إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
الأحاديث التي عندنا اليوم أولها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في: إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ [الانشقاق:1]، و اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق:1] ) رواه مسلم.
واحدة، إذاً كيف قال: (سجدتين) في هذه الرواية؟ نعم؟
يعني: أنه سجد لهذه سجدة ولهذه سجدة، سجد لـ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ سجدة، وسجد لـ إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ سجدة، هذا هو الظاهر، والله تعالى أعلم.
وفي رواية قال: ( لو لم أر النبي صلى الله عليه وسلم سجد فيها لم أسجد فيها ) .
أما: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) فجاء خبر السجود فيها في هذا الحديث الذي رواه مسلم .
وهذا الحديث حديث الباب فيه دليل على أن: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) من مواضع السجود، وأنه يسجد فيها، وفيه أيضاً دليل على أن (إذا السماء انشقت) من مواضع السجود سجود التلاوة، وأنه يسجد فيها، وبما أن أبا هريرة رضي الله عنه متأخر الإسلام، فإن هذا دليل على أن هذا الحكم محكم غير منسوخ، فهو يعارض ما جاء عن ابن عباس : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك السجود في المفصل بعدما هاجر إلى المدينة ) كما سوف يأتي ذكر الأثر عنه بعد قليل. فالصواب أنه يسجد في المفصل في هذه المواضع وفي غيرها.
هناك مواضع أخرى للسجود في المفصل غير هذين الموضعين، تعرفون مواضع في المفصل؟
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى [النجم:1]، كما في الحديث الآخر أيضاً. طيب. إذاً: نمر مروراً سريعاً على المواضع التي يشرع فيها السجود في القرآن، ثم نعرض لأقوال أهل العلم في عدد السجدات.
فيما يتعلق نعم، بالدليل الانشقاق ما هو الدليل؟ أولاً: حديث الباب.
الدليل الثاني:
حديث أبي هريرة : ( أنه سجد فيها وقال: لو لم أر النبي صلى الله عليه وسلم سجد فيها لم أسجد فيها، فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه ).
النجم، (والنجم إذا هوى)، وفي أي موضع يسجد؟
في سورة النجم أين موضع السجود؟
آخر السورة: أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا [النجم:59-62]، وهذا أيضاً من مواضع السجود؛ لأن فيه الأمر بالسجود.
وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ( قرأ النبي صلى الله عليه وسلم النجم بـمكة، فسجد فيها، وسجد من معه.. ) هو قال في الصحيحين: عن عبد الله، والمقصود ابن مسعود ؛ لأنه إذا ذكر عبد الله ولم يعين، فهو ابن مسعود، قال: ( قرأ النبي صلى الله عليه وسلم النجم بـمكة فسجد فيها، وسجد من معه غير شيخ أخذ كفاً من حصى أو من تراب، فرفعه إلى جبهته، وقال: يكفيني هذا -يعني: لم يسجد-، قال رضي الله عنه: فرأيته بعد ذلك قتل كافراً ) وهذا الحديث رواه البخاري في سجود التلاوة، ورواه مسلم أيضاً في الموضع السابق.
وفيه أيضاً عن ابن عباس : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في النجم -في سورة النجم-، وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس ) .
والمقصود بقوله: (المسلمون والمشركون والجن والإنس) كلهم يعني على الإطلاق أو بعضهم؟ المقصود الحاضرون يقيناً، والله تعالى أعلم.
ففي هذين الحديثين دليل على أن النجم من مواضع السجود ومن عزائم السجود.
على كل حال! الموضع الرابع: في سورة (ص) وسوف يأتي ذكر الخلاف فيه، وبعض الأحاديث الواردة في هذا الموضع، لكن عندنا الآن حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: ( (ص) ليست من عزائم السجود، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها ).
وهناك حديث آخر في السنن عن أبي سعيد وهو صحيح: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ (ص) وهو على المنبر، فنزل وسجد، وسجد الناس معه، ثم قرأها بعد ذلك فتهيأ الناس للسجود، فقال عليه الصلاة والسلام: إنها توبة نبي، ولكني رأيتكم تهيأتم للسجود، فنزل فسجد، وسجد الناس معه ) .
وعند النسائي أيضاً من حديث ابن عباس رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سجدة (ص): إنها توبة نبي، ونسجدها نحن شكراً ) وسيأتي مزيد كلام عنها. هذا الموضع الرابع.
وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت:37] إن سجد هنا فلا حرج، وقد روي هذا عن عمر، وإن أخرها إلى قوله: فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ [فصلت:38] فهو أحوط، كما قاله غير واحد، وقد ثبت هذا عن بعض الصحابة كما سوف يأتي. طيب.
إذاً: الخامس: فصلت، وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه عند ابن أبي شيبة : [ أنه سجد عند قوله: وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ [فصلت:38] ] فهذا هو الصحابي الذي نقل عنه السجود عند قوله: وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ [فصلت:38] وقد نقل هذا عن غير واحد من السلف؛ لأنه بذلك يكتمل المعنى.
ومما يدل على مشروعية السجدة في هذه السورة: حديث أبي هريرة المتفق عليه ومضى، أحد يذكر هذا الحديث؟ ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة: (ألم تنزيل السجدة)، و(هل أتى على الإنسان) ) قال ابن بطال : أجمع أهل العلم على مشروعية السجود فيها، يعني: في سورة السجدة، وإنما اختلفوا هل يسجد فيها في الصلاة، وسبق بيان ذلك.
وعلى كل حال! يشرع له أن يسجد في الصلاة وفي غيرها. طيب، هذا كم موضع؟ ستة.
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا [الفرقان:60].
(ألّا يسجدوا لله) وفي قراءة (ألا) أيضاً. أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ [النمل:25] فيسجد عند هذا الموضع.
العاشر: في السورة نفسها عند قوله؟
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الحج:77] ففي سورة الحج سجدتان، كما سوف يأتي.
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ [الرعد:15] إلى قوله: وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ [الرعد:15] هذه ثلاثة عشر.
هذه خمسة عشر موضعاً من مواضع سجود التلاوة. طيب، أكيد نحن ذكرنا خمسة عشر؟ طيب.
ولعل من أقوى وأهم أدلة هذا القول الحديث المروي عن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال: ( إن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث سجدات في المفصل ) وقد سبق ذكرها. قال: ( وفي الحج سجدتان ) وهذا الحديث عن عمرو بن العاص رواه أبو داود وابن ماجه عن الحارث بن سعيد العتقي، وفي بعض الكتب: عن الحارث عن سعيد، ولكن الظاهر أنه الحارث بن سعد عن عبد الله بن منين بالتصغير، وفي بعض الكتب: ابن منير، والصواب ابن منين عن عمرو بن العاص.
ورواه الحاكم أيضاً، وقال الحاكم : احتجا -يعني: الشيخان- بأكثر رواته، قال: احتجا بأكثر رواته.
وعبد الله بن منين هذا نسبه بعضهم إلى شيء من الجهالة، وقال عبد الحق الإشبيلي : لا يحتج به. وقال ابن القطان : ذلك لجهالته. وكذلك قال الحافظ في الدراية : إنه مجهول . وفي إسناد الحديث أيضاً الراوي عن عبد الله بن منين الحارث بن سعد أو ابن سعيد، وهو مجهول أيضاً، ومع ذلك فقد صحح هذا الحديث جماعة من أهل العلم، منهم الحاكم كما أشار في لفظه السابق، ومنهم النووي كما في كتاب المجموع، حيث قال: إسناده حسن، وكذلك المنذري حسن إسناد الحديث.
وأرى أنه لا بأس بالأخذ بهذا الحديث في هذا الموضع؛ لأنه جمع السجدات الموجودة في القرآن كلها، وعززته أحاديث أخرى كثيرة في تلك المواضع، ولأنه ليس في رواته أحد متهم أو متروك أو كذاب، وإنما غاية ما في رواته أن في بعضهم جهالة .
وقد حسنه بعض أهل العلم، وهؤلاء الرواة المجهولون في الحديث يحتمل أن يكونوا من كبار التابعين والله تعالى أعلم، أو من التابعين، والغالب على أحوال التابعين الصدق والصيانة والستر والصلاح، وليس في الحديث من حيث المتن ما ينكر أو يستغرب، وله شواهد في مواضع عدة، سبق شيء منها.. وسيأتي غير ذلك، فهذا ما يشهد لهم.
وهناك حديث عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عند أهل السنن، ولعله سوف يأتي إن شاء الله في حكاية الدرس القادم.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس عند النسائي، وسبق أنه قال: ( إنها توبة نبي، ونحن نسجدها شكراً ).
وفي حديث أبي سعيد أهل السنن: ( أنه عليه الصلاة والسلام في المرة الثانية لم يسجدة وإنما قال: رأيتكم تهيأتم للسجود، فنزل وسجد، وسجدوا وراءه ) فكأنه لم يكن ينوي أن يسجد عليه الصلاة والسلام، فقالوا: إنها ليست من السجدات.
وكذلك احتجوا بأنه ليس فيها ذكر السجود؛ لأن سورة (ص) فيها قوله: فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ [ص:24] ولم يقل: وخر ساجداً، فقالوا : هو ركوع وليس سجوداً.
ومن أدلتهم بل هو من أقواها قول ابن عباس هنا: [إنها ليست من عزائم السجود].
على كل حال! يجاب عن ذلك بأجوبة:
منها: أن الحجة فيما روى ابن عباس رضي الله عنه، فإنه قال: ( وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها ) فدل على أنه عليه الصلاة والسلام سجد فيها.
ومن الأدلة أيضاً: حديث أبي سعيد الذي ذكرناه الآن عند أهل السنن، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قرأ على المنبر، ونزل وسجد، وسجد الناس وراءه، ثم في المرة الأخرى قرأها فتهيأ الناس للسجود، فنزل وسجد وسجدوا، فدل على أنها موضع سجود.
أما قوله عليه الصلاة والسلام: ( إنها توبة نبي، وإني رأيتكم تهيأتم للسجود ) فهو دليل على أن السجود فيها ليس بواجب، وأنها ليست من عزائم السجود، يعني: ليست من المواضع التي أمر فيها بالسجود، كما في قوله: فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا [النجم:62] أو كما في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا [الحج:77] أو كقوله: وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق:19].. أو غير ذلك، فإنها خبر وليست أمراً، ولهذا فلا شك أنها ليست من عزائم السجود، ولكنها مما يشرع فيه السجود.
أما قوله: ( نحن نسجدها شكراً ) فنقول: إن العبادة كلها مبناها على الشكر، قال الله تعالى: اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا [سبأ:13] فكونها تسجد شكراً، لا يعني: أنها لا تسجد للتلاوة، وإلا فإن من المعلوم يقيناً وقطعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ توبة آخرين غير داود فلم يسجد، مثل ماذا؟ مثل توبة ذي النون، وهو يونس.
وآدم وحواء : قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:23].. وغير ذلك.
بلقيس : قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [النمل:44].. وغيرهم، ولم يسجد في هذه المواضع.
إذاً سجوده صلى الله عليه وسلم في (ص)؛ لأن فيها ذكر الركوع والسجود، والركوع والسجود قريبان أحدهما من الآخر، فإنما سجد؛ لأنها توبة، ولأنه قال الله تعالى فيها: فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ [ص:24] فهذا لا يمنع من أن تكون موضعاً للسجود.
على كل حال! يعني هذه بعض الأقوال.
أدلة هذا القول، القول الثالث، أهم أدلتهم دليلان:
الأول: حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ( سجدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة، ليس في المفصل منها شيء ) وهذا الحديث رواه الترمذي، وابن ماجه، وأحمد.. وغيرهم.
والدليل الثاني: ما رواه ابن عباس رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل، منذ أن تحول إلى المدينة ) وأثر ابن عباس هذا رواه أبو داود.
وكيف نجيب على هذين الدليلين؟
ننظر إلى صحتها، فنجد أن حديث أبي الدرداء هذا واه، كما قال أهل العلم، فلا يحتج به. حديث ابن عباس الآن نريد حديث ابن عباس في ذلك، قبل أن نعارضه بحديث أبي هريرة مثلاً أو غيره، ابن عباس يقول: ( إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ أن تحول إلى المدينة ) كيف نجيب عن قول ابن عباس هذا؟
ننظر ابن عباس رضي الله عنه يوم الهجرة كم كان عمره؟ إذا كان ابن عباس يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد ناهز الاحتلام، يعني بعد عشر سنوات من الهجرة، إذاً: وقت الهجرة كم كان عمر عبد الله بن عباس رضي الله عنه؟
كان عمره يعني ثلاث أو أربع سنوات، إذاً ابن عباس هنا لم ينقل شيئاً رآه بنفسه، فيحتمل أن يكون نقله عن غيره، ولو علمنا يقيناً أنه نقله عن صحابي آخر شهد هذا، لكان هذا مسند صحابي، وهو مقبول بلا شك، لكن هناك احتمال أن يكون ابن عباس رضي الله عنه قال ذلك باجتهاد منه.. أو ما أشبه ذلك، فهو ليس خبراً عن مشاهدة ورؤية ومعايشة، فإذا عارضه حديث أبي هريرة السابق، الذي فيه: ( أنه سجد خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسجد الناس معه في (اقرأ) وفي (إذا السماء انشقت) ) وأبو هريرة متأخر الإسلام على ما هو معروف، علمنا يقيناً أن المثبت مقدم على النافي، كما هو مقرر عند علماء الأصول .
وبناء عليه فالذي يترجح أن مواضع السجود في القرآن خمسة عشر موضعاً، وسبق ذكرها وتعدادها، ولا يشكل عليها إلا موضع سورة (ص)، وقد أجبنا عليه، والسجدات في المفصل، وقد أجبنا عليه، وبذلك يتبين أن السجدات خمس عشرة سجدة.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( (ص) ليست من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها ) رواه البخاري.
ومما يلحق بهذا الحديث ما سبق، مما رواه أبو داود وابن خزيمة والحاكم .. وغيرهم، من حديث أبي سعيد رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ (ص) وهو على المنبر حتى بلغ السجدة، فنزل وسجد وسجد الناس معه، ثم قرأ في يوم آخر فتهيأ الناس للسجود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما هي توبة نبي، ولكني رأيتكم تهيأتم فنزل وسجد وسجدوا معه ).
وكذلك مما يلحق بالحديث حديث ابن عباس عند النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( سجدها داود توبة، ونحن نسجدها شكراً ) وهذا يشعر بأن السجود كما سبق لا يكون فيها متأكداً كما في غيرها.
ولفظ الحديث في صحيح البخاري لفظ حديث ابن عباس : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس، إلا ذلك الرجل -كما في حديث
وقد شاع هذا الخبر وانتشر أن أهل مكة أسلموا، حتى بلغ بعض المسلمين الذين كانوا بـالحبشة، فجاءوا، ظنوا أن أهل مكة أسلموا، فلما اقتربوا ودنوا، وجدوا أنهم أشد ما كانوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فمنهم من رجع إلى الحبشة، ومنهم من دخل مكة بجوار.
وفي أول الحديث عند مسلم رحمه الله تعالى قال: وعن عطاء بن يسار : [ أنه سأل زيد بن ثابت عن القراءة مع الإمام؟ فقال له: لا قراءة مع الإمام في شيء ]. يعني: هذا رأي زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه لا يقرأ مع الإمام في شيء من الصلاة، قال: ( وزعم أنه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة: (والنجم إذا هوى)، فلم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم ) وهذا دليل على أن (والنجم إذا هوى) موضع سجود؛ لأنه لو لم يكن موضع سجود، لم ينقل زيد رضي الله عنه عدم سجود النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيه دليل على أن السجود ليس بواجب، حتى في عزائم السجود.
وفيه دليل على أنه إذا لم يسجد القارئ لم يسجد من وراءه، وسوف يأتي لذلك مزيد تفصيل إن شاء تعالى.
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر