إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [79]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • السؤال: هل يجوز الدعاء إلى الله عز وجل والتوسل إليه بجاه الأنبياء أو بجاه عباده الصالحين، بمعنى: أن نقول: اللهم إنا نسألك بجاه نبيك صلى الله عليه وسلم أن تغفر لنا ذنوبنا غير ذلك من الدعاء، ويقول: إنكم قد أشرتم في إجابتكم أنه من وجد حديثاً يخالف عدم الجواز فيرسل إلينا، وأنه وجد حديثاً في بلوغ المرام يقول فيه: الحديث عن أنس رضي الله عنه، عن عمر رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بـ العباس بن عبد المطلب وقال: (اللهم إنا كنا نستسقي إليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون). رواه البخاري ، ويقول: فما رأي فضيلة أستاذنا الجليل في ذلك: هل له من صحة أم من الأحاديث الضعيفة الزائدة؟ والله الموفق.

    الجواب: قبل أن أجيب على هذا السؤال أولاً: أشكر الأخ على تعاونه مع إخوانه؛ لأن هذا من التعاون على البر والتقوى، فإن الإنسان بشر يخطئ ويصيب ويذهل عن الشيء ويغيب، والشريعة ليست محصورةً على أحدٍ معينٍ من الناس، بل كل من آتاه الله تعالى علماً وفهماً وإخلاصاً فإن له الحق في أن يتكلم بما آتاه الله تعالى من علمٍ وفهمٍ وإخلاص، وهذا هو واجب كل مسلم في هذا الباب وغيره، أن يكون ناصحاً لإخوانه حريصاً على حفظ شريعة الله، إذا تكلم أحدٌ فيها بخطأ حاول إصلاح الخطأ على وجه الحكمة والصواب.

    وأما بالنسبة لسؤاله هذا الحديث الذي أشار إليه فهو حديثٌ صحيح رواه البخاري ، ولكن من تأمله وجد أنه دليلٌ على عدم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره، وذلك أن التوسل: هو اتخاذ الوسيلة، والوسيلة هي الشيء الموصل إلى المقصود.

    والوسيلة المذكورة في هذا الحديث: (نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا).

    المراد بها: التوسل إلى الله تعالى بدعائه؛ لأن عمر قال للعباس : قم يا عباس فادع الله فدعا، ولو كان هذا من باب التوسل بالجاه لكان عمر رضي الله عنه يتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتوسل العباس ؛ لأنه بلا شك أن جاه النبي صلى الله عليه وسلم عند الله أعظم من جاه العباس وغيره، فلو كان هذا الحديث من باب التوسل بالجاه لكان الأجدر بأمير المؤمنين عمر أن يتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم دون جاه العباس بن عبد المطلب .

    والحاصل: أن التوسل إلى الله تعالى بدعاء من ترجى فيهم إجابة الدعاء لصلاحه لا بأس به، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يتوسلون إلى الله بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لهم، وكذلك أيضاً عمر توسل بدعاء العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، فلا بأس إذا رأيت رجلاً صالحاً حريٌ بالإجابة بكون طعامه وشرابه وملبسه ومسكنه حلالاً، وكونه معروفاً بالعبادة والتقوى لا بأس أن تسأله أن يدعو الله لك بما تحب، بشرط ألا يحصل في ذلك غرورٌ لهذا الشخص الذي طلب منه الدعاء، فإن حصل منه غرورٌ بذلك فإنه لا يحل لك أن تقتله وتهلكه بهذا الطلب منه؛ لأن ذلك يضره.

    كما أنني أيضاً أقول: إن هذا جائز ولكنني لا أحبذه، وأرى أن الإنسان يسأل الله تعالى بنفسه دون أن يجعل له واسطة بينه وبين الله، لأن ذلك أقوى في الرجاء وأقرب إلى الخشية.

    كما أنني أيضاً أرغب في أن الإنسان إذا طلب من أخيه الذي ترجى إجابة دعائه ليدعو له أن ينوي بذلك الإحسان إليه، -أي: إلى هذا الداعي- دون دفع حاجة هذا المدعو له. لأن ذلك إذا طلبه من أجل دفع حاجته صار كسؤال المال وشبهه المذموم، وأما إذا قصد بذلك نفع أخيه الداعي بالإحسان إليه والإحسان إلى المسلم يثاب عليه المرء مثل ما هو معروف صار هذا أولى وأحسن.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089277346

    عدد مرات الحفظ

    783331456