إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. سلمان العودة
  5. شرح بلوغ المرام
  6. شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الآنية - حديث 17-19

شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الآنية - حديث 17-19للشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • جاءت الأدلة الصحيحة من السنة النبوية بتحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة، والوعيد على من فعل ذلك بالعذاب الشديد، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم العلة في ذلك بأنها للكفار في الدنيا ولنا -إن شاء الله- في الآخرة، وكما يحرم استعمالها في الأكل والشرب يحرم كذلك استعمالها في غير ذلك كالوضوء فيها، أو اتخاذها للزينة ونحو ذلك لاتحاد العلة.
    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد, وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    في الأسبوع الماضي انتهينا تقريباً من الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: ( ما أبين من البهيمة -أو ما قطع من البهيمة- وهي حية فهو ميت، أو فهو ميتة ).

    وبقي مسألة واحدة عرضتها في آخر الدرس الماضي, ونبدأ بها الآن إن شاء الله, ألا وهي حكم الميتة, هل هي نجسة أم لا؟ وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم حين حكم بما قطع من البهيمة وهي حية بأنه ميت، أراد إلحاق هذا المقطوع من البهيمة بحكم الميتة في تحريم الأكل بلا شك, كما هو ظاهر من سبب الحديث, وفي غيرها من الأحكام أيضاً.

    وما دام أن الأكل من الميتة حرام بالإجماع كما سلف, فيبقى السؤال: هل الميتة نجسة كلها أم في ذلك تفصيل؟ والجواب أنه يمكن تقسيم الميتة إلى قسمين:

    الأول: الأشياء الرطبة منها, كاللحم ونحوه, فهذه نجسة بالإجماع, ولم أقف على أحد من الفقهاء ذكر في هذه المسألة خلافاً, أن لحم الميتة، والمقصود بطبيعة الحال ميتة البر لا ميتة البحر, ويخرج من ذلك أيضاً كما سبق ما لا نفس له سائلة, فهذا كله معروف, فلحم الميتة نجس بالإجماع فيما قرأت واطلعت عليه. ‏

    أما الأشياء الصلبة من الميتة ففيها ثلاثة أقوال:

    القول الأول: أنها نجسة كلها, وهذا مذهب الشافعي , وهو رواية مشهورة في مذهب الإمام أحمد , والأشياء الصلبة معروفة مثل: القرن, العظم, الظلف, الشعر, ونحوه, فعلى مذهب الإمام الشافعي أن جميع هذه الأشياء نجسة.

    والقول الثاني: هو مذهب الإمام أبي حنيفة ورواية عن أحمد ومالك أنها طاهرة كلها, وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ونسبه إلى جمهور السلف, قال: وهو قول جمهور السلف.

    القول الثالث: التفصيل, فقالوا: الشعر والوبر والصوف والريش هذه الأربع طاهرة, وأما السن والعظم والظلف والظفر ونحوها فهي نجسة, السن والعظم والظلف والظفر, وكذلك القرن نجسة. وهذا هو مذهب الإمام مالك في المشهور عنه، ورواية عن الإمام أحمد .

    هذه ثلاثة أقوال في الأشياء الصلبة أو اليابسة من الميتة, ولكل قول من هذه الأقوال مأخذ واستدلال.

    والذي يترجح والله أعلم هو القول الثاني بطهارة هذه الأشياء, وذلك للأدلة التالية:

    أولاً: لأنه الأصل, فقد سبق أن الأصل في الأعيان الطهارة, والقول بالنجاسة يفتقر إلى دليل صريح صحيح.

    وثانياً: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في الحديث المتفق عليه: ( إنما حرم من الميتة أكلها). وسيأتي هذا الحديث في درس قادم إن شاء الله, ( إنما حرم من الميتة أكلها). وكما هو معلوم فإن (إنما) تسمى أداة حصر, فحصر التحريم في الأكل, ( إنما حرم من الميتة أكلها). ومعلوم أن الأكل لا يتناول هذه الأشياء التي وقع فيها الاختلاف غالباً.

    واستدل أيضاً من قالوا بأن هذه الأشياء طاهرة وليست نجسة: بأن هذه الأشياء ليست تحلها الحياة المطلقة, لا تحلها الحياة المطلقة التي تتميز بالنمو والتحرك بالإرادة, فهي لا تتحرك إلا تبعاً, فلا يقال عنها: إنها ميتة بالإطلاق, ولذلك سبق في الدرس الماضي أن ما جز من البهيمة وهي حية من الشعر ونحوه فهو طاهر وجائز الاستعمال, بل نقل بعض أهل العلم الإجماع على هذا, ومثله ما هو معروف في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، من أنهم كانوا يأخذون شعرات النبي صلى الله عليه وسلم فيضعونها عندهم ويتبركون بها, فدل هذا على أنها طاهرة، سواء كانت من إنسان أو غيره, فهذه الأشياء لا تنجس بالموت, بل تبقى طاهرة. ولهم مآخذ وأدلة أخرى غير هذه.

    أما ما استدل به الآخرون من تحريم الميتة, كما في قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3] فظاهر أنه لا يدل على النجاسة, إنما يدل على تحريم أكلها كما ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام: ( إنما حرم من الميتة أكلها). وإن كان الشعر والقرن يعتبر من الميتة تبعاً, فالإنسان يشير مثلاً إلى حيوان ميت في شعره وظفره وقرنه ويقول: هذه ميتة. تبعاً, لكن لا يلزم من ذلك أن تشترك في الحكم, وهو النجاسة.

    هذه خلاصة آراء أهل العلم في الميتة, وهي أن الأشياء الرطبة نجسة إجماعاً, أما اليابسة ففيها ثلاثة أقوال, أولاها وأصحها القول بطهارتها. هذا المسألة المتبقية من الحديث السابق.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088935559

    عدد مرات الحفظ

    780005885