إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
رقم هذا الدرس (189) من سلسلة شرح بلوغ المرام، وهذا اليوم هو السادس عشر من شهر جمادى الأولى لعام (1426) للهجرة.
وإن شاء الله تعالى في هذا اليوم سوف نأتي على ما تبقى من باب الاستسقاء، حيث فيه أحد عشر حديثاً شرحنا منها أمس أربعة، وأتينا فيها على معظم مباحث ومسائل هذا الباب، فاليوم نأتي على ما تبقى من الأحاديث وكلها أحاديث لطيفة وسهلة، وليس فيها مباحث فقهية كبيرة.
الحديث الأول منها ذكره المصنف رحمه الله برقم خمسمائة وسبعة عشر، وهو حديث أنس رضي الله عنه: ( أن رجلاً دخل المسجد... ) إلى آخر الحديث.
ورواه مسلم أيضاً كما أشار المصنف في أبواب الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء.
ورواه أبو داود أيضاً في رفع اليدين في الاستسقاء، والنسائي، باب هل يسأل الإمام رفع المطر إذا خاف ضرره.
ورواه أيضاً مالك في الموطأ وأحمد والبيهقي وابن حبان والطحاوي والطبراني وغيرهم.
قول الرجل المرة الأولى: (يا رسول الله! هلكت الأموال)، ما سبب هلاكها؟ ما معنى هلاكها؟ طبعاً هي هلكت بسبب القحط، فما معنى هلاك الأموال؟ وما هي الأموال؟
الأموال هي: المواشي، ولذلك في بعض الألفاظ قال: ( هلك الكراع ) يعني: الإبل والبقر والغنم والخيل ونحوها؛ وذلك لأنها كانت هي غالب أموال العرب، وهلاكها هو موتها أو هزالها بسبب عدم وجود ما تأكله.
(وانقطعت السبل) السبل جمع سبيل وهي: الطرق التي يسافر عليها الناس ويمشون فيها، وانقطاع السبل هنا معناه: أنه بسبب هزال المركوب، لأن الإبل كانت مركوب الناس، وكذلك الخيل وغيرها، فبسبب هزالها وعدم وجود الكلأ والمرعى، لم تعد قادرة على قطع المسافات.
ويحتمل أن يكون انقطاع السبل بمعنى: أنه لأنه لا يوجد في السبل مرعى، فلا يسافرون عليها؛ لأنها تنفق مواشيهم حينئذ.
(فادع الله يغيثنا) يعني: يأتينا بالغيث، وهو المطر كما أسلفنا.
وهنا (ادع الله يغيثنا) هذا هو المشهور في الرواية أن الفعل مرفوع، هذا فعل مضارع مرفوع، وهو له وجه في اللغة، والأفصح أن يقول: (أن يغيثنا)، أو إذا حذفنا (أن) نقول: (ادع الله يغثنا)، يعني: يكون جواب الطلب.
و(يغيثنا) هنا لها وجه، يعني: أن يكون هذا مضمون الدعاء، يعني: ادع الله لنا بالإغاثة، فإن تدعو الله أن يغيثنا أغاثنا.
قال أنس رضي الله عنه: ( ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ) السحاب معروف والقزعة هي القطعة من السحاب، والسحاب إذا كان متفرقاً فإنه قد يسمى قزعة، ومنه النهي عن القزع، وهو حلق بعض الرأس وترك بعضه؛ لأنه تبقى بقع محلوقة وبقع أخرى غير محلوقة، فهذا يسمى قزعاً، يعني: بقع، فهو يقول: ليس في السماء سحاب كبير ولا حتى قزعة، يعني: قطعة من السحاب، بل كانت السماء صحواً.
( وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار ) سلع هو: جبل قريب من المدينة، وهو بفتح السين وسكون اللام، وهو جبل معروف في السيرة .
وقوله: ( ما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار ) ما مناسبة هذا الكلام للقصة؟
المناسبة: احتمال أنه يقصد أن الأرض فضاء يرى ما وراءها، واحتمال أن يكون المقصود: أن هذه المنطقة ما بين مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وسلع، أو ما بين المدينة وسلع ليس فيها أحد؛ لأن الناس رحلوا منها بسبب الجدب والضيق.
ثم قال: ( حتى أنشأت سحابة مثل الترس ) والترس هو أحد أنواع السلاح عند العرب، وهو مثل القرص المدور، ويستخدم الترس كنوع من الدروع، ولهذا يقال: فلان يتترس به، يعني: يتخذه ترساً يتقي به، فهذا معنى الترس، وهو نوع من الدروع التي يتقي بها الإنسان ما قد يأتيه من السهام وغيرها في الحرب.
وقوله هنا: (مثل الترس) يعني: إما أن يكون المعنى بحجمها، وهنا (مثل الترس) نقول: حجمها في عين الرائي، وليس حجمها في السماء؛ لأن الرائي بسبب بعد السحاب لا يراه على حقيقته، وإنما يراه أصغر مما هو، مثلما قلنا سابقاً في ارتفاع الشمس قدر رمح، هل المقصود أن الرمح حقيقي أم في نظر الرائي؟ في نظر الرائي.
واحتمال أن يكون قوله: (مثل الترس) يعني: في استدارتها، وهم يقولون: إن هذا من أجود ما يكون من السحاب عند العرب، فهذا معنى قوله: (مثل الترس).
قوله: ( فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً ) أي: أسبوعاً، وهذا من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل، ومنه حديث: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي مسجد قباء كل سبت فيصلي فيه ) يعني: كل أسبوع، ويحتمل أن يكون يوم السبت أيضاً، وقال بعض الشراح: إن هذا لأن أهل المدينة كانوا يجاورون اليهود، واليهود عندهم يوم السبت هو أفضل الأيام، فلذلك كانوا يسمون الأسبوع بأفضل أيامه عندهم وهو السبت، فيسمون الأسبوع سبتاً، هذا وجه، ولا غرابة فيه؛ لأنه مع كثرة الاستعمال ينسى الأصل الذي بسببه سمي الأسبوع سبتاً، وتبقى التسمية الدارجة عند الناس.
وقال كثير من الشراح: إن قوله: (سبتاً) لا يعني به أسبوعاً، وإنما يعني قطعة من الوقت، وهذا معروف؛ لأن من معاني السبت في اللغة القطع، اسبته، يعني: اقطعه، ومنه النعال السبتية، أنه يلبس النعال السبتية التي يقطع الشعر منها، وأيضاً يوم السبت قد يكون هكذا؛ لأنه قُطِع فيه خلق بعض مخلوقات الله تعالى.
إذاً: السبت في اللغة من أشهر معانيه: القطع، فيكون قوله هنا: ( ما رأينا الشمس سبتاً ) يعني: قطعة من الأيام، أي: بضعة أيام من غير تحديد، وهذا يبدو أنه أيضاً مشهور عند أهل اللغة، أنهم يقولون (سبتاً) ويريدون قطعة من الأيام، يعني: مدة أو زمناً.
وبعضهم قرأها ورواها: (ما رأينا الشمس ستاً) يعني: ست ليال، ويبدو أن هذا نوع من التصحيف، وأن الرواية المشهورة: (سبتاً) بالباء، على اسم أحد أيام الأسبوع.
( فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه إلى السماء وقال: اللهم حوالينا ولا علينا ):
معنى: (حوالينا) قريباً منا.
(ولا علينا)، يعني: يدعو النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يكون المطر يصيب المناطق القريبة منا ولا يقع علينا؛ لأن وقوعه على الناس حينئذٍ يكون فيه ضرر بانقطاع السبل وهلاك المواشي وهلاك الزرع وغير ذلك، فإذا كان في المناطق التي تحتاج المطر فإنه يكون نافعاً، فمن هنا النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( حوالينا ولا علينا ) وهذا من الأدب العظيم في الدعاء.
ثم قال: ( اللهم على الظراب والآكام ) يعني: اللهم أنزل المطر على الظراب والآكام، ( وبطون الأودية ومنابت الشجر) الظراب: جمع ظرب. أو ( على الآكام والظراب ) يعني هما روايتان، وبكل حال لا يضر يعني.
فقوله: (الآكام) جمع أكمة بفتح الهمزة والكاف، والعرب يقولون في أمثالهم: وراء الأكمة ما وراءها متى يقولون المثل هذا؟ إذا شكوا في شيء، فلان جاء مثلاً وكان منقطعاً عني مدة طويلة جداً، ثم فوجئت به يأتيني ويسلم بطريقة غريبة ويظهر الود والصفاء، فيقول الإنسان حينئذ: فلان جاءني اليوم ووراء الأكمة ما وراءها، ماذا يعني؟ يعني القصة فيها شيء، هذا السلام ليس عادياً، هناك سبب معين، أو إذا حصل أمر يريبه، معناه: أن هناك شيئاً مخفياً.
إذاً: الأكمة شيء مرتفع تخفي ما وراءها، فالأكمة هي أقل من الجبل، صخرة أو صخور أقل من الجبل .. دون الجبل، تسمى أكمة، مرتفع.
(والظراب): جمع ظرب، وهي التلة المرتفعة أيضاً.
(وبطون الأودية) معروفة، فالوادي هو مسيل الماء أو هو المنخفض بين جبلين أو منطقتين مرتفعتين، وبطون الأودية يعني: منخفضاتها.
(ومنابت الشجر) يعني: مكان نبات الكلأ والمرعى.
قال: (فأقلعت) يعني: توقف المطر.
وشريك الذي يسأل أنساً رضي الله عنه هو شريك بن عبد الله بن أبي نمر، وهو تابعي جليل.
مسلم
قصةأبي الدرداء
لما قال: (أم الدرداء
، وفي حديثعمر
أيضاً وإن كان فيه ضعف يسير. والأرجح أن هذا لا بأس به إن شاء الله، وإن كان من أهل العلم من قال بأنه خلاف الأولى، كما أشار إليهابن تيمية
وابن القيم
رحمهما الله. وكذلك فيه مشروعية رفع اليدين في الاستسقاء، حتى في خطبة الجمعة؛ لأن المشروع في الدعاء إذا دعا في خطبة الجمعة هل يشرع رفع اليدين؟ الأقرب أنه لا يشرع، وإن كان الأمر واسعاً، لكن الأقرب أنه لم يثبت في السنة رفع اليدين خلال الدعاء في خطبة الجمعة، إلا إذا كان يدعو بالاستسقاء أو يدعو بالاستصحاء، يعني: بالمطر أو برفع المطر وكشفه، كما في حديثأنس
هنا، فإنه يستحب رفع اليدين، وسيأتي مزيد إيضاح لهذه النقطة. وفيه: أن خطبة الجمعة لا تنقطع بالكلام بين الخطيب وبين من يتحدث معه . من فوائد الحديث: انتداب واحد ليقوم عن الجماعة بما ينوبهم، فهذا الرجل المبادر هذا الأعرابي الذي جاء فعل خيراً مع أنه قام بالمهمة بالنسبة للناس الكثيرين وتكلم بلسانهم، يعني: هو دعا للناس كلهم في المرة الأولى وفي المرة الثانية، ففيه جانب المبادرة، وأنه يقوم الإنسان عن الآخرين بما يحتاجون إليه أو ما ينوبهم من أمر الدين أو من أمر الدنيا، مثل إنسان في حي قد يطلب للناس خدمات أو مصالح أو دفع ما يؤذيهم أو يضرهم، لكن هذا يعتبر مبادرة، وهو جيد ومحمود، وفرق بينه وبين ما قد يقع من بعض الناس من العجلة والتدخل فيما لا يعنيه، فإن بعض الناس يكون عنده نوع من العجلة، فقد يتحدث باسم الناس في أمور الناس لا يوافقونه عليها. من فوائد الحديث: تكرار الدعاء ثلاثاً، وهذا ثابت: (الحديث الثاني عن أنس رضي الله عنه: ( أن
ورواه أيضاً غير البخاري أبو عوانة وابن حبان وابن خزيمة والبيهقي والطبراني وغيرهم.
ومن الطريف أن العباس كان يسأل: أأكبر أنت أم الرسول صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: أنا أسن منه وهو أكبر مني.
ثم يذكر قصة يقول: كنت عند أمي فأُتِيَت وقيل لها: إن آمنة قد ولدت غلاماً؟ من هذا الغلام، هو سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، وهو الآن صبي لتوه سقط من بطن أمه، قال: فذهبت بي أمي تمسك بيدي وأنا ابن ثلاث سنين، قال: فلا زلت أنظره وهو يحرك رجليه صلى الله عليه وآله وسلم، والنساء يقلن لي: قبل أخاك قبل أخاك، يعنين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، والعباس هو عمه عليه الصلاة والسلام، وإنما قصدن بالأخوة المعنى الذي هو أوسع من أن يكون أخاه لأمه وأبيه.
والعباس من فضلاء الصحابة، وقد شهد بدراً مع المشركين وأسر، وافتداه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويقال: إنه كان مسلماً ولكنه يكتم إسلامه، وقد قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( بقاؤك في مكة خير لنا من هجرتك )، ولذلك ورد في بعض الآثار أنه قال: ( يا رسول الله! كنت مسلماً، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أما ظاهرك فكان علينا ) العباس قال النبي صلى الله عليه وسلم إنه يدفع فداءً.
المهم أن العباس أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، وكان الصحابة رضي الله عنهم يجلونه ويعظمونه لفضله وسنه وقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى كان عمر وهو في جلالته ومهابته وعثمان إذا مر العباس وهم على راحلة نزلوا حتى يتجاوزها، وهذا دليل على ما كان عليه جيل الصحابة من الأدب وحسن رعاية الخلق فيما بينهم والتعامل بالفضل والتقدير والتبجيل والاحترام، وهذه المعاني ما وجدت في قوم إلا كان لهم خير الدنيا والآخرة، وإذا نزعت من قوم لم ينفعهم ما وراءها، فرعاية جانب الخلق واحترام الكبير ورحمة الصغير والتعامل بالحسنى والفضل واللطف من أعظم المعاني التي جاء بها الدين.
وابنه عبد الله بن عباس، وكنية العباس أبو الفضل.
قوله: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا) هذا كلام عمر رضي الله عنه.
(كنا نتوسل إليك) هذا يدل على تكرار التوسل، وأن التوسل أو الاستسقاء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان يتكرر بالدعاء، سواءً في خطبة الجمعة أو غيرها.
والتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في طلب المطر، يعني: طلب دعائه كما فعله الأعرابي كما في حديث أنس السابق، هذا معروف حتى في الجاهلية قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يفعلونه، ولذلك أبو طالب يقول:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يعوذ به الهلاك من آل هاشم فهم عنده في خيرة وفواضل
فهكذا النبي صلى الله عليه وسلم يستسقى الغمام بوجهه عليه الصلاة والسلام.
فـعمر رضي الله عنه يقول: (كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك) التوسل معناه: طلب الوسيلة، والوسيلة هي الواسطة التي تصل بين شيء وشيء، ولذلك ممكن تنطق بالسين وممكن تنطق بالصاد، الوصيلة أو الوسيلة، يعني: التي يتوسل بها. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ [المائدة:35]، يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ [الإسراء:57].
فالوسيلة هنا معناها: نطلب قبول الدعاء بتوسيط وتوسيل الأخيار أن يقوموا بالدعاء، فإن دعاءهم مرجو الإجابة.
فيه أولاً: مشروعية الدعاء لطلب السقيا، وأنه يمكن الدعاء بغير صلاة، الحديث هذا يصلح للدعاء بغير صلاة، هل ذكره في صلاة؟ لم يذكر، وكذلك عمر لم يذكر فيما قبل في طلب الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا عام، يعني: قد يكون باجتماع الناس، وهذا هو الواضح من فعل عمر مع العباس أن يدعو العباس والناس يُؤمِّنون، وقد يكون يدعو في غير اجتماع أيضاً، وهذا أوسع أيضاً.
إذاً: فيه مشروعية الدعاء في الاستسقاء ولو بغير صلاة.
وفيه أيضاً: بيان التوسل المباح، فمن التوسل المباح في الحديث طلب الدعاء من الصالحين، وهذا لا شك في جوازه.
وأيضاً من التوسل المباح -من باب الاستطراد- من باب التوسل المباح: التوسل بالأعمال الصالحة، كقصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار وانطبقت عليهم الصخرة.
ومن التوسل المشروع: التوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته، والتوسل إلى الله بفضله السابق ونعمته السابقة، فتقول: اللهم كما أنعمت علينا بالإسلام وأكرمتنا بالإيمان وجعلتنا من خير أمة أخرجت للناس -مثلاً- أسألك أن تثبتنا على ذلك، وتزيدنا فيه علماً وبصيرة. هذا من التوسل المشروع.
فيه أيضاً من الفوائد: تكرار الاستسقاء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، كما دل عليه حديث عمر .
ومن الفوائد: تنوع الفضائل بين الناس. وقد أخذنا الفائدة هذه من الاستسقاء بـالعباس. يعني: عمر رضي الله عنه جعل العباس يستسقى به لقرابته من النبي صلى الله عليه وسلم وفضله، لكن: هل جعل عمر العباس في أهل الشورى؟ لا، لم يجعله في أهل الشورى لتأخر إسلامه، وهذا دليل على أن الفضائل تتنوع، وقد يوجد في هذا فضيلة لا توجد في الآخر.
والحديث رواه مسلم كما ذكر المصنف.
كما رواه البخاري أيضاً ولكن ليس في الصحيح وإنما في الأدب المفرد، وهو كتاب غير صحيح البخاري مستقل ليس على شرط الصحيح، ولهذا في مثل هذا الحديث يقال: رواه مسلم ؛ لأن البخاري لم يشاركه في روايته في الصحيح.
قول النبي صلى الله عليه وسلم عن المطر: ( حديث عهد بربه ). أي: في خلقه، فهذه رحمة حديثة عهد بخلق الله وتكوين الله تعالى لها، فيرجى في مباشرتها للبدن خيراً، كما هو ظاهر فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
أما من فهم من قوله: (حديث عهد بربه) أن المطر ينزل من السماء، وليس من السحاب، فهذا جهل؛ لأن هذا من المعروف في الجاهلية والإسلام أن المطر ينزل من السحاب، ومن أين جاء مطر السحاب؟ من البحر، هذا محل اتفاق، قبل الإسلام كان العرب على جهلهم يعرفون ذلك.
يقول الشاعر يصف الغيم ويصف السحاب:
شربن بماء البحر ثم ترفعت متى لجج خضر لهن نئيج
وهذا معروف جداً عندهم، وأجمع عليه أهل الإسلام، وهو من القطعيات المعروفة عند أهل الحس أيضاً، ولذلك فإن كل المياه أصلها من ماء الأرض، وكله من خلق الله وكله بقدر الله.
ولكن السماء في قوله: وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا [الفرقان:48] ما المقصود بالسماء؟ هو كل ما علا وارتفع فهو يسمى سماءً، كل ما فوقك فهو يسمى سماءً، ولذلك من أسماء المطر السماء، كما قلنا أمس:
إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضاباً
ما هو الذي ينزل بأرض القوم؟ هو المطر.
ومع أن البخاري لم يخرج هذا الحديث إلا أنه استدل بحديث آخر وهو حديث أنس قبل قليل لما نزل المطر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر، فكأن البخاري اعتبر أن تعرض النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر للمطر، والمطر ينزل على رأسه وعلى وجهه وعلى لحيته؛ أن هذا كان مقصوداً للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه حديث عهد بربه، مع أن المطر الذي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم كان من السقف، يعني: خر من السقف من كثرة المطر ونزل على النبي عليه الصلاة والسلام.
فـالبخاري أخرج هذا الحديث في باب الاستسقاء، باب ما يقول إذا مَطرت أو مُطرت، وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة أيضاً، وهو كتاب مستقل وموجود ضمن سنن النسائي الكبرى، باب ما يقول إذا مطر.
ورواه أحمد وابن حبان والبيهقي .
لكن الأقرب أن مسلماً لم يخرج هذا الحديث، فهو غير موجود حسب علمي في النسخ الموجودة، ولا أشار إليه صاحب تحفة الأشراف الإمام المزي أنه من الأحاديث التي خرجها مسلم، فيكون الإشارة إلى إخراج مسلم له وهماً من المصنف رحمه الله تعالى.
(صيباً): هل وردت في القرآن هذه الكلمة؟
نعم، قال تعالى: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ [البقرة:19] إذاً: هي كلمة قرآنية، والصيب هو المطر القوي؛ لأنه يصيب الأرض.
وبعضهم قرأها: (سيباً) بالسين المفتوحة والياء الساكنة، والسيب هو النازل، والغالب أن السيب هو العطاء، عند العرب السيب هو العطاء، إذا ذهبت لواحد وطلبت منه شيئاً فأعطاك وأجزل تقول: هذا الإنسان سيبه عظيم، يعني: عطاؤه غير متوقع، وهذا يستخدمه الشعراء، فالسيب هو العطاء، وهو هنا بمعنى المطر أيضاً.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (نافعاً) هذا من جوامع دعائه؛ لأنه سأل الله تعالى أن يكون المطر كثيراً، وأن يكون نافعاً بحيث لا يضر الناس ولا الزرع ولا المواشي ولا الطرق والسبل وغيرها.
ومنه اختيار الجوامع من الدعاء وترك ما سوى ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم دعا الآن بكم كلمة؟ بكلمتين فقط أو ثلاث، (اللهم صيباً نافعاً) فكان يدعو بالجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك.
المستخرج معناه: أن يعمد المصنف إلى أحاديث مصنف قبله ثم يخرج أحاديثه بأسانيد خاصة له، يعني: أبو عوانة عمد إلى صحيح مسلم، فكل حديث رواه مسلم يحاول أبو عوانة أن يروي نفس الحديث عن الصحابي ولكن بإسناد خاص له هو غير إسناد مسلم، هذا معنى الاستخراج والمستخرجات.
ولكن هذا الحديث مع أن أبا عوانة أخرجه في مستخرجه كما ذكرنا، وأخرجه أيضاً غيره كما ذكر بعضهم، إلا أنه ضعيف جداً، بل ابن حجر رضي الله عنه قال في التلخيص : رواه أبو عوانة بسند واه، فهذا الحديث ضعيف الإسناد منكر المتن.
ولذلك قبل قليل ذكرنا دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالجوامع: (اللهم صيباً نافعاً)، أما هذا الحديث ففيه تطويل وفيه تكرار للصفات، وفيه أيضاً إغراب بالألفاظ، والغالب في لغة النبي صلى الله عليه وسلم أنها لغة سهلة يفهمها أكثر الناس.
قوله: (كثيفاً) الكثيف هو المتراكم، يعني: الكثير المتراكم.
(قصيفاً) أي: قوياً، يعني: يقصف قصفاً من شدته وقوته.
(دلوقاً) يقال: اندلق الشيء: إذا سال بسرعة، أو خرج من وعائه، فهذا معنى أنه أيضاً قوياً.
(ضحوكاً): الضحك هو البرق. ضحوكاً يعني: البراق، ولهذا يقال: ضحكت السماء يقصد بها البرق.
(رذاذاً) الرذاذ هو المطر الخفيف الذي لا يضر.
(قطقطاً) والقطقط بكسر القاف وسكون الطاء والتكرار، يقول الأصمعي : هو صغار المطر، يعني: تكون نقط المطر صغيرة، فهذا هو القطقط عند العرب.
والمصنف رحمه الله ذكر هذا الحديث منسوباً للإمام أحمد قال: وصححه الحاكم .
والإمام رحمه الله قال: رواه أحمد، والأصل أنه إذا قال: رواه أحمد فإن هذا ينطلق إلى المسند ؛ لأنه إذا قصد غير المسند فإنه يذكره، والواقع أن الإمام أحمد لم يخرج هذا الحديث في المسند، وإنما خرجه في كتاب الزهد، وهو كتاب مطبوع مستقل، وهذا الحديث في كتاب الزهد للإمام أحمد في باب زهد يوسف عليه الصلاة والسلام، وهكذا الحاكم كما ذكرنا، ورواه الدارقطني أيضاً في سننه وابن أبي شيبة والطحاوي والطبراني .
ظاهر الحال أن الحاكم يصحح الحديث، ونقل المصنفون تصحيح الحاكم والسكوت عليه قد يدل على أنه يرى أنه حسن، وقد حسن الحديث غير واحد من أهل العلم، ولكن الذي يظهر لي أن الحديث ضعيف، وأنه مرسل؛ لأن الحديث من رواية محمد بن عون عن أبيه عن الزهري، ومحمد بن عون عن أبيه ليسا بالمشهورين، وقد ذكرهما البخاري في كتابه: التاريخ الكبير، وقال: محمد بن عون عن أبيه عن الزهري مرسل، ومراسيل الزهري ما شأنها؟ ضعيفة، مراسيل الزهري كالريح كما يقولون، يعني: الزهري إمام ثقة إذا قال: حدثنا وأسند، لكن إذا كان حديثه مرسلاً فإنه لا يؤخذ به، ولعل هذا من مراسيل الزهري، فالأقرب أنه لا يصح، وفيه غرابة أيضاً ونكارة.
في الباب أيضاً عن أنس رضي الله عنه وهو في الصحيحين عند البخاري ومسلم : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء ) فنقول: هذا الحديث أنه لم يكن يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء يعني رفع اليدين في الدعاء متواتر جاء في أكثر من مائة حديث .
مداخلة: .....
إذاً: نقول: المقصود في خطبة الجمعة، هذا هو الظاهر من الحديث، وفيه أيضاً قصة الرجل الذي جاء قبل قليل ودعا النبي صلى الله عليه وسلم وهو من حديث أنس في الصحيحين.
قوله: (فأشار بظهر كفيه) ظهر الكف هو ضد باطنها، ومعناه: أنه جعل بطون كفيه -راحتيه- إلى الأرض، وجعل ظهور الكفين إلى السماء. والنووي رحمه الله قال: قال العلماء -وهو يقصد علماء الشافعية كما بينه في موطن آخر- : إن هذا هو الدعاء برفع الضر، يعني: كأن النووي يقول: إنه إذا كان يدعو بجلب خير دعا ببطون كفيه، وإذا كان يدعو برفع ضر دعاء بظهور كفيه.
ذكر ابن رجب في شرح البخاري وغيره أنه لم يختلف أهل العلم في رفع اليدين إلى السماء عند الاستسقاء، هذا محل اتفاق، ولكنهم اختلفوا في الصفة.
والصفات الواردة أو المختلف فيها نحو خمسة أضرب وأنحاء، وليست خلافات بمعنى أنه لا يمكن القول بها جميعاً، بل يمكن أن تكون هذه الصفات متداخلة.
الصورة الأولى منها: وهي الإشارة بالأصبع، والأصبع هذا يسمى السبابة، وممكن أن نسميه الشاهد؛ لأنه يتشهد به، وسميت السبابة؛ لأن الإنسان إذا كان يسب فإنه يشير بها، ولذلك يقول الشاعر:
غيري جنا وأنا المعذب فيكم فكأنني سبابة المتندم
لأنه أحياناً يعضها من الندم والغضب.
إذاً الصيغة الأولى هو: أن يشير بالسبابة وهذا ثابت، ولهذا جاء هذا عن أبي هريرة وابن عباس والزبير وعن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وعائشة : أنهم كانوا يشيرون بذلك، وهو مذهب وطريقة الحنفية، أنه يشير بأصبعه.
وربما يستدل لهم بالحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن عمارة بن رويبة الصحابي رضي الله عنه: أن بشر بن مروان قام على المنبر في خطبة الجمعة يدعو فرفع يديه، فقال عمارة رضي الله عنه: قطع الله تلك اليدين، وفي رواية قال: لعن الله تلك اليدين؛ لأن هؤلاء كانوا أمراء سوء، فكان الصحابة رضي الله عنهم يغلظون لهم أحياناً من باب التأديب والتوجيه خصوصاً على مكانة الصحابة وجلالتهم، فقال: ( ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يزيد على أن يقول هكذا، وأشار بأصبعه ) فهذا والله أعلم في غير الاستسقاء، يعني: أن بشر بن مروان ما كان يستسقي، وإنما كان يدعو دعاءً عاماً، والمسألة طبعاً فيها سعة، يعني: العلماء مختلفون حتى في رفع اليدين حينئذ.
الصيغة الثانية: هي أن يجعل بطون اليدين إلى السماء وظهور اليدين إلى الأرض -فيدعو هكذا- وهذا قال به إبراهيم التيمي، ونقل أيضاً عن بعض الصحابة.
الصورة الثالثة: أن يجعل ظهور اليدين إلى القبلة وبطون اليدين إلى وجهه -يعني هكذا- فيجعل ظهر يديه إلى القبلة وبطون اليدين إلى وجه الداعي، وهذا جاء في حديث آبي اللحم، كذا اسمه: آبي اللحم -يعني: ما يريد اللحم- وهو صحابي، قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي عند أحجار الزيت )، وحديثه عند أبي داود وغيره، وجاء أيضاً عن خلاد بن السائب رضي الله عنه.
فهذه هي الصيغة الثالثة: أن يجعل ظهر اليدين إلى القبلة وبطن أو بطون اليدين إلى وجهه.
الصورة الرابعة عكس ذلك: أن يجعل بطون يديه إلى القبلة وظهور اليدين إلى وجهه.
الصورة الخامسة: أن يجعل ظهور اليدين إلى السماء، وهذا هو المتبادر من حديث أنس رضي الله عنه، ولا بأس أن نقول به؛ لأنه من غير تكلف نقول: إن ظاهر حديث أنس رضي الله عنه: ( أنه استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء )، هذا المتبادر، وإن كان من أهل العلم والشراح من قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ببطون يديه لكن مع المبالغة للرفع، يعني: لاشتداد الدعاء والتضرع والابتهال إلى الله تعالى، بالغ في الرفع حتى صارت ظهور اليدين كأنها إلى السماء، والأمر في ذلك واسع.
والغالب في الدعاء وهو فيما يظهر أكثر ما عليه الروايات: أن الإنسان يدعو ويجعل بطون اليدين إلى السماء وظهورهما إلى الأرض، ولكن هذا ليس معناه أن يجعلهما هكذا مبسوطتين، وإنما يجعلهما متجهتين إلى وجهه، فتكون من جهة قبالة وجهه، ومن جهة هي تضرع إلى السماء، وذلك لأن الإنسان بفطرته إذا دعا يشعر بأن هناك ضرورة، وهذا من أدلة أهل السنة على علو الله سبحانه وتعالى، وأن الله في السماء، أنهم يجدون ضرورة في نفوسهم إذا دعوا أن الواحد منهم يتوجه بقلبه وإرادته إلى جهة العلو.
منها: حديثان متفق عليهما، وهما الحديث رقم: خمسة عشر وخمسمائة ورقم سبعة عشر وخمسمائة، الذي هو حديث عبد الله بن زيد -ذكرناه بالأمس- في الصلاة ركعتين والجهر، وكذلك حديث أنس رضي الله عنه الذي شرحناه الآن.
ومنها: حديثان في البخاري فقط، وهما الحديث رقم: ثمانية عشر وخمسمائة، حديث أنس في قصة عمر والعباس، وكذلك الحديث رقم: عشرين وخمسمائة عن عائشة : ( اللهم صيباً نافعاً ) والمصنف نسبه للصحيحين، وقلنا: الصحيح أنه من أفراد البخاري .
ومنها: حديثان في مسلم فقط، وهما الحديث رقم: تسعة عشر وخمسمائة، حديث أنس : ( إنه حديث عهد بربه )، والحديث أيضاً رقم ثلاثة وعشرين وخمسمائة: ( أنه أشار بظهر كفيه إلى السماء ).
ومنها: الحديث أول حديث الذي هو رقم: ثلاثة عشر وخمسمائة، الذي رواه الخمسة وقلنا: هم أصحاب السنن وأحمد، وتكلمنا على إسناده، وأيضاً الحديث الذي بعده رقم: أربعة عشر وخمسمائة، حديث عائشة الطويل، وهو من رواية أبي داود وهو حديث حسن.
الحديث رقم: ستة عشر وخمسمائة، من رواية الدارقطني وقلنا: إنه حديث مرسل.
الحديث رقم: واحد وعشرين وخمسمائة حديث أبي عوانة -وقلنا: إنه حديث واه- الذي فيه الدعاء الغريب.
والحديث رقم: اثنين وعشرين وخمسمائة أيضاً رواه أحمد والدارقطني، وفيه قصة النملة التي رآها سليمان تستسقي، وقال: ( سقيتم بدعوة غيركم )، وهذه الكلمة: (سقيتم بدعوة غيركم) جرت مجرى المثل، فهي تقال لكل من أصابه خير بسبب غيره، فيقال: سقيتم بدعوة غيركم، وقد بينا أيضاً أن هذا الحديث مظنة أن يكون ضعيفاً مرسلاً.
الجواب: نعم. هذا صحيح.
الجواب: هذا دليل عدمي كما يقال، يعني: ليس دليلاً على عدم مشروعية ذلك، لكنه لا يدل على مشروعيته، وقد يكون هناك سبب آخر.
الجواب: لا بأس أن يدعو الإنسان بالقنوت، أو يدعو لنفسه في السجود والركوع وغيرها، إذا لم يكن عليه في ذلك ضرر يلحقه، من غير أن يرتب ذلك ترتيباً دائماً.
الجواب: هذه المسألة قلناها سابقاً وبحثناها في الإمامة في هذا الدرس، ويمكن للأخ الرجوع إليها، واخترنا أنه يجوز له أن يصلي منفرداً خلف الصف للحاجة، مثل إذا لم يكن في الصف الذي أمامه فرجة أو ما أشبه ذلك.
وما الحب في أهل الهوى بجريمة ولكنه معنى جميل من الأسر
الجواب: لعله (في أهل الهدى) إن شاء الله.
الجواب: نعم.. أنا أمس ذكرت هذا، وأحياناً ترى الإنسان يذكر الشيء من غير تركيز، عندنا حديث أنس أنه بدأ بالطعام، نعم. حديث عتبان أن النبي صلى الله عليه وسلم دعاه ليصلي في بيته مكاناً يتخذه مصلى، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم جلسوا على طعام وتكلموا، وقالوا: مالك بن الدخشم، هذا صحيح، يعني: حديث عتبان هو الذي يصلح للاستدلال به فيما ذكرناه أمس فيصحح، أما حديث أنس فهو دليل آخر أيضاً أنه بدأ بالطعام قبل الصلاة؛ لأن المجيء كان من أجل الطعام.
الجواب: تقريباً يعني: هي الاحتباء.
الجواب: حاول أن تقنع والدك، وتقنعه بأنك كبير الآن بقدراتك ومواهبك وتصرفاتك ومواقفك.
الجواب: هذا إنسان يريد أن يصرفك، فأنت ممكن تقنعه بشريط أو كتاب، وأديت ما عليك، وجزاك الله خيراً.
الجواب: أنا لا أرى هذا منكراً ولا حراماً؛ لأن رفع اليدين في الدعاء متواتر، لكن الذي لا أراه هو التزام ذلك، يعني: كون الإنسان كونه يلتزم بشكل دائم، ولو أن أناساً التزموا لا نستطيع أن نقول لهم: إنهم قد فعلوا منكراً، ولكن نقول: هذا لم يثبت لنا أنه من السنة، مثل هذه الأمور ينبغي أن يكون فيها نوع من الأناة.
الجواب: نعم. يرفع المأموم يديه في الاستسقاء والاستصحاء.
ما بيننا عرب ولا عجم مهلاً يد التقوى هي العليا
خلوا خيوط العنكبوت لمن هم كالذباب تطايروا عميا
لمن هذه الأبيات؟
الجواب: هذه لشاعر اسمه الدكتور عبد الرحمن بارود، وهي مما كنت أحفظه في الطفولة وضاع حتى من صاحبه من الشاعر نفسه، وقد لقيته ووجدت أن هذه الأشعار مما ضاعت منه، وهو موجود في جدة في جامعة الملك عبد العزيز.
الجواب: نعم. ذلك الرجل الذي دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ماذا نقول عنه؟ هو صحابي.
الجواب: التوسل غير المشروع بابه واسع، من أشده وأفظعه: التوسل بالأنداد والأوثان التي تعبد من دون الله: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3]، فهذا أعظم أنواع التوسل الشركي المحرم، ومنه صور التوسل أيضاً بذوات الأشخاص والتوسل بالأموات.
الجواب: لا يضر ذلك أبداً، بقدر أهميتك يكون الكلام الموجه إليك، وقد ذكرنا سابقاً قصة الرجل الذي اشتكى إلى زميله فقال له: تعال غداً وهات كل الكلام الذي كتب فيك، فأحضر له بلكة من المقالات فوضعها في الأرض وقال له: اصعد عليها، فصعد، وقال له: لقد ارتفعت بقدر هذا القول الذي قيل فيك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر