الجواب: الواجب على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف, لأمر الله تعالى بذلك في قوله: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وحق العشرة حق واجب على الزوج لزوجته, وعلى الزوجة لزوجها, ومن المعاشرة بالمعروف أن لا يغيب الإنسان عن زوجته مدة طويلة؛ لأن من حقها أن تتمتع بمعاشرة زوجها, كما يتمتع هو بمعاشرتها, ولكن إذا رضيت بغيبته ولو مدة طويلة فإن الحق لها ولا يلحق الزوج منها حرج, لكن بشرط أن يكون قد تركها في مكان آمن لا يخاف عليها, فإذا غاب الإنسان لطلب الرزق وزوجته راضية بذلك فلا حرج عليه, وإن غاب مدة سنتين أو أكثر, وأما إذا طالبت بحقها في حضوره, فإن الأمر يرجع في ذلك إلى المحاكم الشرعية وما تقرره في هذا فإنه يعمل به.
الجواب: يجب على الرجل أن يقيم الصلاة جماعة في المساجد مع المسلمين؛ لأن صلاة الجماعة واجبة على الأعيان على القول الراجح من أقوال أهل العلم, وأدلة ذلك من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وحال الصحابة رضي الله عنهم, أما في كتاب الله فإن الله تعالى يقول: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43]، ويقول الله تعالى: وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ [النساء:102].
ووجه الدلالة من هذه الآية: أن الله تعالى أوجب الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم جماعة في حال الخوف, فإيجابها في حال الأمن من باب أولى, والدليل على أنها فرض على الأعيان, أن الله عز وجل أوجبها على الطائفة الثانية, ولو كانت فرض كفاية لاكتفي بصلاة الجماعة من الطائفة الأولى.
وأما من السنة فالأحاديث في ذلك كثيرة, منها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام, ثم آمر رجلاً فيؤم الناس, ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار ).
وأما حال الصحابة رضي الله عنهم فقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق, ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين, حتى يقام في الصف, وقد أجمع المسلمون على أن الصلاة جماعة في المساجد من أفضل العبادات, وأجل الطاعات, ومن تركها فقد وقع في إثم, وفاته الأجر العظيم, الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( صلاة المرء في جماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ).
والسائل الذي سأل يقول: إن بينه وبين المسجد مسافة كيلو، وأنه يسمع الأذان بمكبر الصوت فإذا كان لا يشق عليه حضور الجماعة في المسجد, فإنه يجب عليه أن يحضر, والناس يختلفون في ذلك, فإذا كان شاباً جلداً, فإن الظاهر أن ذلك لا يشق عليه, وإن كان ضعيفاً أو شيخاً كبيراً, فقد يشق عليه ذلك, وعلى كل فإن الإنسان إذا علم أن صلاة الجماعة واجبة في المسجد, فليعلم أن الواجب لا يسقط إلا عند العجز عنه، أو المشقة الكبيرة بفعله.
الجواب: لا يمكن تقدير ذلك بساعة محددة معينة, ولكن يمكن لكل إنسان معرفته, بحيث يقسم الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر, ثلاثة أقسام, فإذا مضى القسمان الأولان, وهما ثلثا الليل, فإن القسم الثالث هو الثلث الأخير, وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة : ( أن الله عز وجل ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر, فيقول: من يدعوني فأستجيب له, من يسألني فأعطيه, من يستغفرني فأغفر له ). فينبغي للإنسان المؤمن أن يغتنم ولو جزءاً يسيراً من هذا الوقت, لعله يدرك هذا الفضل العظيم, ولعله يدرك نفحة من نفحات المولى جل وعلا, فيستجيب الله له ما دعا به نسأل الله التوفيق للجميع.
الجواب: لا يجوز للمرأة أن تأخذ من مال زوجها بغير إذنه؛ لأن الله سبحانه وتعالى حرم على العباد أن يأخذ بعضهم من مال بعض, وأعلن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في حجة الوداع, حيث قال: ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام, كحرمة يومكم هذا, في شهركم هذا, في بلدكم هذا, ألا هل بلغت )، ولكن إذا كان زوجها بخيلاً, ولا يعطيها ما يكفيها وولدها بالمعروف من النفقة, فإن لها أن تأخذ من ماله بقدر النفقة بالمعروف لها ولأولادها, ولا تأخذ أكثر من هذا, ولا تأخذ شيئاً تنفق منه أكثر مما يجب لها هي وأولادها, لحديث هند بنت عتبة : ( أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاشتكت زوجها، وقالت: إنه رجل شحيح, لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني, فقال النبي صلى الله عليه وسلم لها: خذي من ماله ما يكفيك ويكفي بنيك, أو قال: ما يكفيك ويكفي ولدك بالمعروف )، فأذن لها الرسول صلى الله عليه وسلم أن تأخذ من ماله, ما يكفيها ويكفي ولدها بالمعروف, سواء علم بذلك أم لم يعلم, وفي سؤال هذه المرأة أنها تحلف لزوجها أنها لم تأخذ شيئاً, وحلفها هذا محرم, إلا أن تتأول, بأن تنوي بقولها: والله ما أخذت شيئاً يعني: والله ما أخذت شيئاً يحرم علي أخذه, أو والله ما أخذت شيئاً زائداً على النفقة الواجبة عليك, أو ما أشبه ذلك من التأويل الذي يكون مطابقاً لما تستحقه شرعاً؛ لأن التأويل سائغ فيما إذا كان الإنسان مظلوماً, أما إذا كان الإنسان ظالماً, فإنه لا يسوغ, والمرأة التي يبخل عليها زوجها بما يجب لها ولأولادها هي مظلومة, فيجوز لها أن تتأول.
الجواب: الذي أعلمه من ذلك أنه صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم, كما ثبت ذلك عنه, وأما أنه أفضل الخلق على الإطلاق, فلا يحضرني الآن دليل في ذلك, لكن بعض أهل العلم صرح بأنه أفضل الخلق على الإطلاق, كما في قول صاحب الأرجوزة:
وأفضل الخلق على الإطلاق نبينا فمل عن الشقاق
والمهم أن محمداً عبد الله ورسوله, أرسله الله تعالى إلى الثقلين, الإنس والجن هادياً ومبشراً ونذيراً, فعلينا أن نؤمن به, تصديقاً لأخباره, وامتثالاً لأوامره, واجتناباً لنواهيه, هذا هو الذي ينفع الإنسان في دينه ودنياه ومعاشه ومعاده.
الجواب: حقوق العباد إما مالية وإما بدنية, فإن كانت تتعلق ببدن الشخص, فالتخلص منها ألا يمانع الإنسان من له الحق في أخذه منه, فإذا وجب عليه قصاص في جرح أو في عضو من الأعضاء, فالتخلص من ذلك أن يمكن من له الحق من الأخذ بالقصاص, وأما إذا كانت مالية, فإن التخلص من ذلك, أن يؤدي الحق إلى صاحبه, فيؤدي المال إليه إن كان موجوداً, أو إلى ورثته إن كان معدوماً, فإن لم يكن له ورثة, أدى ذلك إلى بيت المال, وبهذا يتخلص منه, أما إذا عجز عن أداء الحقوق إلى أهلها, فإنه قد ثبت في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه, ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله ).
فإذا كان هذا الإنسان حريصاً على الأداء ساعياً فيه ما أمكن ولكنه عجز, وكان من نيته أن يؤدي, فإن الله تعالى يؤدي عنه الحق لمن له الحق بمنه وكرمه, وتبقى ذمة هذا العاجز بريئة, وأما من أخذ أموال الناس لا يريد أداءها, وإنما يريد إتلافها عليهم وأكلها بالباطل, فإن الله تعالى يتلفه بالنقوص في أمواله, وربما يتلفه أيضاً بالأخذ من حسناته, كما جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( من تعدون المفلس فيكم, قالوا: من لا درهم عنده ولا متاع, قال: المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال, ثم يأتي وقد ظلم هذا, وشتم هذا, وضرب هذا, وأخذ مال هذا, فيأخذ هذا من حسناته, وهذا من حسناته, فإن بقي من حسناته شيء, وإلا أخذ من سيئاتهم فطرح عليه, ثم طرح في النار ). وعلى المرء أن يتخلص من حقوق العباد ما دام في زمن المهلة, وأن يؤديها إليهم, وألا يماطل بها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( مطل الغني ظلم ).
الجواب: كل شيء يجري منذ أن خلق الله القلم إلى يوم القيامة, فإنه مكتوب في اللوح المحفوظ؛ لأن الله سبحانه وتعالى, ( أول ما خلق القلم قال له: اكتب. قال: رب! وماذا أكتب, قال: اكتب ما هو كائن, فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة ), وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن الجنين في بطن أمه إذا مضى أربعة أشهر, بعث الله إليه ملكاً ينفخ فيه الروح, ويكتب رزقه, وأجله, وعمله, وشقي أم سعيد ).
والرزق أيضاً مكتوب, لا يزيد ولا ينقص, ولكن الله سبحانه وتعالى قد جعل له أسباباً يزيد بها وينقص, فمن الأسباب: أن يعمل الإنسان بطلب الرزق، كما قال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [الملك:15]. ومن الأسباب: صلة الرحم, من بر الوالدين وصلة القرابات, فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من أحب أن يبسط له في رزقه, وينسأ له في أثره فليصل رحمه ).
ومن الأسباب: تقوى الله عز وجل, كما قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].
ولا تقل: إن الرزق مكتوب ومحدود, ولن أفعل الأسباب التي توصل إليه, فإن هذا من العجز, والكياسة والحزم. أن تسعى لرزقك, ولما ينفعك في دينك ودنياك, قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( الكيس من دان نفسه, وعمل لما بعد الموت, والعاجز من أتبع نفسه هواها, وتمنى على الله الأماني ).
الجواب: يصح أن تتزوجها إذا كان هذا الرضاع لم يستكمل الشروط, وشروط الرضاع المحرم, أن يكون خمس رضعات فأكثر, في زمن الإرضاع, أي: في الحولين قبل الفطام, ودليل ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات يحرمن, ثم نسخن بخمس معلومات يحرمن ), وقوله صلى الله عليه وسلم: ( إنما الرضاعة من المجاعة ). وفي الحديث: ( لا رضاع إلا ما أنشز العظم, وكان قبل الفطام ). فإذا كانت بنت خالتك هذه قد رضعت من أمك قبل أن تفطم خمس رضعات فأكثر, فهي أخت لك, فلا يحل لك أن تتزوج بها, وأما إذا كانت قد رضعت أقل من خمس, أو كانت قد رضعت بعد الحولين والفطام, فإنها لا تكون أختاً لك، ويجوز لك أن تتزوج بها.
الجواب: كأن السائل يريد أنه وجد نسخاً من الإنجيل, وأشكل عليه هل يحرقها أو يدفعها للنصارى الذين يدعون أنهم متبعون لعيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام, والذي أرى أنه يجب عليه إحراقها, وأنه لا يحل له أن يعطيها النصارى.
الجواب: إذا كان الجزار الذي لا يصوم ولا يصلي, هو الذي ذبح الذبيحة, فإنه لا يحل لك أن تشتري منه شيئاً؛ وذلك لأن الذي لا يصلي كافر مرتد عن الإسلام, ولا تحل ذبيحته.
إذ إن من شرط حل الذبيحة, أن يكون المذكي مسلماً أو كتابياً، والكتابي: هو اليهودي أو النصراني, وأما المرتد والعياذ بالله. فإنها لا تحل ذبيحته, والذي لا يصلي مرتد كافر خارج عن الإسلام, كما دل على ذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة رضي الله عنهم والنظر الصحيح, وقد بينا ذلك في عدة حلقات سابقة, ونرجو أن يكون لدى المستمع وقت يتمكن من طلبها والسماع إليها.
الجواب: عملك هذا صحيح, ما دمت مسافراً, حتى وإن كنت تتردد وتجوب البلاد طولاً وعرضاً, وقد نص على ذلك أهل العلم رحمهم الله فقالوا: إن صاحب سيارة الأجرة الذي يكون دائماً يؤجرها, إذا فارق وطنه فهو مسافر, حتى يرجع إلى وطنه, وإنما اختلف أهل العلم فيما إذا نوى هذا المسافر الإقامة في مكان ما أكثر من أربعة أيام, فهل يلزمه الإتمام أو لا, والمسألة فيها خلاف طويل عريض, والراجح من أقوال أهل العلم أنه لا تحديد للمدة التي ينوي المسافر إقامتها ما دام في نيته أنه متى انتهى عمله أو شغله رجع إلى وطنه, وذلك لعدم الدليل عليه من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو الإجماع.
الجواب: إذا أنفق الإنسان ثلث ماله في حياته فإن ذلك لا يعد وصية بل هو تبرع, والإنسان ما دام حياً صحيحاً فله أن يتبرع بما شاء من ماله, ولا حجر عليه, إذا لم يتعلق بماله حق لأحد من الناس, كما لو كان مديناً وكان تبرعه يضر بالغرماء وما أشبه ذلك, والمهم أن ما ينفذه الإنسان في حياته لا يعد وصية, بل هو تبرع نفذه, لكن إذا كان هذا التنفيذ في مرض موته المخوف وما ألحق به, فإنه يعتبر من الثلث فأقل لغير وارث؛ لأن العطية في هذه الحال حكمها حكم الوصية, في أنه لا يجوز أن يتبرع بزائد على الثلث, ولا لأحد من الورثة بشيء, وأما نقل الزكاة من بلد إلى آخر فإن الصحيح جوازها, ولاسيما إذا كان في ذلك مصلحة, كما لو نقلها من بلد إلى بلد أهله أحوج, أو نقلها من بلد إلى بلد؛ لأن له فيها أقارب مستحقين للزكاة فإنه جائز ولا بأس به.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر