إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. سلمان العودة
  5. شرح بلوغ المرام
  6. شرح بلوغ المرام - كتاب الزكاة - باب قسم الصدقات- حديث 663-669

شرح بلوغ المرام - كتاب الزكاة - باب قسم الصدقات- حديث 663-669للشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من أحكام الزكاة بابها العظيم المختص بقسمتها وصرفها، ويتصل بذلك مسائل منها طرق إخراجها، والنية في ذلك، وتأخيرها عن وقت وجوبها، ونقلها عن مكان وجوبها، ومن لا تحل له، ونحو ذلك من الأحكام المتعلقة بمصارفها المظهرة لميزة التشريع في تحقيق أهداف هذا الركن العظيم.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    رقم هذا الدرس (213) من دروس شرح بلوغ المرام، والتاريخ هو ليلة الأربعاء التاسع عشر من جمادى الثانية من سنة (1428هـ)، وهذا هو إن شاء الله تعالى الدرس الأخير في دروس الزكاة، فنكون أنجزنا بنهايته إن شاء الله تعالى كتاب الزكاة في حوالي أحد عشر درساً، وأتينا على معظم المسائل المهمة فيه.

    عندنا باب قسم الصدقات، هكذا عبر المصنف رحمه الله في البلوغ، ابن حجر يقول: (باب قسم الصدقات).

    ومقصوده بقسم الصدقات، يعني: توزيع الزكاة وإعطاؤها لمستحقيها، والفقهاء عادة يعبرون بهذا التعبير أو يقولون: باب إخراج الزكاة، ولعل المعنى متقارب بكل حال، ولكن باب قسم الصدقات أو باب إخراج الزكاة يفترض أن يشتمل على كثير من المسائل المتعلقة بأهل الزكاة -بالأصناف الثمانية- ومن تحل له الزكاة ومن لا تحل له منهم، وما يدخل في ذلك أيضاً في موضوع آل البيت، وهل تحل لهم الزكاة أو لا تحل؟

    ويدخل فيه أيضاً: مم تخرج الزكاة؟ هل تخرج من جنس المال الذي وجبت فيه أو يجوز إخراجها من غير ذلك كأن تخرج نقداً؟

    وكذلك متى تجب الزكاة؟ هذا يدخل في قسمها، متى يكون وجوب الزكاة ومتى تسقط؟ إلى غير ذلك.

    بينما المصنف رحمه الله تقريباً أخل بأشياء كثيرة من هذا، وتكاد أن تكون الأحاديث تدور حول مسائل قليلة جداً في الأغنياء الذين تدفع إليهم الزكاة والذين لا تدفع إليهم، وما أشبه ذلك من المسائل كما سوف يأتي.

    كيفية إخراج الصدقات

    وإخراج الزكاة أو قسم الصدقة يكون بأحد ثلاث طرق:

    الطريقة الأولى: أن يخرج الإنسان الصدقة بنفسه فيعطيها للمستحقين مباشرة، يتولاها بنفسه وبذاته.

    الطريقة الثانية: هي أن يوكل من يقوم عنه بإخراج الزكاة أو إخراج الصدقة، سواء كانت هذه وكالة فردية أو وكالة عامة جماعية، مثل أن يوكل الجمعيات.. جمعيات البر والجمعيات الخيرية ومؤسسات النفع العام التي تكون كالوسيط بين المزكي وبين المحتاج، وإذا كان إخراج الإنسان لصدقته أفضل من جهة كونه يباشره بنفسه ويطمئن إليه ويتولى ذلك، وهذا يحدث في نفسه أيضاً أن دفع الزكاة نفسه هو عملية تعبدية، يعني: ذهابه للفقير وإعطاؤه الفقير ومشاهدته لأثر الزكاة على الآخذ، هذه أشياء جيدة تجعل من الأفضل للإنسان أن يخرج الزكاة بنفسه إذا كان يستطيع أن يتعرف على المحتاجين.

    لكن الطريقة الثانية وهي إخراج الزكاة عن طريق الوكلاء، المؤسسات والجمعيات والجهات العامة، هذا فيه مزية وفضيلة، أن لديهم القدرة على التعرف على المحتاجين أكثر، ويكون عندهم لجان تقوم بالبحث والتحري وتحديد المحتاج، وأيضاً إعطاء الزكاة بشكل تدريجي بحسب الحاجة، ويمكن أن يكونوا من خلال جمع زكوات كثيرة تولد لديهم خبرة وأن يشتروا بعض الأشياء بسعر الجملة أيضاً ويوزعوه على المحتاجين، فهذه ميزات.

    الطريقة الثالثة: هي أن يتم صرفها عن طريق الساعي الذي يوكله الإمام أو الحاكم في جمع الزكاة، وكان الأئمة والخلفاء يبعثون السعاة خصوصاً في زكاة الإبل والبقر والغنم والخارج من الأرض كما سبق معنا في ذلك، ومنه الخرص، بخلاف الأموال الباطنة مثل النقود ونحوها.

    واليوم وجد جهات في بعض البلاد مسئولة عن الزكاة تقوم بضبط رأس المال، مثلاً: عندك شركة أو مؤسسة أو متجر يقيمون رأس المال فتقول مثلاً: رأس المال مائة ألف ريال فيطلبون منك زكاة مائة ألف ريال سنوياً، فهذا الذي تدفعه لهم لا شك أنه زكاة، لكن الكثير من الناس لا يحددون رأس المال بدقة، فقد يعطيهم نسبة معينة أقل مما هو واقع، كأن يكون رأس ماله مثلاً مليون ريال ويقول: أربعمائة ألف ريال، فيأخذون منه زكاة أربعمائة ألف ريال، فما أخذوه منه فهو زكاة لأربعمائة ألف ريال، وما بقي في ذمته يجب عليه أن يتولى قسمه وإخراجه بنفسه أيضاً.

    النية في إخراج الزكاة

    في موضوع قسم الصدقات أو إخراج الزكاة إشارة إلى مسألة لم يذكرها المصنف رحمه الله، وهي مهمة: مسألة النية في إخراج الزكاة، والأئمة الأربعة رضي الله عنهم يشترطون أنه لابد من النية في إخراج الزكاة، بمعنى أنه لابد حينما يخرج الزكاة أن ينوي بها أنها زكاة، وهذا مذهب الأئمة الأربعة خلافاً للأوزاعي، فالدليل على وجوب النية في إخراج الزكاة قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عمر رضي الله عنه: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى )، وكذلك اشتراط النية في العبادات كلها، فمثلاً: في الصلاة لابد من النية بل هي شرط بالاتفاق، وهكذا الحج والصوم ( لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل ).

    فدل على اشتراط النية في العبادات كلها، والزكاة واحدة منها، فلابد فيها من اشتراط النية في إخراج الزكاة، إلا أنه يستثنى من ذلك مثل ما يستثنى في بقية العبادات، مثلاً مال الصبي كما أسلفنا.. إخراج الزكاة من مال الصبي، وكذلك من مال المجنون، والذي رجحناه أن الزكاة تخرج من مالهم، فهنا نية الولي عليهم؛ ولي اليتيم والصبي والمجنون؛ نية وليهم تكفي عن نيتهم، فلو لم يكن عندهم نية خاصة بإخراج الزكاة فهذا مما يستثنى، وكذلك أيضاً إذا أخذها الإمام قسراً ممن منع الزكاة، كما بينا أيضاً حينما شرحنا حديث: ( فإنا آخذوها وشطر ماله ) يعني: الذي يمتنع من أداء الزكاة، فإذا أخذت من الإنسان بالقوة والقسر بغير اختياره؛ فهنا حتى لو لم تتوفر عنده نية يكفي نية الإمام الذي أخذها عند الجمهور، وبعضهم يقول: إنها لا تبرأ بها ذمته، لكن هذا ليس بظاهر.

    مسألة تأخير الزكاة

    أيضاً من المسائل المتعلقة بإخراج الزكاة، ولم يذكرها المصنف هنا مسألة: تأخير الزكاة، ونحن قد بحثنا فيما مضى مسألة تعجيل الزكاة، وذكرنا أقوال العلماء في تعجيلها، وأن النبي صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس زكاة سنتين، وقال صلى الله عليه وسلم: ( هي علي ومثلها ) يعني: أن العباس عجل للنبي صلى الله عليه وسلم صدقة سنتين، ومن هنا قلنا بجواز تعجيل الزكاة.

    لكن مسألة تأجيل الزكاة أو تأخير الزكاة لم يتم بحثها، والجدير بها هو هذا الباب باب: قسم الصدقات.

    فنقول: بالنسبة لما يتعلق بالتأخير، فإن جمهور أهل العلم يرون وجوب إخراج الزكاة فوراً، يعني: يرون الزكاة واجبة على الفور، وهذه قاعدة عامة عندهم وعند الأصوليين يقولون: الأمر على الفور، يعني: إذا جاء أمر في الشريعة فهو للفور ولا يجوز تأخيره، ويطردون هذا في مسألة الحج مثلاً، أنه إذا وجب عليه الحج وجب أن يحج فوراً عند جماعة من أهل العلم، ولا يجوز أن يؤخره إلا لعذر، فمن ذلك الزكاة، قالوا: إن الزكاة واجبة فوراً.

    وأيضاً: من أدلتهم على وجوب أداء الزكاة في وقتها: أن الزكاة عبادة مؤقتة لوقت تجب في الحول؛ فلذلك لو أخرها فهو كمن أخر الصوم مثلاً، ومن أخر الصلاة، وربما تراكمت عليه زكوات سنوات عديدة وطويلة، فلا يجوز ذلك إلا لسبب، يجوز تأخيرها لسبب مثل لو حل عليه وقت الزكاة وهو لا مال عنده، يعني: ليس عنده سيولة يستطيع أو حتى عروض يستطيع أن يخرج الزكاة فيها، أو لعارض من العوارض فهذا يجوز، أما الأحناف فإن إخراج الزكاة عندهم على التراخي وليس على الفور، فلو أخر الزكاة جاز عندهم ذلك.

    حكم نقل الزكاة من بلد إلى آخر

    أيضاً مما يتعلق بقسم الصدقات ولم يذكره المصنف: موضوع نقل الزكاة، وقد بحثناه سابقاً في حديث ابن عباس رضي الله عنه: ( أن الله قد فرض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم )، وبينا أقوال أهل العلم في جواز نقل الزكاة من بلد إلى آخر، وأن الراجح جواز نقلها للحاجة والمصلحة الراجحة.

    الدعاء لمن يخرج الزكاة

    من المسائل المتعلقة بقسم الصدقات ولم يذكرها المصنف أيضاً مسألة الدعاء، وقد جاء في الحديث دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لمن يخرج الصدقة، حديث عبد الله بن أبي أوفى أنه إذا أتاه قوم بصدقتهم، قال: ( اللهم صل على آل أبي أوفى ) فدعا لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

    وكذلك دعاء الآخذ، يعني: الفقير والمسكين والمحتاج الذي يأخذ الصدقة، فإنه يستحب له أن يدعو لباذلها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له، حتى تروا أنكم قد كافأتموه ) هذا جاء فيه أحاديث وآثار.

    حكم إسقاط الدين عن المدين واعتباره من الزكاة

    من المسائل أيضاً في قسم الصدقات مسألة دقيقة: هل للإنسان أن يسقط الدين عن المدين ويحسبه من الزكاة؟

    لك دين عند فلان مثلاً مائة ألف ريال، وأنت تريد أن تخرج زكاة -مليون ريال زكاتك-، هل يمكن أنك تسقط الدين الذي على إبراهيم أو صالح مائة ألف، وتقول: هذا أحسبه من الزكاة التي عندي، فأسقط عنه الدين؛ لأنه مدين وغارم ومحتاج إلى الزكاة؟

    الجمهور يرون أنه لا تسقط بذلك، لا يحل ذلك، ولا يجوز أن يسقط الدين ويحتسبه من زكاة نفسه؛ لأنه بذلك يكون جلب لنفسه مصلحة وخيراً.

    وجماعة من السلف رأوا أن ذلك جائز، وأنه من الغارمين، فلو أنه أسقط الدين عن فلان جاز له أن يحسبه من الزكاة، ولا يلزم تمليك الغارم المال.

    وتوسط في ذلك الإمام ابن تيمية رحمه الله، فرأى أنه إن كانت الزكاة بالنسبة له زكاة دين -يزكي ديوناً-، فيجوز أن يسقط ديناً؛ لأن الزكاة تكون من جنس المال، أما إن كانت الزكاة زكاة مال ونقد وعروض فيجب أن يدفعها مالاً ونقداً وعروضاً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088932994

    عدد مرات الحفظ

    779988085