إسلام ويب

نجاة الأمة في التمسك بالسنةللشيخ : عبد الرحمن السديس

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إنه لا سعادة ولا حياة ولا نجاة إلا إذا عرفنا الطريق الحق الذي لا عوج فيه، وهذا الطريق لا يُعرف إلا من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فلا يدخل أحد الجنة ولا ينجو إلا من اعتصم بهديه وقرأ كتاب الله سبحانه وتعالى وعمل به.
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونثني عليه الخير كله، اللهم لك الحمد كما هديتنا للإسلام، ومننت علينا ببعثة خير الأنام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، نصب على ربوبيته أعظم الدلائل، وأقام على ألوهيته الآيات الجلائل، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله سيد الأواخر والأوائل، المبعوث بأكرم السجايا وأشرف الشمائل، صلى الله عليه وعلى آله أولي المكرمات والفضائل، وصحبه الذين أحبوه محبة تفوق محبة النفس والمال والولد والحلائل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وفي نصرة الحق يُجاهد ويناضل، وسلم تسليماً كثيراً.

    أما بعد:

    أيها المسلمون! حينما يتعاظم ركام الفتن في الأمة، وتخيم على سمائها الصافية غيوم الغمة، فيلتبس الحق بالباطل، وتخفى معالم الحق على كثيرٍ من أبناء الملة، ويختلط الهوى بالهدى، فإن تقوى الله سبحانه هي التي تنير طريق الهداية، ويُبدد نورها ظلمات الجهل والغواية، من وهبه الله التقوى فقد وهبه نوراً يمشي به على درب النجاة، في سلامة من المؤثرات العقدية والمنهجية، وفي بُعدٍ عن اللوثات الفكرية والسلوكية.

    ألا ما أحوج الأمة اليوم إلى أن تُعمر قلوب أبنائها بالتقوى واليقين، ليتحقق لها -بإذن الله- النصر والتمكين.

    معاشر المسلمين! قضيتنا الكبرى، التي يجب ألا تُنسى في جديد التحديات، وفي زخم الحوادث والمؤامرات؛ حيث إنها الركيزة العُظمى التي تُبنى عليها الأمجاد والحضارات، بل وتتحقق بها التطلعات والانتصارات، وتخرج بها الأمة من دوامة الصراعات؛ هي أننا أمة عقيدة إيمانية صافية، ورسالة عالمية سامية، أمة توحيد خالص لله، واتباع مطلق للحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه القضية الكبرى، هي حديث المناسبة وكل مناسبة، والتذكير فيها موضوع الساعة وكل ساعة إلى قيام الساعة، وإن خيرَ ما عُني به المسلمون، وتحدَّث عنه المصلحون: العقيدة الإيمانية، والسنة المحمدية، والسيرة النبوية.

    السنة النبوية خير مؤدب

    فهي للأجيال خير مربٍ ومؤدب، وللأمة أفضل معلم ومهذب، وليس هناك أمتع للمرء من التحدث عمن يحب، فكيف والمحبوب هو حبيب رب العالمين، وسيد الأولين والآخرين؟ فهو مِنَّةُ الله على البشرية، ورحمته على الإنسانية، ونعمته على الأمة الإسلامية، فبالله ثم بمحمد بن عبد الله قامت شرعة، وشيدت دولة، وصُنِعَت حضارة، وأسست ملة من ملل الهدى الغراء، بُنيت على التوحيد؛ وهي حقيقة نادى بها الحُكماء والعقلاء، وليس هناك أحد من البشر نال من الحب والتقدير ما ناله المصطفى صلى الله عليه وسلم، فباسمه تلهج ملايين الألسنة، وبذكره تهتز قلوب الملايين، ولكنَّ العبرةَ أن يتحول هذا الحب إلى محض اتباع دقيق، لكل ما جاء به عليه الصلاة والسلام، كما قال الحق -تبارك وتعالى- مبيناً معيار المحبة الصادقة: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31].

    الحاجة إلى معرفة السنة في عصر التغريب

    إخوة الإيمان! ولم تكن حاجة الأمة في عصر ما، إلى الاقتباس من مشكاة النبوة والسنة المباركة ومعرفة السيرة العطرة، معرفة اهتداء واقتداء؛ أشد إليها من هذا العصر الذي تقاذفت فيه الُأمةَ أمواجُ المحن، وتشابكت فيه حلقات الفتن، وغلبت فيه الأهواء، واستحكمت فيه الزعوم والآراء، وواجهت فيه الأمة ألواناً من التصدي السافر، والتحدي الماكر، والـتآمر الجائر من قبل أعداء الإسلام الذين رموه عن قوس واحدة.

    والذي تولى كبره منهم من لعنهم الله وغضب عليهم وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت؛ من اليهود المعتدين، والصهاينة الغاشمين، ويوالي مسيرتهم دعاة التثليث، وعبدة الصليب، ويشد أزرهم المفتونون بهم، المتأثرون بعفن أفكارهم، وسموم ثقافاتهم، من أهل العلمنة ودعاة التغريب.

    ويزداد الأسى حين يجهل كثير من أهل الإسلام حقائق دينهم، وجوهر عقيدتهم، ويسيرون مع التيارات الجارفة دون تمحيص ولا تحقيق، أو يُجمدون على موروثات مبتدعة دون تجلية ولا تدقيق، وقد صح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد } أخرجه مسلم في صحيحه .

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089011739

    عدد مرات الحفظ

    780569822