد تكون القطيعة في حال صلة في حال أخرى, وقد تكون القطيعة من شخص صلة في حق شخص آخر, فإذا كان الناس مثلاً في شدة وضيق وقلة ذات يد فالصلة تكون بالقول الكريم الحسن وببذل ما يستطاع من المال بمواساة الأقارب من إطعام وكسوة وغير ذلك, وإذا كان الناس في غنى وكل إنسان لا يحتاج إلى الآخر فالصلة تكون بالقول الكريم الحسن وبالهدايا عند المناسبات وليس بكثرة الإنفاق على القريب وما أشبه ذلك.
فالمهم أن الصلة جاءت في الكتاب والسنة مطلقة وليس لها حد شرعي يعينها ويبينها فيرجع في ذلك إلى العرف, فما سماه الناس صلة فهو صلة, وما سماه الناس قطيعة فهو قطعية, والصلة في عهدنا الحاضر ولله الحمد متيسرة فإنه من الممكن أن ترفع سماعة الهاتف وتكلم قريبك سواء كان قريباً منك في المكان أم بعيداً, وتسأله عن حاله وحال أولاده وهل يحتاج شيئاً وما أشبه ذلك.
وتحقيقاً لما أشرت إليه من أن الصلة تختلف باختلاف الأحوال لو كان قريبك مريضاً أو عنده مريض لكانت الحاجة تتطلب أن تتصل به كل يوم وربما تتطلب أن تتصل به في الصباح والمساء, وإذا كان الأمر عادياً طبيعياً فإنه قد يكفي أن تتصل به كل أسبوع مثلاً أو كل نصف شهر على حسب الحال من قربه منك وبعده منك؛ لأن صلة القريب أيضاً أوكد وأكثر من صلة من هو أبعد منك.
وأما بالنسبة للشق الثاني من السؤال وهو الغيبة فإن الغيبة مع الأسف كثيرة في المجتمع الإسلامي، وهو أن يذكر الإنسان أخاه بما يكره, فذكر الإنسان أخاه بما يكره هذه الغيبة, هكذا حددها أعلم الخلق وأنصح الخلق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقد ( سئل عن الغيبة ما هي؟ فقال: ذكرك أخاك بما يكره ) سواء أكان الذي يكرهه وصفاً خلقياً كسرعة الغضب والحمق والكبرياء وما أشبه ذلك, أو صفة خلقية كالطول والقصر والسواد والبياض وما أشبه ذلك, قال النبي عليه الصلاة والسلام في الغيبة: ( ذكرك أخاك بما يكره, قالوا: يا رسول الله! أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته, وإن لم يكن فيه فقد بهته ) أي: كذبت عليه فكنت جامعاً بين البهتان والغيبة إذا لم يكن الوصف الذي ذكرته فيه, فإذا لم يكن فيه فهذه غيبة.
وليعلم أن الغيبة من كبائر الذنوب وليس من الصغائر, بل هي من الكبائر كما نص على ذلك الإمام أحمد رحمه الله.
وقد ضرب الله مثلاً للغيبة بأبشع صورة فقال الله تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ [الحجرات:12] فأنت لو قدم لك لحم ميتة غير إنسان فإنك لا يمكنك أن تأكلها لخبثها ونتنها وضررها فكيف إذا قدمت لك جيفة إنسان؟ فكيف إذا قدمت جيفة أخ لك؟ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ [الحجرات:12]؟
إن هذه الصورة من أبشع الصور التي تنفر منها كل نفس سليمة وهنا شبهها بأكل لحم الميت؛ لأن الإنسان الذي اغتبته ليس حاضراً يدافع عن نفسه فهو كالميت الذي يؤكل ولا يستطيع أن يدافع عن نفسه, وتأمل قوله تعالى: لَحْمَ أَخِيهِ [الحجرات:12] فإن الأخوة تقتضي أن يدافع الإنسان عن أخيه, لا أن يجلس على جيفته كما جلس على ألذ لحم وأطيبه.
والحال التي عليها الناس اليوم مع الأسف هي أنهم يتفكهون في أكل لحوم الناس حتى كأن الواحد منهم يأكل أطيب ما يكون من اللحم, وإن الواجب على المسلم أن يكون درعاً حصيناً لعرض أخيه المسلم يدافع عنه ويذب عنه؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )، فإذا كنت أنت لا تحب أن أحداً يغتابك فكيف ترضى أن تغتاب أخاك المسلم؟
وليعلم كل من جنى على إخوانه في أعراضهم أو أموالهم أو دمائهم ليعلم أن هذا سوف يكون يوم القيامة على حساب حسناته؛ لأنه يقتص لهؤلاء المظلومين من الظالم بالأخذ من حسناته, فإن لم يبق شيء من حسناته أخذ من سيئاتهم فطرح عليه ثم طرح في النار.
الجواب: الواجب على كل من الزوجين أن يعاشر صاحبه بالمعروف؛ لقول الله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228]، ولقوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وهنا نقول في جواب هذه السائلة: إذا كان الخطأ من الزوج هو الذي فرط فيما يجب عليه نحوك ولم يقم به أو اعتدى على ما لم يحل له منك أنت فانتهكه فلك الحق في أن تطلبي الطلاق إذا لم تتمكني من الصبر عليه, وإن كان الأمر بالعكس وكان الخطأ منك أنت التي فرطت في حق الزوج فلا يحل لك أن تفرطي في حقه أو تعتدي في حقه, ولا يحل لك أن تطلبي الطلاق أيضاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس حرام عليها رائحة الجنة ).
وأما إذا كان الأمر لا منك ولا منه ولكن كان في قلبك كراهة له شديدة, لا يمكن أن تبقي معه فلا حرج عليك في هذه الحال أن تطلبي الطلاق, (فإن امرأة
نسأل الله التوفيق, وأن يجمع بين كل زوجين بخير.
الجواب: الوقوف للشخص الداخل احتراماً له ولشأنه جائز بشرط أن يكون هذا الداخل أهلاً للإكرام والاحترام, أما إذا لم يكن أهلا فلا يجوز أن يقام له, ثم إننا إذا قلنا بالجواز لا نريد بذلك أن القيام وعدمه سواء, بل عدم القيام أولى, وسير الناس على عدم القيام أفضل؛ لأن هذا من المعروف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم, فإن أعظم الخلق احتراماً أي أعظم الخلق أن يحترم رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومع ذلك فإنه إذا دخل على أصحابه لا يقومون له لما يعلمون من كراهته لذلك, وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم لوفد ثقيف حين قدموا عليه, وهذا يدل على أن القيام في موضعه لا بأس به، وأما بدون سبب فالأولى تركه, فلو اعتاد الناس عدم القيام فهو أفضل, لكن لما ابتلي الناس الآن بالقيام وصار الداخل إذا لم يقوموا له وهو أهل لأن يقام له قد يقول في نفسه: إن هؤلاء انتقصوا حقه فلا بأس في القيام حينئذ.
وأما القيام على الشخص وهذا ليس هو القيام له، القيام عليه بأن يكون جالساً ويقوم عليه أحد من الناس تعظيماً له فهذا مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( لا تقوموا كما تقوم الأعاجم -أظنه قال:- على عظمائها ) إلا إذا كان هناك مصلحة أو حاجة فمن المصلحة أن يكون في ذلك إغاظة للكفار كما فعل الصحابة رضي الله عنهم حين قاموا على النبي صلى الله عليه وسلم في حال المراسلة بينه وبين قريش في عمرة الحديبية, فإن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه كان قائماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيده السيف, أو كان القيام خوفاً من حدوث فتنة أو شر فهذا أيضاً لا بأس به, وأما إذا كان الأمر آمناً ولم يكن هناك مصلحة لإغاظة الكفار فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القيام على الرجل.
وأما القيام إلى الشخص بمعنى استقباله إذا دخل فهذا أمر قد يكون مأموراً به إذا كان الداخل أهلاً لذلك, فإذا تقدم الإنسان خطوات استقبالاً للداخل فهذا قيام إليه وليس به بأس, وقد وقع ذلك في حياة النبي عليه الصلاة والسلام ولم ينكره، وهذا بالنسبة للقائم.
أما من يقام له فلا ينبغي أبداً أن يحب المرء أن يقوم الناس له بل ينبغي أن يكون الإنسان متواضعاً يرى نفسه مثل إخوانه ليس له حق عليهم, وكان أفضل الخلق محمد صلى الله عليه وسلم إذا دخل جلس حيث ينتهي به المجلس، فلا ينبغي للإنسان أن يشعر نفسه بأنه أهل لأن يقام له, أو يكون في قلبه شيء إذا لم يقم الناس له.
أما من أحب أن يتمثل الناس له قياماً وأن يقوم عليه فقد ورد فيه وعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أحب أن يتمثل الناس له قياماً فليتبوأ مقعده من النار ).
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر