الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
رقم هذا الدرس (213) من دروس شرح بلوغ المرام، والتاريخ هو ليلة الأربعاء التاسع عشر من جمادى الثانية من سنة (1428هـ)، وهذا هو إن شاء الله تعالى الدرس الأخير في دروس الزكاة، فنكون أنجزنا بنهايته إن شاء الله تعالى كتاب الزكاة في حوالي أحد عشر درساً، وأتينا على معظم المسائل المهمة فيه.
عندنا باب قسم الصدقات، هكذا عبر المصنف رحمه الله في البلوغ، ابن حجر يقول: (باب قسم الصدقات).
ومقصوده بقسم الصدقات، يعني: توزيع الزكاة وإعطاؤها لمستحقيها، والفقهاء عادة يعبرون بهذا التعبير أو يقولون: باب إخراج الزكاة، ولعل المعنى متقارب بكل حال، ولكن باب قسم الصدقات أو باب إخراج الزكاة يفترض أن يشتمل على كثير من المسائل المتعلقة بأهل الزكاة -بالأصناف الثمانية- ومن تحل له الزكاة ومن لا تحل له منهم، وما يدخل في ذلك أيضاً في موضوع آل البيت، وهل تحل لهم الزكاة أو لا تحل؟
ويدخل فيه أيضاً: مم تخرج الزكاة؟ هل تخرج من جنس المال الذي وجبت فيه أو يجوز إخراجها من غير ذلك كأن تخرج نقداً؟
وكذلك متى تجب الزكاة؟ هذا يدخل في قسمها، متى يكون وجوب الزكاة ومتى تسقط؟ إلى غير ذلك.
بينما المصنف رحمه الله تقريباً أخل بأشياء كثيرة من هذا، وتكاد أن تكون الأحاديث تدور حول مسائل قليلة جداً في الأغنياء الذين تدفع إليهم الزكاة والذين لا تدفع إليهم، وما أشبه ذلك من المسائل كما سوف يأتي.
الطريقة الأولى: أن يخرج الإنسان الصدقة بنفسه فيعطيها للمستحقين مباشرة، يتولاها بنفسه وبذاته.
الطريقة الثانية: هي أن يوكل من يقوم عنه بإخراج الزكاة أو إخراج الصدقة، سواء كانت هذه وكالة فردية أو وكالة عامة جماعية، مثل أن يوكل الجمعيات.. جمعيات البر والجمعيات الخيرية ومؤسسات النفع العام التي تكون كالوسيط بين المزكي وبين المحتاج، وإذا كان إخراج الإنسان لصدقته أفضل من جهة كونه يباشره بنفسه ويطمئن إليه ويتولى ذلك، وهذا يحدث في نفسه أيضاً أن دفع الزكاة نفسه هو عملية تعبدية، يعني: ذهابه للفقير وإعطاؤه الفقير ومشاهدته لأثر الزكاة على الآخذ، هذه أشياء جيدة تجعل من الأفضل للإنسان أن يخرج الزكاة بنفسه إذا كان يستطيع أن يتعرف على المحتاجين.
لكن الطريقة الثانية وهي إخراج الزكاة عن طريق الوكلاء، المؤسسات والجمعيات والجهات العامة، هذا فيه مزية وفضيلة، أن لديهم القدرة على التعرف على المحتاجين أكثر، ويكون عندهم لجان تقوم بالبحث والتحري وتحديد المحتاج، وأيضاً إعطاء الزكاة بشكل تدريجي بحسب الحاجة، ويمكن أن يكونوا من خلال جمع زكوات كثيرة تولد لديهم خبرة وأن يشتروا بعض الأشياء بسعر الجملة أيضاً ويوزعوه على المحتاجين، فهذه ميزات.
الطريقة الثالثة: هي أن يتم صرفها عن طريق الساعي الذي يوكله الإمام أو الحاكم في جمع الزكاة، وكان الأئمة والخلفاء يبعثون السعاة خصوصاً في زكاة الإبل والبقر والغنم والخارج من الأرض كما سبق معنا في ذلك، ومنه الخرص، بخلاف الأموال الباطنة مثل النقود ونحوها.
واليوم وجد جهات في بعض البلاد مسئولة عن الزكاة تقوم بضبط رأس المال، مثلاً: عندك شركة أو مؤسسة أو متجر يقيمون رأس المال فتقول مثلاً: رأس المال مائة ألف ريال فيطلبون منك زكاة مائة ألف ريال سنوياً، فهذا الذي تدفعه لهم لا شك أنه زكاة، لكن الكثير من الناس لا يحددون رأس المال بدقة، فقد يعطيهم نسبة معينة أقل مما هو واقع، كأن يكون رأس ماله مثلاً مليون ريال ويقول: أربعمائة ألف ريال، فيأخذون منه زكاة أربعمائة ألف ريال، فما أخذوه منه فهو زكاة لأربعمائة ألف ريال، وما بقي في ذمته يجب عليه أن يتولى قسمه وإخراجه بنفسه أيضاً.
فدل على اشتراط النية في العبادات كلها، والزكاة واحدة منها، فلابد فيها من اشتراط النية في إخراج الزكاة، إلا أنه يستثنى من ذلك مثل ما يستثنى في بقية العبادات، مثلاً مال الصبي كما أسلفنا.. إخراج الزكاة من مال الصبي، وكذلك من مال المجنون، والذي رجحناه أن الزكاة تخرج من مالهم، فهنا نية الولي عليهم؛ ولي اليتيم والصبي والمجنون؛ نية وليهم تكفي عن نيتهم، فلو لم يكن عندهم نية خاصة بإخراج الزكاة فهذا مما يستثنى، وكذلك أيضاً إذا أخذها الإمام قسراً ممن منع الزكاة، كما بينا أيضاً حينما شرحنا حديث: ( فإنا آخذوها وشطر ماله ) يعني: الذي يمتنع من أداء الزكاة، فإذا أخذت من الإنسان بالقوة والقسر بغير اختياره؛ فهنا حتى لو لم تتوفر عنده نية يكفي نية الإمام الذي أخذها عند الجمهور، وبعضهم يقول: إنها لا تبرأ بها ذمته، لكن هذا ليس بظاهر.
لكن مسألة تأجيل الزكاة أو تأخير الزكاة لم يتم بحثها، والجدير بها هو هذا الباب باب: قسم الصدقات.
فنقول: بالنسبة لما يتعلق بالتأخير، فإن جمهور أهل العلم يرون وجوب إخراج الزكاة فوراً، يعني: يرون الزكاة واجبة على الفور، وهذه قاعدة عامة عندهم وعند الأصوليين يقولون: الأمر على الفور، يعني: إذا جاء أمر في الشريعة فهو للفور ولا يجوز تأخيره، ويطردون هذا في مسألة الحج مثلاً، أنه إذا وجب عليه الحج وجب أن يحج فوراً عند جماعة من أهل العلم، ولا يجوز أن يؤخره إلا لعذر، فمن ذلك الزكاة، قالوا: إن الزكاة واجبة فوراً.
وأيضاً: من أدلتهم على وجوب أداء الزكاة في وقتها: أن الزكاة عبادة مؤقتة لوقت تجب في الحول؛ فلذلك لو أخرها فهو كمن أخر الصوم مثلاً، ومن أخر الصلاة، وربما تراكمت عليه زكوات سنوات عديدة وطويلة، فلا يجوز ذلك إلا لسبب، يجوز تأخيرها لسبب مثل لو حل عليه وقت الزكاة وهو لا مال عنده، يعني: ليس عنده سيولة يستطيع أو حتى عروض يستطيع أن يخرج الزكاة فيها، أو لعارض من العوارض فهذا يجوز، أما الأحناف فإن إخراج الزكاة عندهم على التراخي وليس على الفور، فلو أخر الزكاة جاز عندهم ذلك.
وكذلك دعاء الآخذ، يعني: الفقير والمسكين والمحتاج الذي يأخذ الصدقة، فإنه يستحب له أن يدعو لباذلها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له، حتى تروا أنكم قد كافأتموه ) هذا جاء فيه أحاديث وآثار.
لك دين عند فلان مثلاً مائة ألف ريال، وأنت تريد أن تخرج زكاة -مليون ريال زكاتك-، هل يمكن أنك تسقط الدين الذي على إبراهيم أو صالح مائة ألف، وتقول: هذا أحسبه من الزكاة التي عندي، فأسقط عنه الدين؛ لأنه مدين وغارم ومحتاج إلى الزكاة؟
الجمهور يرون أنه لا تسقط بذلك، لا يحل ذلك، ولا يجوز أن يسقط الدين ويحتسبه من زكاة نفسه؛ لأنه بذلك يكون جلب لنفسه مصلحة وخيراً.
وجماعة من السلف رأوا أن ذلك جائز، وأنه من الغارمين، فلو أنه أسقط الدين عن فلان جاز له أن يحسبه من الزكاة، ولا يلزم تمليك الغارم المال.
وتوسط في ذلك الإمام ابن تيمية رحمه الله، فرأى أنه إن كانت الزكاة بالنسبة له زكاة دين -يزكي ديوناً-، فيجوز أن يسقط ديناً؛ لأن الزكاة تكون من جنس المال، أما إن كانت الزكاة زكاة مال ونقد وعروض فيجب أن يدفعها مالاً ونقداً وعروضاً.
الحديث رقم (643) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحل الصدقة لغني -لاحظ هنا لغني- إلا لخمسة: لعامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غاز في سبيل الله، أو مسكين تصدق عليه منها أو تُصدِّق عليه منها، فأهدى منها لغني )، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وصححه الحاكم وأعل بالإرسال.
فقد رواه أبو داود كما أشار المصنف، ورواه ابن ماجه في سننه، والحاكم في مستدركه، وابن خزيمة في صحيحه، وأبو عوانة في مستخرجه، وعبد الرزاق في مصنفه، والبيهقي في سننه، كلهم رووه في كتاب الزكاة، ورواه أحمد في المسند كما ذكرنا.
والمصنف رحمه الله قال: (وأعل بالإرسال) وهذا إشارة إلى أن المؤلف كأنه يميل هنا إلى تضعيفه وإلى ترجيح المرسل، فإن الراجح عند جمهور أهل العلم بالعلل والحديث أن هذا الحديث مرسل؛ لأنه لم يذكر فيه اسم الصحابي، فذكر أبي سعيد الخدري فيه هنا يكون وهماً من الراوي، والراجح أن الحديث عن عطاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس عن أبي سعيد، فهذا يسمى مرسلاً، وترجيح المرسل معناه أن الحديث فيه ضعف، وهكذا رواه مالك رحمه الله عن زيد بن أسلم عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والأكثرون رأوا أن هذه هي الجادة، يعني: أن الحديث مرسل فهو ضعيف، وهو الذي رواه أيضاً سفيان بن عيينة وإسماعيل بن أمية وغيرهم.
طبعاً الحديث له شواهد كثيرة.
( لغني إلا لخمسة ) يعني: إلا لخمسة أصناف منها، وليس المقصود خمسة أفراد، فإن هؤلاء الخمسة يجوز لهم أخذ الزكاة المفروضة في حال غناهم، هذا هو الظاهر.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لعامل عليها ) يعني: أن قسم العاملين عليها وهم السعاة ومن يكون معهم، سواء كان هذا العامل يباشر السعاية، أو كان يقوم بالخرص، أو يقوم بالسفر، أو يقوم بالكتابة، أو بالحساب، أو بالحراسة، كل الأعمال المتعلقة بجمع الزكاة وجبايتها وحفظها وتوزيعها، هذه العملية كلها تسمى عملاً، فالعاملون عليها من يقومون بمثل هذه الأعمال وهم عبارة عن أجراء أو موظفين، فيحل لهم حينئذٍ أن يعطوا من الزكاة، ولا يأخذون هم باختيارهم وتشهيهم، ولكن يعطيهم المسئول أو القائم على أمر السعاية من الزكاة بقدر عملهم مثل الراتب؛ لأنهم عبارة عن أجراء.
وقوله عليه الصلاة والسلام: ( أو رجل اشتراها بماله ) يعني: غني وجد أن رجلاً يبيع الزكاة مثل زكاة الفطر يبيعها، أو أعطي مثلاً حلياً، أو أعطي ثياباً من الزكاة فباعها فاشتراها بماله، فهذا يجوز له أن يشتريها، ويجوز بيع الزكاة أيضاً، الفقير يجوز له أن يبيعها؛ لأنه تملكها، فيأكلها أو يبيعها بحسب ما هو الأنسب له، إلا أن صاحب الزكاة الأقرب أنه لا يجوز له أن يشتريها، وقد ثبت في الصحيحين نهي النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب عن أن يشتري الزكاة؛ لما كان عند عمر فرس فتصدق عمر به، فأضاعه الذي هو عنده -يعني: أهمله-، فوجده عمر يباع، فهم أن يشتريه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم، ولا تعد في صدقتك ).
فهذا دليل على أن صاحب الزكاة لا يجوز له أن يشتريها؛ لأنه ربما كان شراؤه لها يقع في نوع من المحاباة، يعني: الغني إذا أراد أن يشتريها منه فإن الفقير قد يبيعها على الغني برخص، كما في حديث عمر بن الخطاب ؛ ولهذا منع صاحب الزكاة نفسه فقط من شرائها، لكن غيره له أن يشتريها، ومن هنا قال: ( رجل اشتراها بماله ).
( أو غارم ) والغارم من الغرم وهو الدين، والمغرم هو الدين كما هو معروف، والغارمين يعني: أصحاب الديون، وهم أحد الأصناف الثمانية التي جعل الله تعالى فيها الزكاة.
ومسألة الغارم هنا المقصود بها والله أعلم لأنه كيف يكون غنياً وغارماً؟
والمقصود هنا بالغارم كما دلت نصوص أخرى كثيرة: هو الرجل الذي تحمل حمالة عن غيره، يعني: سعى في إصلاح بين أسرتين، أو بين قبيلتين، أو بين بلدين، أو بين دولتين، وترتب على هذا العمل الذي قام به أنه تحمل أشياء، لأنه كان بينهم مشاكل ودماء وخلافات وأموال، فأعطى هؤلاء وأعطى هؤلاء، وتحمل أشياء في ذمته من أجل أن يحل هذه المشكلة، أو يقضي على هذا الخلاف وهو غني، لكن هنا ليس مطلوباً منه أن يدفع هذا من ماله؛ لأن غرمه هنا ليس لنفسه وإنما لغيره.
فنقول: المقصود بالغارم من كان غرمه لغيره لإصلاح ذات البين، الغارم لإصلاح ذات البين بين فردين، أو أسرتين، أو جماعتين، أو قبيلتين، أو بلدين.. أو ما أشبه ذلك، فالغارم لإصلاح ذات البين يكفي أن يكون بذل نفسه وبذل جاهه، وبذل وقته وقدرته في الإصلاح بينهم، ولا يطالب بأن يغرم من ماله في ذلك أيضاً.
وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: ( فأهدى منها لغني ) يعني: المسكين الذي تصدق عليه بصدقة فأهدى منها لغني، فإن الغني يجوز له أن يأكل من هذه الهدية، والدليل على ذلك قصة بريرة لما جاءت بالصدقة في حديث عائشة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( هي لها صدقة، وهي لنا هدية ).
فالغني هنا لم يأخذها على أنها صدقة، وإنما أخذها على أنها هدية، فليس عليه في ذلك شيء.
منها: أن الصدقة لا تحل لغني، وقد اختلف الفقهاء في مقدار الغنى، وجاء في ذلك نصوص لا تثبت ؛ ولهذا رجح جماعة أن الغني هو من يملك مائتي درهم، يعني: من تجب عليه الزكاة.
ومن فوائد الحديث: أن العاملين على الزكاة والسعاة يأخذون من الزكاة ولو كانوا أغنياء.
ومنها: جواز بيع الزكاة إلا على باذلها -إلا على صاحبها-.
ومنها: إعطاء الغارم لإصلاح ذات البين.
ومنها أيضاً: فضيلة إصلاح ذات البين.
ومن ذلك: الغازي في سبيل الله، وأن له حقاً في الزكاة ولو كان غنياً على ظاهر هذا الحديث، قوله: ( أو غاز في سبيل الله )، وفي المسألة خلاف بين أهل العلم: فمنهم من قال: يدفع من ماله، ومنهم من قال: إنه يكفي أن يكون غزا بنفسه، وليس عليه من تكلفته شيء، وهذا وجيه.
ومنها: أنه يجوز للمسكين والفقير أن يهدي من الزكاة وأن يتصدق، وأن يعطي منها أيضاً، وأنه يجوز للغني أن يأخذ منها على سبيل الهدية.
هذه بعض فوائد الحديث.
رواه أحمد وقواه -يعني أحمد - ورواه أبو داود والنسائي.
رواه أبو داود مثلما ذكر المصنف والنسائي، ومثلهم أيضاً الدارقطني في سننه والبيهقي وابن أبي شيبة، كلهم في كتاب الزكاة، ورواه أحمد في المسند .
وهو عبيد الله بن عدي بن الخيار بكسر الخاء والياء وآخره راء، وهو تابعي، يقال: إنه ولد في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرو عنه، وإنما روى عن الصحابة، روى عن عمر بن الخطاب وعن عثمان بن عفان وعن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، ومنهم هذان الرجلان اللذان حدثاه أنهما أتيا النبي عليه الصلاة والسلام.
قوله: ( أن رجلين ) وفي بعض الروايات أنه قال: ( أن رجلين من قومه ) من قوم عدي، ومعنى ذلك: أنهم كانوا من قرابته.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( فرآهما جلدين ) جمع جلد وهو قوي البدن، يعني: فيهما جلد على العمل.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( ولا حظ فيها ) يعني: الزكاة، أي: لا حق ولا نصيب فيها.
أن القوي القادر على العمل لا تحل له الزكاة، فنقول: من كان قوياً في بدنه لا يجوز له أن يسأل الزكاة إلا لسبب، مثلاً: لو كان قوياً ولكن ما وجد عملاً بسبب انتشار البطالة، هل يجوز له أن يأخذ من الزكاة أو لا؟ يجوز، أين يعمل؟ هو يقول: مستعد، لكن لا يجد عملاً، ومثله قد يكون قوياً في بدنه لكن ليس عنده حرفة، كما يقولون: أخرق، لا يعرف كيف يعمل، وربما عمل في أكثر من مكان واحد، مثلاً: ذهب للمزرعة وأصبح لا يعرف الكوسة من البطاطس، ولا يعرف البطيخ، ولا يعرف طريقة التعامل مع الأشياء، فهو أخرق لا يحسن العمل، فهذا أيضاً يجوز له أن يأخذ من الزكاة.
ومن فوائد الحديث: وجوب التحري في أداء الزكاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سألاه قال: ( إن شئتما ولا حظ فيها )، وقوله: ( قلب فيهما البصر ) يعني: نظر إليهما، فهذا دليل على أن صاحب الزكاة عليه أن يتحرى قبل إخراجها.
فقد رواه مسلم في صحيحه، وأبو داود والنسائي كلهم في كتاب الزكاة، ورواه ابن خزيمة وابن حبان وابن أبي شيبة والبيهقي أيضاً في الزكاة، وأحمد في المسند والدارقطني .
قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة ) ليس المقصود بالضرورة بالرجل يعني: الذكر، وإنما المقصود: من تحمل حمالة، وإنما ذكر (الرجل) فيها خرج مخرج الغالب، وإنما المقصود: من تحمل حمالة سواء كان رجلاً أو امرأة، وسواء كان فرداً أو جماعة أيضاً، فهنا التذكير والإفراد ليس له مفهوم، بمعنى أن المرأة أو الجماعة لا يأخذون ذلك.
وقوله: ( تحمل حمالة ) بفتح الحاء، يعني: ديناً، وهو ما ذكرناه قبل قليل ممن غرم لإصلاح ذات البين.
وقوله: ( اجتاحت ماله جائحة ) الجائحة هي المصيبة أو النازلة من السماء، مثل: أن يأتي على زرعه شيء، آفة أو مرض أو طوفان أو سيل أو ريح عاصف قاصف، وقد تأتي على ماله من غير الزرع، فالجائحة هي الأمر الإلهي الذي يأتي على المال، يجتاحه يعني: يجتثه من أصله، فمثل هذا الإنسان يعطى من الزكاة لأنه وإن كان في الأصل غنياً إلا أنه أصبح فقيراً.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( حتى يصيب قواماً ) بكسر القاف على المشهور، وبعضهم يقول: بالفتح ( قواماً ) والأصوب هنا بالكسر؛ لأن المقصود بالقوام ما يقوم به أمره من العيش، والجمهور يروون الحديث بكسر القاف.
وفي بعض الروايات ( أو سداداً من عيش ) قال: ( حتى يصيب قواماً من عيش أو سداداً ) والسِداد أيضاً بكسر السين ويجوز فتحها سَداداً، والمقصود به ما يسد فاقته وجوعته من العيش، يعني: ما يكفيه، فالقوام والسداد هو ما يكفيه.
والفاقة: ( أصابته فاقة ) هذا هو القسم الثالث، يعني: المجاعة وهي الجوع والفقر الشديد.
وهنا قال: ( حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه ) ويقوم هكذا بالميم في روايات مسلم وغيرها، وفي بعض النسخ: ( حتى يقول ) والمعنى واحد، يعني: حتى يقوموا على الناس، أمام الناس، ويقولون: لقد أصابت فلاناً فاقة، ونزلت به فاقة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( فما سواهن يا قبيصة
النقطة الثالثة في الحديث: متى تحل الصدقة للغني؟
والحديث ذكر فيها ثلاثة أشياء، وهو شاهد لحديث أبي سعيد السابق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل الذي تحمل حمالة، يعني: غرم لإصلاح ذات البين، وذكر الرجل الذي اجتاحت ماله جائحة، كان غنياً ثم افتقر فحلت له المسألة، والثالث هو الرجل الذي أصابته فاقة.
و الفرق بين الفاقة وبين الجائحة أن الجائحة مشهورة، يعني: مزرعة فلان كلها نزل عليها مطر قبل أن يقوم بجذاذ النخل ففسد التمر كله، فهذه جائحة يعرفها الناس كلهم. أما الفاقة: فهي أمر خفي لا يعرفه الناس ؛ ولهذا لابد أن يوجد من يقول بوجود الفاقة، ولهذا قال: ( حتى يقوم أو يقول ثلاثة من ذوي الحجا ) الحجا: هو العقل والفهم: ( من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقة ) يعني: نزلت به هذه الفاقة.
رواه مسلم رحمه الله، والنسائي وأبو عوانة وابن خزيمة كلهم في كتاب الزكاة، وأبو داود أيضاً روى الحديث في باب الإمارة والخراج والفيء، والحديث جاء ضمن قصة طويلة ذكرها مسلم في صحيحه، فيمن جاءوا للنبي صلى الله عليه وسلم وهم يريدون أن يتزوجوا من آل البيت، وأن يستعملهم النبي صلى الله عليه وسلم في الزكاة، فقال: ( إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد ) ومنهم المطلب -هذا راوي الحديث- ابن ربيعة بن الحارث .
قوله: ( لا تحل لمحمد ) يعني: للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا اتفاق أهل العلم أن الزكاة والصدقة لا تدفع للنبي صلى الله عليه وسلم، فهو يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة.
وأما آل محمد فالمقصود قرابته الذين حرموا الصدقة، وفي آل محمد صلى الله عليه وسلم خمسة أقوال في تحديد من هم؟
قيل: إن آل محمد صلى الله عليه وسلم هم أزواجه.
وقيل: آله هم قرابته الذين حرموا الصدقة.
وقيل: آله عليه الصلاة والسلام هم أتباعه على دينه وملته.
وقيل: هم الصالحون من أمته.
والأقرب: أن المقصود بالآل هنا هم كما قلنا: من حرموا الصدقة، وحتى هؤلاء الذين حرموا الصدقة فيهم اختلاف، لكن نقول: إن من حرموا الصدقة هم: آل العباس بن عبد المطلب، وآل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل المطلب.
والحارث بن عبد المطلب، هذا قول.
وقد يضاف إليهم عند الشافعي رحمه الله وجماعة ممن وافق الشافعي على ذلك؛ لأن هؤلاء كلهم هم: علي بن أبي طالب، جعفر بن أبي طالب، عقيل بن أبي طالب، العباس بن عبد المطلب، فهؤلاء من آل المطلب على ما هو معروف، فإن قصرنا منع الزكاة على هؤلاء باعتبارهم خمسة أصناف من آل البيت، فهذا هو القول المعروف المشهور، وإن نظرنا إلى الحديث الذي بعده وهو حديث جبير، وفيه أنهم قالوا: ( أعطيت بني المطلب من الخمس ولم تعطنا )، فمعناه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى بني المطلب، وقال: ( إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد، وإنهم لم يفترقوا في جاهلية ولا في إسلام )، فهذا مأخذ للشافعي ومن وافقه.
والشافعي رضي الله عنه هو مطلبي أيضاً في نسبه، فهو هنا لما يقول بهذا القول يقول بمسألة قد فقهها ودرسها؛ لأنها تعنيه هو وتعني جماعته وقرابته، فهذا توسيع لآل البيت الذين لا تحل لهم الصدقة.
إذاً: هذا هو المقصود بقوله: ( وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد ).
وقوله: عليه الصلاة والسلام: ( إنما هي أوساخ الناس ) ليس المقصود هنا: استقذار الزكاة كما قد يظن، وإنما المقصود أن الناس يتطهرون بإخراجها، فإنها مطهرة للمال كما قال سبحانه وتعالى: تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة:103]، فمن هذا الوجه النبي صلى الله عليه وسلم أمر وأوجب على آل بيته ألا يأخذوا من هذه الزكاة؛ باعتبار أنها مثل الماء الذي يتطهر به الإنسان وإن كان متوضئاً، فالماء ليس هنا نجساً، وإنما تطهر به إنسان فأحدث له طهارة حكمية، فكذلك أمر الزكاة، وإلا فليس في الأمر استقذار للزكاة؛ لأنها مال طيب، ولمن احتاجها جاز له أخذها.
قوله: ( وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة )، يعني: في قرابتهم من النبي صلى الله عليه وسلم، فإنهم متساوون في القرابة، يعني: بنو المطلب وبنو عبد الشمس وغيرهم كلهم متساوون، وبنو نوفل.
وقولهم: ( نحن وهم بمنزلة واحدة في القرابة )، فقال صلى الله عليه وسلم: ( إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد ) بالشين، وقد ذكرها الخطابي وغيره بالسين، يعني: ( سي واحد ) بمعنى: أنهم متساوون، ومنه قولهم: سيان، والمشهور والراجح هو الشين، قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( وإنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد ).
وقصده عليه الصلاة والسلام في قوله: ( شيء واحد ) يعني: ليس في القرابة فقط، وإنما في النصرة؛ فإنهم لم يتفرقوا في جاهلية ولا في إسلام، وحينما حصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشعب حوصر بنو هاشم وبنو عبد المطلب، ولم يدخل في ذلك بنو عبد شمس ولا بنو نوفل ولا غيرهم، فكانوا في النصرة والقرابة في الجاهلية والإسلام.
وقيل: إن السهم -كما أسلفت- هو لبني هاشم فقط دون غيرهم، وهذا هو القول المشهور، وهو مذهب عمر بن عبد العزيز ومالك وأحمد وأبو حنيفة وغيرهم.
فإن أبا داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة وابن حبان كما ذكر المصنف، وكذلك الحاكم في المستدرك والبيهقي خرجوا الحديث في كتاب الزكاة، وأحمد خرجه في مسنده أيضاً، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح، وإسناد الحديث جيد.
قوله صلى الله عليه وسلم: ( مولى القوم )، والمقصود بالمولى هنا هو الولي الذي يليهم، ومن معانيه: العبد الرقيق فإنه يطلق عليه مولى، وكذلك السيد يسمى مولى، والعم يسمى مولى، وابن العم يسمى مولى، والصديق يسمى مولى، فهو لفظ عربي واسع الاستعمال، وفي القرآن جاء المولى بألفاظ كثيرة جداً، كما في قوله سبحانه: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ [محمد:11] .
وقوله: ( قال أبو رافع
ومنه أخذ بعض أهل العلم: أن مولى آل البيت لا تحل له الزكاة أخذاً بهذا الحديث وظاهره.
ولكن يشكل على هذا أن مولى القوم -مولى آل البيت- لا يأخذ من الخمس، وإنما الظاهر في الشريعة أن آل البيت منعوا من الزكاة مقابل إعطائهم من الخمس، فالمولى هنا لا يأخذ من الزكاة ولا يعطى من الخمس، وهذا ليس مطرداً والله تعالى أعلم، فهذا يشكل على قول من قال بالمنع.
وأقول: أولاً الحديث كما هو واضح ليس في الصحيحين، وإن كان حسنه الترمذي، وسنده لا بأس به، إلا أن استقلال الحديث بتكوين حكم كهذا يوجب النظر.
زد على ذلك أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن مولى القوم من أنفسهم، وإنا لا تحل لنا الصدقة )، ليس صريحاً في تحريم ذلك، فقد يكون النبي صلى الله عليه وسلم كره له ذلك كراهية من غير تحريم، أو يكون النبي صلى الله عليه وسلم كان عنده سعة في المال والغنى بحيث يعطي أبا رافع ما يحتاجه دون أن يذهب، أو رأى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد يكون العرض على أبي رافع حينئذٍ فيه نوع من المحاباة له لقرابته، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
وفي الحديث دليل لما أسلفته من أن آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لا تحل لهم الصدقة حتى لو كانوا من العاملين عليها.
وفيما يتعلق بموالي النبي صلى الله عليه وسلم كـأبي رافع وموالي آل البيت:
العلماء -كما قلت- اختلفوا: هل يعطون من الزكاة أو لا يعطون؟
فالجمهور يميلون إلى منع ذلك وتحريمه، والقول الآخر هو جواز ذلك.
فقوله: ( كان يعطي عمر
وقول عمر : ( أعطه أفقر مني ) (أفقر) يعني: أشد فقراً، وعلى هذا يكون عمر رضي الله عنه محتاجاً، ومع ذلك يقول: أعطه من هو أحوج إليه مني.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( خذه فتموله ) يعني: اجعله مالاً لك تأكله وتملكه وتتصدق به وتتصرف فيه، أو تموله بالتجارة، ومنه ما يسمى بالتمويل.
(وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف) الإشراف هو: التطلع، وهو رغبة النفس إليه.
(وأنت غير مشرف) يعني: نفسك قد تعلقت به وتطلعت إليه.
(ولا سائل) يعني: أنه لم يبدأ بالسؤال، وإنما أعطي دون مسألة.
قال صلى الله عليه وسلم: ( وما لا فلا تتبعه نفسك ) يعني: ما جاءك من غير إشراف ولا ضعف نفس ولا مسألة فخذه، وما لم يأتك واحتاج إلى إشراف أو تطلع أو إلحاح أو سؤال ( فلا تتبعه نفسك ) يعني: لا تحرص عليه ولا تسأل عنه.
طبعاً المقصود هنا: مال السلطان كما هو واضح، مال بيت المال؛ ولهذا نقول في هذا الحديث: الأخذ من مال السلطان أو من بيت المال، وقد بينا بالأمس تفصيل هذه المسألة، وأن الإنسان له أن يأخذ من بيت المال قدر حاجته، وله أن يأخذ من بيت المال ما زاد أيضاً على حاجته مما هو من حقوقه، وليس المقصود أن الأخذ هو النهب، فإن هذا غلول، وكون الإنسان يدعي أن له حقاً ثم يسرق أو ينهب أو يأخذ، أو يقول: ضائع، فيصبح هو شريكاً في هذه الجريمة، لا: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:161]، وإنما يطلب حقه ويسعى إليه، ولا بأس أن يجتهد في ذلك الأفراد والمجموعات من أجل انتظام مصرف بيت المال وإيصال الحقوق إلى أصحابها.
وقد وقع اختلاف كبير جداً عند الفقهاء، فمنهم من ضيق هذا المفهوم، وقال: إن المقصود (في سبيل الله) يعني: في الجهاد في سبيل الله (الغزاة)، فيكون مصرفه في الغزو فقط، وهذا مذهب كثير من المفسرين والمحدثين والفقهاء والأئمة والجمهور.
ومنهم من قال: إن ذلك يتسع ليشمل الحجاج والمعتمرين أيضاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الحج وأنه في سبيل الله، وقال للنساء: ( عليكن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة ).
وهذا مذهب محمد بن الحسن والحنابلة في رواية عنهم وجماعة من السلف.
ومنهم من وسع أيضاً سهم (وفي سبيل الله) ليشمل طلبة العلم ونحوهم، وهذا أيضاً قول عند الحنفية.
ومنهم من وسع سهم (وفي سبيل الله) ليشمل كل أبواب الخير وطرقه.
وهذا ذهب إليه كثير جداً من الفقهاء والباحثين المعاصرين أخذاً بعموم مصطلح (وفي سبيل الله)، ونظراً إلى المصلحة المتحققة في صرف الزكاة في مثل هذه المصارف، فجعلوا (في سبيل الله) شاملاً لكل وجوه الخير والبر.
والأقرب والله تعالى أعلم: أن ذلك ليس على تضييق الأولين ولا على توسيع الآخرين، فلا نقصر (في سبيل الله) على الجهاد، ولكننا لا نقول: إن (في سبيل الله) يشمل كل ألوان البر؛ لأن هذا يجعل أن التحديد بقوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ [التوبة:60] ليس له معنى؛ لأنه إذا قلنا: كل ألوان الخير، من بناء الطرق مثلاً، وتشييد الجسور، وحفر الآبار، وبناء المستشفيات، وبناء المساجد.. إلى آخره، أن هذا كله في سبيل الله لم يعد للتحديد معنى في قوله: إِنَّمَا [التوبة:60]، وهذا قصر وحصر إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ [التوبة:60].
فنقول: إن (في سبيل الله) يشمل الجهاد في سبيل الله بألوانه، سواء كان جهاداً بالنفس، أو كان جهاداً بالعلم، أو كان جهاداً بالإعلام، أو كان جهاداً بالدعوة، أو كان جهاداً بالكتب، أو بالتعليم، أو بالتربية.. أو بغير ذلك من المصارف التي إذا لم يوجد ما يقوم بشئونها من غير الزكاة جاز أن يصرف لها من الزكاة لئلا تتوقف أو تتعطل.
الجمهور يرون أنه يكفيه أن يخرج الزكاة في صنف واحد أو في جزء من هذا الصنف الواحد، فيجعل زكاته كلها في الفقراء أو في المساكين أو في الغارمين أو في سبيل الله أو في ابن السبيل.. إلى غير ذلك.
والشافعي رحمه الله رأى أنه لابد أن يوزع زكاته في هذه الأصناف الثمانية كلها، ولا شك أن القول الأول أرجح وأصح وأيسر أيضاً، وهو المعمول به في عهود السلف رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
الجواب: مسألة قراءة السجدة في الصلاة السرية وهل يسجد أو لا؟ فيها خلاف، منهم من يقول: لا يسجد؛ لأنه إذا سجد أربك المأمومين، وظنوا أنه قد سها في صلاته؛ ولهذا الحنابلة يقولون ذلك:
ولا تسجدن في فرض سر فإنه يبيح لمأموم خلافك فاركد
يعني: أنه لا يقرأ السورة وإن قرأها لا يسجد، وهذا هو الأقرب أنه لا يسجد، إلا إذا كان المأمومون فقهاء، ويعرفون فحينئذ عليه أن يجهر قبل السجود حتى يعرفوا لماذا سجد، فمثلاً: إذا قرأ سورة اقرأ في صلاة الظهر إذا وصل إلى آخر السورة رفع صوته، وقال: كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق:19] حتى يعلموا أنه سجد لأنه قرأ سجدة، والأولى ألا يسجد لئلا يقع الإرباك للناس.
الجواب: لا. ما فيه زكاة حتى يبلغ مائتين.
الجواب: القسم واضح، أنه سبحانه إما أن يقسم بشيء، كأن يقول مثلاً: وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ [الطارق:1]، وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ [البروج:1] فهذا حرف قسم، أو يقول: أقسم أو لا أقسم، وهذا أيضاً قسم كما رجحناه.
الجواب: التعامل معهم بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل به وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4] ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [النحل:125] تدعوهم بالكلمة الطيبة والخلق الطيب، وحسن الظن وحسن التعامل، والصبر والرحمة، هذا هو التعامل.
الجواب: الأقرب عندي أن هذا لا يجوز؛ لأن هذا مضاهاة للمشركين الذين كانوا يقولون: الملائكة بنات الله وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا [الزخرف:19].
الجواب: نعم يجوز.
الجواب: هذا كتاب في السيرة النبوية طيب جداً.
الجواب: هذه إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا [الجاثية:32] أولاً: قولهم: (إن نظن إلا ظناً) يدل على أن الأمر ليس فيه جزم، حتى قالوا: ظناً، يعني: ظناً ضعيفاً؛ ولهذا قالوا بعدها أيضاً: وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ [الجاثية:32] فتأكد الأمر أن الأمر هنا لا يتعلق إلا بظن ليس قوياً.
الجواب: لا. النميمة غير الغيبة، النميمة هي: نقل الكلام بين الناس بقصد الإفساد.
أما الغيبة فهي: الوقيعة.
الجواب: نعم الأوقية موجودة، ويعرفها أهل العد. سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر