إسلام ويب

عولمة المرأةللشيخ : عبد الرحمن السديس

  •  التفريغ النصي الكامل
  • عولمة المرأة من الشعارات الزائفة التي تنتهك من خلالها حرمة المرأة بعد أن كانت مصونة في ظل الإسلام، وتستعبد بعد أن حررها الإسلام، وتباع بأرخص سعر وقد أغلاها الإسلام وأعلاها، ومنحها آدميتها التي سلبها منها بعض المنحرفين من البشر.

    فعلى المسلمين والمسلمات أن يحذروا من الخطر القادم المتمثل في التيارات التي تدعي تحرير المرأة، وإدراك أن المرأة فتنة وقد تصبح نكبة إذا تمكن الأعداء من استغلالها كما يريدون.

    الحمد لله خلقنا من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء، أحمده تعالى وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، أسبغ علينا من فضله نعماً وآلاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بحقه وثناء، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، أفضل الخليقة بهاءً وأعلاهم سناءً، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خيار هذه الأمة صفاءً ووفاءً، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم بعث الخلائق حساباً وجزاءً، وسلم تسليماً كثيرا.

    أما بعد:

    فيا أيها المسلمون والمسلمات: اتقوا الله تبارك وتعالى رب البريات، فإنها خير ذخر يدخر في الحياة وبعد الممات، وبها تحصل البركات، وتنال الكرامات، وترفع الدرجات، وتقال العثرات، وتكفر السيئات: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً [الطلاق:5].

    عباد الله! من محاسن ديننا الإسلامي الحنيف ومميزات شريعتنا الغراء أنها جاءت بالشمول والكمال، فلم تترك جانباً من جوانب الحياة إلا نظمته أحسن نظامٍ وأكمله، وأتقنه وأشمله، ولله الحكمة البالغة فيما يخلق ويختار: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14].معاشر المسلمين! ومن الجوانب الرئيسة التي تولاها الإسلام بالعناية والرعاية، وأحاطها بسياجٍ منيع من الصيانة والحماية، ورسم لها خير منهجٍ لما لها من الأهمية والمكانة الجانب المتعلق بالمرأة وشئونها، ومكانتها في المجتمع، ومسئوليتها في الأمة، وما لها من حقوق وما عليها من واجبات، كل ذلك لأنها اللبنة الكبرى، والنواة الأولى، والبنية الأقوى التي يرتكز عليها عمود الأسرة، وبناء المجتمع، وبالتالي نهضة الأمة، وإعلاء صرح حضارتها، ولأنها الأم الرءوم، والزوج الحنون، والأخت الكريمة، والبنت اللطيفة، بل هي المدرسة الحقيقية لإعداد الأجيال وصناعة الرجال.

    معاشر الإخوة والأخوات: لقد جاء الإسلام والمرأة مهضومة الحقوق، محل الشؤم والعقوق، مهيضة الجناح، محملة الجُناح، مسلوبة الكرامة، مهانة مزدراة، محل التشاؤم وسوء المعاملة، معدودة من سقط المتاع وأبخس السلع، تباع وتُشترى، توهب وتكترى، لا تملك ولا تورث، بل تقتل وتوأد بلا ذنبٍ ولا جريرة، فلما أشرق على المعمورة نور الإسلام بحكمته وعدله، رفع مكانتها، وأعلى شأنها، وأعاد لها كرامتها، ومنحها حقوقها، وألغى مسالك الجاهلية نحوها، واعتبرها شريكة للرجل، شقيقة له في الحياة، وقد ذكرها الله في كتابه الكريم مع الرجل في أكثر من موضع، يقول سبحانه: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى [آل عمران:195] ويقول عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى [الحجرات:13] ويقول جل وعلا: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [الأحزاب:35]

    وأوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم خيرا، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء خيراً ) ولـأحمد وأبي داود والترمذي عنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم ) وأعلن عليه الصلاة والسلام حقوقها، وواجباتها ومالها وما عليها في المجمع العظيم يوم عرفة في خطبة الوداع.

    المساواة الإسلامية بين الرجل والمرأة

    إخوة الإيمان: كما ضمن الإسلام للمرأة الكرامة الإنسانية، والحرية الشرعية، والأعمال الإسلامية، التي تتفق مع طبيعتها وأنوثتها، فيما لا يخالف نصاً من الكتاب والسنة، ولا يعارض قاعدة ومقصداً من مقاصد الشريعة الغراء، في محيط النساء المصون، كما ساوى بينها وبين الرجل في عدد من المجالات.

    إلا أن هذه المساواة قائمة على ميزان الشرع، ومقياس النقل الصحيح والعقل الصريح، فقد جعل الله لكل من الرجل والمرأة خصائص ومزايا ومقومات ليست للآخر، فأعطى الرجل قوة في جسده ليسعى ويكدح، ومنح المرأة العطف والحنان لتربية الأجيال وتنشئة الأبناء، وبناء الأسرة المسلمة.

    أمة الإسلام! أي شيءٍ بعد هذا التكريم تريده النساء؟ وأي شيء بعد هذه الرعاية والعناية تنشده بنات حواء؟ أيستبدلن الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ أيؤثرن حياة التبرج والسفور والتهتك والاختلاط على حياة الطهر والعفاف والحشمة؟ أيضربن بنصوص الكتاب والسنة الآمرة بالحجاب والعفة عرض الحائط، ويخدعن بالأذواق الماكرة والأصوات الناعقة، والأقلام الحاقدة، والدعايات المضللة، والكلمات المعسولة الخادعة التي تطالعنا بين الفينة والأخرى، وتثار بين حينٍ وآخر؟

    أيتركن التأسي بأمهات المؤمنين الطاهرات، وأعلام النساء الصالحات، ويقلدن الماجنات، ويتشبهن بالفاجرات.. عياذاً بالله؟!

    المكانة الحقيقية للمرأة في الإسلام

    أخواتي المسلمات! إنكن لن تبلغن كمالكن المنشود، وتعدن مجدكن المفقود، وتحققن أملكن المعقود، وطموحكن المشهود، إلا باتباع تعاليم الإسلام والوقوف عند حدود الشريعة، فذلك كفيلٌ أن يطبع في قلوبكن محبة الفضائل والتخلي عن الرذائل.

    أختي المسلمة الطاهرة العفيفة، الحرة الكريمة الشريفة! مكانك والله تُحمدي، وبيتك بالله تسعدي، وحجابك تالله تصلُحي، وعفافك ورب الكعبة تريحي وتستريحي: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33] يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59].

    أيتها الأخوات في الله! أنتن في الإسلام دررٌ مصونة، وجواهر مكنونة، أنفس لآلئ في أحكم صدف، وأغلى وأجل من كل الأثمان والتحف، وبغير الدين دمن في يد كل فاجر، وسلعٌ يتاجر بها..؛ بل يلعب بها ذئاب البشر الجائعة، وثعالبها الخادعة، فيهدرون عفتها وكرامتها، ثم يلفظونها لفظ النواة، ويرمونها رمي القذاه، فمتى خالفت المرأة آداب الإسلام، وتساهلت بالحجاب، وبرزت للرجال مزاحمة متعطرة، غاب ماؤها، وقل حياؤها، وذهب بهاؤها، فعظمت بها الفتنة، وحلت بها الشرور والنقمة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088985114

    عدد مرات الحفظ

    780372301