الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
وعندنا في هذا اليوم أولاً: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر )، والحديث متفق عليه كما ذكر المصنف.
منها: تأكيد استحباب ركعتي الفجر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعاهدها أشد مما يتعاهد غيرها من النوافل، فهذا يدل على آكديتها وأفضليتها.
وفيه أيضاً: مشروعية صلاة ركعتي سنة الفجر في الحضر والسفر؛ لأن هذا من التعاهد الذي كان يتعاهده النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت هذا عنه عليه الصلاة والسلام من غير هذا الوجه، ولكن هذا الحديث يدل ضمناً على أنه كان يصليهما عليه الصلاة والسلام في الحضر وفي السفر.
ومن فوائد هذا الحديث: أن ركعتي سنة الفجر، يعني: الركعتين قبل صلاة الفجر، أنهما سنة وليستا بفريضة، والدليل على ذلك قولها: ( لم يكن على شيء من النوافل )، فدل على أن ركعتي الفجر -ركعتي السنة- أنهما من النوافل أيضاً وليستا بواجب، وهذا مذهب جمهور أهل العلم، كما ذكره النووي في شرح صحيح مسلم .. وغيره من العلماء، فهو مذهب الجماهير من أهل العلم من السلف والخلف، وهل هناك قائل بوجوب ركعتي الفجر؟ نقل القول بوجوب الركعتين، نقله بعض المصنفين عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى، كما نقله المرغيناني عنه، وكذلك نقل كما في مصنف ابن أبي شيبة عن الحسن البصري رحمه الله تعالى من التابعين: (أنه كان يرى الركعتين قبل الفجر واجبتين).
ولا شك أن هذا القول قول ضعيف لا يسنده دليل.
واستدل بالحديث بعض الشافعية على أن ركعتي الفجر أفضل وآكد من الوتر، وهذا هو المذهب القديم للشافعي، وأما مذهبه الجديد فهو أن الوتر آكد من ركعتي الفجر.
والواقع أن هذا الحديث ليس فيه دليل على هذا ولا على ذاك، فليس دليلاً على أن ركعتي الفجر آكد من الوتر، لماذا؟ ليس دليلاً على أن ركعتي الفجر آكد من الوتر، مع أنها تقول: ( لم يكن على شيء من النوافل ).
لأن الوتر كان واجباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إما مطلقاً، أو في بعض الوقت في بعض عمره عليه الصلاة والسلام، وبعضهم يرى وجوبه على النبي عليه الصلاة والسلام على الدوام، أن الوتر كان واجباً، وقد جاء فيه حديث: ( ثلاث هن علي فرض، وهن لكم تطوع -وذكر فيها-: الوتر ).
فلذلك لا نقول: بأن الحديث يدل على أن الركعتين أفضل من الوتر، ولا أنه يدل على ضد ذلك أيضاً، ولكن الحديث يدل على شدة تعاهد النبي صلى الله عليه وسلم للركعتين.
ومن فوائد الحديث: أن السنة صلاة هاتين الركعتين في البيت، بدليل أن كون عائشة رضي الله عنها تعلم ذلك، وتدرك تعاهد النبي صلى الله عليه وسلم لهاتين الركعتين غالباً، لا ينطلق إلا من أنه كان يصليهما في البيت، وهذا هو الواقع كما دلت عليه أحاديث أخرى، هي نص في هذا الموضع.
والحديث: ( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها )، رواه أيضاً الترمذي في جامعه، وأبو عوانة في مستخرجه على مسلم، والطيالسي والنسائي، وأحمد في المسند، والبيهقي، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم في مستدركه .
وفيه: بيان هوان الدنيا وحقارتها، فإن ركعتين يركعهما الإنسان لا تستغرق منه خمس دقائق، أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العالِم بشأن الدنيا من الدنيا وما فيها.
وفيه أيضاً: أن حساب العمر يكون بالأعمال لا بالأعمار، فكم من إنسان عاش سنين طويلة كانت وبالاً عليه، وآخر قضى في هذه الدنيا أقل منه بقليل، ولكن كانت فترة نافعة مجدية، فالعبرة ليس بطول العمر، بل ربما طال عمر الإنسان فملَّ:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم
إن الثمانين وبلغتها قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
يريد الفتى طول السلامة جاهداً فكيف ترى طول السلامة يفعل
فليست العبرة بأن يعيش الإنسان مائة سنة أو أكثر، وإنما العبرة هل هذا العمر مجدٍ ومفيد؟ وهل أنت تستثمر أيامك أم لا؟ وبالمناسبة فإن العمر لا يؤكل إلا مرة فعليك أن تستدركه.
أحدها: الرواية التي ساقها المصنف: ( من صلى اثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته بني له بهن بيت في الجنة ).
والرواية الأخرى: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صلى لله ثنتي عشرة ركعة تطوعاً )، وهي التي أشار إليها المصنف رحمه الله تعالى في قوله: وفي رواية: ( تطوعاً ).
ورواية ثالثة لـمسلم : ( من صلى لله في يومه وليلته ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير فريضة )، وهذا تأكيد، وإلا فقوله: ( تطوعاً ) كاف في الدلالة، ولكن لتأكيد أن المقصود خلا الفرائض، ما سوى الفرائض.
وقد روى مسلم رحمه الله وغيره هذا الحديث من طريق عنبسة بن أبي سفيان أخي أم حبيبة عن أم حبيبة، ثم ساق مسلم رحمه الله بعد رواية الحديث: قالت أم حبيبة رضي الله عنها: ( فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم )، قال عنبسة أخو أم حبيبة: (وأنا ما تركتهن منذ سمعتهن من أم حبيبة رضي الله عنها)، وقال الراوي عنه وهو عمرو بن أوس: (ما تركتهن منذ سمعتهن من عنبسة رحمه الله)، وقال الراوي عنه وهو النعمان بن سالم: (ما تركتهن منذ سمعتهن من عمرو بن أوس)، وهذا السياق يسمى عند علماء المصطلح المسلسل وهناك رواية في مسلم أيضاً فيها ذكر إسباغ الوضوء: ( ما من عبد توضأ فأسبغ الوضوء، ثم صلى لله تعالى في كل يوم ثنتي عشرة ركعة ).
وقد روى الحديث أيضاً غير الإمام مسلم أبو عوانة، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه وأحمد، والدارمي، والطيالسي .. وغيرهم.
منها: أن السنن الرواتب ثنتا عشرة ركعة، وقد سبق ذكر شيء من ذلك، فإن هذا الحديث فيه النص على الرواتب، وهي اثنتا عشرة ركعة، وأن: ( من حافظ عليها )، وجاء في رواية: ( من صلى )، بعضكم قرأ في التسميع: ( من صلى )، وبعضها: ( من حافظ )، كلا الروايتين جاء أيضاً.
( من حافظ عليها بني له بهن بيت في الجنة )، فالسنن الرواتب ثنتا عشرة ركعة في اليوم والليلة، وهذا أشمل من حديث ابن عمر الذي اقتصر فيه على ذكر عشر ركعات، يعني: خمس تسليمات.
ومن فوائد الحديث: مشروعية المحافظة على هذه السنن.
ومن فوائد الحديث: أن هذه كلها من النوافل، ليس شيء منها واجباً، لا ركعتا الفجر ولا غيرها كما سبق بيانه.
ومن فوائده: مشروعية إسباغ الوضوء ( ما من عبد توضأ فأسبغ الوضوء ).
ومن الفوائد أيضاً: مشروعية المداومة عليها، وأن من داوم عليها بنى الله له بيتاً في الجنة.
ومنها: جواز إخبار الإنسان بأعماله الصالحة، إذا أمن الفتنة على نفسه، وكان في ذلك مصلحة، مثل: دعوة الناس إلى الاقتداء، والتشبه بالصالحين، كما فعلت أم حبيبة وعنبسة ومن دونهما.
ومن الفوائد أيضاً: أن الجنة مخلوقة؛ لقوله: ( بنى الله له بيتاً في الجنة ) يعني: أنها مخلوقة، ويزداد فيها ما شاء الله تعالى من الخير والبر والتحسين والتزيين لأهلها.
من الفوائد البارزة: أن هذا الوعد لمن أخلص في هذا العمل، ونأخذ هذا من قوله: ( من صلى لله ) يعني: لإرادة وجه الله تعالى.
ومن الفوائد أيضاً: أن الأعمال الصالحة سبب في دخول الجنة.
ومن الفوائد: أن هذا الوعد هل يحصل لمن صلاها يوماً فقط في عمره؟ لأنه يصدق عليه: ( من صلى لله ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة ).
وفي الحديث: ( من حافظ في يومه وليلته ) يعني: في كل يوم وليلة، بل جاء اللفظ نفسه في رواية ذكرتها لكم: ( في كل يوم وليلة )، ( ما من عبد توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى لله ثنتي عشرة ركعة في كل يوم وليلة )، وهذا في صحيح مسلم .
ومن طريق الترمذي أيضاً رواه البغوي في شرح السنة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وفيه تحديد هذه الركعات: وأنها أربع قبل الظهر وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل صلاة الصبح، ثنتا عشرة ركعة. وهذا حديث أم حبيبة عند الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
عائشة
، ثم ذكر-: أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر ).وهذا الحديث كما ذكرت خرجه الترمذي في جامعه، وقال عقب تخريجه: وفي الباب عن أم حبيبة -يعني: حديث الباب نفسه-، وأبي موسى الأشعري، وابن عمر، وأبي هريرة رضي الله عنهم، ثم قال الترمذي رحمه الله: وهذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وقد سبق أن بينت مراراً أن الترمذي إنما يطلق الغريب عادة على ما كان فيه ضعف، ومثله جمع من المتقدمين كـأبي نعيم .. وغيره فإذا قال: هذا غريب، فالغالب عليه الضعف، إلا إذا أضاف إليه صفة أخرى.
وهنا قال الترمذي : حديث عائشة حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ثم أعله الترمذي -أعل حديث عائشة - بأحد رواته، وهو المغيرة بن زياد البجلي، فقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه كما يقول الترمذي، والواقع أن المغيرة قد وثقه غير واحد، فحديث عائشة لا بأس بإسناده، وهو يتقوى ويتعزز أيضاً بحديث أم حبيبة الذي قبله .
وقد خرجه أيضاً النسائي في سننه وابن ماجه .. وغيرهما.
فهذان الحديثان: حديث أم حبيبة وعائشة يتفقان على تحديد السنن الرواتب، وأنها أربع قبل صلاة الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر.
وقد جاء ما يخالف هذا السياق؛ ولذلك كررته حتى تنتبهوا له؛ لأنه جاءت روايات أخرى فيها اختلاف:
من ذلك حديث أبي هريرة الذي أشار إليه الترمذي : وفي الباب عن أم حبيبة وأبي هريرة، فحديث أبي هريرة الذي أشار إليه الترمذي قد رواه النسائي في سننه، وابن ماجه في سننه أيضاً، ولكن في حديث أبي هريرة قال: ( ركعتين قبل الظهر ) بدلاً من قوله في حديث أم حبيبة وعائشة : ( أربعاً قبل الظهر )، في حديث أبي هريرة قال: ( ركعتين قبل الظهر، قال: وأظنه قال: وركعتين قبل العصر )، على سبيل الظن لا على سبيل الجزم، فبدلاً من: أربع قبل الظهر، جعلها ركعتين قبل الظهر، وركعتين قبل العصر، يعني: اختلف في موضعين عما قبله.
ومثله أيضاً رواية أخرى لحديث أم حبيبة رضي الله عنها، وفيها زيادة: ( أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين قبل العصر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين قبل الصبح )، فهذه الرواية أسقطت: ( ركعتين بعد العشاء )، وهو من حديث أم حبيبة، فهو رواية لحديث الباب، وهذا اللفظ موجود عند النسائي أيضاً في سننه، وابن خزيمة، والحاكم، والبيهقي، وابن حبان كما في الإحسان المطبوع، وسنده لا بأس به أيضاً، ولكنه مخالف للرواية الأولى التي هي أقوى وأصح وأوثق.
إذاً: جاء في تحديد ثنتي عشرة ركعة ثلاثة أوجه:
الوجه الأول وهو المعتمد: أربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وبعد المغرب ركعتان، وبعد العشاء ركعتان، وقبل الفجر ركعتان. هذا هو الوجه الأول وهو الأصح.
الوجه الثاني: أربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان قبل العصر، وركعتان بعد المغرب، وركعتان قبل الفجر، فأسقط الركعتين بعد العشاء.
الوجه الثالث: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها أيضاً، وركعتين بعدها، وركعتين قبل العصر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الصبح.
فهذه ثلاثة أوجه، والراجح هو الأول منها؛ لأن حديث أبي هريرة رضي الله عنه فيه الظن، قال: (أظنه قال) فدل على أن الراوي لم يتحقق من هذه الأحرف، والرواية الثانية في حديث أم حبيبة مخالفة للرواية المعتمدة عنها، قد تكون شاذة.
منها: فضيلة المحافظة على هذه الصلوات.
ومنها: أن العبادات كفارات؛ لأن قوله: ( بنى الله له بيتاً في الجنة )، وفي رواية: ( حرمه الله على النار )، وفي رواية: ( حرم الله وجهه على النار إن شاء الله )، كل ذلك دليل على أن الأعمال تكون كفارات.
وكذلك رواه بقية الخمسة: أبو داود في كتاب الصلاة، باب من حافظ على أربع قبل الظهر، والنسائي في قيام الليل، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة في أول السنن، ورواه أحمد أيضاً وهو خامسهم، وكذلك أخرجه الحاكم وأسانيده صحيحة، رووه بأكثر من ثلاثة أسانيد صحيحة.
وفيه: مشروعية صلاة أربع ركعات بعد الظهر، منها ركعتان من السنن الرواتب، والركعتان الأخريان من التطوع.
الجواب: بلى، وهذه ممكن تضاف إلى فوائد الحديث الأول: تعاهد النبي صلى الله عليه وسلم على النوافل كلها؛ لأن قولها: ( لم يكن أشد تعاهداً )، دليل على أنه يتعاهد النوافل كلها، وهذه أشدها.
الجواب: لا، هي حقيقة أخبر عنها الرسول عليه الصلاة والسلام، كما قال في الحديث الآخر: ( إن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وإنها قيعان غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ). نعم.
الجواب: لا تعارض بين حديث ابن عمر وحديث أم حبيبة، ابن عمر ذكر عشر ركعات وأم حبيبة ذكرت ثنتي عشرة ركعة، فلا تعارض بين هذا وذاك؛ لأن ثنتي عشرة ركعة تدخل فيها العشر التي ذكرها ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه.
وقد يقال: إن العشر التي في حديث ابن عمر هي آكد من غيرها، فتكون ركعتان قبل الظهر آكد من الركعتين الأخريين، كما أن بعد الظهر تسليمتان إحداهما آكد من الأخرى.
الجواب: لا، ظاهر المحافظة دليل على المداومة على هذا، وليست تنويعاً.
الجواب: هذا مشهور عند الأحناف، وفيه أثر عن ابن مسعود وغيره، والطحاوي عقد له ترجمة في شرح معاني الآثار وأطال فيه، هنا قال فيه: عن جماعة من السلف في ذلك، ولا شك أن قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: ( إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة )، وفي رواية أحمد : ( فلا صلاة إلا التي أقيمت )، ( ورأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي فتله وقال: آلصبح أربعاً؟ ) أتصلي الصبح أربعاً؟
الجواب: يعني: الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي )، وحديث جبريل أيضاً في ذلك معروف، فعلى الإنسان أن يحرص على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر، لكن الظاهر أن هذا ليس بواجب، إنما يجب هذا في الصلاة في التشهد الأخير.
وما ذكرته من عدم رواية الترمذي، وأنه وهم من النساخ هذا صحيح؛ قال الألباني في إرواء الغليل (مائة واثنين وثلاثين): والحديث قال الحافظ في بلوغ المرام : رواه الترمذي والبيهقي بسند ضعيف، ونسبته للترمذي وهم لعله من بعض النساخ.
الجواب: الحمد لله.
الجواب: الحديث فيما أعلم صحيح، لكن لا مانع أن يأتينا أخ بالخبر اليقين في الأسبوع القادم.
الجواب: نعم، ورد أن الراتبة تقضى، فقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الظهر، لما شغل عنها بوفد عبد القيس، قضاها بعد العصر ثم حافظ عليها، والحديث في الصحيح من حديث أم سلمة وعائشة .. وغيرهما.
فقال بعض أهل العلم: يقضي الراتبة إذا قضاها مطلقاً.
وقال بعضهم: يقضي الراتبة إذا تركها أو شغل عنها مطلقاً.
وأيضاً يدخل هذا في عموم قوله عليه السلام: ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها )، وكان الصحابة يقضون راتبة الفجر بعد الفجر، حتى نقل هذا عن ستة عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال بعضهم: إنما يقضي الراتبة إذا تركها لشغل لعارض، كالنوم، أو النسيان، أو الانشغال، أما إن تركها تكاسلاً فإنه لا يقضيها.
ولعله يأتي للمسألة بحث إن شاء الله.
الجواب: جاء في ذلك حديث: ( أنه يقضيها بعد طلوع الشمس )، وهو حديث صحيح، ولو قضاها بعد صلاة الفجر لكان ذلك جائزاً، وسيأتي للمسألة مزيد بحث.
الجواب: في هذه المسألة ما يزيد على ستة احتمالات لقول الترمذي : حسن صحيح:
قال بعضهم يعني: حسن باعتبار إسناد صحيح باعتبار إسناد آخر.
وقيل: إن المعنى: حسن في المعنى، صحيح في الإسناد.
قيل: إن المعنى أنه متردد بين الحسن والصحة، فكأن المعنى حسن أو صحيح.
وقيل: إن هذه درجة فوق الحسن ودون الصحيح.
وقيل: إنه حسن عند قوم، صحيح عند آخرين.
الجواب: جاء في ذلك حديث سألني عنه أحد الإخوة قبل قليل عند أبي داود، وحسنه قوم، وأعله آخرون.
وعلى كل حال فإن الإمام لا يسجد في الصلاة السرية؛ لأن هذا يسبب إرباكاً لمن وراءه، كما قال ابن عبد القوي في منظومته :
ولا تسجدن في فرض سر فإنه يبيح لمأموم خلافك فاركد
يعني: يبيح للمأموم ألا يسجد وراءك؛ لأنه لا يعرف لماذا سجدت؟ قد يكون هذا سهواً منك، ولكن إن أراد الإنسان أن يسجد فعليه أن يجهر بالآية التي فيها السجدة، فمثلاً: يقول بصوت مرتفع: كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق:19]، ثم يسجد ليعرف الناس أنه سجد للتلاوة، وإن خشي أن يحدث هذا إرباكاً للمأمومين، أن يكونوا كثيرين، وبعضهم لم يسمع القراءة.. وما أشبه ذلك فلا يسجد.
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
اللهم صل على محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر