والإجارة تطلق على المصدر يعني التأجير، وتطلق على الأجرة وهو العوض الذي يبذل.
والمقصود بالإجارة هي: منفعة على عوض.
وإن اختلفت عبارات الفقهاء من المذاهب فيها، إلا أن خلاصة الأمر أن المقصود بالإجارة: هي المنفعة على عوض. يعني: أن تأخذ منفعة، وهي خلاف الشراء، فالشراء هو أخذ الشيء بمقابل، يعني: أنه نوع من التملك، أما الإجارة فليست حصولاً على الشيء، وإنما هي انتفاع به بسكن أو لبس أو ركوب أو عمل معين مقابل عوض يدفعه، هذا العوض هو الأجرة أو الأجر.
أما في القرآن الكريم فجاءت تقريباً في ثلاثة مواضع:
قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ [القصص:27]، فهذه إجارة، يعني: تشتغل عندي ثمان سنوات وإن أتممت عشراً فمن عندك مقابل أن تكون الأجرة والعوض هي أن يزوجه إحدى ابنتيه، هذا موضع، وقد حصل لنبيه.
والثاني بنفس السياق: قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص:26].
الثاني: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ [الطلاق:6] يعني: المطلقات، فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [الطلاق:6]، وهذا دليل على استئجار المرأة المطلقة لإرضاع ولدها.
الموضع الثالث: قوله سبحانه: قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا [الكهف:77]، وهذا قلما رأيت من أشار إليه في قصة موسى والخضر : قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا [الكهف:77]، يعني: لو قمت ببناء الجدار مقابل أجرة.
إذاً: أن يأتيك شخص عنده بيت مهدوم أو جدار مهدوم يقول: ابن لي البيت مقابل مائة ريال، فهذه إجارة، فالمنفعة هي بناء الجدار، والأجرة هي المبلغ المحدد.
وأما السنة فالنصوص أكثر من أن تذكر، لكن منها مثلاً ما رواه البخاري في صحيحه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر هو و
وأما الإجماع فقد نقل كما نقل ابن قدامة وابن المنذر وابن عبد البر .. وغيرهم إجماع العلماء على جواز الإجارة في الجملة، وإن كان في المسألة خلاف يسير لا أرى الاشتغال به؛ لأنه خلاف لأحد فقهاء المعتزلة وخلاف آخر لأحد فقهاء الظاهرية، وهو خلاف مردود؛ لأن كل من قرأ الشريعة أو رأى الواقع علم أن الإجارة مثل البيع مما لا يمكن أن تقوم حياة الناس إلا بها.
إذاً: هذا ما يتعلق بتعريف الإجارة وأصل مشروعيتها.
مثلما ذكرنا، وذلك مثل أن يؤجره بيتاً يسكنه، أو سيارة يركبها، أو ثوباً يخيطه.. أو ما أشبه ذلك من المصالح، وقد تكون الإجارة على عين مثل: أن يؤجره المزرعة أو البيت أو الشقة أو الغرفة في الفندق، أو أن تكون الإجارة على عمل، مثل: أن يستأجره لرعي الغنم، أو لسقي الأشجار، أو لقيادة السيارة، أو للخدمة.. أو لغير ذلك من الأشياء.
يعني: إذا أبرم هذا العقد بين طرفين فهو عقد واجب لازم، لا يملك أي واحد منهما أن يقول: إنه قد تنازل عن هذا العقد، إلا أن يقيله الآخر، فهي مثل عقد البيع، وهنا نقول: إذا كانت مثل عقد البيع في كثير من أمورها فلا مانع أن نقول: إن الخيار يجري فيها سواءً كان ذلك خيار الزمن أو خيار العيب لو وجد في المعقود عليه عيباً، إنما لو قال: وأنا استأجرت البيت لكن أعطني فرصة ثلاثة أيام أعطيك الكلام النهائي، يكون هذا جائزاً أو ليس بجائز؟ جائز لا بأس به مثلما هو جائز في البيع.
فلو مات المستأجر فإن ورثته يملكون العقد من بعده، أو جُنّ فكذلك، فيكون العقد ماضياً.
لو استأجر بيتاً لمدة عام وسكن فيه هو وذريته، ثم مات أثناء العام أو جُنّ، هل يأتي صاحب البيت ويقول: اخرجوا لأن الذي تولى العقد مات؟ كلا، فنقول: العقد باق إلى نهايته على مذهب جمهور العلماء، وهو الصحيح. فهو في ذلك مثل البيع.
يعني: لو تلفت العين التي عُقد عليها من غير تعد منه، كأن تلفت بآفة سماوية أو بشيء من الله سبحانه وتعالى فنفقت الدابة التي استأجرها أو السيارة، أو انهدم البيت في المطر فهنا ينفسخ العقد؛ لأن العين المعقود عليها تلفت ولا يمكن استيفاء المنفعة منها؛ لأن أصل الإجارة عقد -كما قلنا- على منفعة، وهذه المنفعة لما جرى العقد كانت موجودة أو غير موجودة؟
ليست موجودة؛ لأنه سوف يسكن البيت لمدة سنة وأعطاه الأجرة على هذا؛ ولهذا جمهور الفقهاء يرون أن عقد الإجارة خلاف القياس؛ لماذا؟ قالوا: لأنه عقد على شيء معدوم غير موجود.
بينما ذهب جماعة منهم ابن تيمية رحمه الله وابن القيم إلى أن الإجارة عقد على وفق القياس، وإن كانت عقداً على معدوم، لكن هذا المعدوم محدد ومنضبط وممكن الحصول عليه.
ولذلك نقول: حتى البيع ليس كل معدوم لا يحل بيعه كما سبق.
إذاً: المقصود أن الإجارة تنفسخ إذا تلفت العين أو لم يمكن استيفاء المنفعة منها، كما إذا انهدمت الدار مثلاً أو ما أشبه ذلك.
يعني: لو أن الإنسان استأجر بيتاً أو سيارة، وبعدما عقد العقد وجد أن هذه السيارة حدث فيها عيب ليس بسببه، فأصبح للمكينة صوت مزعج ولا يمكن أن يسير بها، في هذه الحالة له حق أن يفسخ العقد وإن كان العقد في الأصل لازماً؛ لوجود خلل في المؤجَّر عليه، ومن باب أولى لو كان العيب قديماً ولكنه لم يكتشفه؛ لأن السيارة مثلاً مغشوشة وبعدما أخذها اكتشف أن فيها عيباً قديماً لم يتم إظهاره له، فله حينئذ أن يفسخ العقد.
كما ذكرنا، لأنه: كما أن البيع لا يكون إلا على شيء معلوم، فكذلك الإجارة لا تصح إلا على نفع معلوم.
والعلم يكون بأحد أمرين: إما يكون العلم بالوصف، بأن يصف له هذا الشيء وكيف يمكن أن ينتفع به.
أو يكون بالعرف، كما إذا قال: أستأجر منك البيت لمدة سنة، فإنه يعرف ما معنى الاستئجار، أو لو أتى إلى فندق مثلاً وطلب استئجار غرفة فهو يعلم المرافق والخدمات، والأشياء التي تخصه، والأشياء التي هي تابعة للأجرة، والأشياء التي ليست تابعة للأجرة، فهذا يعرف بالعرف أحياناً، فقد يكون هناك بعض الاعتبارات تختلف من مجتمع ومن بيئة إلى أخرى، فلا بد أن تكون الإجارة على نفع معلوم؛ إما بالعرف أو بالوصف كما ذكرنا.
يعني: ضبط المنفعة الموجودة في الإجارة يكون من خلال الصفات، وأيضاً معرفة الأجرة أو مقدار الأجرة، فإن وقعت الأجرة على عين فلا بد من معرفتها، كالأجرة على هذا البيت وهو عبارة عن دورين بناء مسلَّح، وله مرافق وملحقات معينة قد توصف وصفاً منضبطاً، ويتحقق بذلك العقد، أو يراها بعينة، فالأمر سيَّان، لو دخل البيت ورآه هذا كافي، لكن لو ما رآه وقالوا: البيت هذه مواصفاته وهذه أطواله وهذه مرافقه، أيضاً هذا يكفي ولو لم يقف عليها، فلا بد من معرفتها.
يعني: لو أنه استأجر بيتاً هل يجوز له أن يجعل غيره أو يؤجِّر غيره في هذا البيت أو لا يجوز؟
نقول: الصواب أنه يجوز، إذا كان المستأجر سوف يكون عمله في البيت مثل عمل المستأجر الأصلي، يعني سوف يسكنه، ولا يؤثر الأشياء التافهة.
أنا أذكر أنني سكنت في الرياض في بيت تملكه عجوز، فولِد لي طفل صغير وأنا في ذلك البيت، فجاءت إلينا وهي تتجمَّل بطيب القول وقالت: ما عليك، حتى هذا الطفل الصغير تراه يدخل في العقد، وأهلاً وسهلاً، والخير والبركة.
فقضية أنه يفسخ العقد يقول: أولادكم كثرة، هذا يصح أو ما يصح؟
لا ما يصح، لو أنهم مثل الأرانب يا شيخ ما يصح؛ لأن هذا أمر العرف.
لكن لو فُرض أنه استأجره للسكن وهو بيت ممتاز، ثم سكن فيه عمَّالاً كمثال -وهذا مثال قريب وواقعي- عزب العمال في كل غرفة سيكون خمسة عمال، وليست المشكلة في كثرتهم، بل في طريقة حياتهم وعملهم وسوء استخدامهم للمرافق.. إلى غير ذلك، وهذا قد يؤذي الجيران، فمثل هذا لا يجوز أن يؤجِّر.
إذاً نقول: هل يجوز أن يؤجر غيره مكانه؟
هذا فيه تفصيل: فإن كان سوف يؤجر أحداً مثله أو أقل منه أو قريباً منه بحيث أنه لا يوجد فارق كبير فهذا جائز.
أما إذا كان الذي سوف يحل محله يختلف عنه ويضر فلا يجوز إلا بإذن المؤجر، ومثل ذلك مثل لو كان المستأجر الثاني لن يستأجره للسكن، بل سوف يجعله لأعمال مصنع أو مكاناً للبيع أو مستودعاً بطريقة تضر بالبيت وتضر بمرافقه وتؤذي، فلا يجوز حينئذ.
وقد تكون الإجارة أحياناً ما هي على سلعة أو عين، قد تكون الإجارة على عمل، مثلما قلنا: استأجره قائداً للسيارة، هنا يكون فيه نوع من التحديد، القائد لماذا؟ للعائلة، يذهب بالأطفال إلى المدرسة، يأتي بهم، العصر مثلاً قد يذهب بهم إلى الجيران، في الليل يرجع بهم، لكن لو كان هناك نوع من الإفراط في العمل وصار كل الأقارب يستخدمون هذا الإنسان وربما يصحونه الساعة واحدة في الليل وثنتين من الليل، فهذا يتنافى مع الشروط التي ينبغي أن تكون موجودة في العقود.
يعني: استأجره مثلاً لزرع حنطة فزرع شعيراً فهذا لا يضر؛ لأنه لا يفرق.
لكن لو استأجرها لزرع فزرع ما هو أشد منه هل يجوز؟ نقول: افرض أنه استأجرها ليزرع فيها الشعير ثم غرس فيها أشجاراً، فهذا يضر بالأرض أكثر، فهنا ماذا نقول؟ نقول له: يقلع الأشجار؟ لا، إذاً: نعم، نقول: في هذه الحالة يقدَّر الفارق، ويعطى صاحب الأرض أجرة المثل.
ولهذا قال المصنف رحمه الله: [ فإن زرع ما هو أكثر منه ضرراً مما اتفقوا عليه أو يخالف ضررُه ضرره ].
يعني: أنه ضرر من نوع آخر.
قال: [ فعليه أجرة المثل ].
أي: تقدر الأجرة بذلك، يقدرها أصحاب الاختصاص والمعرفة.
يعني: لو استأجر منه سيارة من بريدة مثلاً إلى المطار، وبعدما وصل إلى المطار وجد أن الطيارة قد أقلعت، فقال: الحل ما هو؟ أنه يذهب على السيارة إلى المكان الذي أراده، وقد يكون أراد المدينة المنورة مثلاً فقال: نستمر إذاً برحلة برية، فهذه زيادة على أصل العقد المتفق عليه للكراء أو الأجرة، فهنا نقول: إنه تقدَّر القيمة، لكن كيف تقدَّر؟ لأن المصنف يقول: (فعليه أجرة المثل للزائد)، هذا وجه، يعني أن نقول: يُقدَّر ما بين المطار إلى المدينة المنورة ويعطى للمالك.
وفيه وجه أفضل من كلام المؤلف رحمه الله وهو: أنه ما دام أن الرجل تعدَّى المتفق عليه وذهب إلى المدينة فينظر إلى قيمة الأجرة من بريدة إلى المدينة ؛ لأنه قد يكون للمطار حساب وللمدينة حساب آخر، أحياناً يقول لك: مائة كيلو متر لها حكم وما زاد فله حكم آخر مختلف.
فنقول: الأفضل في هذه الحالة ألا نقول: يعطيه زيادة مقابل ما بين المطار إلى المدينة، بل نقول: إنه يُقدَّر العقد كله من جديد وينظر عند أهل الاختصاص؛ يقال: إنسان يريد سيارة من بريدة إلى المدينة كم تعطونه؟ قالوا مثلاً: خمسمائة ريال، فنطالبه بأن يعطيه خمسمائة ريال، بينما الصورة الأولى أنه لو كان مثلاً من بريدة إلى المطار قال: بخمسين ريال، والمطار مسافته عند البلد خمسين كيلو متر، بينما المدينة المنورة أربعمائة كيلو، فيقول: سنحسب، خمسين كيلو متر بخمسين ريال، أربعمائة كيلو كم تطلع؟ أربعمائة ريال، معناه: يحاسبه على نفس الحساب الأول، فهذا يضر بصاحب السيارة؛ لأنه ربما السيارة إذا أسرعت وطال مسيرها يقع فيها مثلاً حرارة وقد تتضرر ما لا تتضرر في المشاوير القصيرة، فالأفضل هنا أن نقول: يُقدَّر العقد من أصله، وليس فقط أنه تحسب الزيادة.
أيضاً هذا لازم جديد على الذي تعدَّى المسافة أنه إذا تلفت العين فإنه يضمنها.
يضمنها إذا تلفت -في المثال الذي قلناه- ما بين المطار والمدينة المنورة، لكن لو تلفت قبل أن يصل إلى مقصوده؟
هنا لم يقع شيء ولا يضمن، إلا في حالة واحدة إذا كان متعدِّياً.
ولهذا يقول: [ فإن تلفت من غير تعد فلا ضمان عليه ].
يعني: واحد استأجر السيارة بطريقة سليمة، وكانت قيادته معتدلة، ومع ذلك وقع تلف من غير قصد، هذا ليس عليه ضمان، لكن واحد استأجر سيارة وراح يطعِّس فيها وتلفت، أو يفحط وانتهت الكفرات؛ فإنه يضمن.
هذا يسمونه: الأجير الخاص، يقول: [ولا ضمان على الأجير الذي يؤجِّر نفسه مدة بعينها فيما يتلف في يده من غير تفريط]، يعني: واحد جاء يريد أن يكون راعياً للغنم عندك في المزرعة، وأخذ هذه الغنم لمدة شهر يرعاها، ثم مات شيء منها أو أكله الذئب ولم يقع منه تفريط، بحيث لم يتركها تبتعد عنه كثيراً ولم يهملها، وإنما قام بما يقوم به أمثاله مما يقتضيه العقد ووقع لها تلف، فهو حينئذ يده يد أمانة وليس عليه ضمان، لكن لو تعدَّى أو فرَّط فإنه يضمن.
يعني: الذي يعمل الحجامة وهي استخراج الدم الفاسد.
[ أو ختَّان ].
وهو الذي يقطع القلفة الموجودة في الذكر.
[ أو طبيب إذا عرف منه حذق في الصنعة ولم تجن أيديهم ].
يعني مثل هؤلاء إذا لم يقع منهم جناية، ومشهود لهم بأنهم أصحاب خبرة واختصاص وشهادة، ووقع مثلاً تلف أو حتى موت ولم يقع منهم تفريط، فليس عليهم ضمان، لكن لو أن الواحد منهم ليس خبيراً وإنما يتطبب بشهادة مزورة فهذا يضمن، وكذلك إذا جنت يده -حتى لو كان حاذقاً- لكنه اعترف بأنه وقع منه خطأ طبي، فهذا أيضاً عليه الضمان.
قال: [ ولا على الراعي إذا لم يتعد ].
مثلما ذكرناه في المثال.
من هو القصَّار؟
القصار مثل الكواء الذي يكوي ويصبغ الثياب، هذا القصَّار، هو يقول: [ يضمن القصار والخياط ونحوهما ]، هذا يسميه الفقهاء بالتفريق بينه وبين الذي ذكرته قبل قليل، وهو الأجير الخاص، فهذا يسمى الأجير المشترك، ويقصد الفقهاء بكلمة الأجير المشترك -وهي تتكرر كثيراً- صاحب الدكان الذي يؤجر للناس كلهم، مثل صاحب المغسلة، كل واحد يضع ثيابه عنده، أو الخيَّاط كل أحد يخيط عنده.. أو ما أشبه ذلك ممن يتقبَّل من الناس كلهم أشياءهم ويقوم بصناعتها لهم، هذا يسمى الأجير المشترك، والفقهاء مختلفون في الأجير المشترك: هل يضمن أو لا يضمن؟ طبعاً إذا تعدَّى أو فرَّط فلا شك أنه يضمن.
هنا حالة أخرى وهي: أنه إذا كان تلف السلعة بسبب فعله، أيضاً الأوجه هنا أن يضمن، بمعنى مثلاً: الكواي الذي يكوي الثياب يعني بالغ في الكي وكانت آلة الكوي حارة جداً بحيث ترتب عليه أن أحرق الثوب، يضمن أو ما يضمن؟
الأصوب أنه يضمن؛ لأنه يقع مثل هذا الكثير من الأشياء.
إذاً: إذا تلفت بإهماله أو بعمله فهو يضمن.
ولكن لو فرضنا أنها تلفت بأمر عام، كما لو جاء حريق على السوق كله ومن ضمنه سوق الخيَّاط واحترق ثوبك وثياب الآخرين وما له يد، فهل يضمن؟ الأقرب لا يضمن؛ لأن يده في هذه الحالة يد أمانة ولم يقع منه تفريط.
يبقى الحال فيما لو وقع منه تلف للثوب من غير أن يكون بسبب شيء عام كحريق، وليس بسبب مباشرته وفعله هو، وصاحب الثوب يدِّعي بأنه هو السبب في تلفه، وصاحب الدكان ينكر ذلك، فهل يضمن أو لا يضمن؟ هذه فيها خلاف قوي جداً حتى بين الصحابة، فكان علي رضي الله عنه يضمنهم؛ لأنه يرى أن هذا مما لا يقوم أمر الناس إلا به، يعني: أن أصحاب الحرف والحوانيت ربما يفرطون ويهملون في أشياء الناس.
ومن الفقهاء وهو رواية عند الإمام أحمد والشافعي ومالك : أنه لا يضمن في هذه الحالة؛ لأن يده يد أمانة، ومثله في ذلك مثل الأجير العام على ما ذكرنا.
قال: [ ويضمن القصار والخياط ونحوهما ممن يتقبل العمل ما تلف بعمله ].
مثلما ذكرنا بمباشرته.
[ دون ما تلف من حرزه ].
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر