الجواب: هذه القطرات إن كانت قبل طهارة الثياب فإنها تنجس ما أصابته، لأن المحل لم يطهر بعد، وهذه القطرات تكون نجسة لانفصالها عن محل نجس، وأما إذا كان هذا بعد طهارة الثياب، فإنه لا يضرها إذا تساقط شيء منها على ثيابها، وطهارة البول ليس بذاك الأمر الصعب؛ لأن البول سريع الزوال، وانظر ما لو نقطت نقطة من البول على بلاطة، فإنك إذا صببت عليها ماء انسحبت مع الماء وزالت، وكذلك لو كانت على قطعة من القماش، فإنك إذا صببت عليها ماء وفركتها فإنها تزول.
فعلى كل حال إذا كانت هذه النقط بعد أن طهرت الثياب فإنها لا تؤثر شيئاً، وإن كانت قبل أن تطهر فإنها تكون نجسة، ويجب غسل ما أصابته.
أما بالنسبة للسؤال الثاني: وهو أن الأطفال يلمسون مقابض الأبواب وأيديهم نجسة، فإننا نقول: ما الذي أدراها أن أيدي الأطفال نجسة، فما دامت لا تعلم علم اليقين أن هذه الأيدي تلوثت بالنجاسة، فإن الأصل الطهارة، ولا نحكم بنجاسة الأولاد إذا لم نعلم أنهم تلوثوا بالنجاسة، لا بأبدانهم ولا بثيابهم، نعم إذا تيقنا أن الطفل مس هذا المقبض وتلوث هذا المقبض بنجاسته، فإنه لابد من غسل هذا المقبض بالماء، ويرى بعض أهل العلم أن الشيء الصقيل إذا مسح مسحاً تاماً حتى زال أثر النجاسة، فإنه يطهر، والمهم أننا إذا تيقنا أن أيدي الصبي نجسة، وأن مقبض الباب تلوث بها، فإنه لابد من إزالة هذه النجاسة التي تلوث بها هذا المقبض، وإلا فالأصل الطهارة.
الجواب: الجواب على هذا من وجهين؛ الوجه الأول: أنه لا ينبغي للإنسان أن يحلف على ترك معصية من المعاصي، أو على فعل واجب من الواجبات، فإن هذا مما نهى الله عنه، قال الله تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [النور:53] ، فالذي ينبغي للإنسان أن يستعين بالله عز وجل على فعل الطاعات وترك المحرمات بدون أن يحلف، بل يمرن نفسه على قبول أمر الله ورسوله، فعلاً للمأمور وتركاً للمحظور بدون إلزام بالقسم.
وأما الوجه الثاني: فإن هذه المرأة التي حلفت ألا تغسل يديها أكثر مما ينبغي أن تغسلها، ثم فعلت وتكرر ذلك منها، فإنه يجب عليها كفارة يمين، وما دام الفعل جنساً واحداً، فإنها تكتفي بكفارة واحدة، وكفارة اليمين هي كما ذكرها الله عز وجل: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ [المائدة:89] ، وإطعام المساكين يكون على وجهين؛ أحدهما: أن يغديهم أو يعشيهم، بأن يصنع طعاماً فيدعو إليه عشرة من الفقراء ليأكلوه، والثاني: أن يفرق عليهم حباً من بر أو رز، والرز في وقتنا هذا هو أوسط ما نطعم أهلينا، فيكون أولى من غيره، ومقداره حسب ما حررته بالأصواع المعروفة في عامة هذه البلاد، صاعان من الرز، ولكن ينبغي أن نضيف إلى هذا الطعام شيئاً يؤدمه من لحم أو نحوه حتى يتم الإطعام.
الجواب: هذا لا يغني عن قراءته، لكن لا شك أن المستمع له أجر، وأنه مشارك للقارئ في أجره، ولهذا إذا مر القارئ بآية سجدة سجد هو والمستمع، ولكن أحياناً يكون الإنسان عنده كسل وتعب فيحب أن يسمع القرآن من غيره، فإذا رأى من نفسه أن سماعه من غيره أشد استحضاراً، وأقوى تدبراً، وأنفع لقلبه، ففعله فلا حرج، وأما أن يتخذ ذلك ديدناً له ويدع القراءة بنفسه، فإن هذا لا ينبغي، ولا يغني عن القراءة بالنفس.
وأما أيهما أكثر أجراً؟ فلا شك أن قراءة الإنسان بنفسه أكثر أجراً؛ لأن فيها عملاً، واستماعاً في نفس الوقت، فالإنسان يحرك مخارج الحروف بالنطق، وهذا عمل، ويسمع قراءته ويستمع إليها، وهذا السماع، ولكن قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل بحيث يكون تدبره ووعيه في قراءة غيره أكثر من تدبره إذا قرأ هو بنفسه، ولكل مقام مقال، لكن بالنظر إلى العمل من حيث هو عمل، فإن القراءة أفضل من السماع.
الجواب: من أخر ذلك بدون عذر فإنه لا شك في إثمه، وأنه فعل جرماً عظيماً، حيث صلى بدون طهارة، والصلاة بدون طهارة من كبائر الذنوب، حتى ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكفر بذلك، لأن هذا من باب اتخاذ آيات الله هزواً، لكن المشهور عند جماهير أهل العلم أنه لا يكفر من صلى محدثاً، ولكنه قد فعل إثماً عظيماً والعياذ بالله، وعليه في مثل هذه الحال أن يتوب إلى ربه سبحانه وتعالى، وأن يعيد الصلاة التي صلاها وعليه الجنابة؛ لأنه صلى صلاة بغير طهور، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا يقبل الله صلاة بغير طهور).
الجواب: هذه العملية عملية محرمة في الإسلام، قرنها الله تعالى بالشرك وشرب الخمر، لأنها من الميسر، قال الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90] ، فلا يجوز للمرء أن يقامر، سواء كان بهذه الطريقة أم بطريقة أخرى غيرها، لأن القمار ميسر بلا شك، والميسر محرم، وهو كما سمع المستمع مقرون بالخمر والأنصاب والأزلام، والصدقة من هذا الربح الخبيث غير مقبولة، لأنها صدقة من كسب خبيث محرم، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)، ولكن من تاب إلى الله من هذا العمل وقد أخذ ربحاً بهذه الطريقة، فإن عليه أن يتصدق بما أخذ، أو أن يصرفه في مصالح عامة تخلصاً منه لا تقرباً به، (تخلصا منه)، لأنه لا طريقة إلى الخلاص إلا بهذا، وقد قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ، (لا تقرباً به)، لأنه لو تقرب به لتصدق به على أنه ملكه، لا على أنه مخرجه من ملكه، وحينئذ لا تبرأ ذمته منه، ولا يقبل منه، لأنه كسب خبيث، والله تعالى لا يقبل إلا طيباً.
وأنا أنصح إخواني المسلمين وأوصيهم بما أوصى به الله عباده بتقوى الله سبحانه وتعالى بترك هذه المعاملات المبنية على الغرر والقمار بأي لون كانت، وبأي اسم سميت، فإن الحقائق لا تتغير باختلاف الصور ولا بالأسماء المزخرفة، وفيما أباح الله لنا من البيع والشراء والتأجير، وغير ذلك من المعاملات غنى عن هذه المعاملات المحرمة.
مداخلة: هل يجوز بناء مسجد من هذا أو إنشاء صدقة جارية من هذا الكسب؟
الشيخ: سبق أن قلت: إنه إذا فعل ذلك تخلصاً منه فلا حرج عليه، وتبرأ به ذمته، لكن ليس له أجر من هذا العمل، إنما له أجر بالتخلص منه والتوبة منه، أما نفس ما يجري من العمل، وانتفاع المسلم به، فإنه ليس له أجر به، لأنه ليس من ماله، وأما إذا فعله على سبيل الصدقة لنفسه والتقرب به إلى الله، فإن ذلك لا ينفعه، لا يقربه إلى الله عز وجل، ولا يتخلص به، ولا تبرأ به ذمته، وأما باعتبار انتفاع المسلمين به فسينتفعون به، لكن صاحبه لا ينتفع به.
الجواب: قبل الجواب على هذا السؤال أحب أن أنصح، وما أكثر ما يوجب النصح من أفعال بعض المسلمين، أحب أن أقول: إن أي عمل يقدم عليه الإنسان وهو لا يدري عن حكم الله فيه، فإنه على خطر فيه، والواجب على المؤمن إذا أراد أن يعمل عملاً سواء كان عبادة أو معاملة، ألا يقدم على الشيء حتى يتبين له حكم الله فيه، ليكون على بصيرة من أمره، لا سيما في مثل هذه الأمور الحظيرة، أمور النكاح والطلاق، وكون الإنسان لا يتفطن للشيء إلا بعد أن يصاب بأمر يفسره بأنه بسبب مخالفته، هذا أمر لا يليق بالمؤمن، ولا ينبغي للحازم، فكان على هذا الأخ حين وقع منه ما وقع أن يسأل قبل أن يفسر الأمر بنفسه تفسيراً صادراً عن جهل، وأسأل الله أن يتوب علينا وعليه.
أما بالنسبة لجواب سؤاله الخاص، فإني أقول: إذا كان هذا الرجل يريد بقوله لزوجته: إن ذهبت إلى أهلك فهو طلاقك، يريد بذلك تهديدها ومنعها من الذهاب إلى أهلها، فإن هذا يعتبر في حكم اليمين، وله أن يعدل عنه ويكفر كفارة يمين، وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة من المساكين أو كسوتهم، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، وأما إذا كان قصده بقوله: إن ذهبت إلى أهلك فهو طلاقك، قصده وقوع الطلاق، بحيث يشعر بنفسه أنها إذا عصت وخالفت، فإنه لا يرغب أن تبقى زوجة له، فإن مثل هذا يقع به الطلاق إذا خرجت إلى أهلها، ولا يمكنه العدول عن هذا التعليق، لا يمكنه أن يزيد شرطاً فيه، أو أن يلغيه بالكلية، فقوله الأخير: إن ذهبت إلى أهلك بغير إذني فهو طلاقك، غير معتبر، لأنه بالتعليق الأول ثبت الحكم، وهو الطلاق المعلق على هذا الفعل، فلا يمكن أن يزاد فيه أو ينقص منه أو يلغى بالكلية، وعلى هذا فإنها إذا ذهبت إلى أهلها تكون طالقاً بذهابها إلى أهلها، وإذا كان الطلاق رجعياً فإن له أن يراجعها ما دامت في العدة، نعم لو كان قد قصد من البداية إن ذهبت إلى أهلك فهو طلاقك بغير إذن مني، فإن النية تخصص العام، ويكون ذلك تخصيصاً، فإذا خرجت بإذنه فلا حرج عليهما.
الجواب: يتضح لنا من سؤال هذا الرجل أنه عرف أنه قد فعل محرماً، وأنه تاب إلى الله سبحانه وتعالى، ولكن هذه التوبة متعلقة بحق المخلوق، والتوبة المتعلقة بحق المخلوق لا تكون نصوحاً حتى يؤدي إلى المخلوق حقه وعلى هذا فيجب عليك أن تبحث عن أولئك النفر الذين أخذت منهم زيادة على ما قدرته الشركة، وتدفع إليهم هذه الزيادة، لأنك أخذتها بغير حق، فإن كنت لا تعرفهم الآن، ولا يمكنك معرفتهم، فإنه يجب عليك أن تتصدق بقدر ما أخذت تخلصاً منه لا تقرباً به إلى الله عز وجل، وبذلك تبرأ ذمتك، وتخلص من هذا الذنب في حياتك، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق.
الجواب: في هذه المدة التي ترجع فيها إليكم لا يجوز لها أن تقصر الصلاة، وذلك لأنها رجعت إلى وطنها، والمسافر إذا رجع إلى وطنه يجب عليه إتمام الصلاة، حتى وإن كان لا يمكث فيه إلا أياماً يسيرة، لأنه عاد إلى الأصل، وأما إذا كان الإنسان مسافراً فإنه يجوز له أن يقصر الصلاة، وعلى هذا فيلزم أختك إذا رجعت إليكم أن تصلي صلاة تامة غير مقصورة.
الجواب: هذا القضاء إذا كان قضاء عن واجب كقضاء رمضان فإنه لا يجوز لأحد أن يفطره إلا لضرورة، وأما فطره لنزول الضيف به فإنه حرام ولا يجوز، لأن القاعدة الشرعية: أن كل من شرع في واجب فإنه يجب عليه إتمامه. وأما إذا كان قضاء نفل فإنه لا يلزمها أن تتمه، لأن الأصل ليس بواجب، فالقضاء ليس بواجب، فعلى هذا إذا كان الإنسان صائماً صيام نفل، وحصل له ما يقتضي الفطر فإنه يفطر، وهذا هو الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في أنه جاء إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقال: (هل عندكم شيء)؟ فقالت: أهدي لنا حيس. فقال: ( أرنيه فلقد أصبحت صائماً)، فأكل منه صلى الله عليه وسلم، وهذا في النفل وليس في الفرض، لكن أنا أنصحك ألا تفتي بشيء إلا وأنت تعلمينه، لأن الإفتاء معناه القول على الله، والقول على الله بغير علم محرم كما قال الله تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء:36] ، وقال سبحانه وتعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33] ، فلا يحل لأحد أن يفتي غيره إلا عن علم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر