إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. سلمان العودة
  5. شرح بلوغ المرام
  6. شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 442

شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 442للشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • دأب النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم أصحابه أمور دينهم في كل وقت وكل مناسبة، وها نحن نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيب دعوة أم أنس بن مالك لطعام صنعته له، وبعد الفراغ من الطعام يقول لهم صلى الله عليه وسلم: قوموا لأصلي بكم. فيقوم صلى الله عليه وسلم للصلاة وأنس واليتيم وراءه صلى الله عليه وسلم والمرأة من ورائهما. وفي ذلك بيان لعدد من المسائل والأحكام كمسألة: موطن وقوف المأمومين من الإمام، وحكم مصافة الصبي الذي لم يبلغ الحلم، وصلاة الفذ خلف الصف، وصلاة النافلة جماعة، وغيرها من المسائل والأحكام.

    1.   

    شرح حديث: (صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقمت أنا واليتيم وراءه ...)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين قضوا بالحق، وبه كانوا يعدلون، وسلم تسليماً كثيراً.

    أما بعد:

    فهذا هو استئناف الدروس العلمية في هذا المسجد جامع الراجحي ببريدة.

    في الإجازة الصيفية ضمن الدورة شرحنا نحو اثني عشر درساً من دروس بلوغ المرام، وكان آخر درس شرحناه هو حديث ابن عباس ليلة مبيته عند خالته ميمونة رضي الله عنها، وذكرنا في ذلك الحديث عدداً من المسائل المتعلقة بالإمامة، وموضع الإمام، وبعض فوائد الحديث.

    أما اليوم فعندنا حديث آخر في باب الإمامة أيضاً, ويكون هذا الدرس هو رقم مائة وثمانية وخمسون؛ لأن حديث ابن عباس كان رقم مائة وسبعة وخمسين, وهذه الليلة ليلة الإثنين أعتقد أنها 18 من شهر الله المحرم لسنة 1425هـ.

    أما الحديث الذي عندنا اليوم فهو برقم أربعمائة وثمانية عشر، مع اختلاف النسخ اختلافاً كبيراً في الترقيم، ولكن هذا الحديث هو حديث أنس رضي الله عنه قال: ( صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقمت أنا واليتيم وراءه, وأم سليم خلفنا ).

    والمصنف رحمه الله عزا الحديث أنه متفق عليه، وذكر أن هذا لفظ البخاري .

    تخريج الحديث

    أما فيما يتعلق بتخريج الحديث:

    فقد رواه البخاري في مواضع من صحيحه، منها: كتاب الأذان، باب صلاة النساء خلف الرجال, وقد رواه بأطول مما ذكره المصنف، وذكر فيه قصة جميلة سنقف عندها، ورواه في مواضع أخرى كما أشرت، وفيه: أن أنساً رضي الله عنه قال: ( إن جدته مليكة

    دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام صنعته له، فأكل منه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: قوموا فلأصلي لكم, قال أنس

    رضي الله عنه: فقمنا إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس، فنضحناه بماء، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين, ثم انصرف
    ).

    ورواه البخاري في الصلاة في الثياب، باب الصلاة على الحصير؛ لأن أنساً رضي الله عنه ذكر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على الحصير.

    كما رواه أيضاً في صفة الصلاة، باب وضوء الصبيان, ومتى يجب عليهم الغسل والطهور .. إلى آخر الباب؛ وذلك لأن أنساً رضي الله عنه صف مع اليتيم، واليتيم عادة إنما يطلق على من هو دون البلوغ، على من هو دون الاحتلام.

    وكذلك رواه البخاري في التطوع، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى؛ لأن فيه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى لهم ركعتين )، وهما تطوع، ليستا نافلة بالاتفاق، وربما كانت وقت الضحى، ولذلك خرج الإمام مالك رحمه الله هذا الحديث أيضاً في موطئه , باب صلاة الضحى.

    فهذه المواضع التي روى البخاري فيها الحديث.

    أما مسلم فكعادته يجمع روايات الحديث في موضع واحد، وقد رواه في كتاب المساجد, باب صلاة الجماعة نافلة.

    كما خرجه أصحاب السنن, خرجه أبو داود في الصلاة, باب إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون؟

    وخرجه الترمذي أيضاً في باب ما جاء في الرجل يصلي ومعه النساء والرجال.

    وخرجه النسائي في الصلاة أيضاً, باب إذا كانوا ثلاثة ومعهم امرأة, وخرجه مالك في الصلاة كما ذكرت, باب صلاة الضحى, أو باب سبحة الضحى, والبيهقي والدارمي وأحمد .. وغيرهم.

    هذا ما يتعلق بالفقرة الأولى, وهي تخريج الحديث.

    معاني ألفاظ الحديث

    أما الفقرة الثانية: فهي ما يتعلق بمعاني الحديث وألفاظه.

    فأولاً: قول أنس رضي الله عنه: ( أن جدته مليكة

    دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ), ومليكة هي بضم الميم وفتح اللام، مليكة، يعني: تصغير ملكة، هذا عند جمهور الشراح، وبعضهم سماها: مَليكة , وهذا خطأ.

    ( أن جدته مليكة

    دعت النبي صلى الله عليه وسلم ). اختلف الشراح فيمن هي التي دعت الرسول صلى الله عليه وسلم؟ هل هي جدة أنس ؟ أو جدة إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الراوي عن أنس؟

    فإن الحديث جاء من رواية إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة , إسحاق بن عبد الله هذا من يكون؟ يعني: عبد الله هذا هو أخو أنس بن مالك من أمه، فـإسحاق بن عبد الله يكون أنس بن مالك على هذا عمه، فتكون الإشكالية هنا: هل المرأة العجوز التي دعت الرسول صلى الله عليه وسلم هي أم أنس رضي الله عنه التي هي أم سليم ؟ أو هي جدة أنس ؟ هذا فيه إشكال, وفيه كلام كثير جداً، حتى إن من أهل العلم من قال: إنها أم سليم، هي أم أنس بن مالك، وهذا رجحه ابن عبد البر في التمهيد والاستذكار، وقواه جماعة، ومال إليه النووي .

    ولكن يشكل على هذا المعنى أن أم سليم هل اسمها: مليكة، يمكن أكثركم يعرف اسم أم سليم، التي هي أم أنس بن مالك زوج أبي طلحة، ما هو اسمها؟

    قيل: اسمها: الغميصاء، وقيل: الرميصاء، يعني: أسماء عديدة, لكن لم يذكر عند أهل التراجم أن من أسماء أم سليم مليكة.

    وبناءً عليه يقع هذا الإشكال، ولذلك ذهب آخرون ورجحه أكثر المحققين إلى أن المرأة العجوز الجدة هذه التي دعت النبي صلى الله عليه وسلم هي جدة أنس بن مالك، وليست أمه، يعني: أم أمه، أم سليم أمها هي مليكة، وهي جدة أنس كما قال: ( أن جدته دعت النبي صلى الله عليه وسلم ). وأيضاً هي جدة إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الراوي عن أنس، فيصدق أنها جدة إسحاق، ويصدق أنها جدة أنس بن مالك رضي الله عنه. فهذه اسمها مليكة كما ذكر الذين ترجموها، وهي التي دعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

    وتلاحظ أن هذه المسألة وإن كثر كلام العلماء والشراح حولها، إلا أنها قضية ليست مشكلة، العبرة بالقصة وبالنتيجة، وأما أن تكون الداعية هي أم سليم أو مليكة والدتها وجدة أنس، فالأمر في ذلك يسير, وليس فيه إشكال كبير.

    طيب قوله: ( أنها دعت النبي صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته )، هذا فيه دليل على أن مجيء النبي صلى الله عليه وسلم لبيتها كان لأجل أن يأكل من هذا الطعام، ويجيب دعوتها، وقد تكرر منها ومن آل بيت أنس دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك جاءت قصص كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقيم عندهم، وقد يقيل وينام عندهم، ويأكل من طعامهم رضي الله عنهم.

    قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( قوموا فلأصلي لكم )، يعني: قوموا وسوف أصلي لكم، فقد تكون اللام هذه (فلأصلي) هي لام الأمر أو لام التعليل، والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم بعدما أكلوا قال لهم: قوموا لأعلمكم الصلاة، لأؤمكم في الصلاة، وتصلون ورائي، وهذا يقع بسببه أكثر من فائدة.

    الفائدة الأولى: أن يعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، بقيامها وركوعها وخشوعها وسجودها وأحكامها.

    الفائدة الثانية: المباركة، البركة في بيوتهم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم فيها، كما طلب عتبان بن مالك من النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته في مكان يتخذه هو مصلى، والحديث في البخاري، وسبق.

    والفائدة الثالثة: هي الصلاة نفسها، يعني: أن يصلوا هذه الصلاة التي قد تكون سبحة الضحى، أو نافلة غيرها، فيكتب لهم أجرها، وثوابها.

    ( قوموا فلأصلي لكم. قال أنس

    رضي الله عنه: فقمنا إلى حصير لنا ). والحصير: هو نوع من الفرش، والغالب أنها من الفرش التي تصنع من الخوص ونحوها، وقد يسميها الناس أو بعضهم: البارية، أما عندنا في نجد فيسمونها: السفيف, وهذا الاسم عربي أيضاً، وموجود في عدد من المراجع، أنها تسمى: السفيف.

    وكذلك من أسماء الفراش الصغير: الخمرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـعائشة : ( ناوليني الخمرة ). وكان معتكفاً، وهي في حجرتها، وهو في المسجد, فقال: ( ناوليني الخمرة )، يعني: فراش صغير يصلي عليه، وقد تكون الخمرة أصغر من الحصير -والله أعلم- كما ذكره بعضهم.

    طيب. قوله: ( قد اسود من طول ما لبس )، يعني: هذا الفراش، أي: من كثرة ما جلس عليه، وهذا فيه دليل على أن الجلوس يسمى: لبساً، وأن لبس كل شيء بحسبه، فلبس الثوب معروف, وهو أن يضعه الإنسان على بدنه ويستتر به، لكن لبس الحصير والفراش هو القعود عليه.

    ولذلك نسأل سؤالاً: لو أن إنساناً حلف ألا يلبس هذا الثوب مثلاً، ثم قعد عليه، فهل يلزمه كفارة ويكون حنث في يمينه أم لا؟ نقول: لا يلزمه كفارة؛ لأن هذا ثوب، ولبس الثوب يكون بأن يدخل جيبه في رأسه، وكميه في ذراعيه، على ما هو متعارف عليه، أما إذا فرش الثوب وقعد عليه، فهذا لا يسمى لبساً، ولذلك أخطأ من قال: إن عليه في ذلك كفارة, كما قد يفهم من كلام بعض الشراح؛ لأننا نقول: إن اللبس لكل شيء بحسبه، وإلا الله سبحانه وتعالى قال: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا [النبأ:10]. فلباس الليل ليس كلباس الثوب، ليس كلباس الفراش .. إلى غير ذلك من الأشياء, التي تختلف بحسب ما هو جار في عرف الناس ولغتهم.

    إذاً: هنا: ( قد اسود من طول ما لبس )، أي: من طول ما قعد عليه، ومن هنا بعض الفقهاء بحثوا: هل يكون لبس الحرير مثل القعود عليه؟ أو بمعنى آخر: إذا كان لبس الحرير محرماً على الرجال، فلو أنه قعد على حرير هل يكون قد لبسه؟ فنقول: الظاهر لا؛ لأن اللبس هو غير القعود، والمنهي عنه هو لبسه.

    ثم قال أنس رضي الله عنه: ( فنضحته )، يعني: هذا الحصير، ومعنى النضح: هو الرش، أنه رشه بشيء من الماء، وقد يجوز أن يكون المعنى غسله، والأقرب أن النضح أقل من الغسل، يعني: مجرد الرش بشيء من الماء.

    وهنا نسأل: لماذا نضح أنس رضي الله عنه هذا الحصير؟

    قال بعض الفقهاء: إنه نضحه لتطهيره, فقد يكون نجساً، أو شك في نجاسته، وهذا ضعيف، لأننا نقول:

    أولاً: الأصل في الأشياء هو الطهارة، ولم يكن الأمر محتاجاً إلى أن يغسله.

    ثانياً: أن النضح أو الرش لا يزيده إلا خبثاً، لو كان فيه نجاسة، فإن هذا الرش لا يزيلها، قد تكون يابسة, فالماء يثيرها ويظهرها.

    فلهذا نقول: إن الأقرب في رشه ونضحه أنه كان لتنظيفه، وتطييبه، وتليينه للرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن العادة أن الحصير الذي يكون مصنوعاً من الخوص يكون يابساً وخشناً، فإذا رشه بشيء من الماء صار به نعومة وسهولة، فهذا هو الأقرب الذي أراده أنس رضي الله عنه.

    قال: ( فقمت أنا ويتيم وراءه ). وراء النبي صلى الله عليه وسلم، هذا اليتيم اسمه: ضميرة بن أبي ضميرة، وهو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبوه يقال له: سعد الحميري، فهو كان مولى لرسول الله عليه الصلاة والسلام، وأما العجوز التي قامت من ورائهم فهي مليكة جدة أنس أم أمه, كما ذكرت.

    ثم صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم انصرف، وقد ذكرنا أن الركعتين كانتا نافلة، وكانت في وقت الضحى.

    هذا ما يتعلق بمعاني الحديث وألفاظه.

    موطن وقوف المأمومين من الإمام إذا كان المأمومان اثنين فأكثر

    النقطة الثالثة: ما يتعلق بالمسائل الفقهية في الحديث:

    وفيه عدد من المسائل كلها سهلة يسيرة:

    المسألة الأولى: موقف المأمومين إذا كانوا اثنين، يعني: إذا وجد إمام ومعه رجلان, هم ثلاثة يصلون جماعة, فكيف يقف الإمام؟ وكيف يقف المأموم؟

    هذه المسألة فيها قولان مشهوران:

    القول الأول: مذهب الجمهور، مذهب الأئمة الأربعة بما في ذلك أبو حنيفة رحمه الله يقولون: إن الإمام يقف أمامهم، وأما المأمومان فيقفان وراء الإمام، كما لو كانوا ثلاثة أو عشرة, يتقدم الإمام ويتأخر بقية الجماعة إذا كانوا اثنين فأكثر.

    هذا هو القول الأول وهو مذهب الأئمة الأربعة كما ذكرت.

    ويستدلون بأدلة، منها حديث الباب، كيف نستدل بحديث الباب على هذه المسألة؟

    نستدل على ذلك بأن أنس بن مالك رضي الله عنه واليتيم صفوا خلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم, صفوا وراءه, وأن العجوز كانت من ورائهم.

    إذاً: نقول: إذا كان المأمومون اثنين فأكثر فإنهم يقفون وراء الإمام، بدلالة هذا الحديث, وهو كما سبق متفق عليه.

    وهناك أدلة أخرى لهذا القول، مثل ما سبق أن ذكرنا حديث جابر، وهو في صحيح مسلم في قصته وقصة جبار، لما صلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فوقف أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، فأزاحهما النبي صلى الله عليه وسلم, وجعلهما من ورائه.

    والدليل الثالث: ما هو معروف في عهد الصحابة رضي الله عنهم أن المأمومين إذا كانوا اثنين فأكثر كانوا يقفون وراء الإمام، وهذا ثبت عن أبي بكر وعمر وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم.

    فهذا هو القول الأول, وهو مذهب الجمهور.

    القول الثاني: وهو مذهب ابن مسعود رضي الله عنه وصاحبيه علقمة والأسود، من تلاميذ عبد الله بن مسعود، قالوا: إنهما يقفان مع الإمام، أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، وهذا جاء في صحيح مسلم، ( أن علقمة والأسود صليا مع ابن مسعود فجعل أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله، ثم طبق بيديه في أثناء الركوع -يعني: جعل إحدى يديه على الأخرى، وجعلهما على ركبتيه هكذا- ولما سلم قال: هكذا صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ).

    فمن هنا نقول: إن ابن مسعود وعلقمة والأسود يرون أن المأمومين إذا كانوا اثنين فقط، يقف أحدهما عن يمين الإمام، ويقف الآخر عن شماله.

    وبعض الذين كتبوا وذكروا الخلاف الفقهي، نسبوا هذا القول لـأبي حنيفة وقد رأيت هذا في كتاب الإمام ابن عبد البر رحمه الله في أكثر من موضع، نسبه لأهل الكوفة أو لأهل الرأي، والواقع أن هذا ليس مذهب أبي حنيفة، وقد راجعت كتب الأحناف، كتب الحديث عندهم ككتب الطحاوي، وكتب الفقه .. وغيرها، فوجدت أن مذهب أبي حنيفة ومحمد بن الحسن هو كمذهب الجمهور، أن الاثنين يقفان وراء الإمام.

    وإنما أبو يوسف من الحنفية فقط هو الذي وافق ابن مسعود على هذا القول.

    إذاً: هل يصح أن نقول: إن هذا مذهب الحنفية أو مذهب أهل الكوفة أو أهل الرأي، كلا, وإنما يقال: هذا مذهب أبي يوسف، ومع ذلك كلام الطحاوي يدل على أن أبا يوسف لم يكن يقول به إلزاماً، وإنما كان يقول به تخييراً، يعني: أبو يوسف يقول حسب ما في شرح معاني الآثار : ( إن شاءا وقفا معه عن يمينه وشماله، وإن شاءا وقفا وراءه ). فإنه يجعل الأمر واسعاً، وهذا ربما يصح أن نقول: إنه قول أو اختيار ثالث لـأبي يوسف، أنه يرى أن الأمر واسع إن كان المأمومان اثنين وقفا وراءه أو عن يمينه وشماله، وأن ذلك سواء. وأما مذهب الحنفية فهو كمذهب الجمهور كما ذكرت.

    وأما الحديث الذي استدل به من قال بهذا القول، وهو أثر ابن مسعود رضي الله عنه وقوله: ( هكذا صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم )، فإنه عليه أكثر من اعتراض:

    الاعتراض الأول: بأن القول بأن هذا مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ضعيف، وأكثر الرواة جعلوه موقوفاً على ابن مسعود، فهو من فعله واجتهاده رضي الله عنه، وليس من النبي صلى الله عليه وسلم.

    ثم كون ابن مسعود فعله فهذا له أكثر من وجه:

    الوجه الأول: كما ذكره ابن سيرين في شرح معاني الآثار وغيره: أن المكان كان ضيقاً لا يتسع لأن يتقدم الإمام ويتأخر المأمومون، فلذلك جعل أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله. هذا نوع من التأويل.

    الاحتمال الثاني: أن يكون أحدهما لم يبلغ، كما نقله بعضهم، ولذلك جعله ابن مسعود معه؛ لئلا ينفرد أحدهما.

    ويحتمل أن يكون هذا رأياً واجتهاداً لـابن مسعود رضي الله عنه.

    ويحتمل أن يكون منسوخاً، وقرينة النسخ هي التطبيق كما ذكرنا، أن يضع الإنسان يديه هكذا بين ركبتيه أثناء الركوع، فإن هذا كان أول الأمر, ثم نسخ، وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يضعوا أيديهم على ركبهم، فيكون ما معه أيضاً من كون المأمومين عن يمين الإمام وعن شماله منسوخاً أيضاً.

    إذاً: هذه الحجج كلها تضعف الاستدلال بأثر ابن مسعود رضي الله عنه، ونقول بناءً على ذلك: إن القول الراجح هو ما ذهب إليه الجمهور والأئمة الأربعة، من أن المأمومين إذا كانوا اثنين فصاعداً فإنهم يقفون وراء الإمام.

    موطن وقوف المرأة الواحدة من الإمام والمأمومين في الصلاة ومع غيرها من النساء

    المسألة الثانية في الباب أيضاً هي: مسألة موقف المرأة من الإمام، والحديث دل على أن المرأة إذا صلت مع الرجال وكانت واحدة، يعني: لم تجد امرأة أخرى تقف معها، أنها تقف لوحدها، ولا يجوز للمرأة أن تقف مع الرجال مثلاً، وهذا إجماع من أهل العلم ولم أقف على من خالف فيه من المتقدمين ولا المتأخرين، إلا أن ابن رجب الحنبلي في شرحه للبخاري فتح الباري ذكر رواية عن أبي الدرداء : ( أنها إن كانت جارية لم تبلغ الحلم ولم تحض، فإنها تقف مع الرجال )، وحتى هذا القول فهو قول مفرد لـأبي الدرداء رضي الله عنه، ولا يعلم أحد من الأئمة انتحل هذا القول أو ذهب إليه.

    وبناءً عليه نقول: إن المرأة إذا وجدت نساءً صفت معهن، فإن لم تجد نساءً صفت لوحدها ولا يضرها ذلك، لأنه ليس من شأنها مصافة الرجال؛ وذلك لما في ذلك من الفتنة والضرر، وإذا كان هذا يقع في الصلاة التي يقبل الناس فيها على ربهم، فأولى أن يتفطن الناس إلى حرص الشريعة على حماية المرأة، وبعدها عن الاختلاط بالرجال، والاحتكاك بهم في غير ذلك من الأحوال.

    يبقى أنه إذا كان هناك ضرورة، أو ضيق في المكان، أو عدم استطاعة للبعد عن النساء، كما يقع أحياناً في الحرم المكي أو الحرم المدني, مما يقع فيه اضطراب في الصفوف, وقد يصلي الإنسان فيجد امرأة أمامه، أو قد يجد امرأة إلى جواره, ولا سبيل له إلى التخلص من ذلك .. أو ما أشبه هذا، فإن هذا الباب إذا دعت إليه الحاجة باب آخر، وإنما الكلام في حال الاختيار.

    وأما إذا كان هناك ضيق في المكان، كما هو الحال بالنسبة للحرم المكي أو المدني .. أو غيرهما، فليس على الإنسان في ذلك حرج، لأن الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

    أما إذا وجدت المرأة نساء أخريات تقف معهن، فهل يجوز لها أن تنفرد عنهن؟

    نقول: لا, بل يجب عليها أن تصف مع النساء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خير صفوف النساء آخرها ). فدل على أن النساء ينبغي ويجب أن يكن صفوفاً كالرجال، وليس جائزاً للنساء أن يصلين كيفما اتفق، هذه في مكان, وهذه في مكان آخر, يجب أن يكن صفوفاً على استقامة واحدة، كما هي صفوف الرجال.

    لكن لو أن المرأة صفت بمفردها مع وجود النساء، فما حكم صلاتها؟

    في المسألة وجهان للحنابلة وغيرهم:

    الوجه الأول: أن صلاتها صحيحة، وهذا هو الراجح أن صلاتها صحيحة؛ لأن المرأة يجوز لها الانفراد كما ذكرنا، حتى مع المخالفة، ولا دليل على بطلان صلاتها.

    وأما الوجه الثاني: وهو مذهب الأحناف, فهم يرون أنها لا تصح صلاتها حينئذ, وأنه يجب عليها أن تصاف النساء الأخريات.

    والإمام أحمد رحمه الله كان يقول: ( المرأة وحدها صف ) وهكذا البخاري في صحيحه بوب في أحد المواضع التي ذكرناها قبل قليل: باب المرأة تكون وحدها صفاً، ومقصود البخاري وأحمد رحمهما الله يعني: أن المرأة تكون في حكم الصف، يعني: إذا لم توجد إلا امرأة واحدة، فإنها تصف وحدها، وتكون بمثابة صف مكتمل، ولا يجوز لها أن تتم صفوف الرجال.

    حكم مصافة الصبي الذي لم يبلغ الحلم في الصلاة

    المسألة الثالثة: حكم مصافة الصبي، وهذه مسألة تكثر الحاجة إليها، لو أن إنساناً لم يجد إلا صبياً دون البلوغ ليصلي معه، أو لم يجد إلا صبياً يصف معه في الصف الثاني بعدما اكتمل الصف الأول، فما هو الحكم؟

    هذه المسألة: مصافة الصبي الذي لم يبلغ الحلم، فيها ثلاثة أقوال:

    القول الأول: هو الجواز مطلقاً، أنها جائزة مطلقاً، وهذا القول نسبه ابن رجب وغيره لجمهور العلماء، وهو قول الثوري , ومذهب جماعة من الحنابلة منهم ابن عقيل أبو الوفاء وغيره، فعلى هذا القول يجوز أن تصف مع الصبي، ونص عليه الإمام النووي في المجموع، أنه مذهب الشافعية وغيرهم، فعلى هذا القول يجوز مصافة الصبي، كأن تكون إماماً وهو مأموم، أو تصف معه في صف واحد.

    ودليلهم حديث أنس رضي الله عنه في الباب، فإنه صف هو واليتيم، وقالوا: إنه لا يطلق عليه اليتم إذا بلغ، فدل على أنه كان صبياً صغير السن لم يحتلم، ومع ذلك صف معه أنس رضي الله عنه, فدل ذلك على الجواز.

    القول الثاني في المسألة: المنع مطلقاً، يعني: أنه لا يجوز أن يصف الكبير مع الصبي دون البلوغ، وقولنا: مطلقاً، يعني: لا في الفرض ولا في النفل، وهذا القول أيضاً ذكره ابن رجب , ونسبه لبعض الأصحاب من الحنابلة، ولم يعين أحداً منهم.

    وحجتهم أن الصبي لا يعتد بعبادته أو بصلاته؛ لكونه غير مكلف، وقد لا يحسن الطهور والصلاة، وغير ذلك.

    القول الثالث في المسألة: أنه تجوز مصافة الصبي في النفل دون الفرض، وهذا أيضاً رواية في مذهب الإمام أحمد، وربما الإمام أحمد نص عليها في لفظ عنه، وقال: ( إن حديث أنس في الباب كان في النافلة ) كان في التطوع.

    فهم استدلوا بحديث الباب، لكن قصروه على النافلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم ركعتين نفلاً، كما ذكرنا صلاة الضحى .. أو غيرها.

    والواقع أو الأقرب أن القول الأول أصح: أنه تجوز مصافة الصبي في الفرض والنفل، وذلك لأن ما جاز في النفل جاز في الفرض، والذي يقول بالتفريق بين الفريضة والنافلة عليه الدليل.

    فوائد الحديث

    الفقرة الرابعة: فوائد الحديث: حقيقة هذا الحديث - يعني- زاخر بعدد من الفوائد التي يحسن أن نقف عندها، خصوصاً وقد تلوت عليكم قصة الحديث: ( أن أنساً

    رضي الله عنه دعا النبي صلى الله عليه وسلم -أو دعته جدته مليكة

    - إلى طعام صنعته له، فجاء صلى الله عليه وآله وسلم وأكل من الطعام، ثم قال لهم: قوموا لأصلي بكم، فقام أنس

    إلى ذلك الحصير المسود، فنضحه بالماء, ثم صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين ). ‏

    استجابة النبي صلى الله عليه وسلم لدعوة من دعاه

    من فوائد هذا الحديث:

    الفائدة الأولى: فيه وقفة تربوية جميلة في استجابة النبي صلى الله عليه وسلم لدعوة من دعاه، فأنت تراه اليوم يستجيب لدعوة هذه العجوز الفقيرة, التي لم يكن في بيتها ما يقعد عليه إلا حصير أسود من طول المكث، وبالتأكيد كان طعامهم أيضاً متواضعاً، والذي حمل الدعوة هو أنس رضي الله عنه، وهو صبي في مقتبل العمر، فالنبي صلى الله عليه وسلم يستجيب لهذه الدعوة، ويأتي، ويأكل الطعام، ثم لا يستعجل حتى يقول: ( قوموا فلأصلي لكم ).

    مرة أخرى ذلك الأنصاري الشيخ الكبير الضخم، الذي أصاب عينيه اختلال، وصار لا يستطيع الذهاب إلى المسجد، فيأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: ( يا رسول الله! أريد أن تصلي في بيتي مكاناً أتخذه مصلى، فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي في المكان، ثم يحبسونه على خزيرة أو طعام، فيأكل النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه منه ).

    مرة أخرى يدعوه خياط مجاور لبيته صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح إلى مرق، وكان هذا الخياط يحسن طبخ المرق، فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم ويقول له: ( وهذه -يعني: عائشة - قال: لا، والثانية: لا، والثالثة قال: وهذه، فقاما يتدافعان، وذهب النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة إلى بيت الخياط وأكلا عنده ).

    والرواية الأخرى: ( أنه دعاه يهودي إلى خبز شعير، وإهالة سنخة )، يعني: شحم فيه رائحة من أثر التقادم، ومع ذلك استجاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

    هذه الروح ينبغي أن ننشرها عند طلبة العلم والفقهاء والمفتين والمشايخ والدعاة؛ لأننا الآن في عصر وزمان أصبحنا أحوج ما نكون إلى القرب من الناس، من الكبار، من الصغار، من البيئات والفئات المختلفة في المجتمع، وأما العزلة والتكبر والاستعلاء على الناس، هذه ليست بجيدة، حتى لو لم تكن على سبيل التكبر، الانقباض عن الناس، والشح بالوقت، بحيث إن الإنسان لا يحضر مناسباتهم ومجالسهم، ولا يستجيب لدعوتهم, زواجاتهم, حفلاتهم, أعراسهم, مناسباتهم، حتى لو كانت حزناً أو وفاة أو عزاء .. أو ما أشبه ذلك, إن هذا يخلق ويصنع شيئاً من العزلة بين أفراد المجتمع, وبين من قد يعدون من الأئمة والصلحاء والدعاة والمرشدين .. وغيرهم: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21].

    ربما توارثنا في بيئاتنا ومجتمعاتنا صفةً ولوناً خاصاً بطلبة العلم والعلماء، أنهم يتوقرون, وأنهم يتجالون عن الناس، وقد يتميزون عن الناس بملابسهم، وبطريقة كلامهم، وبأخذهم وبعطائهم، وهذا توارثه الناس، وقد يوجد عند بعض الناس في طبيعته من غير تكلف، لكنني أرى أن التكلف مذموم في هذا، وأن الأولى بالإنسان أن يقتدي ويقتفي أثر النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان يأتي الرجل من البادية إلى الصحابة, فلا يستطيع أن يميز النبي صلى الله عليه وسلم عن غيره منهم، حتى يقول لهم: ( أيكم محمد؟ ). أو يأتي رجل فيرى النبي صلى الله عليه وسلم فيصيبه من جراء ذلك ارتباك وخوف ووجل، فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم: ( هون عليك, فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة ).

    نريد إشاعة هذه الروح, القرب من الناس, تلمس مشكلاتهم, تحسس آلامهم, البساطة, ولا أقول: التواضع، لأننا إن قلنا: التواضع، معناه: أننا اعترفنا لأنفسنا بنوع من الرفعة، ولكننا نزلنا تواضعاً، بينما الواجب أن نحقر أنفسنا، وأن يعتبر المرء منا نفسه كآحاد الناس، وكسائر المسلمين، بل قد يكون منهم من هو خير منه وأفضل، ربما تحتقر أنت السائق أو الخادم الذي عندك في المنزل، وقد يكون خيراً منك عند الله، ربما يقوم من الليل ولا تقوم، وربما يصوم من النهار ولا تصوم، وربما يكون أصفى منك نفساً، وأطيب منك قلباً، وأصدق منك لهجة، والعبرة ليست بالألقاب, وإنما بالحقائق.

    العناية والاهتمام باليتيم في الإسلام

    الفائدة الثانية: في قوله: ( فقمت أنا واليتيم من ورائه )، وفي ذلك إشارة إلى مسألة اليتم، فهذا اليتيم محضون محفوظ، يصلي وراء محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وإلى جواره أنس بن مالك خادم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يحضر هذه المناسبة، ويشارك فيها، ويصلي معهم، والعجوز تصلي وراءه أيضاً.

    وفي ذلك إشارة إلى أهمية العناية بأصحاب الظروف الخاصة، من الأيتام والغرباء, ومن يحتاجون إلى الحنان والعطف واللطف والمشاعر.

    ربما مجتمعاتنا -كما ذكرت في غير هذا الموضع- فيها قدر من القسوة، تحتاج إلى تلطيف وتهذيب ورحمة، وإشاعة الرفق مع الناس الذين يحتاجون إلى الابتسامة والكلمة الطيبة والسؤال عن الحال, وألا تحقر من المعروف شيئاً, وتخيل حال هذا اليتيم، وقارنه بحال الأيتام والمعوزين والغرباء والمحتاجين، وأصحاب الظروف الخاصة في مجتمعاتنا، وكم يعانون حين لا يجدون الصدر الحاني، والروح التي تكتنفهم, وتزيل آلامهم، ثم تواجههم صعوبات الحياة، التي جعلها الله تعالى في الدنيا: لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ [البلد:4].

    العناية والاهتمام بتحديد الأسماء المبهمة من قبل العلماء

    وفي هذا أيضاً فائدة ثالثة: وهي ما يسميها علماء الحديث أحياناً: بالمبهمات، فإن اليتيم هنا غير معروف، ولا محدد، حتى ذكر من خلال الكتب المتخصصة في ذلك، وقد صنف العلماء، كما صنف مثلاً الخطيب البغدادي الأنباء المحكمة في الأسماء المبهمة , والنووي .. وغيرهم, فالعلماء كان لهم عناية بتحديد الأسماء المبهمة, جاء رجل مثلاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.. أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم, فيبينون من هذا الرجل، ومن هذه المرأة، وهذا نوع من العلم الدقيق كما ذكرنا، وقد طبقناه هنا على سبيل المثال على هذه العجوز من هي، أو على هذا اليتيم من هو, فهو كان مبهماً غير محدد، حتى تم تعريفه بأنه ضميرة بن أبي ضميرة، سعد أو سعيد الحميري .

    من فوائد الحديث أيضاً: موقف المأمومين من الإمام، كما ذكرت في المسألة السابقة، وأن المأمومين إذا كانوا اثنين فأكثر، فإنهم يقفون وراء الإمام على القول الراجح، وهو مذهب الأئمة الأربعة.

    من فوائده أيضاً: موقف المرأة خلف صفوف الرجال، وأنها لا تقف مع الرجال، وإنما تقف مع النساء، ولو لم تجد نساءً، فإنها تصلي وحدها.

    تدريب الصبيان الذكور والإناث على اعتياد المساجد

    من فوائد الحديث: صحة مصافة الصبي كما ذكرنا وهو قول الأكثرين، ويدخل في ذلك أيضاً: أهمية تدريب الصبيان، سواء كانوا ذكوراً أو من البنات الصغيرات على المجيء إلى المساجد، يأتي الصبي إلى مسجد الرجال، وتأتي الصبية إلى مسجد النساء.

    إن المساجد هي بيوت الله تعالى التي فيها محاضن للتربية والتعليم، وتنزل فيها الملائكة، وتبتعد عنها الشياطين، ويتعرف الشاب أو الفتاة فيها على القرناء الصالحين، ويقبس من أخلاق الأكابر، ويتعلم كيف يصلي، وكيف يقرأ القرآن، فمن الخطأ أن يلاحق الصبيان في المساجد، ويطردوا عنها، ويبعدوا، ويتعامل معهم بالجفاء، أو أن يقع من الناس نوع من الغضب إذا سمعوا بعض الضحكات من الصبيان، وقد تعودوا على ذلك.

    نحن نجد مثلاً: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى -كما في الصحيحين- وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قام حملها, وإذا سجد وضعها ).

    أو نجد ( أن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيأتي الحسن ويرتحله وهو ساجد )، يعني: يرقى على ظهره, ويمكث النبي صلى الله عليه وسلم فترة حتى ينزل، ثم يعتذر إلى الصحابة، ويقول لهم: ( إن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن أعجله ).

    لم تقع مشكلة كبيرة، ولا صياح في المسجد، ولم يقل: أغلقوا الأبواب؛ لئلا يدخل هؤلاء الصبيان، مع أنه في ذلك الوقت لم يكن عند الناس وسائل لحفظ الصبيان، ولا لحفظ عوراتهم، ولا لمنع وصول النجاسة .. إلى غير ذلك، ومع هذا كانت الأمور فيها عفوية, وفيها بساطة، ينبغي أن يدرب الصبيان على ذلك.

    وأما ما ينقل عن بعض الصحابة، فهو محمول على أحوال خاصة، مثلاً: أبي بن كعب نقل عنه أنه أبعد بعض الصبيان عما وراء الإمام، واستدل بحديث: ( ليليني منكم أولو الأحلام والنهى ).

    عمر رضي الله عنه كان إذا رأى صبياً في الصف أخرجه.

    فنقول: هذا محمول والله أعلم على حال خاصة للصبيان، ربما لا يكون من المناسب أن يكونوا موجودين، إما أن يكون هذا الصبي غير نظيف، أو لا يحسن الطهارة، أو يكون تقدم، أو لم يتعلم الآداب، ولذلك نحن نقول: ينبغي أن يأتي الصبيان إلى المساجد، وأن يدربوا على ذلك، وأن يكونوا بين الصفوف، أما أن يجعل الصبيان في صف واحد، فهذا سبب للفوضى، بل أن يكونوا متفرقين بين المصلين هذا أولى وأضبط وأحفظ، ومع هذا ينبغي أن يدرب الصبيان على أخلاق وآداب وتربية المسجد، ومجالسة الناس، كما أن مجيئهم إلى المجلس مثلاً وحضورهم عند الرجال فيه كثير من الأدب، وكثير من التعليم والخير.

    ودعوني أذكر لكم هذه الطرفة: في جدة رأيت يوماً من الأيام شاباً، فسلمت عليه، وأنا أظنه من أهل جدة الأصليين، فلما كلمني إذا به يتكلم لغة أهل الشمال، أهل حائل , شمر، فتعجبت، وقلت له: ما الخطب؟ قال: أنا ولدت تقريباً أو أتي بي إلى جدة وأنا ابن سنة أو أقل من ذلك، وذهبت مع الصبيان في الحي وفي المدرسة، فرجعت إلى أمي يوماً من الأيام فطلبت مني أن أعمل لها شيئاً، فأعطيتها كلمة مما تلقنته في بيئتي, قال لها: (دحين أسوي الحاجة هذه)، فالأم أدركت, يعني: هي لا تريد لولدها أن يأخذ لغة إلا لغة قبيلته فقط، وهذا أمر آخر لا يعنينا, لكن المقصود العبرة، فيقول: أحضرتني وتهددتني إذا سمعت مني أي كلمة غير الكلمات التي تتلقنها من جماعتك وأقاربك أنها سوف تقص لسانه، وقالت له: اذهب إلى المجلس كالحيوان، واستقبل الرجال، وقدم لهم القهوة والشاي، وتعلم منهم، فيقول: فعلاً منذ ذلك الوقت وأنا في المجلس أستقبل الرجال، وأتعلم منهم، وها أنت تراني الآن نشأت على تلك اللغة.

    نحن ليس يهمنا أن ينشأ الإنسان على لغة معينة، أو على عادات خاصة، هذه أمور سهلة، حتى لو غير الإنسان لغته أو عاداته، ما دامت في دائرة مباحة لا إشكال، إنما المقصود تأثير البيئة على الإنسان، وأننا لكي نؤثر على أولادنا وشبابنا ومراهقينا وصبياننا وبناتنا، علينا أن نحتويهم، وأن يكونوا قريبين منا في مجالسنا, وفي مساجدنا, وفي حلقاتنا, وفي مناسباتنا.

    صحة صلاة الفذ خلف الصف

    الحديث أيضاً دليل على صحة صلاة الفذ خلف الصف، كيف نستدل بالحديث على هذه الفائدة؟

    نستدل به أولاً: من جهة صلاة العجوز مليكة وراءهم، فهي كانت واحدة، وبعضهم كالأحناف .. وغيرهم قالوا: إن هذا للرجل والمرأة على حد سواء، كما يستدل به بعضهم بطريقة أخرى, لأنهم يقولون: إن أنساً قد صف مع هذا الغلام اليتيم الذي لم يبلغ, فهو كالمنفرد.

    ولكن هذه المسألة وإن كان بعضهم استدلوا بهذا الحديث عليها، إلا أن فيها نظراً ومراجعة، وسوف نعالجها ونناقشها إن شاء الله في الحديث القادم؛ لأن عندنا حديثاً خاصاً كحديث أبي بكرة رضي الله عنه في الدرس القادم، لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( زادك الله حرصاً ولا تعد )، وكذلك حديث وابصة بن معبد رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي وحده خلف الصف، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الصلاة )، فحينما نبحث في ذلك الحديث سوف نذكر مسألة صلاة المنفرد خلف الصف في الأسبوع القادم إن شاء الله تفصيلاً, وأدلتها والقول الراجح منها.

    جواز صلاة النافلة جماعة

    من الفوائد في الحديث: جواز صلاة النافلة جماعة؛ لأن هاتين الركعتين كانتا تطوعاً, فهذا دليل على أنه يجوز صلاة النافلة جماعة، لكن نقول هنا: النافلة نوعان, هناك نافلة تشرع لها الجماعة، وذلك مثل ماذا؟ مثل: صلاة الكسوف, الخسوف, التراويح, الاستسقاء, صلاة القيام أيضاً قلناها .. إلى غير ذلك، فهذه النوافل تشرع لها الجماعة أصلاً, صلاة العيد أيضاً على قول الجمهور أنها سنة وليست بواجبة، فهذه صلوات نوافل تشرع لها الجماعة، ولا إشكال فيها.

    القسم الثاني من النوافل: ما لا يشرع له الجماعة، وذلك مثل ماذا؟ مثل: صلاة الضحى, لا يشرع لها الجماعة، ولم يصل النبي صلى الله عليه وسلم في جماعة صلاة الضحى، ولا الصحابة رضي الله عنهم، بل منهم من قال: إنها، يعني: من الصحابة لما رآهم يصلون مجتمعين قال: إنها بدعة، فهذه الصلاة التي لا تشرع لها الجماعة، نقول: يجوز أن يصليها الناس جماعة، شريطة ألا يلتزموا ذلك التزام السنة، بمعنى: أنه والله لو جاءت مناسبة وصلوا كما حصل هنا بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك حسن، لكن أن يتعمدوا أو يتواعدوا على أنه في كل يوم موعدكم الساعة العاشرة أو الحادية عشرة ضحى حين ترمض الفصال في المساجد، لأن نصلي جماعة, فنقول: إن هذا الأمر غير مشروع، ولا مستحب، بل إذا داوموا عليه فقد يدخل في دائرة البدعة، كما نص عليه جمع من أهل العلم، وأشار إلى ذلك الإمام ابن تيمية رحمه الله في فتوى خاصة.

    جواز صلاة المرأة جماعة

    أيضاً من فوائد الحديث: جواز صلاة المرأة جماعة، فإن أم سليم أو مليكة أو العجوز صلت وراءهم جماعة، وثبت صلاة النساء مع النبي صلى الله عليه وسلم في حالات عديدة، وسوف يأتي مزيد تفصيل لهذه المسألة, وهي ما تتعلق بجماعة النساء في حديث خاص ساقه المصنف, وهو حديث أم ورقة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تؤم أهل دارها ). وهذا الحديث سوف يأتي، ونشير في ذلك الموضع إلى صلاة النساء جماعة.

    اليسر والسهولة في البيت النبوي وبيوت الصحابة وشظف العيش

    من الفوائد التي تذكر في قول أنس رضي الله عنه: ( قمنا إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس، فنضحناه )، هذه البساطة في البيت النبوي وبيوت الصحابة رضي الله عنهم، يأتي عمر إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يجد إلا جلوداً وأهباً معلقة، يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعظم شخص عندهم، فلا يجدون إلا هذا الحصير, يرشونه بالماء, ثم يقدمونه للنبي صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه.

    هذه البساطة في المجتمع المدني في المجتمع النبوي، لم تمنع من الإنجاز العظيم الذي جرى على أيديهم رضي الله عنهم وأرضاهم، فينبغي أن ندرك أن الإمكانيات الضخمة التي نملكها اليوم، وكل أحد منا لديه من الفرص والمجالات والإمكانيات المادية والمعنوية .. وغيرها الكثير، أنها ينبغي أن تكون سبباً في مزيد من الأعمال الصالحة, وألا ننشغل بها عن غيرها.

    إن الكثيرين يتعللون بالعجز عن فعل الأشياء، إما بعجز مادي, أو عجز عن قدرة علمية، أو بعجز عددي، وربما يكون لدى الكثيرين منا قدرات كبيرة، وإمكانيات ضخمة، ولكننا لم نوظفها توظيفاً صحيحاً، ينبغي أن ندرك كم من الإنجازات العظيمة، التي حصلت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، في حفظ العلم مثلاً, في بناء المجتمع, في التكافل بين المسلمين, في الدعوة, في القدوة الحسنة, في رعاية الصغار, في رعاية النساء, في الروح الإيمانية الأخوية, في التسامح السائد بينهم, هناك قيم ومعان وأخلاق عظيمة جداً تحققت في المجتمع المدني، ربما نقول: من أسبابها: البساطة والتواضع والعفوية، بينما مجتمعاتنا اليوم تزخر بإمكانيات مادية هائلة، ومع ذلك الناس ربما يطمعون في المزيد ويتشكون، ويعطى الرجل كما في الحديث مائة دينار، فيظل ساخطاً، وقد يكون الإنسان يعيش في قصر مشيد، وبيته فخم، وراتب عشرة آلاف ريال مثلاً، وسيارة فارهة، ومع ذلك لما تأتيه تجده يتشكى ويتبرم ويتضايق ويعتذر.

    فعلينا أن ندرك أن ثمة خللاً في نفوسنا، وفي تعاملنا وتفاعلنا مع الفرص والإمكانيات الموجودة عندنا.

    كما أن في قصة هذا الحصير فائدة أخرى ربما أشرت إليها سابقاً، وهي أن غسله لم يكن لنجاسته, كما قد يميل إليه كثير من الناس المبتلين بالوسوسة والشك، وإنما كان لتطييبه وتحسينه وتليينه للرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

    التشريك في النية في الأعمال الصالحة وجمع أكثر من نية في عمل واحد

    من فوائد الحديث أيضاً: التشريك في النية في الأعمال الصالحة، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( قوموا فلأصلي لكم ). فصلاته صلى الله عليه وسلم هنا كانت لصلاة النافلة، وللبركة بالبيت، ولتعليمهم كيف يصلون، وهكذا نقول: يمكن للإنسان أحياناً أن يجمع أكثر من نية في عمل واحد, مثلاً: للإنسان أن يدخل المسجد فيصلي راتبة الظهر، وينويها تحية المسجد, أو يصلي الضحى وينويها تحية المسجد, وقد يجتمع للإنسان مثلاً أن يصوم يوم الإثنين، ويكون هذا اليوم هو عاشوراء، كما اتفق فعلاً في هذه السنة، أن يكون يوم عاشوراء هو يوم الإثنين, وينويه أيضاً أنه يوم من ثلاثة أيام يصومها في كل شهر, كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا ذر وأبا هريرة أن يصوما ثلاثة أيام من كل شهر. فيمكن للإنسان أحياناً أن يشرك في العمل أكثر من نية.

    تقديم المقصد الأصلي على غيره

    من فوائد الحديث: تقديم المقصد الأصلي على غيره, فالنبي صلى الله عليه وسلم هنا دعي إلى طعام، ولذلك لما جاء إلى البيت قعد وأكل من الطعام، ولما انتهى من الطعام، قال: ( قوموا فلأصلي لكم ). لكن في الحديث الآخر حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه، وهو في الصحيح أيضاً, عتبان لم يدع النبي صلى الله عليه وسلم إلى طعام، وإنما دعاه ليصلي في بيته مكاناً يتخذه مصلى، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم لم يقعد، وإنما قال: ( أين تريد أن أصلي؟ فأشار عتبان إلى مكان فصلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم )، ولما انتهى من الغرض الذي جاء من أجله، انتقل وأكل مع الصحابة طعاماً.

    وهذه فائدة تربوية جميلة جداً، يعني: أحياناً تأتي لشخص معين تريد أن تبحث معه موضوعاً، فقد تطرق موضوعات، شرقاً وغرباً، وبعيداً وقريباً، حتى يضيق الوقت عن المسألة التي أتيت من أجلها، أو يأتي الإنسان مثلاً لإلقاء محاضرة في موضوع معين، فتجد أنه ينشغل بالمقدمات، حتى ينسى الموضوع الأصلي الذي أراد أن يتكلم عنه، وهكذا في الأعمال التي يمارسها أو يباشرها الإنسان، هذا يدعونا إلى نوع من التخصص، أو نوع من التركيز.

    بطبيعة الحال أنا لما آتي إلى شخص، وأريد أن أكلمه في موضوع، لابد أن أتسلل إلى نفسه بالسؤال عن الأحوال .. وغيرها، والثناء على جوانب طيبة فيه، تجعل هناك تمهيداً واستعداداً وقبولاً لما أريد أن أقوله، لكن لما يكون الموضوع لا يحتاج إلى تمهيد، فالقضية سهلة، افترض أنك تريد أن تأتي إلى فقيه لتسأله عن مشكلة، أو نازلة، أو فتوى، هذا لا يحتاج إلى تمهيد كبير, فهنا كونك تأتي إلى هذا الفقيه كما حصل فعلاً, ولا بأس أن أذكر لكم هذه الطرفة: أنه جاءني أحد الإخوة من إحدى دول الخليج , وجلس معي، وكان الوقت ضيقاً، وأخبرته أن لدي ارتباطاً، وكان عندي محاضرة، والوقت قصير، فجلس معي، وقال: لا بأس، ثم جلس يسبح الله سبحانه وتعالى, سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وأنا إلى جواره، ولا بد لي من الصبر؛ لأنه ضيف، وبعد نوبة من التسبيح التفت إلي وسألني، قال: ما شاء الله! الشيخ ولد في أي قرية في أي مدينة؟ فأخبرته, ثم انصرف يسبح قليلاً، ويحوقل، ويذكر الله سبحانه وتعالى، ثم التفت أخرى، وقال: متى سكنت في هذا البيت؟ فأخبرته, ثم أقبل على تسبيحه وذكره وصلاته، وبعد قليل التفت إلي وسألني سؤالاً آخر: متى سجنت؟ ومتى خرجت؟ وكل مرة يفصل بين السؤال والآخر، مع أن الأسئلة كلها ليس لها حاجة، لكن يفصل بينها أيضاً بتسبيح, كان يسعه أن يضعه في غير هذا المكان.

    فهنا تلاحظ أن الإنسان انشغل بأمور لا حاجة لها، وكان الأولى به أن يهجم مباشرة على الموضوع الذي جاء من أجله بدون مقدمات، ولهذا إخواننا المصريون أحياناً يقولون: ابدأ من الآخر، وهذا كلام صحيح، يعني: ما دام القضية معروفة بينك وبين الشخص الذي تحادثه ابدأ بها مباشرة، فرق بين هذا وبين ما إذا كان هناك حاجة فعلاً إلى نوع من التمهيد للشخص، افترض أنك تريد أن تنصح شخصاً هنا لا يناسب أن تهجم عليه مباشرة، مهد بالأسلوب الذي يفتح نوافذ القبول عنده لما تريد أن تقول, فالمقصود أننا نستفيد من الحديث أن يبدأ الإنسان عادة بما قصد إليه، أو دعي له قبل غيره, ثم ينتقل إلى غيره.

    جواز الصلاة على الحصير

    من فوائد الحديث: جواز الصلاة على الحصير، كما صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وغيره، قال بعض الفقهاء: مما ينبت من الأرض، يعني: مما يصنع من نباتات الأرض كالنخيل .. وغيرها.

    وأقول: ما الداعي لهذا التقييد، صحيح أنه نقل أن عائشة رضي الله عنها سئلت: ( هل صلى النبي صلى الله عليه وسلم على حصير؟ فقالت: لا ). ونقل عن عمر بن عبد العزيز نحو هذا، لكن نقول: حتى هذا لو صح ونقل عن بعضهم، أنهم يرون مباشرة الأرض بالجبهة أن هذا أقرب إلى التواضع، وكمال العبودية، فإننا نقول: إن هذا ليس فيه دليل يعتمد عليه، وهذا قد يكون فيمن نشئوا في مثل تلك البيئات، قد يكون أمراً مألوفاً معروفاً، لكن من اعتادوا، كما هي حال الناس اليوم على فرش المساجد وغيرها، فليس في الأمر سنة تتوجب أن يتكلفوا ضد ما الناس عليه، بل النبي صلى الله عليه وسلم صلى على الحصير, وقال لـعائشة : ( ناوليني الخمرة ), فصلى عليها، والحديث في الصحيح أيضاً، مع أن المسجد لم يكن مفروشاً في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، والخمرة لم تكن عنده، بل تكلف أن يذهب إلى عائشة ويطلبها منها، وكانت هي حائضاً، حتى قالت: ( يا رسول الله! إني حائض. قال: حيضتك ليست في يدك ). فهذا دليل على أنه لا حرج, ولا بأس أن يصلي الناس على الفرش، بل ينبغي إذا صلوا على هذه الفرش أن يحرصوا على نظافتها، فلا يطئوها مثلاً بالأحذية التي غالباً ما تكون ملوثة، وهذه الأمور للعرف فيها مدخل ومجال، فإن بعض الناس قد يطبقون بعض الأقوال وبعض الروايات تطبيقاً من غير فقه، يترتب على ذلك أن يفسد الإنسان أكثر مما يصلح، أو أن يفعل ما يظن أنه سنة ويطيح بما هو واجب أحياناً، أو بما هو أكثر سنية مما فعل.

    البعض مثلاً قد يلبس نعليه ولا يكونان نظيفين، ويطأ مثلاً في الفرش عند الناس، وكثير من الناس يزلقونه بأبصارهم، ويرمقونه وينتقدونه ويتكلمون، وهذه ليست سنة بذاتها، وإنما السنة عدم التكلف، واليوم من التكلف أن يطأ الإنسان بحذائه مثلاً في المساجد المفروشة، ويقول: إنه يريد أن يصلي بها، فهكذا نقول: إن الصلاة على الخمرة أو على الفرش جائزة، ولكن ينبغي ألا تكون الفرش فيها من الزركشة والألوان .. وغيرها ما يخطف بصر المصلي، فإن وجد مثل ذلك وصلى فيه الإنسان فلا بأس إن اعتاد على ذلك ولم يلتفت إليه فلا حرج، وإن كان هذا يشغله، فلا بأس أن يغمض عينيه لهذا العارض،كما ذكره الإمام ابن القيم في زاد المعاد .. وغيره، والحديث الوارد في النهي عن ذلك ضعيف، ونحن نقول: لا يشرع للإنسان أن يغمض عينيه في الصلاة، لكن إن أغمض عينيه لعارض لشيء يشغله، ويريد أن ينساه، ويقبل على عبادته، فليس في الأمر شيء، فهذا من المسكوت عنه، هذا داخل في دائرة المسكوت عنه.

    1.   

    الأسئلة

    حكم التعصب للأشخاص وحصر الحق فيهم ومضاره

    السؤال: عفا الله عنك، بعض الشباب هداهم الله يضع قولك وقول الشيخ ناصر العمر والشيخ سفر الحوالي هو القول الصحيح، أما قول الآخرين فيضرب به عرض الحائط، فما توجيهكم لهؤلاء؟

    الجواب: هذا - يعني- خطأ كبير جداً، يعني: اختصار الأمة أو طلبة العلم أو الدعاة في واحد أو اثنين أو ثلاثة أو عشرة أو مائة غلط كبير، وهو إساءة إلى هؤلاء الأشخاص أنفسهم قبل أن يكون إساءة إلى غيرهم؛ لأنك تحملهم ما لا يحتملون ولا يطيقون ولا يرتضون، ولذلك الحقيقة الذي أراه أنه ينبغي أن تكون هناك تربية للشباب على سعة الأفق، وعلى تحري الحق والصواب من أي إنسان كان، فيؤخذ الحق ممن جاء به، حتى لو جاء الحق من غير مظنته، وممن لا يتوقع أن يأتي منه الحق، فعلينا أن نقبله، وأن نتجرد من الهوى أو التعصب لأشخاص، أو لمذاهب، أو لطرائق، أو لجماعات، أو لأحزاب، أو لمدارس, هذه هي قاصمة الظهر يا إخواني!

    وترى الإنسان يتعصب لشيء، ويظن أنه على صواب, ويعيب الآخرين الذين يتعصبون؛ لأنه يعتقد أنهم على خطأ، بينما التعصب كله مذموم، ينبغي أن يتعود الإنسان على الاعتدال, تحترم المشايخ جميعاً، والدعاة وطلبة العلم والمفتين، وتوافق هذا مرة، وتخالفه مرة أخرى، ثق ثقة تامة أن الشخص الذي جعلته فيصلاً ومعياراً للحق والصواب، وأن ما يخالفه فهو خطأ وباطل، هذا الشخص ربما يصل بك الحال يوماً من الأيام أن تنقلب عليه تماماً بزاوية مائة وثمانين درجة، بالأمس ربما جعلته صواباً محضاً، اليوم أو غداً قد تجعله خطأً محضاً.

    ثم إن هذا التعصب يجعل هناك مدارس، وجماعات، واستقطابات كثيرة داخل المجتمع الإسلامي، بل داخل المجتمع الخير، مجتمع الخيرين أو الملتزمين، كما قد نسميهم أحياناً، أو مجتمع الصحوة، كما يسميه البعض، والذي أراه أننا لسنا بحاجة إلى انشقاق عن الأمة في مجملها, طلبة العلم, الدعاة، تدرب على أنك قد تختلف مع الشخص أنت تحترمه، وقد توافق الشخص وأنت لا تراه أهلاً للقدوة، يعني: الصواب يؤخذ ممن جاء به، قد يقول القائل: أنا ما عندي قدرة على التمييز، طيب (رحم الله امرأً عرف قدر نفسه)، إذا ما عندك قدرة على التمييز، فدع الأمر لأهله, ولا تحاول أن تجعل من نفسك حكماً على الأشياء.

    أيضاً هنا نقطة مهمة: أن بعض الإخوة وبعض الشباب ربما يظنون أنه يلزمهم أن يكون للإنسان في كل مسألة حكم أو رأي، لا, أبو بكر توقف في مسائل، وعمر وعثمان وعلي , الشافعي توقف, أحمد , مالك , أبو حنيفة , ابن تيمية , ابن القيم , النووي , ابن حجر , ابن باز , ابن عثيمين , الألباني , ما يوجد عالم في الدنيا إلا توقف في مسائل, يقول: ما أعرف، الله أعلم.

    عد نفسك واحداً من هؤلاء، اجعل خانة واسعة جداً للتوقف، ليس كل شيء يتكلم فيه الناس، لازم تتكلم فيه أنت، ولازم يكون لك رأي، إما مؤيد أو معارض، مع أو ضد، نعم أو لا، صح أو خطأ، لا, جرب أنه في أشياء كثيرة جداً يتكلم الناس ويذهبون ويجيئون، لكن اغلب نفسك على شهوة الكلام، وفي النهاية ما رأيك يا فلان؟! تقول: ما أدري, ما أعرف, كيف ما تعرف؟ أنت خريج, طالب، أستاذ,, معلم، كذا, وكل الناس تعرف, وهذه واضحة, هي واضحة عندك, لكن أنا ما أعرف, عود نفسك على هذه اللغة، هذا مستوى راق من ثقة الإنسان بنفسه، وهو جزء من السلام مع النفس، في الأسبوع الماضي كان عنوان الدرس: السلام عليكم، وذكرنا في فقرة منه: السلام مع النفس.

    موطن وقوف المرأة من الإمام بمفردها في الصلاة

    السؤال: إذا كان هناك إمام وامرأة فقط، أين يكون موقف كل منهما؟

    الجواب: تكون المرأة خلف الإمام.

    تطبيق ابن مسعود ليديه بين ركبتيه في الركوع

    السؤال: قلت: إن ابن مسعود طبق يديه بين ركبته في السجود.

    الجواب: نعم، إنما هو في الركوع، ربما هذا سبق لسان.

    حكم صلاة التراويح جماعة

    السؤال: كيف يقال: إن صلاة التراويح جماعة سنة، وأول من فعلها هو عمر بن الخطاب في خلافته؟

    الجواب: بل فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث ليال أو أربع ليال، ثم تركها خشية أن تفرض، ومع ذلك المسألة فرعية، وفيها خلاف معروف, والذي نختاره أنها سنة.

    حكم العمل في البنوك التي تتعامل بالربا

    السؤال: هل يجوز لي أن أتوظف في بنك يتعامل بالربا؟

    الجواب: إذا كان الأخ يقصد أنه يتعامل مع بنك يتعامل بالربا فنقول: إن كانت الوظيفة مباشرة بالربا، كأخذ الربا أو عطائه أو كتابته أو تدوينه فلا يجوز، أما إن كانت معزولة في قسم مثلاً معاملات مصرفية إسلامية، أو في أعمال أخرى لا تتعلق بالربا، فهذا جائز.

    حكم مصافة الإمام الصبيين دون البلوغ من جانبه الأيمن

    السؤال: ما حكم مصافة الإمام لمأمومين من جانبه الأيمن، وهما صبيان تحت البلوغ؟

    الجواب: لا بأس، إذا وضعهما عن يمينه، إذا كانا تحت البلوغ، فهذا قول، وإن وضعهما وراءه وجعلهما صفاً فهذا أجود.

    حكم صلاة المنفرد خلف الصف

    السؤال: إذا دخل المأموم المسجد فوجد الصفوف مليئة، فهل يجوز أن يصطف بجانب الإمام؟

    الجواب: إذا دخل ووجد الصفوف مليئة، يعني لم يجد فرجة، فيجوز له أن يصف لوحده في الصف، وهذا سوف نبحثه إن شاء الله في الدرس القادم، يعني: لو وجدت الصف ملآن بإمكانك أن تصف لوحدك، وصلاتك صحيحة، وهذا هو القول الصحيح أو الراجح في المسألة، وأما إذا كان المسجد ليس فيه مكان أصلاً، فتقدم المأموم وصلى عن يمين الإمام، فذلك جائز أيضاً.

    حكم اشتراط المحرم لخروج المرأة إلى المسجد

    السؤال: ما رأيكم فيمن قال بمنع النساء من الصلاة في المسجد، وأنه لا يجوز لها أن تخرج إلى المسجد إلا بمحرم؟

    الجواب: هذا غريب، ما أعلم أحداً قال بذلك من المسلمين، فضلاً عن العلماء، أنها لا تخرج إلى المسجد إلا بمحرم، أما السفر ففيه المحرم، أما الحركة داخل البلد حتى لو خرجت لأمر دنيوي لبيع أو شراء .. أو غيره، فلا يلزم لذلك المحرم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله), حتى قال ابن لـعبد الله بن عمر : والله لنمنعهن، فغضب ابن عمر ولم يكلمه، وقال: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: والله لنمنعهن ). فلا يجوز للرجل أن يمنع امرأته من الذهاب إلى المسجد إلا في ريبة أو لسبب.

    حكم صلاة المرأة في المسجد

    السؤال: هل تجوز صلاة المرأة في المسجد إذا لم يوجد مكان للنساء؟

    الجواب: تجوز صلاة المرأة في المسجد، إذا كانت متحجبة وبعيدة عن الرجال.

    حكم الصلاة بين أعمدة المسجد

    السؤال: في هذا المسجد في صلاة المغرب اليوم من صلى بين الأعمدة لغير حاجة أو ضرورة؛ إذ إن المسجد واسع؟

    الجواب: يعني: أما إذا كانت الأعمدة تفصل بين المصلين: فهذا مكروه، وأما إذا كانوا صلوا بين العمود ولم يبلغوا أن يكونوا صفاً، يعني: صلوا بين عمودين فقط فلا حرج في ذلك.

    موضع قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة

    السؤال: ما هو موضع قراءة الفاتحة؟

    الجواب: يعني: تقرؤها في سكتة الإمام بعدما ينتهي الإمام من قوله: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] آمين, ويسكت تقرؤها، وإن كان لا يسكت فليست عليك قراءة.

    ما يعتبر به المأموم مدركاً لتكبيرة الإحرام مع الإمام

    السؤال: ما هي مدة إدراك تكبيرة الإحرام في السرية والجهرية؟

    الجواب: ألا يطول الفاصل بينك وبين الإمام.

    التورك للإمام والمأموم وبيان موضعه

    السؤال: هل التورك خاص بالإمام فقط؟

    الجواب: لا, التورك للإمام والمأموم في كل صلاة فيها تشهدان، كصلاة المغرب والعشاء والظهر والعصر.

    حكم الجمع للمسافر الدائم

    السؤال: هل يجوز الجمع لمن يتردد يومياً إلى مدينة الرس ؟

    الجواب: إذا كانت ثمانين كيلو فأكثر، فيجوز له الجمع.

    حكم صلاة المنفرد خلف الصف

    السؤال: إذا أتيت إلى المسجد وكانوا في الركعة الأخيرة وأنا لا أعلم أنهم فيها, وكان الصف الأول ممتلئاً، فهل أصلي في الصف الثاني لوحدي؟

    الجواب: نعم، تصلي في الصف الثاني لوحدك، وليس عليك في ذلك شيء؛ لأن جميع الواجبات مرهونة في القدرة والاستطاعة، فتسقط بالعجز.

    حكم صلاة النساء منفردات جماعة

    السؤال: إذا جمعت الأم بناتها في البيت وصلت بهم دائماً، هل ذلك يدخل في جواز صلاة المرأة جماعة؟

    الجواب: نعم, وسيأتي في حديث أم ورقة .

    دعاء الاستفتاح في الصلاة (اللهم باعد بيني وبين خطاياي ...)

    حكم طعام أهل الكتاب والتحذير من الاعتراض على فعل الرسول صلى الله عليه وسلم

    السؤال: قلت: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أجاب دعوة يهودي إلى الطعام، وقد قال الله سبحانه وتعالى: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام:118]. ومن الجائز أن اليهودي يأتي بطعام لم يذكر اسم الله عليه؟

    الجواب: لا, ما يحق لي ولا لك أن نعترض على من؟ على فعل الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه هو التشريع, و لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]. والأصل أن أهل الكتاب يذكرون اسم الله على ذبائحهم؛ ولهذا الله سبحانه وتعالى أباح لنا طعام أهل الكتاب، وأحل لنا ذبائحهم، وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ [المائدة:5].

    حكم التأخر عن الجماعة الأولى

    السؤال: أحياناً أتأخر عمداً عن الجماعة الأولى في المسجد، وأصلي مع الجماعة الثانية؟

    الجواب: لماذا تتأخر؟ لا شك أن فضل الجماعة الأولى ليس كفضل الجماعة الثانية، الأولى أفضل، ولا ينبغي للإنسان أن يتعمد التأخر، ( ولا يزال أقوام يتأخرون حتى يؤخرهم الله ).

    الجواب على حديث ابن مسعود في جعل المأمومين أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله

    السؤال: يقول: إذا قلنا في تأويل حديث ابن مسعود : إن الآخر الذي معه والذي بجانبه لم يبلغ، فقد يقول قائل: إن اليتيم في اللغة هو من مات أبوه وهو دون البلوغ؟ وعلى هذا يكون حديث أنس أنه مع شخص لم يبلغ؟

    الجواب: حتى لو قلنا بذلك، أولاً: حديث ابن مسعود نحن أجبنا عنه إجابات عدة, هذا أحدها، والجواب الثاني: أن المكان كان ضيقاً، والجواب الثالث: أن هذا منسوخ، والجواب الرابع: أن هذا فعل ابن مسعود رضي الله عنه, وهو لا يعدو أن يكون اجتهاداً ورأياً خالفه عليه الجمهور من الصحابة ومن بعدهم، بينما في مسألة صلاة الاثنين خلف الإمام، هناك أدلة غير حديث أنس، مثل ما ذكرنا حديث جابر وجبار رضي الله عنهما.

    حكم إخراج الأطفال من المساجد

    السؤال: أحد أئمة المساجد يأمر بإخراج الأطفال من المسجد؟

    الجواب: هذا لا ينبغي، لا ينبغي تنفيرهم من المساجد ليذهبوا وتحتويهم أماكن السوء والفساد.

    حكم إعادة الصلاة مع آخر بنية النافلة

    السؤال: هل يجوز إذا رأيت رجلاً يصلي، وأنا قد صليت أن أصلي معه مرة ثانية بنية النافلة؟

    الجواب: نعم. وقد ورد في سنن أبي داود حديث: ( من يتصدق على هذا ).

    حكم إمامة المتنفل بالمفترض

    السؤال: إذا كنت أتنفل وجاء رجل يصلي معي ثم تكونت جماعة، وأنا الإمام في النافلة، هل أصلي بهم الصلاة الكاملة، أم أصلي النافلة وهم يكملون؟

    الجواب: بل تصلي النافلة, وهم يكملون من بعدك.

    حكم الزكاة في الذهب المستعمل إذا باعه مالكه

    السؤال: ذكرت أن الزكاة على الذهب المستعمل لا تكون واجبة، لكن عندي ذهب نيته الاستعمال، وحال عليه الحول، ولم يلبس وقد بعته، فهل عليه زكاة؟

    الجواب: هو الكلام في الذهب المستعمل الخلاف معروف، والجمهور لا يوجبون الزكاة فيه، خلافاً لـأبي حنيفة الذي يرى فيه الزكاة، والأحاديث مختلفة في هذا، وعندنا فيه بحث خاص, يمكن للأخت أن تراجعه، أما إذا بعته فهنا نقول: إنه إذا عرضته للبيع وحال عليه الحول فهنا انتقل من الاستعمال إلى أن يكون عروض تجارة، أما لو بيع دون أن يكون أعد كعروض تجارة، فإنما تجب الزكاة في قيمته إذا حال عليها الحول.

    الفصل بين صفوف الرجال والنساء

    السؤال: هل يجب أن يكون هناك فاصل بين الرجال والنساء، أم تصلي النساء في الخلف دون فاصل؟

    الجواب: المقصود والمطلوب هو بعد الرجال عن النساء، وبعد النساء عن الرجال؛ لئلا تقع الفتنة، فإن حصل فاصل فهذا شيء جيد، كما يقع في المساجد هنا في المملكة، فإن غالب المساجد يوجد فيها مساجد خاصة للنساء مفصولة أو معزولة، ولو لم يوجد فاصل، ووجد فاصل مسافة، بحيث إن النساء بعيدات عن الرجال، وليس هناك اختلاط أو نظر فلا حرج، فهكذا كان الأمر في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لم يكن هناك فاصل، كانت النساء تصلي خلف المسجد، والرجال يؤمرون ألا يخرجوا؛ حتى تخرج النساء.

    بيان ما يفعله من أحس في نفسه الرياء

    السؤال: أنا أحب الأعمال، أو أعمل الأعمال الصالحة، لكن أحياناً أجد في نفسي بعض الرياء، مع أني أحاول محاربته قدر المستطاع؟

    الجواب: عليك ألا يمنعك هذا الخاطر عن العمل الصالح، فإن ترك العمل من أجل الناس أو خوف الناس أو خوف الرياء خطأ، كما أن فعله من أجلهم خطأ، وعلى الإنسان أن يحاول أن يقطع النظر عن الناس في الفعل والترك.

    حكم الغسل من الاحتلام وخروج المذي والمني القليل

    السؤال: يسأل أحد الشباب ويقول: أنا عندما أنام وأحتلم لا يخرج مني سوى شيء قليل، فهل يلزم الغسل أم لا؟ وإذ كان يلزم فماذا يفعل في الصلوات السابقة؟

    الجواب: الشاب ربما يقع عنده لبس، فلا يفرق بين ما يخرج منه، إذا كان الذي يخرج من الشاب مذياً، وهو الذي يشبه الماء في لونه ليس له لون، وكذلك هو ليس بيناً ولا يظهر أثره في الثوب ولا غيره, فهذا المذي لا يوجب الغسل، وإنما يوجب الوضوء، أما إذا كان الذي يخرج من الشاب هو المني، الذي يخرج بقوة واندفاع ودفق وتلذذ، ويظل أثره ظاهراً في البدن وفي الثياب، فهذا يوجب الغسل، سواء كان قليلاً أو كثيراً.

    حكم صلاة الشخص عن غيره في الحرم المكي

    السؤال: ما حكم أن يصلي الرجل عن آخر في الحرم المكي ؟

    الجواب: لا, لا يصلي أحد عن أحد، لكن إن كان قد اعتمر أو حج عن أحد، فإن الصلاة تكون تبعاً, صلاة ركعتي الطواف تبعاً لذلك.

    اكتفاء الحاج بالسعي عند القدوم فقط

    السؤال: في رجل حج بيت الله وسعى عند القدوم, ولم يسع في الإفاضة ولا الوداع, وفي طواف الوداع طاف في منتصف الليل، ولم يستطع السفر، فظل في مكة إلى الصباح, هل عليه طواف أو سعي ثانياً؟

    الجواب: الآن الرجل هذا سعى، ما دام سعى يكفيه سعيه، أما بالنسبة للطواف فهو قد طاف طواف الحج، وطاف أيضاً للوداع، فليس عليه في ذلك شيء، أما بقاؤه في مكة إلى الصباح فلا يضر، فهذه الفترة التي بقيها فترة قليلة وجيزة.

    حكم قصر الصلاة في دون مسافة القصر

    السؤال: كنا في رحلة خارج المدينة ما يقارب خمسة وثلاثين كيلو، فلما جاء وقت الصلاة نسينا وصلينا الصلاة قصراً؟

    الجواب: عليكم أن تعيدوا هذه الصلاة.

    أفضل صفوف النساء المنفردات في صلاة الجماعة

    السؤال: الأفضل في صفوف النساء إذا كن جماعة، الصف الأول أو ما يليه؟

    الجواب: إذا كن النساء جماعة معزولات عن الرجال كما هي الحال في هذه المساجد، فإن الأفضل للمرأة أن تكون في الصف المقدم.

    حكم صلاة الرجل مع امرأته قيام الليل وموطن وقوف المرأة

    السؤال: ما حكم أن يصلي الرجل وزوجته معه في قيام الليل، بحيث تقتدي به؟

    الجواب: نعم, لكن لا تصلي بجانبه، وإنما تتأخر عنه قليلاً.

    حكم إمامة المرأة لزوجها أو للرجال

    السؤال: ما حكم أن تؤمه هي، فتصلي به؟

    الجواب: أيش رأيكم؟ هذه المسألة بحثناها في الدرس السابق، حديث ابن عباس، ذكرنا فيها البحث وخلاف العلماء، والراجح عندنا: أنها لا تؤمه إلا أن تكون تتقن القراءة, وهو لا يستطيع أن يقرأ ما تصح به الصلاة، فهذه هي ضرورة.

    صلاة الضحى ليست من ذوات الأسباب

    السؤال: هل صلاة الضحى من ذوات الأسباب؟

    الجواب: كلا, ليست من ذوات الأسباب.

    حكم الذهاب إلى المسجد البعيد لأجل إدراك الجماعة

    السؤال: نلاحظ أن بعض الشباب عندما يقوم لصلاة الفجر أو العصر وقت الإقامة في المسجد الذي قرب منزله، يرقد قليلاً أو يستريح, ثم يذهب إلى المسجد لبعض الكيلو مترات, وهو معروف بالتأخر؟

    الجواب: إذا فاتته الصلاة في المسجد القريب أو بعضها، فانتقل إلى مسجد بعيد يتأخر قليلاً، فلا حرج عليه.

    سبحانك الله وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768265382