وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
وفيما يتعلق بأحاديث هذه الليلة، فإن المصنف رحمه الله بوب لها بقوله: باب الغسل وحكم الجنب، وأما الغسل فهو بضم الغين على المشهور، والغسل من الكلمات المثلثة فهو يقال: الغُسل والغَسل والغِسل بضم الغين وفتحها وكسرها.
فأما بضم الغين الغُسل فهو اسم للماء الذي يغتسل به، أو اسم للفعل أيضاً يعني الاغتسال.
وأما بالفتح الغَسل فهو اسم للاغتسال؛ اسم للفعل.
وأما بكسر العين الغِسل فهو ما يغسل به الرأس من خطمي أو سدر أو غيره.
فبناءً على هذا أقول: الاغتسال الذي هو تعميم البدن بالماء الفعل هل يقال بضم الغين أم بفتحها؟
الغسل الذي هو المصدر (الفعل) يقال بضم الغين وبفتحها، فيقال: الغُسل والغَسل، ولا وجه لتخطئة بعض من صنف في لحن الفقهاء، أنه خطأ الفقهاء لإطلاقهم الغسل عليه، فإنه يجوز فيه الضم والفتح، فيقال: الغُسل والغَسل.
وقول المصنف رحمه الله: (وحكم الجنب)، يعني: ما يلزم للجنب من الأحكام في الأكل والشرب والنوم ودخول المسجد وغير ذلك.
والحديث رواه أيضاً أبو داود، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما.
ومعنى قوله: (أقحطت) من القحط، يعني: إذا كسل الرجل عن الإنزال.
وقول المصنف رحمه الله هاهنا: وأصله في البخاري، يعني القصة والله أعلم، وإلا فاللفظ ليس فيه.
وهذا الحديث يدل بظاهره على أن الغسل إنما يجب بالإنزال، فهو يدل بظاهره على أن الغسل إنما يجب بالإنزال، فلو جامع الرجل امرأته ولم ينزل فإنه لا غسل عليه على حسب ما يقتضيه ظاهر هذا الحديث.
وورد للحديث أيضاً شواهد غير ما سبق عن رافع بن خديج عند الإمام أحمد في مسنده وغيره.
أقول: وإن ذهب هؤلاء إلى هذا إلا أنه مذهب ضعيف، وقد ثبت عن أكثر الذين نقل عنهم من الصحابة أنهم رجعوا عنه، كما ذكره الإمام أحمد فيما رواه عنه الأثرم وغيره، ولذلك أعل الإمام أحمد الحديث الذي فيه أن عثمان، وعلياً، وأبياً، وطلحة، والزبير يقولون بذلك .. أعله لأنه ثبت عنهم خلاف هذا، ولكن لا مانع أن يقال: إنهم كانوا يقولون بهذا في أول أمرهم، فلما اطلعوا على الدليل الآخر رجعوا عن قولهم، وصاروا يقولون بمذهب الجمهور، والجمهور يقولون بأن الغسل يجب بالإيلاج، فإذا أولج الزوج حشفته في فرج زوجته وجب عليه الغسل ولو لم ينزل، كما سيأتي في الحديث الذي بعده، فجوابهم عن هذا الحديث بأحد وجهين:
الأول وهو المشهور عند كافة العلماء: أن حديث أبي سعيد هذا منسوخ بحديث أبي هريرة وعائشة وغيرهما، التي توجب الغسل بمجرد الإيلاج ولو لم يحصل إنزال.
ومما يؤيد القول بالنسخ ما رواه أبو داود والترمذي وصححه، وابن ماجه وأحمد وغيرهم، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: ( إن الفتيا التي كانوا يقولون إنما الماء من الماء كانت رخصة رخص بها النبي صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام، ثم أمرنا بعد بالاغتسال )، يعني: بالاغتسال من التقاء الختانين ولو لم يحصل إنزال، وحديث أبي هذا هو صريح في النسخ، وقد رواه من ذكرت، وصححه الترمذي، وقال الإسماعيلي: هو صحيح على شرط البخاري، وتعقبه الحافظ ابن حجر بأن الحديث فيه علة لا تجعله صحيحاً على شرطه، ولكنه قال بعد ذلك: وفي الجملة فالإسناد صالح لأن يحتج به.
فحديث أبي هذا وهو مما يصلح أن يقال: إنه حديث حسن صريح في نسخ حديث أبي سعيد، وبذلك قال الجمهور من أهل العلم: إنه منسوخ.
الطريقة الثانية في الجواب على هذا الحديث هي: طريقة عبد الله بن عباس رضي الله عنه، فيما رواه عنه الطبراني وابن أبي شيبة وغيرهما بإسناد فيه ضعف، أنه كان يقول: إن ذلك في الاحتلام، يعني: ( إنما الماء من الماء ) خاص بحال الاحتلام، وإذا كان في حال الاحتلام فيكون معنى الحديث على مذهب ابن عباس رضي الله عنه أن الإنسان لو رأى في المنام أنه يجامع أهله مثلاً، ثم استيقظ ولم يجد بللاً ولم يخرج منه شيء لا يجب عليه الغسل، وهذا إجماع من أهل العلم على أن الإنسان لو رأى في المنام أنه يجامع، ثم استيقظ ولم يجد بللاً في بدنه ولا في سراويله، أنه لا غسل عليه في هذه الحال.
وعلى الضد من ذلك لو استيقظ فلم يذكر احتلاماً ولكنه وجد في ثيابه منياً وجب عليه أن يغتسل، وهذا أيضاً بالاتفاق، لم يخالف فيه إلا إبراهيم النخعي، وقوله قول شاذ مطرح في هذا، ولذلك قال الإمام النووي في المجموع وغيره: إن ما ينسب إلى النخعي لعله لا يصح عنه، ولو صح فهو محجوج بالأحاديث، فكأنه ضعف هذا القول.
ولكن الحافظ ابن حجر رحمه الله ذكر في فتح الباري هذا القول، وقال: إنه رواه ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي بسند صحيح، فيقال: كل قول خالف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو قول مردود وكما قيل:
دعوا كل قول عند قول محمد فما آمن في دينه كمخاطر
فإذا جاء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بطل كل قول، ولو صح عن إبراهيم النخعي، وهو قول شاذ مخالف للإجماع قبله، فبذلك علم أن الماء من الماء يصلح أن يكون في حال الاحتلام؛ لأن الإنسان إن وجد بللاً ومنياً اغتسل، وإن لم يجد فلا غسل عليه، ولو تذكر أنه كان يجامع في نومه، فهذا رأي ابن عباس في الحديث.
وبناءً على هذا الرأي يكون الحديث باقياً على أصله غير منسوخ، لكنه مخصص، ويمكن الجمع والله أعلم بين قول الجمهور ومذهب ابن عباس فيقال: إن مذهب الجمهور الذين قالوا بالنسخ، قد يقصد به النسخ عند السلف، الذي يدخل فيه التخصيص والاستثناء وما شابه ذلك، فتكون الأحاديث الأخرى -كحديث أبي هريرة وعائشة في أن الغسل يجب بالتقاء الختانين- مخصصة لحديث أبي سعيد، ويبقى حديث أبي سعيد في مجال الاحتلام، أنه إذا احتلم فنقول له: الماء من الماء، إن رأيت ماء تغتسل، وإن لم تر ماء لا تغتسل، أما في اليقظة فحكمه منسوخ أو مخصص، أنه في حال اليقظة يجب الغسل بالإيلاج ولو لم ينزل.
وابن عباس لا يقول: إن عتبان كان في حالة الاحتلام، إنما يقول: إن الحديث مخصوص بحال الاحتلام، وذكرت في الجمع بين القولين أن النسخ عند السلف يدخل فيه التخصيص والاستثناء، فلا يمنع أن يكون سبب الحديث في الأصل عام، سبب الحديث في حال اليقظة، وأصل الحديث في أول الإسلام عام وهذا شيء مؤكد، أنه في أول الإسلام كان الغسل من الإنزال، هذا شيء حتى ابن عباس منقول عنه، فنسخ الحكم فيما يتعلق بحال اليقظة إذا جامع الرجل زوجته، وبقي الحكم في حال الاحتلام غير منسوخ.
وهذا هو الحديث الأول..
وقد أحسن المصنف رحمه الله صنعاً حين أعقب الحديث الأول بالحديث الآخر وهو حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه: ( إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل )، للإشارة إلى أن حكم الحديث الأول منسوخ أو مخصص، وأن الإنسان في حالة اليقظة يجب أن يغتسل من الإيلاج ولو لم يحصل إنزال، فثنى المصنف بحديث أبي هريرة : ( إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل).
ومنها حديث عن عتبان بن مالك نفسه صاحب القصة عند الإمام أحمد أيضاً.
ومنها حديث أنس بن مالك عند ابن شاهين، وقد ذكر الحافظ ابن حجر أن ابن شاهين جمع طرق هذا الحديث ثم الحازمي، يعني جمعوها في مصنف، والله أعلم.
( بين شعبها ) الضمير يعود إلى المرأة، وهي أيضاً لم يسبق لها ذكر، لكن أعاد الضمير عليها؛ لأن الضمير معروف المرجع.
والشعب: جمع شعبة، وهي القطعة من الشيء، وورد في بعض الروايات: ( بين أشعبها ) وإذا ثبتت هذه الرواية فالأشعب لعلها جمع الجمع، تكون جمعاً للشعب.
و شعب المرأة: هي يداها ورجلاها، أو رجلاها وفخذاها، أو ساقاها وفخذاها، أو جوانب فرجها الأربع.
وقد رجح الإمام ابن دقيق العيد أن المقصود بشعبها الأربع: يداها ورجلاها، وأن ذلك كناية عن الجماع، وهو معروف، وعلى أي حال فالمقصود بالحديث: الكناية عن الجماع.
وقوله عليه الصلاة والسلام: ( ثم جهدها ) وعند مسلم ( ثم اجتهد ) يعني: هذا أيضاً من الجهد وهو التعب في معاناة الجماع والإيلاج.
إنما كما يقول الإمام ابن عبد البر : وقد نقل أن بعض الناس حكوا الإجماع، فانتقد حكاية الإجماع، وقال: ولكن هذا قول الجمهور الذين إجماعهم حجة على غيرهم.. إلى آخر ما قال رحمه الله.
فحكاية الإجماع هذه لا تصح، ولكنه رأي الجمهور، فنسب للخلفاء الأربعة وجمهور الصحابة وعامة الفقهاء بما في ذلك ابن حزم كما في المحلى، خلافاً لمن نسب هذا القول للظاهرية مطلقاً؛ فإن داود يقول كما سبق: بأن الغسل لا يجب إلا بالإنزال. أما ابن حزم فإنه يقول كقول الجمهور: إن الغسل يجب بالإيلاج.
وحجة أصحاب هذا القول: حديث أبي هريرة هذا: ( إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل ) ولم يذكر الإنزال.
ومما يقوي الاستدلال به: لفظ مسلم في قوله: ( وإن لم ينزل )، فإنه صريح في أن الغسل واجب بمجرد الإيلاج ولو لم يحصل إنزال.
منها: ما رواه مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: (أن رهطاً من الأنصار ورهطاً من المهاجرين اختلفوا في هذه المسألة، فقال الأنصاريون: لا يجب الغسل إلا بالإنزال. وقال المهاجرون: يجب الغسل ولو لم يكن إنزال. فقال أبو موسى الأشعري عائشة
وفي مسلم أيضاً عن عائشة رضي الله عنها: ( أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ولم ينزل، فكانت عائشة
هذا هو الحكم المأخوذ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه.
إذا نظرنا إلى لفظ الحديث ( الماء من الماء )، يمكن أن يقال: هذا دليل على أن من أنزل المني بالشروط المعروفة يعني: أنزله بشهوة، فإنه يجب عليه الغسل، وهذا لا خلاف فيه كما سبق أنه يجب عليه الغسل، ولكن إذا نظرنا إلى سبب الحديث فقد يقال: بأن الحديث قال من قال بأنه منسوخ، وسبق أن ذكرت أن القول بنسخه ليس بلازم، فيمكن أن يبقى الحديث دليلاً على وجوب الغسل من الإنزال، سواء كان الإنزال بجماع أو بغيره في يقظة أو في منام، ويكون ما استدلوا به على أن الحديث يدل على أنه لا غسل من الإيلاج، هذا الحكم يكون منسوخاً لما سبق من الأحاديث.
كيف يرد الحصر؟
نقول: المنسوخ هو الحصر، الآن الحديث في أصله: ( إنما الماء من الماء ) يدل على عموم، منها أن الغسل لا يجب بالإيلاج إنما يجب بالإنزال، ومنها أن الإنزال يوجب الغسل ولو من غير جماع، سواء في اليقظة أو في المنام.
فنقول: الحكم الأول وهو: أن الإيلاج لا يوجب الغسل، وهو المفهوم من الحديث، ويدل عليه السبب والألفاظ الأخرى في قوله: ( إنما عليك الوضوء )، هذا الحكم منسوخ، أو قل هذا الجزء منسوخ للأحاديث الأخرى.
بقية الحديث الدال على أن من أنزل المني في حال اليقظة من غير جماع وجب عليه الغسل، أو من أنزله في حال احتلام ولو لم يذكر احتلاماً فعليه الغسل أيضاً، فيكون هذا نوعاً من تخصيص الحكم، في نظري أن هذا وجيه ولا يؤثر عليه وجود الحصر في الحديث ( إنما الماء من الماء ).
قال المصنف: متفق عليه وذكر زيادة مسلم : أن أم سلمة قالت: ( وهل يكون ذلك يا رسول الله!؟ قال: نعم. فمن أين يكون الشبه؟ ).
والظاهر -والله أعلم- أنه عن أنس من أفراد مسلم رحمه الله، وقد راجعت المخطوط فوجدته في مخطوطة المكتبة المحمودية في المدينة المنورة، قال: وعن أبي هريرة، بدلاً من قوله هنا: وعن أنس، قال: وعن أبي هريرة .
وهذا أيضاً يبدو لي أنه وهم من النساخ، فليس لذكر أبي هريرة وجه هاهنا، ولذلك في الهامش قال: وعن أنس ووضع عليها علامة صح، يعني أنه عن أنس وليس عن أبي هريرة، فلعل هذا وهم فيما ظهر لي والله أعلم.
وإنما الحديث متفق عليه من رواية زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها: ( أن أم سليم
وأما ما وقع فيه بعض أهل العلم كـابن حجر رحمه الله في الفتح، والشوكاني في نيل الأوطار، من تأويل هذه الصفة فغلط مخالف لما عليه السلف من إثبات هذه الصفات، وإمرارها دون تكييف، وإثباتها على الوجه الذي يليق بالله تعالى.
وقد اعترضت عليها عائشة رضي الله عنها وأم سلمة، فأما أم سلمة فذكر المصنف قولها: ( ويكون ذلك يا رسول الله؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم فمن أين يكون الشبه؟ )، يعني: أن وجود ماء للمرأة ثابت؛ ولذلك تجد أن الصبي أحياناً يكون شبهه إلى أمه، وأحياناً يكون شبهه إلى أبيه، فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة غلب شبهه عليها، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل غلب شبهها عليه، وهذا ورد في صحيح مسلم أيضاً من حديث ثوبان في كتاب الحيض، في قصة اليهودي الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد اعترضت أم سلمة أيضاً وعائشة على أم سليم في مثل هذا الأمر الذي يختص بالنساء، حتى قالت لها عائشة: (تربت يداك، فضحت النساء يا أم سليم!) (تربت يداك) وهذا دعاء عليها، (فضحت النساء) يعني: أخبرت بأمر من خواصهن لا ينبغي أن يشهر ويشاع، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: بل أنت، تربت يداك، يعني: عائشة، وهذه الكلمة لا يراد بها حقيقة معناها، إنما هي من الكلمات الجارية على ألسنة الناس.
وبعض الناس أو بعض أهل العلم ضعفوا بعض هذه الاعتراضات، ولكن الصحيح الذي صححه الذهلي، وأبو داود، وابن حجر، والنووي، وغيرهم أن الاعتراض حصل من كل منهما، ولا يمنع أن تكون عائشة رضي الله عنها وأم سلمة كانتا في المجلس، فاعترضت كل منهما على هذا ورد عليها النبي صلى الله عليه وسلم، أما أنس فالظاهر أنه لم يكن حاضراً في ذلك المجلس -والله تعالى أعلم- فيكون هذا من مراسيل الصحابة، وهي رواية أنس عند مسلم .
أما حديث أم سلمة كما في صحيح البخاري ومسلم فهو ظاهر أنها كانت حاضرة كما سلف من اعتراضها رضي الله عنها، والحديث دليل على أن المرأة تحتلم كما يحتلم الرجل، وهذا أمر يتصور أن يقع من كل امرأة، لكن هل هو في النساء أكثر أو في الرجال أكثر، فهذه مسألة لا يوجد عليها دليل من الشرع، بل ربما يكون هذا الدليل دليلاً على أنها في النساء أقل منها في الرجال، وأن قول أم سلمة : (وهل يكون هذا) قد يدل على أنه ليس مشهوراً عند النساء، بل هو ظاهر في أن هذا الأمر ليس مشهوراً -والله أعلم- عند النساء، ولكنه متصور أن يقع من أي امرأة، وهو ثابت الوقوع، وقد ورد عن غير أم سليم أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم، فورد هذا السؤال عن سهلة بنت سهيل رضي الله عنها عند الطبراني، وورد عن بسرة بنت صفوان رضي الله عنها عند ابن أبي شيبة، وورد عن خولة بنت حكيم عند أبي داود، والنسائي، وابن ماجه وغيرهم، فهذه كلها شواهد لما سبق.
بقي في زيادة مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: ( فمن أين يكون الشبه؟ ).
قال أهل العلم: (الشبه) في ضبطه وجهان: الأول بفتح الشين والباء الشَبَه، وهذا المشهور.
الوجه الثاني: هو بكسر الشين وسكون الباء فمن أين يكون الشِبْه؟ يعني نزع الولد إلى أبيه أو نزع الولد إلى أمه.
والحديث دليل أيضاً لما سبق في مسألة الاحتلام وأنه يجب برؤية الماء؛ لأنه علق وجود الغسل برؤية الماء، وهذا ليس خاصاً بالمرأة بل هو عام لها وللرجل، وسبق الكلام في موضوع الاحتلام ووجوب الاغتسال منه برؤية الماء عند كافة أهل العلم من الخلف والسلف رضي الله عنهم أجمعين.
في بعض طبعات الكتاب لما ذكر حديث أبي هريرة قال: وعن أم سلمة : ( أن
هذا الحديث ليس موجوداً في الطبعة التي علق عليها الشيخ محمد حامد الفقي، وليس موجوداً أيضاً في المخطوطتين اللتين راجعتهما فهو زيادة، ولعله في بعض النسخ، ولكن في هذه النسخة أيضاً قال: وعن أنس : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل: تغتسل )، متفق عليه، زاد مسلم فقالت أم سلمة : ( وهل يكون هذا؟ قال: نعم. فمن أين يكون الشبه؟ )، فيكون عزو الحديث إلى المتفق عليه من طريق أنس موجود في النسختين، وهذا ذكرت أن فيه نظراً، وأما الحديث الزائد هذا حديث أم سليم فليس في المخطوطتين، ولكنني ذكرته ضمن شرح حديث أنس رضي الله عنه.
الجواب: هذا صحيح، يعني: لو لم يثبت النسخ لقيل بأن حديث أبي هريرة وعائشة مقدم على حديث أبي سعيد ؛ لأن حديث أبي هريرة وعائشة منطوق، وحديث أبي سعيد مفهوم، والقاعدة كما سبق أن المنطوق مقدم على المفهوم.
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر