إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. سلمان العودة
  5. شرح بلوغ المرام
  6. شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 317-321

شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 317-321للشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ثبت في السنة من حديث ابن عباس: (أمرت بالسجود على سبعة أعظم: الجبهة واليدين والركبتين وأطراف القدمين) فذهب الجمهور إلى وجوب السجود على الجبهة واختلفوا في وجوب ضم الأنف كما ذهب الجمهور إلى وجوب السجود على الأعضاء السبعة لظاهر الحديث وخالف بعض الشافعية والمالكية في آخرين حيث أوجبوا السجود على الجبهة فقط والاستحباب في الباقي.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

    أما بعد:

    الأحاديث التي عندنا فأولها حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع قال: اللهم ربنا ولك الحمد، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد, وكلنا لك عبد, اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت, ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) .

    تخريج الحديث

    والحديث كما ذكر المصنف رحمه الله رواه مسلم، فقد رواه مسلم في صحيحه في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، ولكن ليس في مسلم قوله: (اللهم) كما ساقه المصنف من حديث أبي سعيد، إنما فيه: (ربنا ولك الحمد)، وإنما كلمة: (اللهم ربنا ولك الحمد)، هذه جاءت في صحيح مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنه، فإن مسلماً روى الحديث عن أبي سعيد الخدري، ورواه أيضاً عن ابن عباس، فحديث ابن عباس شاهد لحديث أبي سعيد وهو بمعناه.

    وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وكذلك الإمام ابن القيم في زاد المعاد أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين قول: (اللهم) والواو: (اللهم ربنا ولك الحمد)، إما أن تأتي الرواية: (اللهم ربنا لك الحمد)، أو (ربنا ولك الحمد)، فتكون (اللهم) أو الواو، إحداهما بديل عن الأخرى.

    والواقع أن هذا الذي ذكراه رحمهما الله منقوض، بما ثبت في البخاري نفسه في عدد من رواياته من الجمع بينهما في مسلم، وكذلك في البخاري جاء: (اللهم ربنا ولك الحمد) فهذا مما يستدرك.

    هذا الدعاء الذي ذكره أبو سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، يحتاج إلى شرح وبيان في معناه.

    معاني ألفاظ الحديث

    فأما قوله: (اللهم) فإن الميم هاهنا كما قال أهل اللغة هي بدل عن ياء النداء، فهي بمقام قوله: يا الله، (اللهم) معناها: يا الله، ولذلك لا يجمع بين الياء والميم، الأصل ألا يجمع بينهما، فإما أن يقول: يا الله، وإما أن يقول: اللهم.

    والجمع بينهما قليل أو نادر، ومنه قول الشاعر:

    إني إذا ما حدث ألم أقول يا اللهم يا اللهم

    وإلا فالأصل إما أن يقول: يا الله، وإما أن يقول: اللهم.

    (ربنا ولك الحمد) والحمد: هو الثناء على المحمود بإحسانه، الثناء على الله تعالى بإحسانه إلى خلقه، وإفضاله عليهم, وجوده وكرمه جل وعلا.

    وقوله: ( اللهم ربنا ولك الحمد، ملء السماوات، وملء الأرض -أو ملء السماوات والأرض- وملء ما شئت من شيء بعد )، يعني: أن هذا الحمد حمد كثير لا ينفد ولا ينقطع، بل هو ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء الله تعالى من أشياء، غير السماء، وغير الأرض.

    ثم قال: (أهل الثناء والمجد) و(أهل) هاهنا منصوب، فإما أن يكون منصوباً على النداء، يعني: يا أهل الثناء, ويكون حرف النداء محذوفاً، يعني: يا أهل الثناء.

    وقال بعضهم: إنه يمكن أن يكون مرفوعاً على الخبرية، فيكون خبراً لمبتدأ محذوف تقديره: أنت أهل الثناء والمجد، وكلاهما ممكن، والثناء: هو الوصف الجميل، والمجد: المقصود به العظمة والرفعة، فهذا هو المجد.

    وقوله: ( أحق ما قال العبد ) .. إلى آخر الحديث, هذا يحتمل معنيين:

    المعنى الأول: أن يكون المعنى: هذا الذكر الذي هو (اللهم ربنا ولك الحمد، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد) هذا الذكر هو أحق ما قاله العبد، وهذا المعنى بناء عليه يكون قولك: (أحق) ما إعرابه؟

    خبر للمبتدأ، يعني: هذا الكلام أحق ما قال العبد، والمبتدأ هنا محذوف، يعني: هذا أحق ما قاله، أو هذا الكلام أو نحو ذلك هو أحق ما قاله العبد، وهذا المعنى ذكره ابن الصلاح وغيره، ورجحه الصنعاني في سبل السلام، وبنى ترجيحه لهذا الوجه على أنه جاء في بعض روايات الحديث حذف ما بعد كلمة: (اللهم لا مانع لما أعطيت) حذفها, قال: فدل على أن الكلام في قوله: (اللهم لا مانع لما أعطيت)، كلام مستأنف جديد، يتم المعنى بدونه, فالمعنى الأول: أن قولنا: (اللهم ربنا ولك الحمد) هو أحق ما قاله العبد، وأحسن ما قاله, وأصوب ما قاله العبد؛ لما فيه من الثناء على الله تعالى بما هو أهل له, وحمده حمداً يملأ السماوات، ويملأ الأرضين، ويملأ ما بينهما, ويملأ ما شاء الله تعالى من شيء، هذا الوجه الأول.

    الوجه الثاني وهو أحسن وأقوى: أن يكون قولك: (أحق ما قال العبد) مبتدأ، وخبره الجملة من قوله: (اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت) فالمعنى أن هذا الثناء, وهذا الدعاء الذي هو (اللهم لا مانع لما أعطيت، ولما معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) هو (أحق ما قاله العبد)، وعلى هذا يكون قوله: (وكلنا لك عبد) جملة اعتراضية بين المبتدأ والخبر.

    وهذا الوجه الثاني هو أصح وأرجح، أن قولنا: (أحق ما قال عبد) مبتدأ خبره جملة: (اللهم لا مانع لما أعطيت) يعني: قولك: (اللهم لا مانع لما أعطيت) هو أحق وأصوب وأحسن ما قاله العبد؛ لما فيه من التفويض إلى الله تعالى أيضاً، والاعتراف له بالألوهية والربوبية، وأنه هو المعطي المانع، الضار، النافع، الخافض، الرافع، القابض، الباسط، وأنه لا يكون شيء في الكون إلا بإذنه سبحانه, كما أن فيه اعتراف العبد بذله وفقره وعبوديته وحاجته إلى الله تعالى.

    وقوله في الدعاء: ( اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت) هذا ظاهر معناه.

    ( ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) الجد: هو الحظ والغنى والنصيب والعظمة والسلطان، كل هذه معان للجد.

    والجد: بفتح الجيم، هو هذه المعاني، فيكون المعنى: أن صاحب الغنى, وصاحب المال، وصاحب الجاه، وصاحب السلطان، لا ينفعه يا رب منك ماله وغناه وسلطانه وجاهه، لا، إنما ينفعه عمله الصالح، لا ينفع ذا الجد منك الجد، لا، ينفع ذا الجد منك العمل الصالح، والتقوى، والبر، والإحسان.

    أما جده يعني: ماله وغناه، وسلطانه وملكه، ووزارته ورئاسته وإمارته لا تنفعه، بل قد تضره، هذا هو المعنى الأول.

    المعنى الثاني: بالكسر, وهو وجه ضعيف: ( ولا ينفع ذا الجِد منك الجِد ) والجد معروف في اللغة: هو الاجتهاد، تقول: إنسان صاحب جد، يعني: صاحب اجتهاد في عمله، وإن كان هذا الوجه ضعيفاً من حيث الرواية، ومن حيث اللغة أيضاً لهذا الموضع.

    وعلى رواية الكسر مع ضعفها، فإن المعنى يكون: لا ينفع ذا الاجتهاد منك اجتهاده؛ لأن الإنسان لا يدخل الجنة بعمله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل )، فإنما ينفعه رضا الله تعالى عنه، وقبول الله تعالى له، أما العمل بذاته فلا ينفع، وكما قيل:

    إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده

    وكما قلنا: الجد: هو الاجتهاد، فأول ما يجني عليه اجتهاده.

    قيل -وجه آخر في الجد بكسر الجيم-: أن المقصود الإسراع في الهرب، إنسان جد في الهرب جداً، يعني: أسرع في الهرب، فكأن المعنى: إذا هرب الإنسان منك، فإنه لا ينفعه هربه منك، فإنك تدركه حيث كان، ولا يستطيع الإنسان الفرار من ربه، فلا مفر من الله ولا ملجأ من الله تعالى إلا إليه، وقد قال مخلوق لمخلوق:

    فإنك كالليل الذي هو مدركي وإن خلت أن المنتأى عنك واسع

    هذا بالنسبة لمخلوق، فالله تعالى هو مالك السماوات والأرض، وما فيهن، وما بينهما، فلا مفر منه إلا إليه، ولا مهرب ولا ملجأ من الله تعالى إلا إليه، فلا ينفع الإنسان هربه إلا إلى الله؛ ولهذا قال: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ [الذاريات:40].

    فوائد الحديث

    في الحديث فوائد: منها: مشروعية هذا الدعاء، واستحباب أن يقوله العبد بعدما ينهض من ركوعه.

    ومنها: وجوب الاعتدال في القيام من الركوع.

    ومنها أيضاً: وجوب الطمأنينة بعد الرفع من الركوع؛ لأن الرفع الذي يقال فيه هذا الدعاء أو بعضه، لابد أن تكون فيه طمأنينة.

    وفيه: أن الإمام يجمع بين هذه المعاني، فيقول مع سمع الله لمن حمده: ربنا ولك الحمد.. إلى آخر الدعاء؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: سمع الله لمن حمده، كما هو معروف، وكما سبق في حديث أبي هريرة السابق، ثم يقول: ربنا ولك الحمد، كما ذكر أبو سعيد وابن عباس في هذا الحديث.

    فالإمام -وحال النبي عليه الصلاة والسلام تحمل على الإمامة- يجمع بينهما، وقد ذهب الإمام الشافعي رحمه الله إلى أن الجميع يجمعون بينهما، الإمام والمأموم والمنفرد, فيقول كلهم: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد.

    أما الجمهور فيذهبون إلى أن هذا ذكر الإمام والمنفرد، أما المأموم فلا يقول: سمع الله لمن حمده، ولكن يقول: ربنا ولك الحمد، بدليل حديث: ( وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد )، فإنه يدل على أن: سمع الله لمن حمده، ذكر للإمام، و: ربنا ولك الحمد، ذكر للمأموم، ودل الحديث على أن هذا الذكر يشترك فيه الإمام والمنفرد أيضاً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088932854

    عدد مرات الحفظ

    779985108