إسلام ويب

شرح بلوغ المرام - كتاب الجنائز - حديث 562-567للشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تعامل الصحابة رضوان الله عليهم مع النبي حين مات تعاملاً خاصاً كان مبناه على ما ثبت في سنته من قوله في حياته من آداب تلتزم مع الأنبياء في موتهم، فهو صلى الله عليه وسلم لم يجرد من ثيابه عند غسله، ودفن في غرفته التي قبض فيها، أما سائر موتى المسلمين فيجردون حين يغسلون، ويدفنون في مقابر المسلمين.
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على محمد.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كتاب الجنائز ].

    وعندنا اليوم بعد ما أنهينا خمسة أحاديث من هذا الكتاب، عندنا أيضاً ستة أحاديث أخرى.

    الحديث الأول منها في هذا اليوم: يوم الثلاثاء، الحادي والعشرون من شهر جمادي الأولى من سنة 1426 للهجرة، ورقم هذا الدرس (193) من أمالي شرح بلوغ المرام.

    رقم الحديث (540): [ عن عائشة رضي الله عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي سجي ببرد حِبرة ) ].

    هكذا لفظ الحديث: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي سجي ببرد حِبرة ).

    والحديث كما يقول المصنف: [متفق عليه].

    فقد أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب: اللباس، باب: البرود والحبرة والشملة. وأخرجه أيضاً في كتاب الجنائز باب الدخول على الميت.

    وأخرجه مسلم في صحيحه أيضاً في باب الجنائز تسجية الميت. وأبو داود في الجنائز باب الميت يسجى، والنسائي في الوفاة، باب كفن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

    وقد خرج الحديث أيضاً: الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان، وعبد الرزاق، وابن المنذر، والبيهقي وغيرهم.

    معاني ألفاظ الحديث

    ما يتعلق بألفاظ الحديث:

    قولها رضي الله عنها: ( حين توفي رسول الله صلى الله عليه وآله سلم سجي ).

    (سجي) هذا مبني للمجهول، يعني: سجاه أهله أو سجاه أصحابه.

    ومعنى: سجي، أي: غطي، فهي مثل كلمة (غطي) وزناً ومعنى -كما يقولون- وزنها على كلمة (غطي)، ومعناها أيضاً: (غطي)، فالتسجية هي: التغطية، ومنه قوله تعالى: وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى [الضحى:2]، يعني: غطى الكون بظلامه .

    إذاً: سجي، يعني: غطي وستر جسده من رأسه إلى قدميه.

    ببرد حِبرة: وكأن هذا الثوب وضع تحت قدميه، ووضع تحت رأسه أيضاً، فغطى بدنه كله.

    وقولها رضي الله عنها : (ببرد)، البرد: هو الثوب أياً كان، خصوصاً عندما يكون معلماً أو مخططاً له أعلام، فإنه يسمى: برداً، وقد يكون مصنوعاً من القطن أو الكتان أو غيرها.

    وهكذا الحِبرة: فالحبرة بكسر الحاء وفتح الباء على وزن: عنبة.

    حِبرة: يعني هذا نوع من الثياب مشهور، لا هو اسم بلد، ولا هو اسم جهة، وإنما هو نوع من الثياب معروف، وهو من ثياب اليمن .

    وإنما سمي: حبرة؛ لأنه من التحبير يعني التزيين والتجميل، وهي من الثياب التي كان يحبها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنها ثياب لا تقبل الوسخ، وليس فيها حرير، وكذلك ألوانها كانت تعجب النبي صلى الله عليه وسلم فكان يكثر لبسها، وكأنهم لذلك اختاروا أن يسجوه بها بعد وفاته عليه الصلاة والسلام.

    إذاً: (برد حِبرة)، برد: مضاف، وحبرة: مضاف إليه، ويمكن أن يكون: ببردٍ حِبرة، فتكون حبرة أشبه ما تكون بوصف للبرد.

    وكما قلنا: الحبرة هي من وشي اليمن، من ثياب اليمن، وتكون مصنوعة من القطن أو من الكتان أو من غيرهما.

    فوائد الحديث

    طيب. ما يتعلق بفوائد الحديث ففيه:

    أولاً: استحباب نزع ثياب الميت؛ وذلك لئلا تتسخ ولئلا تؤثر على بدنه أيضاً.

    ومن فوائد الحديث: وجوب ستر الميت، وأن نزع ثيابه لا يعني كشفه، بل يجب ستره بغير ثيابه، كأن يستر ببرد حبرة أو بغيره من الثياب.

    وهل نزعت ثياب النبي صلى الله عليه وسلم لما سجي أم لم تنزع؟

    الصواب: أنها لم تنزع، الصواب: أنه سجي ببرد حبرة مع بقاء ثيابه عليه، كما سوف يأتي بعد.

    ومن فوائد الحديث: جواز لبس الثياب المخططة، فإننا قلنا: إن البرد يكون معلماً أو مخططاً، فهذا يدل على جوازه.

    طيب. هذا البرد الذي ستر به النبي صلى الله عليه وسلم هل هو كفن؟ التسجية هذه هل هي كفن للنبي صلى الله عليه وسلم؟

    لا. هي نوع من التغطية، لتغطية وجهه؛ لأنه قد يتغير الميت أو يتأثر فيستحب ستره، ومن هنا نقول: استحباب ستر الميت كله، وليس هذا هو الكفن، وهذا مما يلتبس على بعض الطلاب، فإن التسجية هنا ليست هي الكفن، وإنما غطي قبل أن يغسل عليه الصلاة والسلام.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088927051

    عدد مرات الحفظ

    779932689