إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. سلمان العودة
  5. شرح بلوغ المرام
  6. شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب التيمم - حديث 139-140

شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب التيمم - حديث 139-140للشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • شرع في الإسلام التيمم بالتراب نظراً لعدم توفر الماء دائماً، وقد اختلف الفقهاء في كون التيمم مبيح لأداء العبادة فقط أو أنه رافع للحدث؛ قولان، لكنه خلاف لفظي كما اختلفوا في اشتراط التراب لصحة التيمم أو عدم اشتراطه، واختلفوا هل لفاقد الماء أن يجامع أهله أو لا، وكان لكل دليله.
    بسم الله الرحمن الرحيم

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد.

    بقي عندنا -كما أسلفت في الجلسة الماضية- مسألتان فقهيتان في حديث جابر وحديث حذيفة وحديث علي .

    المسألة الأولى: مسألة: هل التيمم مبيح أو رافع؟

    وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

    القول الأول: التيمم مبيح لا رافع، وأدلته

    الأول: أن التيمم مبيح لا رافع، يعني: يبيح لمن تيمم أن يصلي ويقرأ القرآن إن كان جنباً أو ما أشبه ذلك، لكن لا يرفع حدثه.

    وهذا مذهب الشافعي ورواية عن أحمد، بل نسبه النووي رحمه الله في المجموع لجمهور العلماء.

    واحتج أصحاب هذا القول بأدلة منها: ( قوله صلى الله عليه وسلم -في حديث عمران بن حصين - للرجل الذي كان جنباً فتيمم، فلما جاء الماء أعطاه وقال: خذ هذا فأفرغه عليك ). فقالوا: هذا دليل على أن الحدث باق بحاله حتى احتاج إلى أن يزيله بالماء، ( خذ هذا فأفرغه عليك ).

    ومنها: حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الصعيد طهور المؤمن وإن لم يجد الماء عشر سنين )، ومثله حديث أبي هريرة أيضاً: ( الصعيد وضوء المؤمن عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته ).

    فقالوا: كونه يجب عليه أن يغتسل بالماء إذا وجده دليل على أن حدثه لم يرتفع.

    ومن أدلتهم: ما رواه البخاري تعليقاً عن عمرو بن العاص : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في سرية وهي سرية أو غزوة ذات السلاسل قبل نجد، فأجنب في ليلة باردة فتيمم وصلى بأصحابه، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لـعمرو بن العاص : صليت بأصحابك وأنت جنب؟ فقال: يا رسول الله! ذكرت قول الله عز وجل: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ [النساء:29] فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم )، والحديث كما ذكرت رواه البخاري تعليقاً، بل رواه تعليقاً بصيغة التمريض قال: ويذكر. ورواه أبو داود وغيره بسند قوي كما يقول الحافظ ابن حجر، وإنما علقه البخاري بصيغة التمريض (ويذكر)؛ لأنه اختصره واقتصر على بعضه.. لم يذكره بتمامه، فالحديث صحيح.

    ووجه استدلالهم بهذا الحديث على أن التيمم مبيح لا رافع قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى عمرو بن العاص أو وصفه بأنه جنب قال: ( صليت بأصحابك وأنت جنب )، فقالوا: هذا دليل على أن التيمم لم يرفع جنابته، فوصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه جنب، وربما استدلوا بالإجماع على أن المحدث إذا لم يجد الماء أو لم يستطع أن يستعمله فيتيمم، ثم وجده بعد، أن عليه أن يستعمل الماء لرفع حدثه.

    فهذه خمسة أدلة: دليل عمران بن حصين، حديث أبي هريرة، حديث أبي ذر، حديث عمرو بن العاص، الإجماع على أن الجنب وغيره إذا تيمم ثم وجد الماء واستطاع أن يستعمله وجب عليه أن يستعمله ولو لم يتجدد حدثه، هذا هو القول الأول.

    القول الثاني: أن التيمم رافع للحدث

    أما القول الثاني فهو: أن التيمم رافع، يعني: يرفع الحدث، وهذا هو مذهب أبي حنيفة، ورواية أيضاً عن الإمام أحمد، ومالك، وإسحاق، وداود الظاهري وغيرهم، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

    ومن قالوا: بأن التيمم يرفع الحدث وليس يبيح العبادة احتجوا بعدة أدلة:

    منها قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ [المائدة:6].

    فقالوا: هذا دليل على أن التيمم مطهر مثل ما يطهر الماء بنص كتاب الله عز وجل.

    ومثله -وهو الدليل الثاني- قوله صلى الله عليه وسلم: ( وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً )، فقالوا: هذا دليل على أن التراب طهور للمتيمم كما أن الماء طهور له، فمن تطهر بالتراب لحاجة فهو كمن تطهر بالماء سواء بسواء، إلا أن طهارة التراب مؤقتة ما دام لا يستطيع أن يستعمل الماء؛ إما لفقده، أو لمرض، فهي بدل عن طهارة الماء.. تقوم مقامها، فهذا دليلهم الثاني.

    واستدلوا ثالثاً بما سبق من حديث عمرو بن العاص قالوا: لأن الله عز وجل بين في كتابه أنه لا يجوز للإنسان أن يقرب الصلاة وهو جنب إلا أن يغتسل، ومع ذلك أباح للجنب إذا تيمم لحاجة أن يصلي، فدل على أن التيمم يقوم مقام الغسل في رفع الحدث فيرتفع حدثه بذلك.

    وهذا القول بأن التيمم رافع وأنه مطهر هو الأقوى؛ ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فمن قال: إن المتيمم غير متطهر فقد خالف الكتاب والسنة، بل هو متطهر.

    ولعل الخلاف أيضاً نظري في هذه المسألة أكثر من كونه عملياً؛ لأن الجميع متفقون على أن المحدث إذا اضطر إلى استخدام التيمم بدل الماء، أو احتاج إليه إما لعدم الماء أو لمرض الرجل نفسه ثم وجد الماء، أنه يجب عليه أن يستعمل الماء، فمن ظن أن قولنا: إنه مبيح للصلاة والعبادة، يعني أن المانع موجود بحاله فقد أخطأ؛ لأن الجميع متفقون أن له أن يصلي ويقرأ القرآن إذا تيمم تيمماً شرعياً، فالذين قالوا: إنه مبيح قصدوا أنه مبيح للعبادة، وقصدوا أن التيمم يجعل المانع الذي هو الجنابة أو الحدث أخف، بحيث يصح له.. بل يجب عليه أن يصلي ما فرض عليه، وكذلك الذين قالوا: إن التيمم رافع، لا يقصدون أنه رافع مطلقاً، بل هم يقولون: رافع إلى أن يجد الماء، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته؛ وبذلك فإن الخلاف يعتبر في هذه المسألة نظرياً، ولم يكن معهوداً عن الصحابة والسلف الأولين فيما أعلم الجدل في هذه المسألة هل هو رافع أو مبيح؟ لأن المسألة لا تختلف، فنحن جميعاً نقول: إذا لم يستطع الإنسان استعمال الماء إما لمرض أو لعدم الماء، فإن الجميع متفقون.. إلا من سوف يأتي ذكره من الخلاف على أنه يتيمم ويصلي، فإذا وجد الماء اتفق الجميع على أنه يجب عليه أن يستعمله.

    ثم الخلاف بعد ذلك: هل هو مبيح أو رافع؟ أمر لا يترتب عليه كبير فائدة، إلا إن أراد البعض أن يربط بقولنا: إنه مبيح أو رافع أنه ينتقض بخروج الوقت، ولابد أن يكون بعد دخول الوقت، فهذا قد يقول البعض أنه متعلق بمسألة هل هو مبيح أو رافع؟

    وعلى كل حال فالصحيح أنه رافع للحدث إلى حين وجود الماء، وأن الإنسان يجوز له أن يتيمم قبل دخول الوقت ويصلي به ما شاء من فروض أو نوافل، ولا ينتقض تيممه إلا بأحد أمرين:

    الأول: إمكانية استعمال الماء بوجوده إن كان قد عدمه، أو بشفائه إن كان مريضاً.

    الثاني: الحدث يعني: نواقض الوضوء، فلا ينتقض تيممه إلا بنواقض الوضوء، أو بإمكانية استعمال الماء.

    هذه هي المسألة الأولى وهي تؤخذ من قوله: ( وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ).

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088925710

    عدد مرات الحفظ

    779923322