إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [194]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لسؤال: رجل مصابٌ بضيق الصدر وكثرة الشكوك والوساوس، وخاصةً حينما يقرأ في كتب الفقه في أبواب الطلاق والأيمان، وخصوصاً حينما يصف حالة رجلٍ طلق زوجته، ويذكر قوله بلسانه كأنه هو الناطق بذلك، فإنه يخشى أن يقع منه طلاقٌ رغم أنه يصف طلاق شخصٍ آخر، مما سبب له القلق والشك، فهل يقع منه أو من أمثاله ممن يروون حالة طلاقٍ من الغير على ألسنتهم، أو مثلاً في حالة تعليمٍ أو نحو ذلك، وما شرح الحديث إن كان صحيحاً بهذا اللفظ: ( ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: الطلاق والنكاح والعتاق

    الجواب: هذا الأخ الذي ابتلي بهذا الأمر وهو الوسواس فيما يتعلق بالطلاق والأيمان، نخبره ونرشده إلى أن هذا الأمر الذي يقع منه قد يبتلى به بعض الناس، وهو كثير، ودواؤه أن يستعيذ الإنسان بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وأن لا يلتفت إليه، وأن يعلم أن اليقين لا يزال بالشك، وأن النكاح الثابت الباقي لا يمكن أن يزال بمجرد أوهامٍ ووساوس، وأن زوجته لا تطلق إذا حكى طلاق غيره، أو قرأ في كتب العلم ذكر الطلاق، أو علَّم أحداً ممن يقرأ عنده بأحكام الطلاق، فإن الزوجة لا تطلق بذلك، بل إنه إذا غُلب عليه حتى لفظ بالطلاق مغلوباً عليه بدون قصدٍ ولا إرادة، فإنه لا يقع منه الطلاق في هذه الحالة، فإن بعض الموسوسين في هذا الأمر يجد من نفسه ضيقاً عظيماً وحرجاً شديداً حتى ينطق بالطلاق بدون إرادة وبدون قصد، فمثل هذا لا يقع طلاقه، إنما يقع الطلاق إذا أراده الإنسان إرادةً حقة، وكتبه بيده، أو نطقه بلسانه مريداً له غير ملجئ إليه ولا مغلقٍ عليه ذكره حينئذٍ، فهذا الذي يقع عليه الطلاق، ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن الموسوس لا يقع طلاقه.

    وعلى كل حال فإن دواء هذا الوسواس الذي أصاب الأخ السائل وربما أصاب غيره كثيراً، دواؤه أن لا يلتفت الإنسان إليه، وأن لا يهتم به، وأن يعلم أنه إذا حكى طلاق غيره، أو قرأ في الفقه باب الطلاق أو درس طلبةً في باب الطلاق، فإنه لا تطلق زوجته إذا قال مثل: أنت طالقٌ، يريد أن يمثل به للطلبة أو نحو ذلك.

    ونصيحتي لهذا وأمثاله أن لا يلتفتوا إلى هذه الوساوس أبداً، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ويدخل عليه وساوس في أمورٍ عظيمة، كمسألة الطلاق ومسألة الصلاة، بل حتى مسألة الإيمان بالله سبحانه وتعالى، ودواء ذلك أن يستعيذ بالله من هذا الأمر، وأن ينتهي ويعرض عنه ويلهو عنه، وهو بحول الله سيزول، وقد جرب ذلك كثير من الناس فانتفعوا حينما كانوا يستعيذون بالله من الشيطان الرجيم عند إصابتهم بهذا، وينتهون عما يوسوسون به، فرأوا من ذلك فائدةً عظيمة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة بمثل هذا حين شكوا إليه أنهم يجدون في نفوسهم ما لو خر أحدهم من السماء لكان أحب إليه من أن ينطق به، أو لو كان حممة، أي: فحمة محترقة، فأرشدهم إلى ذلك صلى الله عليه وسلم.

    وأما الحديث الذي ذكره فهو صحيح، فإن الطلاق والنكاح والعتق هزله جد، فمن عقد النكاح وقال: أنا هازل، فإنه لا يقبل قوله هذا، لأنه عقده وأراده، وكذلك من طلق ولو كان هازلاً، فإن طلاقه يقع ما دام أراد الطلاق، فلو كان يمازح زوجته، فقال لها: أنت طالق، وهو يمازحها، فإنها تطلق بذلك، وبهذا نرى أنه يجب على الإنسان أن يحترز في مثل هذه الأمور، وأن لا يتلاعب بالطلاق.

    مداخلة: بالنسبة لعقد النكاح، هل تمثلون بمثال لانعقاده في حالة الهزل؟

    الشيخ: يمكن أن يكون أحد الناس يمزح مع واحد فيقول مثلاً: أنا أريد أن تزوجني ابنتك وما أشبه ذلك، أو يقول له مثلاً: أنا عندك كفؤ ما أنت مزوجني، فيقول: لا، أنا أزوجك، ويمزح عليه ويقول: زوجتك، فيقول: قبلت، فهذا ربما يقع، فإذا حصل هذا الشيء انعقد النكاح.

    مداخلة: لا بد أن يكون من ولي الفتاة نفسها؟

    الشيخ: إي نعم، لا بد أن يكون من وليها، وأن يكون عند من يشترط الإشهاد أن يكون بحضور شهود، وأما الوعد المجرد فهذا لا ينعقد به النكاح، مثل أن يقول: سأزوجك ابنتي، أو انتظر حتى تكبر أو ما أشبه ذلك، فهذا لا ينعقد به النكاح، لأنه وعد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089480086

    عدد مرات الحفظ

    785530623