إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. سلمان العودة
  5. شرح بلوغ المرام
  6. شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب الإحرام وما يتعلق به - حديث 751-759

شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب الإحرام وما يتعلق به - حديث 751-759للشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • اختلفت آراء الفقهاء في نكاح المحرم وخطبته وقول الجمهور في ذلك أنه لا يتزوج ولا يزوج، كما أن المحرم لا يحل له أن يصيد وهو متلبس بالإحرام أو يعين على الصيد، ويجوز للمحرم قتل الفواسق الخمس في الحرم، وذلك للضرر الذي تلحقه في أموالهم وأنفسهم، ويلحق بها كل مؤذي، كما أن في ثنايا هذه المادة الفدية وأنواعها وأحكامها وما يتعلق باللقطة في الحرم والمفاضلة بين مكة والمدينة وأقوال أهل العلم فيها.
    عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب ) رواه مسلم .

    تخريج الحديث

    الحديث رواه مسلم في كتاب النكاح, باب تحريم نكاح المحرم، ورواه أيضاً أبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم في الأبواب أو في الباب ذاته، ورواه أبو عوانة ومالك وأبو داود والترمذي في كتاب الحج أيضاً.

    معاني ألفاظ الحديث

    قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا ينكح المحرم ) يَنكِح الأولى بفتح الياء وكسر الكاف، يعني: لا يتزوج، لا يجوز له أن يتزوج وهو محرم.

    والثانية: (لا يُنكِح) بضم الياء وكسر الكاف، يعني: لا يزوج، فلا يجوز أن يكون المحرم زوجاً, يعني: ذكراً أو أنثى؛ لأن الزوج يطلق على الذكر والأنثى، لا يجوز للرجل أن يتزوج وهو محرم, ولا للمرأة أن تتزوج وهي محرمة، ولا يجوز له أن ينكح، يعني: أن يزوج غيره, كالولي الذي ينكح موليته أو بنته.

    وقوله: ( يخطب ) المقصود هنا خطبة النكاح، وهي تقال بكسر الخاء: خِطبة, كما في قوله سبحانه: وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ [البقرة:235]. أما التي بضم الخاء الخُطبة فهذه على المنبر، وأيضاً هناك خُطبة النكاح التي هي الخُطبة التي تقال عند العقد (إن الحمد لله، نحمده ونستعينه).

    إذاً: هناك خِطبة وهناك خُطبة، وبينهما هذا الفرق.

    حكم نكاح المحرم وأقوال أهل العلم فيه

    في الحديث مسألة، وهي: حكم نكاح المحرم، كون المحرم ينكح أو يُنكح، يتزوج أو يزوج، هذه المسألة فيها قولان.

    القول الأول: أن ذلك لا يجوز، وأنه من محظورات الإحرام، أن يتزوج الإنسان أو يزوج غيره، وهذا قول الجمهور, فهو قول مالك والشافعي وأحمد من الأئمة الأربعة، وهو قول جمع من الصحابة كـعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وغيرهم.

    واستدلوا بحديث الباب, قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب ). وقالوا: إن هذا نهي، والنهي يدل على التحريم، وبناء عليه فهو محظور، ولأن النكاح في القرآن الكريم غالباً يطلق على العقد، أغلب ما يطلق النكاح في القرآن الكريم على العقد, وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ [البقرة:235]. وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ [الممتحنة:10], يعني: تتزوجوهن.

    وجاء في موضع واحد في القرآن الكريم النكاح بمعنى الجماع، وهو قوله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230]. فهنا ليس المقصود أن يعقد عليها، وإنما المقصود الجماع, بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ! لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك ). فدل على أن النكاح في هذه الآية المقصود به الجماع, ولذلك نقول: النكاح يطلق على الجماع، ويطلق على العقد باعتبار أن العقد هو ذريعة ووسيلة وسبيل إلى الاستمتاع بين الزوجين.

    فبالنسبة لكون الجماع من محظورات الإحرام فهذا متفق عليه، ومعروف، وبإجماع العلماء وبإجماع الأئمة إجماعاً قطعياً لا خلاف فيه، بل فيه فدية مغلظة ويفسد به الحج إذا وقع قبل عرفة بالإجماع، وإذا كان بعد عرفة فعند الأحناف خلاف في المسألة, والجمهور يرون أنه يفسد أيضاً.

    هذا ما يتعلق بالجماع، فالجماع من محظورات الإحرام بلا إشكال، وإنما الخلاف في العقد، وهو الذي يدور حوله الحديث، فالجمهور وهم كما ذكرت مالك والشافعي وأحمد يرون أن العقد أيضاً من محظورات الإحرام بدليل هذا الحديث، حديث عثمان رضي الله عنه وأرضاه، وقالوا: إن المقصود بالنكاح هو العقد، ولهم في ذلك أيضاً أحاديث وآثار تشهد لحديث عثمان .

    القول الثاني: أن ذلك جائز, وهذا قول أبي حنيفة وسائر أصحابه، ونقل هذا القول أيضاً عن بعض الصحابة، فهو مذهب ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم وأنس، وكذلك يدل عليه صنيع البخاري رحمه الله، مع أن البخاري كثيراً ما يخالف الأحناف, إلا أنه في مسائل يوافقهم بمقتضى ما يظهر له من الترجيح أو الدليل.

    ودليل هؤلاء على جواز العقد للمحرم: حديث ابن عباس رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تزوج ميمونة وهو محرم ). والحديث متفق عليه.

    فقالوا: إن هذا الحديث من ابن عباس في الإخبار عن زواج النبي صلى الله عليه وسلم من ميمونة وهو محرم دليل على جواز العقد حال الإحرام، وفي رواية أخرى: ( تزوجها وهو محرم, وبنى بها وهو حلال ). وهذا في البخاري، ومعنى (بنى بها): دخل بها، دخل عليها، خلا بها, هذا معنى البناء (وهو حلال).

    فهذا الدليل على جواز نكاح المحرم، ولكن هذا الدليل مع أنه صحيح من حيث الثبوت فهو في البخاري ومسلم إلا أن في متنه إشكالاً, وقد عورض هذا النقل عن زواج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم بأنه تزوجها وهو حلال أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال. وهذه رواية يزيد بن الأصم عن ميمونة، ويزيد بن الأصم هو ابن أختها، أنه قال: ( تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة وهي حلال ). والحديث في صحيح مسلم، ورجح هذا بأن يزيد بن الأصم أقرب وأعرف بالقصة من غيره؛ لأنه قريب من العائلة، أما ابن عباس رضي الله عنه فهو كان مراهقاً صغير السن آنذاك, يعني: في وقت حج النبي صلى الله عليه وسلم, يقول: (وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام). فقد يخفى عليه هذا الأمر أو يكون التبس عليه فيه، فرواية يزيد بن الأصم إذاً مرجحة، وأيضاً هناك رواية أبي رافع : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة بـسرف وهو حلال, وكنت السفير بينهما ). يقول أبو رافع، ولكن الحديث وإن كان رواه الترمذي وقال: حديث حسن، إلا أن في إسناده ضعفاً، ولكن يكفي عنه حديث يزيد بن الأصم , وربما يعزز حديث أبي رافع رضي الله عنه.

    ولهذا نقول: إن الراجح هو مذهب الجمهور في أن المحرم لا يتزوج ولا يزوج.

    فوائد الحديث

    فوائد الحديث:

    أولاً: تحريم عقد النكاح للمحرم، وتحريم عقده لغيره، أن يكون ولياً لغيره.

    ومن فوائد الحديث: منع الخطبة، والأقرب أن نقول: إن الخطبة محرمة مثل النكاح؛ لأنها سبيل إليه، وصرح بعض الفقهاء بالكراهية؛ لأن الخطبة لا يقال: إنها تفسد، النكاح يقال: فاسد، وينبغي أن يعاد عقده، أما بالنسبة للخطبة فلا يجري فيها صحة أو فساد، وإنما هي أيضاً ذريعة إلى عقد النكاح، فهي محرمة من هذا الوجه.

    وفيه: أن العقد لا يصح؛ لأنه وقع عليه النهي، والشارع لما ينهى عن شيء يريد ألا يحدث وألا يقع.

    أما حكم المراجعة. واحد عنده زوجة، طلقها طلقة واحدة رجعية، هل يحق له أن يراجعها أثناء الإحرام أو لا يحق؟ يحق له، يجوز له أن يراجعها.

    ما هو الفرق بين جواز الرجعة وبين منع العقد؟

    الاستمرار، إذاً: نقول: يجوز له أن يراجع زوجته وهو محرم أو وهي محرمة، وقالوا: إن هذا يدخل تحت قاعدة فقهية وهي: أن الاستدامة أسهل من الابتداء، فبالنسبة للرجعة هي استمرار واستدامة لعقد ماض، ولذلك الزوج لا يزال زوجاً لها حتى في حال الطلاق قبل الرجعة ما دامت في العدة، وكذلك هي زوجة؛ ولهذا الله سبحانه وتعالى قال: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة:228] فسماه بعلاً.

    فلذلك نقول: إن الاستدامة التي هي الرجعة أمرها سهل، ولذلك تجوز حال العدة، أما الابتداء الذي هو عقد جديد، فهو أمر صعب، ولذلك نقول بالفرق بينهما.

    ومن فوائد الحديث: تحريم الجماع ودواعيه للمحرم، وهذا إجماع من حيث الأصل، وقد ذكرت قبل قليل أن الجماع محرم, وهو من محظورات الإحرام, وهو مفسد للحج عند كافة أهل العلم إن وقع قبل عرفة، وعليه أن يمضي في فاسد هذا الحج, وعليه حجة من قابل هو وزوجه, وعليه بدنة أيضاً، وهذه هي أشد وأغلظ الكفارات والعقوبات في حال الحج، فإن كان بعد الوقوف بـعرفة فكذلك الحال عند جمهور العلماء, وخالف في ذلك الأحناف, فرأوا أن الحج صحيح، وإن كان بعد التحلل الأول فالحج صحيح عند الجماهير، وعليه فدية.

    والحجة في ذلك: أنه لم يرد فيه حديث مرفوع, وهذا شيء عجيب، لم يرد فيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيء بخصوص هذه المسألة، ولكنه ثبت عن جمع من الصحابة كـعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عباس وغيرهم، وحكاه بعضهم إجماعاً، وخالف في ذلك الظاهرية وقوم، ولكن هذا مذهب الجماهير من أهل العلم.

    وفيه أيضاً: أن النهي عن العقد للمحرم هو قبل التحلل الأول، وبناء عليه نقول: بعد التحلل الأول، إذا رمى جمرة العقبة, أو رماها وحلق ثم تحلل التحلل الأول وحل له كل شيء إلا النساء، هل يجوز له في هذه الحالة أن يعقد، أن ينكح أو يُنكح؟ نقول: نعم يجوز؛ لأنه حلال آنذاك، ولا يسمى محرماً, وإنما هو حلال، وقد صرح بهذا الفقهاء, واختاره ابن تيمية وغيره من فقهاء المذهب.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088933634

    عدد مرات الحفظ

    779993269