والسؤال هنا: هل حجنا هذا جائز، مع عدم ذبحنا الهدي، حيث إننا بعد طواف الوداع سرنا إلى الرياض؟
الجواب: أما عمرتهم فصحيحة لا غبار عليها؛ لأنها على الوجه المشروع، وأما حجهم فهم أحرموا من منى، ولا حرج عليهم في الإحرام من منى، لكنهم طافوا وسعوا ولا ندري ماذا أرادوا بهذا الطواف والسعي، إن أرادوا به أنه طواف وسعي الحج فهما غير صحيحين، مع أنه ذكر في القضية أنهم طافوا يوم العيد طواف الإفاضة، فإن أرادوا أن هذا الطواف والسعي للحج فهما غير صحيحين؛ لأنهما وقعا في غير محلهما؛ إذ محلهما بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة، وعلى هذا فيعتبران لاغيين، ذكر أنهم طافوا طواف الإفاضة ولم يسعوا للحج، فبقي عليهم إذن السعي، وهو ركن من أركان الحج على القول الراجح عند أهل العلم، وبقي عليهم أيضاً الهدي، هدي التمتع فإنهم لم يذبحوه، والواجب أن يذبح في أيام العيد أو أيام التشريق، وفي مكة في الحرم، وعلى هذا فهم يحتاجون الآن إلى إكمال الحج بالرجوع إلى مكة والسعي بين الصفا والمروة، وكذلك ذبح الهدي الواجب عليهم للمستطيع منهم، ومن لم يستطع فليصم عشرة أيام، ثم بعد السعي يطوفون طواف الوداع، ويرجعون إلى بلدهم.
الجواب: الصحيح أن قراءة المأموم للفاتحة واجبة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن) ، وهو حديث ثابت صحيح، وهو عام لم يستثن منه النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً.
وكذلك في السنن من حديث عبادة بن الصامت : ( صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، ثم انصرف فقال: لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قالوا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها).
وأما إسماع القارئ نفسه فإنه لا يجب على القول الراجح إذا أبان الحروف، ومتى أبان الحروف ونطق بالحرف كاملاً فإنه يكون قد قرأ وتصح قراءته، وإن لم يسمع نفسه، بل إنه إذا كان مأموماً وحاول أن يسمع نفسه فربما يشوش على غيره أحياناً، لأن بعض الناس عندما يقول: أريد أن أسمع نفسي تجده يسمعه من بجنبه، وهذا يشوش على إخوانه، فقد خرج النبي عليه الصلاة والسلام على أصحابه وهم يصلون ويجهرون بالقراءة، فقال صلى الله عليه وسلم: ( كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة) أو قال: ( في القرآن).
الجواب: لا يجوز أن يلتقط اللقطة وهو لا يريد أن يعرفها، بل الواجب أن يلتقطها ليعرفها ويحفظها لصاحبها، وحينئذ نقول: إذا كان لا يريد تعريفها فليدعها، فربما جاء صاحبها فوجدها، وربما جاء من يأخذها فيعرفها، وربما جاء طفل فأتلفها، فالاحتمالات كلها موجودة وبراءة ذمته هو بتركها، فليتركها ولا يأخذها إذا كان لا يريد تعريفها.
ولكن هنا شيء ينبغي أن نعرفه، وهو أن الشيء اليسير الذي لا تتبعه همة الناس لا بأس أن يأخذه الإنسان لنفسه، ما لم يكن عارفاً بصاحبه فيأخذه ويؤديه له، يعني: العشرة والخمسة، وما يساوي ذلك من الأغراض، هذا إذا أخذه الإنسان لنفسه فله ذلك، ما لم يكن عارفاً بصاحبه فيأخذه ويسلمه له ولو كان قليلاً.
مداخلة: لو تصدق به أليس ذلك أفضل؟
الشيخ: وهو عارف بصاحبه؟
مداخلة: لا يعرف صاحبه.
الشيخ: له أن يتصدق به، وأفضل منه لو تصدق بشيء من ماله.
مداخلة: لا أقصد أنه سيذهب إلى صاحبه هذا الأجر.
الشيخ: قصدك أن يتصدق به لصاحبها؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: هذا محل نظر، لكنه إذا تصدق به بنية أنه محسن إلى صاحبه فلا حرج؛ فإن هذا يكون إحساناً.
الجواب: أما الأول ختام الدرس بقوله: والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، فإن اعتقد الإنسان أن ذلك من السنن المقربة إلى الله، فهذا ليس بصحيح، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتكلم مع أصحابه ويحدثهم ويخطب فيهم ولم يكن يختم ذلك فيما نعلم بمثل هذا، فتركه أولى.
وأما ختم القرآن بقوله: صدق الله العظيم، فكذلك أيضاً إذا اتخذها الإنسان سنة راتبة كلما قرأ قال: صدق الله العظيم، فإن هذا من البدع، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يختم قراءته بقول: صدق الله العظيم.
ومن المعلوم أن صدق الله العظيم ثناء على الله تعالى بالصدق، فهو عبادة، والعبادة لا تكون مشروعة إلا حيث شرعها النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فنقول: لا ينبغي للقارئ أن يختم قراءة القرآن بقول: صدق الله العظيم.
الجواب: حكم حجه صحيح ولا شيء عليه ما دام جاهلاً، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] ، وقال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5] ، ويقول سبحانه وتعالى في جزاء الصيد: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة:95] ، فكل هذه الآيات وكثير من النصوص سواها يدل على أن فاعل المحذور إذا كان جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه، وعلى هذا نقول للرجل: لا تعد لمثل ما فعلت.
الجواب: ليس هذا من الأمور المشروعة بل هو من الأمور المبتدعة، وكل بدعة ضلالة، وخير مكان يقرأ فيه القرآن بيوت الله عز وجل وهي المساجد، وكذلك البيوت يقرأ فيها القرآن، أما المقابر فليست محلاً لقراءة القرآن، وإنما هي محل للسلام على الموتى والدعاء لهم، لا الدعاء عندهم ولا دعاؤهم، فهم لا يدعون ولا يدعى عند قبورهم، وإنما يدعى لهم بالرحمة والمغفرة، لأنهم مفتقرون لذلك.
وأما القراءة للميت سواء عند قبره أو في مكان آخر بالأجرة فإنها حرام، لا تجوز، وهي أيضاً لا ثواب فيها، لقول الله تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود:15-16] .
فقراءة القرآن من أفضل العبادات فإذا صرفت للدنيا وابتغي بها الدنيا، صارت باطلة حابطة، لا تنفع القارئ بل تضره، ولا تنفع المقروء له لأنه لا ثواب له، والمقروء له إنما ينتفع بالثواب، وهنا لا ثواب لأن القارئ أراد بعمله الدنيا، وعلى هذا فاستئجار الإنسان للقراءة للأموات أو غير الأموات محرم، ولا ينتفع به المقروء له، لأنه لا أجر فيه، وفيه أيضاً إتلاف للمال، وصرف للمال في غير وجهه لاسيما إذا أخذ من تركة الميت، وفيهم أي: في الورثة من هم صغار أو سفهاء، فإن ذلك تعد عليهم.
وعلى كل حال الخلاصة: أن هذا العمل لا يجوز، والميت لا ينتفع به.
الجواب: هذا أيضاً من البدع، تخصيص أيام العيد لزيارة المقبرة أمر بدعي لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، فزيارة القبور مشروعة كل وقت ليلاً ونهاراً في أيام الأعياد وغيرها.
أما بالنسبة لزيارة النساء للقبور فهذا لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، ولا يرخص للمرأة أن تزور المقبرة إلا إذا مرت بها بدون قصد، فوقفت وسلمت على أهل القبور فلا حرج، وأما أن تخرج من بيتها بقصد الزيارة فهذا لا يجوز.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر